|
جريمة الختان 147: هل هناك ضرورة لقانون لمنعه؟
سامي الذيب
(Sami Aldeeb)
الحوار المتمدن-العدد: 4112 - 2013 / 6 / 3 - 10:47
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
يقول الحاخام اليهودي «موشي روتينبيرج» - وهو معارض للختان رفض ختان إبنه - إن إنهاء الختان عند اليهود أو غيرهم من المجموعات الثقافيّة لا يمر من خلال الفرض، إن كان بقانون أو بأي وسيلة أخرى، حتّى وإن كان الختان في حقيقته تعسّف نحو الطفل. فلإنهائه يجب اللجوء إلى المحبّة والتعليم، وجعل العالم أكثر أماناً لليهود على جميع الجبهات، والإحساس باحتياجات الطفل حديث الولادة: «أصبح صديقاً لليهود وللأقليّات الأخرى، فمن خلال الحرص العميق يمكن فقط حل هذا الموضوع».
وهذا الرأي اليهودي الرافض لتدخّل المشرّع في مجال ختان الذكور الذي يعتبره اليهود جزءاً من معتقدهم، يقابله رأي إفريقي يرفض تدخّل المشرّع في مجال ختان الإناث. فكل منهم يحرص على مصالحه. يقول الدكتور «كارجبو» في عرضه عن ختان الإناث في «سيراليون» بأنه لا يظن إمكانيّة إلغاء ختان الإناث في بلده من خلال الإجراءات السياسيّة أو القانونيّة لأن ذلك الختان علامة هويّة للجمعيّات السرّية النسائيّة في ذلك البلد. وأنجع وسيلة هو الوصول إلى خلق الثقة بين طبقات المجتمع وأصحاب المهن الطبّية. فبواسطة العلاقة ما بين أصحاب المهن الطبّية والجمعيّات النسائيّة في بلده، تم إقناع بعضهن بعدم إزالة البظر والإكتفاء بإزالة غلفته. وهذا بدوره سوف يؤدّي تدريجيّاً بعد وقت طويل إلى إلغاء تلك العادة تماماً.
وترى ناهد طوبيا أنه يجب التفكير مرّتين قَبل إقتراح قانون للوصول إلى إلغاء ختان الذكور والإناث. فرغم أهمّية القوانين، إلاّ أنها ليست كفيلة لوحدها لحصول تغيير إجتماعي. فد يكون القانون أو الحُكم القضائي وسيلة كفاح جيّدة، ولكن قد يؤدّي إلى عداء وإلى معارك قضائيّة لا نهاية لها.
هناك إذاً من يتساءل ما إذا كان هناك ضرورة لقانون يحكم ختان الذكور والإناث، خاصّة إذا كان هذا القانون لا ينفّذ، وما إذا كان من المفضّل تثقيف الشعب بدلاً من إصدار قانون. هذا جدل قديم. فالبعض يرى أن المجتمع لا يمكنه أن يعيش دون قانون يحكمه. وقد عبّر عن ذلك الرومان بمقولتهم الشهيرة: «حيثما توجد جماعة فهناك قانون». ويرى «شيشرون» (توفّى عام 43 ق.م) بأن المشرّع أكثر تأثيراً من الفيلسوف على المجتمع إذ إنه «يستطيع بواسطة القوانين الجزائيّة أن يجبر شعباً بأكمله على فعل ما يحاول الفلاسفة أن يقنعوا به عدداً صغيراً من الناس».
والقانون، حتّى وإن لا ينفّذ، وسيلة لإفهام العامّة بأن هناك سيف معلّق فوق رؤوسهم، وأن عادة الختان مرفوضة، فلا يتذرّع الناس بعدم وجود القانون لتبرير عملهم. تقول الدكتورة سهام عبد السلام: «طبعاً القانون لن يحل المشكلة. لا بد من التوعية. لكن بالقياس هناك قوانين كثيرة لا يلتزم بها الناس بسبب عادات سائدة مثل قوانين حظر المخدّرات. ومع ذلك فهذه القوانين موجودة لأن هذا حق المجتمع. القانون وحده لن يحل، لكنّه سيكون عاملاً مساعداً لمن يحاولون الحل». ويرى البعض في وجود مثل هذا القانون مرتكزاً يعتمد عليه الأهل في قرارهم بعدم ختان إبنتهم. فيستطيعون من خلاله التهديد باللجوء إلى المحاكم في حالة عدم إحترام إرادتهم من قِبَل الجيل الأقدم سنّاً الذي يأخذ عامّة على عاتقه إجراء الختان.
وترى عالمة النفس «اليس ميلير» أن القانون وسيلة لحماية الناس من أنفسهم ولتوعيتهم. فسن تشريع يمنع الأهل من ختان أطفالهم يقود الأهل إلى إكتشاف ما مرّوا به من إنتهاك هم أنفسهم. وهذا ضروري حتّى ينهوا تصرّفهم المشين نحو أطفالهم. فالقصد ليس عقاب الأهل، بل السماح لهم لكي يكتشفوا نفسهم. وتذكر مثلاً على ذلك القوانين الاسكندنافيّة التي تفرض علي الأطبّاء أن يبلغوا عن حالات إنتهاك الأطفال. فهذا يساعد في تفهيم الشعب أن الأطفال لهم حقوق يحميها القانون. وهكذا فقط يمكن التخلّص من ظاهرة إنتهاك الأطفال. والأهل سوف يجدون أنفسهم أكثر راحة لو أن المشرّع ساعدهم في رؤية الطريق الذي يجب أن يسلكوه.
وبالإضافة إلى القوانين، يجب إعطاء أهمّية للقضايا التي تثار أمام المحاكم. فمعارضو ختان الذكور في الغرب يرون أن اللجوء إلى القضاء سلاح فعّال في معركتهم. فهو وسيلة لتثقيف الأطبّاء وردع المستشفيات وتنبيه شركات التأمين بأن الختان عمليّة خطيرة وغير ضروريّة. فكل عمليّة تُربح يعني زيادة ضغط شركات التأمين على المستشفيات والأطبّاء لكي لا يقوموا بهذه العمليّة المكلفة قضائيّاً. أضف إلى ذلك أن هذه القضايا سوف تثير إنتباه العامّة وتثقّفهم. وهذا يساعد في إنهاء الختان. ويشدّد المعارضون على عدم إهمال المشاعر في تلك القضايا لأن لها أثر أكبر من التفكير. فالختان في الولايات المتّحدة لا يخضع للعقل بل للشعور، والناس يختنون أطفالهم دون تفكير. ويمكن من خلال قضيّة ترفع ضد ختان فاشل قلب مشاعرهم إذا ما أحسّوا بألم الطفل المختون.
والغريب في الأمر هو أن منظّمة الأمم المتّحدة واللجنة الإفريقيّة تطالبان بسن القوانين، ولكنّهما في نفس الوقت تحتجّان على تنفيذ هذه القوانين. فقد رأت المقرّرة الخاصّة حليمة الورزازي بأن تطبيق القوانين بصورة صارمة على المهاجرين الأفارقة ليست الوسيلة الأنجع، لأن كثيراً من هؤلاء المهاجرين لا يعرفون قوانين البلاد التي تستضيفهم ويعتقدون أن من حقّهم ممارسة عاداتهم في بلاد المهجر. ولذلك يجب أن تسبق التوعية العقاب.
ويشار هنا أن القانون قد يكون صادر عن الهيئات العليا في الدولة، كما قد يكون ناتج عن مبادرة داخل المجتمع الصغير مثل القرية. فقد نجحت قرية «دير البرشا» في صعيد مصر في القضاء على عادة ختان الإناث بمبادرة داخليّة من أهل القرية. فقد تم هناك عام 1991 التوقيع على وثيقة تعهّد فيها حلاّقو الصحّة والدايات بعدم ممارسة ختان الإناث. وقد وقّعت هذه الوثيقة في إجتماع موسّع حضره أعضاء لجنة المرأة ولجنة القرية ومن بينهم عدد من القيادات الدينيّة في البلد.
-------------------------------------- أطلبوا كتبي: http://www.sami-aldeeb.com/sections/view.php?id=14 حملوا كتابي عن الختان http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131 حملوا طبعتي العربية للقرآن بالتسلسل التاريخي http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315 موقعي http://www.sami-aldeeb.com مدونتي http://www.blog.sami-aldeeb.com عنواني [email protected]
#سامي_الذيب (هاشتاغ)
Sami_Aldeeb#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جريمة الختان 146: منع الختان بين التدرّج والتسرّع
-
جريمة الختان 145: منع الختان بين المُثُل والإمكانيّات
-
جريمة الختان 144: إذن ممارسة العمل الطبّي
-
جريمة الختان 143: تدخّل السلطات الدينيّة
-
جريمة الختان 142: حدود سلطة الأهل على القاصرين
-
فتوى انتهاء الديانات السماوية والكتب المقدسة
-
أسباب موقفي من الإسلام (نص مطول)
-
أسباب موقفي من الإسلام
-
اعلان لرفع القداسة عن الكتب المقدسة
-
يجب قلع الإسلام من جذوره
-
نعم ثم نعم القرآن من تأليف حاخام يهودي مسطول
-
نعم القرآن من تأليف حاخام يهودي مسطول
-
جريمة الختان 141: الموافقة المستنيرة للمريض أو وليه
-
جريمة الختان 140: هل الختان عملية تجميل؟
-
جريمة الختان 139: الإباحة الطبية
-
جريمة الختان 138: الحق في العرض
-
لماذا يجب الحفاظ على القرآن والاهتمام به؟
-
جريمة الختان 137: الحق في عدم التعذيب
-
جريمة الختان 136: الحق في سلامة الجسد والحياة
-
جريمة الختان 135: أولوية الحقوق الفردية على الحقوق الجماعية
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج
/ توفيق أبو شومر
-
كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
كأس من عصير الأيام الجزء الثاني
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية
/ سعيد العليمى
-
الشجرة الارجوانيّة
/ بتول الفارس
المزيد.....
|