|
رُقُم الحكمة
عقيل فاخر الواجدي
الحوار المتمدن-العدد: 4110 - 2013 / 6 / 1 - 20:49
المحور:
الادب والفن
التل لايبعد كثيرا عن بيتنا الطيني ، هكذا تجمعت البيوت من حوله فكانت هذه القرية ، في القرية يسمونه ( اِيشان الارقام ) ، الموتى يسكنونه ، وهذا بحد ذاته حاجز دون اقترابنا منه ، فالموتى قديسون ، لانهم الوحيدون الذين لايخافون الموت !! المجهول الذي اعتاد ان يعيش معنا ، لكنا لم ندركه بعد ، فالتل الممتد مابيننا كظهر حوت والموت لغزان بلا حل . الموقد الشتوي والوجوه البليدة المتحلقة حوله التي يشاطر اغلبها النعاس ، - اتخافون التل !! في عمركم لم نكن نخافه . هكذا باغتنا شيخ ماضي وهو يستند على كوعه الى الوسادة المحشوة بالصوف ، كان – التل – كأحدنا ، فأبي وجدي كانا يتعايشان معه بسلام ، كان ينزل الينا في كل مساء يحدثنا بحديث لانعرفه ، يحمل الواحا من الطين يسميها ( الرُّقم ) يقول انها تحمل الكثير من احاديث الغابرين ، كنا نصدقه في كل شيء ... لأنا لانعلم شيئا !!! حدثنا عن المدينة التي كل شيء فيها من ذهب ، حدثنا عن المدينة التي اصلها ظهر سمكة ، حدثنا عن الرجل الذي تحول الى اِله ، وحين همس احد الحاضرين " استغفر الله " ازبد فمه وحملقت عيناه ونهره بشدة ، وطرد كل موتاه من هذا الايشان ، صمَتْنا ... كنا نخاف على موتانا كثيرا !!!!!!! في ليلة حدثنا عن المدينة ذي الجهات الست ، اطرقنا ، لأنا لانعرف غير جهات اربع ، سوَّر قريتنا بقضبان طويلة ، جعلها في شكل غير مألوف ، قال : هكذا هي المدينة التي سأحدثكم عنها ، سأجعلكم ترون عيانا صدق حديثي . رصف الرقم الطينية امامه ، بدأ يقرأ بطريقة لم نعرفها ، تحوّل الى دخان ، ثم الى وجه آدمي - الكل يراه على شاكلته - بأذرع اخطبوط ، فزعنا ، تشتتنا من حوله كزجاج يرتطم بقوة بالارض ، لكن الاذرع لم تمنحنا فرصة الهرب ، احاطتنا من كل جانب ، اغاضه فزعنا ، قرر ان يحولنا الى فئران ، أحسَّ بطول قامته وهو يرانا نتضاءل امامه . تشتتنا بسهولة هذه المرة من امامه ، تعسّر على الاذرع ان تمسك بنا ، استطاع كثير منا ان يفلت من بين القضبان ، لكن التل تدارك ذلك ، ضيَّق مابين الفتحات حتى اصبحنا لانرى ماخلفها ، وَضْعنا الجديد كفئران منحنا الفرصة ان نتناسل اسرع واكثر مما منا قبل ، ضاق المكان بنا ، نزح بعضنا ، ان يجد مأوى ولو على ظهر التل ، اصبح التل موطأ اقدام الفئران ، مزقت جسده الجحور التي صنعتها الفئران النازحة . الامر عكس التوقع ، لابد من حلول ، فالرقم الطينية لم تغفل حلا ، وهكذا – التل - يتلو رُقُما اخر ، الدخان ذاته بدأ يكتسح المكان ، انفرطت قطط سود منه ، وزعها في الجهات الست ، هربت الفئران ، لكن الى اين ؟؟؟؟؟؟؟ توزعت الفئران جثثا مقطعة في الجهات الست ، احس التل بالراحة وهو يراها تفر ذات اليمين وذات الشمال ، ثم لاتلبث ان تقع بين فكي القطط ، التخمة ... سرعان مانالت من القطط حتى انزوت بليدة لاتقدر على فعل شيء حتى اصبحت الفئران تقضم ذيولها فلاتحرك ساكنا !! عاقبها – التل – بشدة (( الجريمة ان تمنح ضعيفا فرصة للحياة )) ، سلخ جلودها - القطط - جعل منها صحفا يدّون فيها خيباته . الوقت يمر ، المكان يضيق ، الفئران تتناسل اسرع مما يتوقع ، الارجل الخشبية التي يستند عليها اصبحت واهية لكثر مانخرتها الفئران ، نفدت الرقم الا رُقُما واحدا ، رقم الحكمة ، الطلقة الاخيرة التي ربما لو اخطأت تعلن النهاية ، جرَّبهُ ، تلاه همسا : (( اجعل العداوة بين اثنين يبقى واحد )) ثم تمدد في مو ضعه ، تلاً يحمل اسرار الماضي ، وحوَّل نصف الفئران الى قطط ......
#عقيل_فاخر_الواجدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حكاية الشتاء.. خريف عمر الروائي بول أوستر
-
فنان عراقي هاجر وطنه المسرح وجد وطنه في مسرح ستوكهولم
-
بالسينمات.. فيلم ولاد رزق 3 القاضية بطولة أحمد رزق وآسر ياسي
...
-
فعالية أيام الثقافة الإماراتية تقام في العاصمة الروسية موسكو
-
الدورة الـ19 من مهرجان موازين.. نجوم الغناء يتألقون بالمغرب
...
-
ألف مبروك: خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2024 في
...
-
توقيع ديوان - رفيق الروح - للشاعرة أفنان جولاني في القدس
-
من -سقط الزند- إلى -اللزوميات-.. أبو العلاء المعري فيلسوف ال
...
-
“احــداث قوية” مسلسل صلاح الدين الجزء الثاني الحلقات كاملة م
...
-
فيلم -ثلاثة عمالقة- يتصدر إيرادات شباك التذاكر الروسي
المزيد.....
-
خواطر الشيطان
/ عدنان رضوان
-
إتقان الذات
/ عدنان رضوان
-
الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد
...
/ الويزة جبابلية
-
تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً
/ عبدالستار عبد ثابت البيضاني
-
الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم
...
/ محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
-
سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان
/ ريتا عودة
-
أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة
/ ريتا عودة
-
صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس
...
/ شاهر أحمد نصر
-
حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا
/ السيد حافظ
-
غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا
...
/ مروة محمد أبواليزيد
المزيد.....
|