|
حلم أريزنا 1993(امير كوستاريكا): .شخصيات هشة تنتظر الموت بشغف
بلال سمسير الصدّر
الحوار المتمدن-العدد: 4107 - 2013 / 5 / 29 - 22:12
المحور:
الادب والفن
حلم أريزنا 1993(امير كوستاريكا): .شخصيات هشة تنتظر الموت بشغف فيلم حلم أريزونا لأمير كوستاريكا هو فيلم كان المطلوب منه أن يكون من أنتاج أمريكي بحت (Warner Brother) وقد ترددت الاوساط الانتاجية في الولايات المتحدة بعد ذلك،لأن السؤال الذي كان يدور في ذهن المنتجين وحتى المتفرجين هو لماذا؟ الفيلم ملتبس الفكرة قبل أن يكون ملتبس المضمون،ومن الصعب جدا ربطه بفكرة رئيسية واحدة كان الممكن أن تقرأ كناية أو بين السطور.... فمن الحلم الأمريكي،إلى قصة حب إلى يأس من الحياة وانتحار،إلى حياة من ماضي الأسكيمو... ولكن كل هذا الالتباس قاد-مع بعض التحفظ- إلى فيلم ننسبه لإمير كوستاريكا لا عليه بأي حال من الأحوال... اكسيل بلاكمار(جوني ديب) يعمل في مؤسسة لبيع الأسماك،والمقدمة تتحدث عن اصوله وطفولته في الاسكيمو،بينما هو يعيش في نيويورك الآن.... والدته كانت تقول له في كل صباح:صباح الخير يا كولمبوس كناية على الاصرار على اكتشاف أمريكا،فالفيلم مبدأيا هو عن اكتشاف أمريكا في بلد تكافؤ الفرص،واكسيل يحاول التهرب من عمه الذي يريد منه أن يكون اشبينه في زواجه.... ليو بائع سيارات (كاديلاك) ووالده امتلك أول توكيل لبيع سيارات الكاديلاك في اريزونا عام 1914 وهو يحاول اقناع اكسيل بهذه المهنة التي يبدو بأنه رافضا لها على الرغم من أنه يقول عن عمه بأنه بطل طفولته وهو يؤمن بالحلم الأمريكي... يستخدم كوستاريكا كعادته الكوميديا مع بعض الخبل غير المبالغ فيه في شخصيات هذا الفيلم بشكل عام وهذا شيء مختلف عن فيلم الحياة معجزة،لأن كوستاريكا يلتزم في هذا الفيلم بمسار سردي واضح واكيد،وهذا اعطى شيئا متميزا لأننا في النهاية نراه يناقش كل الأبعاد-المفهومة وغير المفهومة من خلال قصة خالصة- وهذا بحد ذاته نادر جدا في مسيرة كوستاريكا. والده كان حارس حدود بين اريزونا والمكسيك،وعندما رحل والده رحلت معه طفولته إلى الأبد،وليو لم يستطع التخلص من الشعور بالذنب من موت والد اكسيل بسبب حادث سيارة... الفيلم يقدم تحية إلى السينما ذاتها من خلال احتفائه ببعض الأفلام على شاكلة (الثور الهائج لسكورسويزي)والعراب لكابولا والشمال والشمال الغربي لألفريد هيتشكوك... سيبدأ الهوس مع ظهور شخصيتين(لينFeya Danway)وابنتها جريس أو بالاحرى ابنة زوجها ،والهوس يدفعنا إلى القول أن كوستاريكا متأثر بشكل كبير بسينما العملاق فليني... أكسيل سيغرم لاحقا بلين الاربعينية المتهمة هي الأخرى بقتل زوجها في حادث السيارة المذكور،وعند ذلك سندخل في منظومة من يأس قادم من فراغ حياتي حيث أن جريس سوف تحاول الانتحار في مشهد الاقرب له الكوميديا السوداء مبالغ فيه... لين تحلم بالطيران،ترتدي ملابس مثل عباس بن فرناس واكسيل سيحاول مساعدتها على تحقيق هذا الحلم ولكن استنادا إلى نظريات بدائية،كما انه اقتنع بأنه يحبها وتحدث بينهما علاقة جنسية... يشاهد اكسيل الكثير من الأحلام الرمزية التي تعكس أماني الطيران.... عبارة عن سمكة تطير،والسمكة قادمة أصلا من موطن الأسكيمو والمونولوجات الدخلية جميلة جدا عن انسان مخلص جدا لتحقيق حلم أساسه الراسخ هو الحب،والسمكة الطائرة أصبحت تراوح أكسيل حتى في أحلام اليقظة. بعد محاولة فاشلة وخطيرة لمحاولة الطيران تصاب لين بلوثة عصبية،ويتهم أكسيل بقتل جريس لأنها كثيرا ما دمرت آلاته التي يحاول فيها تحقيق حلم الطيران... الحالة الآن اصبحت تستحق التأمل لأن اكسيل نفسه يقول:كلاهما كانتا تعيستين جدا...لم أعرف أي منهما أقتل... سيتحول مشهد قتل جريس إلى لعبة القواعد الصارمة (الروليت الروسي) وهي تستفزه لكي يلعب هذه اللعبة... واصرار بطلنا على قتل نفسه في هذه اللعبة يجعلنا نسأل أنفسنا عن الجاني الآن،ثم ينقلب المشهد برمته إلى مشهد مضاجعة لجريس....شخصيات هشة تنتظر الموت بشغف بعد أن يموت العم ليو بين يدي اكسيل بعد ان يحبس نقسه في غرفته متناولا بعض المشاريب ،في موت أقرب إلى الانتحار ...يعود اكسيل إلى لين ولكن قلبه محمل بحب غريس هذه المرة التي تنتحر في مشهد جنائزي حزين،ولكن اكسيل يعتقد بأنه حقق الحب بين الام وابنتها واعاد لشخصيتهما بعض التوازن... من الصعب جدا الحكم على هذا الفيلم،أولا لغرابة موضوعه،وثانيا للمسة الهوس والخبل التي تعاني منها شخصياته،ولالتباس مضمون الفيلم بشكل غريب لايدفع إلى أي فضول.... قد يكون الحلم الأمريكي أحد مواضيع هذا الفيلم وهو أمر متفقين عليه مع كل من شاهد هذا الفيلم وأبدى حكما عليه،وهو الحلم الذي سوف ينتقده اكسيل بشدة في نهاية الفيلم،والكاديلاك نفسها ليست إلا رمز معبر وقوي عن حضارة برمتها... هناك اشياء اخرى في الفيلم،على شاكلة الاصول الحقيقية للانسان،ومن الممكن أيضا أن نعتبر أن حلم الطيران هو الحلم الامريكي ولكن ما الفائدة أن يكون هذا الحلم موجود في مجتمع ذات شخصيات هشة وعدوانية أقرب من الموت منها إلى الحياة... قد يكون الفيلم ليس أكثر من مجرد قصة عن شخصيات متأملة وهشة وفيها بعض الخبل أو الهوس في نفس الوقت،ولكن الشيء الغالب على هذه الشخصيات أنها كلها تمتلك أحلام... ليس من الغريب إذا أن فيلم حلم أريزونا أنتجته في النهاية منتجة فرنسية.
#بلال_سمسير_الصدّر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-آثارها الجانبية الرقص-.. شركة تستخدم الموسيقى لعلاج الخرف
-
سوريا.. نقابة الفنانين تعيد 100 نجم فصلوا إبان حكم الأسد (صو
...
-
من برونر النازي معلم حافظ الأسد فنون القمع والتعذيب؟
-
حماس تدعو لترجمة القرارات الأممية إلى خطوات تنهي الاحتلال وت
...
-
محكمة برازيلية تتهم المغنية البريطانية أديل بسرقة أغنية
-
نور الدين هواري: مستقبل واعد للذكاء الاصطناعي باللغة العربية
...
-
دراسة تحليلية لتحديات -العمل الشعبي الفلسطيني في أوروبا- في
...
-
مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
-
اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار
...
-
كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|