|
العلم أم البراغماتية ؟ مقتطف من : الخلاصة الجديدة للشيوعية و بقايا الماضي .
شادي الشماوي
الحوار المتمدن-العدد: 4107 - 2013 / 5 / 29 - 13:02
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
تعمّق النقاش حول الخلاصة الجديدة لبوب آفاكيان (2): ردّ من المكسيك.
الفصل الخامس من كتاب : " الماوية تنقسم إلى إثنين "
==============================================
مقدّمة " الماوية تنقسم إلى إثنين" " الماوية : نظرية و ممارسة "عدد -13- شادي الشماوي صراع خطين جديد صلب الحركة الأممية الثورية ! نعم ! عقب صراع الخطين الذى عرفته هذه الحركة الماوية و كان محوره مسار الثورة فى النيبال ( و الذى أفردنا له كتابا عنوانه " صراع الخطين صلب الحركة الأممية الثورية " و تجدونه على موقع الحوار المتمدّن )، تشهد اليوم ذات الحركة صراع خطين محتدم صار فى المدّة الأخيرة علنيّا ، منشورا على صفحات الجرائد و على الإنترنت. منذ سنوات تعطّل النشاط العادي للحركة الأممية الثورية و لم يفهم الكثير من الثوريين و من الماويين عبر العالم الأسباب الحقيقية الكامنة وراء ذلك و ظلّت أسئلة عدّة مثارة قد يعثر على أجوبة لها جزئية فى وثائق متناثرة هنا و هناك وقد تتّخذ حجم الجبال عندما يقرأ المرء نصوصا تهاجم هذا الحزب و ذاك من نفس الحركة و تنعته بنعوت أقلّها التحريفية دون الخوض بعمق فى النقاط الخلافية الحقيقية. و فى ماي 2012 ، أعلنت ثلاثة أحزاب هي الحزب الشيوعي الإيطالي (الماوي ) و الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني و الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي-اللينيني)(نكسلباري) عن موت تلك الحركة و إقترحت بناء منظّمة ماوية عالمية جديدة على أساس قراءة قدّمتها لكن لم تمض مدّة طويلة حتى نشر علنا الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية رسالة توجّه بها إلى كافة الأحزاب و المنظّمات المنتمية إلى الحركة الأممية الثورية و بيّن محتواها بوضوح بلوغ صراع الخطين الذى له جذوره التاريخية فى الحركة مرحلة متقدّمة جدّا. لا ينبغى على الشيوعيين كماديين جدليين تعمّقوا فى دراسة تطويرات ماو تسى تونغ للمادية الجدلية أبدا أن يستغربوا صراع الخطين فالأمر طبيعي و عادي للغاية ذلك أنّ فى كلّ وحدة أضداد الصراع هو المطلق و الوحدة عرضية و مؤقتة و نسبية و سواء تعلّق الأمر بالأحزاب أو المنظّمات أو الحركات السياسية ، الصراع هو الحياة ، الصراع هو النموّ حسب إنجلز و إنعدامه يعنى الموت ، أمّا الوحدة الثورية فتبنى على الأرقى و يعاد بناؤها على أسس أمتن وأرسخ علميّا و شيوعيّا . ببساطة ما يجدّ اليوم ليس سوى الماوية تنقسم إلى إثنين ، الماوية تخضع هي الأخرى إلى القانون الجوهري للجدلية ، قانون التناقض/ وحدة الأضداد او بصيغة جعلها ماو شعبية فى الصين الإشتراكية " إزدواج الواحد". لقد أكّد ماو تسى تونغ على هذه الحقيقة الموضوعية و المادية الجدلية فى " حول المعالجة الصحيحة للتناقضات بين صفوف الشعب " قائلا : " تعتبر الفلسفة الماركسية أن قانون وحدة الأضداد هو القانون الأساسي للكون. وهو قانون مطلق الوجود سواء فى الطبيعة أو فى المجتمع البشري أو فى تفكير الإنسان. فبين الضدين فى تناقض ما توجد وحدة و صراع فى آن واحد، و هذا ما يبعث الحركة و التغير فى الأشياء . إنّ التناقضات موجودة فى كلّ شيء ، إلاّ أن طبيعتها تختلف بإختلاف طبيعة الأشياء . فالوحدة بين الضدين فى التناقض الكائن فى كلّ شيء محدد هي ظاهرة مقيدة ، و مؤقتة ، و إنتقالية، وهي لذلك نسبية ، أمّا الصراع بينهما فإنّه يبقى مطلقا دون تقييد." ( "مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ"، صفحة 226). و قبل ذلك فى " فى التناقض " ، أعرب عن أنّ : " الصراع يكمن بالضبط فى الوحدة ، و لا وحدة بدون صراع ". و من الواجب أن يعمل الشيوعيون الثوريون أينما كانوا من أجل المسك بأرقي حلقات تطوّر علم الثورة البروليتارية العالمية و يتخلّصوا من النواقص و الأخطاء و يحاصروا التيارات التحريفية و يلحقوا بها الهزيمة ليبقى لون المنظّمة و لون الحزب او الحركة أحمرا وليتمكّنوا من النهوض بمهامهم الثورية فى قيادة البروليتاريا و شعوب العالم و أممه المضطهدة فى تغيير العالم تغييرا ثوريّا بإتجاه الشيوعية عالميّا. و إن فشلوا فى ذلك تغيّر لون المنظمة أو الحزب او الحركة و باتوا تحريفيين برجوازيين و بئس المصير! ومن واجب الشيوعيين الثوريين أن يتحلّوا باليقظة الدائمة كيما يشيّدوا فى كلّ مرحلة وحدة ثورية حقّا ، لا وحدة إنتهازية تمزج فيها الماركسية و التحريفية معا فتؤول الغلبة فى النهاية إلى التحريفية و بئس المصير ! و مع علمنا بوجود منظّمات و احزاب ماوية أخرى خارج الحركة الأممية الثورية ، فإنّنا نعنى فى المصاف الأوّل بهذا الصراع بالذات و أساسا لإعتبارنا أوّلا أنّ هذه الحركة هي محور ومركز الماوية تاريخيّا ، سياسياّ و إيديولوجيا فمثلا هي التى رفعت راية الماركسية - اللينينة –الماوية و تبنّتها أحزاب و منظمات أخرى من خارجها ؛ و ثانيا أنّ مستقبل الماوية مرتهن إلى درجة كبيرة بهذا الصراع الدائر الآن لمدى أهمية و القضايا المطروحة و دلالتها. لفهم خطّ الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، وهو أحد الخطين المتصارعين ، كنّا قد نشرنا كتابا كاملا يشمل أهمّ وثائقه الجديدة ،" المعرفة الأساسية لخطّ الحزب الشيوعي الثوري ..." المنشور على موقع الحوار المتمدّن. ومن هنا تأتى أهمّية العودة إليه. و قصد توفير جملة من الوثائق الأخرى باللغة العربية للذين يتطلعون لفهم صراع الخطين الحيوي فهما شاملا و عميقا ، موضوعيّا ،لا ذاتيّا ، سعينا قدر الطاقة إلى الإطلاع على مادة كثيفة إنتخبنا منها ما نعدّه الأكثر تعبيرا عن وجهات نظر الخطّين المتواجهين فجاءت فصول الكتاب الحالي حاملة نصين متعارضين فى كلّ فصل منها على النحو التالي : يتضمّن الفصل الأوّل المعنون "خطّان متعارضان حول المنظمة الماوية العالمية " : أ- الشعوب تريد الثورة ، البروليتاريون يريدون الحزب الثوري ، الشيوعيون يريدون الأممية و منظمة عالمية جديدة .( بيان مشترك لغرّة ماي 2011) و القرار 2 الصادر عن الإجتماع الخاص بالأحزاب والمنظمات الماركسية – اللينينية – الماوية المنتمية إلى الحركة الأممية الثورية من أجل ندوة عالمية للأحزاب و المنظمات الماركسية – اللينينية – الماوية فى العالم . ( غرّة ماي 2012. ) و ب- رسالة إلى الأحزاب و المنظمات المنتمية إلى الحركة الأممية الثورية، الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية – غرّة ماي 2012. و مضمون الفصل الثاني ،" نظرتان متعارضتان لنظام الدولة الإشتراكية " ، هو : أ-" نظام الدولة الإشتراكية "، لآجيث ، الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي- اللينيني) ( نكسلباري). و ب- " النقاش الراهن حول نظام الدولة الإشتراكية "، ردّ من الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية / 2006. و ينطوي الفصل الثالث الوارد تحت عنوان " موقفان متعارضان من " الخلاصة الجديدة " لبوب آفاكيان " على : أ- " موقفنا من الخطّ الجديدة للحزب الشيوعي الثوري و بيانه و قانونه الأساسي"، الحزب الشيوعي (الماوي ) الأفغاني ، أكتوبر 2010. و ب - " ردّ أولي على مقال" دراد نوت" بشأن " الخلاصة الجديدة لبوب آفاكيان"، سوزندا آجيت روبا سنغى ، رئيس الحزب الشيوعي السيلاني (الماوي) ، 18 أفريل 2012. و هذه النصوص جميعها متوفّرة باللغة الأنجليزية على الأنترنت و تحديدا على موقع : www.bannedthought.org و نظرا لكون صراع الخطين بالكاد إنطلق علنيّا فمن الأكيد أنّ عدّة وثائق أخرى ستصدر و من أطراف مختلفة . و كلّما عثرنا على وثائق قيمة ، غير إنطباعية و لا تتوخى الشتم و التشويه المجاني أسلوبا بل تبحث عن الحقيقة ، سنبذل قصارى الجهد لوضعها بين أيدى القراء باللغة العربية كفصل أو فصول إضافية لهذا الكتاب. و مقترحات الرفيقات و الرفاق مرحّب بها بالطبع. و لا يفوتنا هنا أن ندعو رفاقيّا كافة الماويين و الماويات إلى أن يضعوا نصب أعينهم دائما و أبدا تعاليم لينين عن الحقيقة الثورية و تعاليم ماو عن صحة الخطّ الإيديولوجي و السياسي هي المحدّدة فى كلّ شيء و أن يتفاعلوا تفاعلا علميّا رصينا مع هذا الصراع المصيري ، فلن تنفع لا سياسة النعامة و تجاهل الصراع و لا سياسة إصدار الأحكام العشوائية قبل الدراسة المتأنية و المتمعنة على أسس الشيوعية الثورية. و فى تحويل هذا الصراع إلى مدرسة لرفع الوعي الطبقي و تعميق المسك بالخطّ الإيديولوجي و السياسي الشيوعي الثوري بهدف تغيير الواقع ثوريّا بإتجاه الشيوعية عالميا، سيتحمّل لا سيما الماويون و الماويات المتقدّمون فى إستيعاب علم الثورة البروليتارية العالمية، مسؤولية تاريخية ذلك أنّ الماوية فى منعرج تاريخي و الرهان ليس أقلّ من مستقبل الشيوعية و مثلما قال لينين: " ينبغى للمرء أن يكون قصير النظر حتى يعتبر الجدال بين الفرق و التحديد الدقيق للفروق الصغيرة أمرا فى غير أوانه أو لا لزوم له. فعلى توطد هذا " الفرق الصغير" أو ذاك قد يتوقف مستقبل الإشتراكية – الديمقراطية الروسية [ الشيوعية ] لسنوات طويلة ، طويلة جدا." ( لينين ؛ " ما العمل؟ " ).
العلم أم البراغماتية ؟ و بالرغم من أنّ هذه القوى تسعى إلى تجنّب إتخاذ موقف صريح حول المسائل الكبرى المطروحة لنهاية مرحلة و بداية مرحلة أخرى ، فإنّه علينا جميعا أن نواجهها ، لا مناص منها و هي جزء من الوضع الموضوعي الذى نتفاعل معه . و يكفى الخروج للحديث مع الناس عن الشيوعية لندرك خيبة الأمل أو نبذ الشيوعية من طرف الكثيرين ، بما فيهم عدد كبير من التقدّميين و الثوريين جرّاء الهجوم المناهض للشيوعية الذى قام به العدوّ مغتنما شيئا ماديّا هو أنّ التجارب الإشتراكية الأولى قد هُزمت فى النهاية . لا يمكن أن نقاتل حقيقة و بنجاح هذا الهجوم المعادي للشيوعية دون تلخيص عميق لدروس المرحلة الأولى ، و لكن حتى أهمّ من هذا ، دون تقديم أجوبة مناسبة لهذه المسائل العميقة للثورة البروليتارية ، لن نتمكّن من الخروج من بوتقة هذا النظام الرجعي . يتصوّر الداعون إلى هذه المنظّمة العالمية " الشيوعية " أنّه بإمكانهم تجنّب هذه المشاكل الشائكة عن طريق توحيد الناس حول " قوّة مادية " لحركة قائمة بالتباهي ب " إنتصاراتها العملية " الحقيقية أو الخيالية . فى رأيهم الذى عبّر عنه بصراحة كبيرة الإستشهاد أعلاه بالحزب الشيوعي الإيطالي ( الماوي) ، المهمّ هو الحصول على " قوّة مادية " ، و توحيد الناس لا يأبهون من أجل أي خطّ و لا من أجل أي هدف. فى منتهى الأهمّية تطوير القوّة المادية و كسب كافة الناس الذين يمكن كسبهم من أجل خطّ يمكن حقّا أن يعالج المشاكل الموضوعية لكيفية التقدّم بالثورة الشيوعية العالمية . بقطع النظر عن النوايا الذاتية لمن يقوم بذلك ، توحيد الناس من أجل منظّمة لا تعتبر و لا ترى ضرورة تطوير حلول حقيقية لهذه المشاكل على المستوى النظري ، غشّ فظيع يعد بالتحرير لكنّه لا يستطيع تخطّى الإطار الخانق للنظام الإضطهادي . و هذه الوحدة دون مبادئ ، و فكرة أنّه يمكن التهرّب من ضرورة إيجاد حلول للمشاكل التى طرحتها المرحلة الأولى من الثورة الشيوعية وعناء توحيد الناس حول " قوّة مادية " حقيقية أو خيالية للحركة ، تعبيرات عن البراغماتية ، الفلسفة البرجوازية التى تقول إنّ ما يهمّ هو ما " يعمل" ، ما يعطى نتائجا عملية مباشرة ظاهريّا مواتية لا يهمّ مزيد الفهم العميق لماذا و من أجل ماذا. أو كما كان يصرّح مهندس إعادة تركيز الرأسمالية فى الصين ، دنك سياو بينغ ، قطّ أسود ، قطّ أبيض لا يهمّ ، طالما أنّه يصطاد الفئران ، أي رأسمالية او إشتراكية لا يهمّ طالما تحقّق لنا نموّا إقتصاديّا ونتائجا أخرى . أو كما يقولون فى المكسيك " لنشاهد أيهما العلكة و تلتصق ". إنّ البراغماتية فلسفة مناسبة للبرجوازية ، و يستمع المرء إلى ممثّليها يكيلون المديح للبعض ل " براغماتيتهم " و نقدهم لآخرين ل " غياب البراغماتية ". إنّها تتناسب أو لها قاعدة مادية فى طبيعة السوق الرأسمالية التى تعمّ فيها الفوضي . الرأسماليون، عند عرضهم لسلعهم فى السوق ، ليسوا متأكّدين مما سيحصل و حتى من الأخطر ، إمكانية الإفلاس . و رغم أنّهم يجرون بعض الدراسات للسوق و أشياء من هذا القبيل ، فإنّ فهمهم العميق و العلمي لجوهر الرأسمالية ليس هو ما تفتقده إقتراحاتهم : بالأحرى يحتاجون إلى رؤية " ما الذى يعمل" ، أي ، ما الذى يوفّر الربح . إنّها فلسفة المدى القصير شأنها شأن الرأسمالية ، اولوياتها هي خاصة النتائج المباشرة : طالما أنهم يحصدون الأرباح و أنّ الإقتصاد ينمو ، لا يهمّ إن كان هذا النوع من النموّ يتسبّب فى إرتفاع حرارة الأرض ويدفع بكوكبنا إلى كارثة . البراغماتية ليست سبيلا للحقيقة. مثلا ، قد طوّر العاملون بالصيدلة أواسط القرن الماضي عقّارا سموه تاليدوميدا ، كان " يعمل" : كان يساعد على تعديل النوم ومعالجة الغثيان لدى النساء الحوامل و لم تبيّن التجارب أي تسمّم لدى الذين تناولوه حتى بكمّيات كبيرة. يعمل! تمّت الموافقة عليه و بيع للكثيرين... بيد أنّه بعد ذلك إكتشفت مأساة إنسانية ألمّت بآلاف الأطفال الذين ولدوا مشوّهين . لقد إكتفى الصيادلة بالنظر إلى " النجاحات" المباشرة و لم يتمّ التوغّل فى جوهر المشكل للتمكّن من فهم أن العقاقير التى ليست مسمومة بالنسبة للكهول قد تتسبّب فى تشويهات للجنين . و نشدّد على أنّ البراغماتية فى الحركة الشيوعية خدعة قطعا ذلك أنّها تجعل الناس يتحمّسون لنتائج مباشرة حقيقية أو خيالية يفترضون أنّها لأجل تحريرهم و دون علم مثلما حدث مع عقّار التاليدوميدا، لن تدرك النتائج المأساوية إلاّ لاحقا حين يكون فات الآوان كثيرا. و من جديد ، هناك مثال الفيتنام ( وكذلك كوبا ونيكاراغوا ) عن ما يحصل للخطّ البراغماتي لتفادي المسائل المبدئية بما فى ذلك ضرورة التمييز بين الرأسمالية و الإشتراكية ، بإسم " التقدّم العملي". و هناك " نجاح" الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد (الماوي) فى إدارة الدولة الرجعية على أساس تناسي " أبجديات الماركسية " بإسم " التكتيكات " الناجحة. و من كلّ هذه الحالات ، من المغالطة و الخيانة الفظيعتين أن نرمي بالمزبلة إمكانية عالم جديد تماما حتى يستطيع هؤلاء مدّعي "الشيوعية" أن يكونوا جزءا من سحق الجماهير و قمعها من موقع الدولة ، و هذا " أقصى " ما يمكن للبراغماتية أن تبلغه . إنّ البراغماتية و فقدان المبادئ المميّزة لهذا المشروع الجديد لمنظّمة عالمية مواصلة للتجريبية والبراغماتية التى حلّلها بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية تحليلا صحيحا ، وهي ميزة يتقاسمها التيّاران الخاطئات فى الحركة الشيوعية العالمية . و قد تمّت المحاججة ، على سبيل المثال ، بأنّ الخطوط المحدّدة مع غنزالو أو براشندا " صحيحة " إعتبارا للتقدّم العملي فى حينها ، حرب الشعب فى البيرو و النيبال ، أو أنّ بوب آفاكيان لا يمكن أن يمتلك موقفا صحيحا لأنّه لا يقود حربا شعبية . عندئذ علينا أن نتخلّص من عمل ماركس لأنّه هو أيضا لم يقد حربا شعبية و كان له تأثير ضئيل فى كمونة باريس و لو أنّه إستخلص دروسا عميقة و علمية من هذه التجربة . و مثلما رأينا ، غنزالو و الحزب الشيوعي البيروفي و إن كانا على صواب فى بعض المسائل الهامّة فقد نشرا أيضا مواقفا خاطئة بعمق حتى فى فترة تقدّم حرب الشعب فى ذلك البلد. ( و لنقل بالمناسبة إنّه رغم أنّ آفاكيان و الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية لم يكونا يحاولان الإنطلاق فى نضال مسلّح فى تلك الفترة حيث لا وجود لوضع ثوري فى الولايات المتحدة لأنّه كما أكّد لينين عن حقّ و كما تبيّن ذلك مرّة أخرى من " الأعمال المسلحة لمجموعات فى عدّة بلدان إمبريالية فى ستينات و سبعينات القرن العشرين الإنطلاق فى النضال المسلّح بينما لايوجد وضع ثوري لا يؤدّى إلاّ إلى عزل القوى الثورية وتحطيمها). و موقف الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية متوفّر لمن يودّ التعليق عليه عوض إختراع حجج عبثية ( 69) وهو بكلمات أساسية القيام بكلّ ما بوسعه للتسريع و للإستعداد لظهور وضع ثوري كقاعدة لقيادة الجماهير بعدئذ فى النضال المسلّح الثوري فى تحطيم الدولة القديمة و إرساء دكتاتورية البروليتاريا. ( 69- على غرار " حجّة الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني فى " موقفنا " و مفادها أن الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية " من أنصار التحوّل السلمي" لأنّ صياغته حسب رأي الحزب الأفغاني غامضة بصدد النضال المسلّح فى قانونه الأساسي عندما قال " لإفتكاك السلطة يجب على الحزب الثوري أن يواجه العدوّ و يهزمه " و " وفى هذا النضال فى سبيل التغيير الثوري ، يواجه الشعب الثوري و الذين يقودونه العنف القمعي لقوّة الدولة التى تجسّد و تعزّز النظام الإستغلالي و الإضطهادي القائم ، و ليحقّق النضال الثوري الظفر ، سيحتاج إلى مواجهة و هزم العنف القمعي لقوّة النظام القديم الإستغلالي و الإضطهادي ." ( القانون الأساسي للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، الصفحة 10) . و من العسير الإعتقاد فى أنّ الحزب الشيوعي الأفغاني (الماوي) يفكر حقّا أنّ الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية يقترح " إفتكاك السلطة" و " الإطاحة بالعدوّ" و " إلحاق الهزيمة بهذه القوّة العنيفة و القمعية " بطرق سلمية ، أو أنّ هذا هو معنى الصيغة الأخرى من ذات القانون الأساسي : " على الثورة أن تطيح بآلة دولة هؤلاء الرأسماليين – الإمبرياليين و أن ترسي سلطة دولة جديدة تخدم المصالح الثورية للطبقة المستغَلة سابقا، البروليتاريا فى تحرير الإنسانية و دفع المجتمع و العالم بإتجاه القضاء على الإنقصامات الطبقية و العلاقات الإستغلالية ككلّ . و ستكون هذه الدولة الثورية دكتاتورية البروليتاريا ، دولة مغايرة راديكاليا لكافة أشكال الدول السابقة. "( الصفحة 5، التشديد وارد فى النسخة الأصلية ). و يمثّل هذا الإستشهاد كذلك تشويها آخر عندما يعرب الحزب الشيوعي ( الماوي) الأفغاني عن أنّ هناك " غياب التشديد على مبدأ دكتاتورية البروليتاريا فى هذه الوثيقة." و من ناحية أخرى ، يشكو الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني من عدم الإشارة إلى"الإنتفاضة المسلّحة بوجه عام" متجاهلا تحليل الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، عند الحديث عن التطوّر الممكن للنضال المسلّح فى هذه البلاد لمّا يظهر وضع ثوري :" و يتطلبه الأمر من الثوريين فى بلد إمبريالي للتمكّن من إمكانية الإنتصار، سيكون خوض نضال أطول مدى من نوع الإنتفاضات الشعبية التى قادها لينين فى روسيا فى 1917" . يمكن للمرء أن يختلف مع هذا الوضع لكن أدنى الأمانة الفكرية تستوجب على الأقلّ ذكر الموقف الحقيقي للحزب الشيوعي ، الولايات المتحدة الأمريكية عوض تشويهها .( أنظروا " حول إمكانية الثورة " ضمن " الثورة و الشيوعية : أساس و توجه إستراتيجيين " ، الصفحة 85 ، وهي وثيقة مذكورة بوضوح فى بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ( ص 29) الذى يعلّق عليه الحزب الشيوعي الأفغاني (الماوي) . متوفّر على الأنترنت بموقع ).revcom.us إنّ البراغماتية التى تعيّن " الصحيح " مباشرة و حصرا بالنجاحات الظاهرية فى الممارسة المباشرة تعنى " إبتذال النظرية و الإستهانة بها ، محوّلينها إلى " مرشد للعمل" فقط بالمعنى الأضيق و الأكثر مباشرة ، معاملين النظرية كما لو أنّها جوهريّا إفراز ممارسة خاصة و محاولين عقد مقارنة بين الممارسة المتقدّمة ( التى ، من جانب هؤلاء الناس ، تتضمّن عنصرا من التقييم الذاتي و الإعتباطي ) و النظرية المتقدّمة المفترضة . إنّ وجهة النظر الشيوعية العلمية المادية الجدلية تؤدى إلى فهم أنّ الممارسة هي مصدر و محكّ النظرية ، لكن على عكس هذه التشويهات التجريبية الضيقة ، يجب فهم هذا على أنّ الممارسة بالمعنى الواسع ، شاملة التجربة الإجتماعية و التاريخية الواسعة ، و ليس فقط التجربة المباشرة لشخص أو مجموعة أو حزب أو أمّة." (70) ( 70- بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ). بمقاربة تجريبية و " بوزيتيفيزم " [– من الفلسفة الإيجابية ] يتصوّرون أنّ إطارا نظريّا صحيحا يتطوّر على قاعدة مجرّد تلخيص تجربة حزب أو بلد ؛ و بدلا من الإقرار بضرورة تلخيص التجربة التاريخية و العالمية - و التى تشكّل تجربة حزب ما جزءا منها ، و جزءا فقط - و كذلك التعلّم من المجالات الأخرى : الفلسفة و العلم و الثقافة و الفنون إلخ . و بمقاربة تجريبية و " بوزيتيفيزم" [– من الفلسفة الإيجابية ] يتصوّرون أنّ الممارسة الملموسة توفّر لنا مباشرة نظرية صحيحة ، دون الإعتراف بضرورة قفزة نوعية نحو المعرفة العقلية على أساس الشمولية و تلخيص و إستخلاص للدروس ، و مجدّدا ليس فقط من الممارسة الملموسة ، المباشرة بل من فهمها فى إطار التداخل و العلاقة مع التجربة التاريخية و الإجماعية و النظرية الواسعة على هذه القاعدة . بالمقاربة التجريبية و " البوزيتيفيزم" [– من الفلسفة الإيجابية ] كما لوانّ المرء يقترح تشييد بناءات كبرى تأسيسا على مجرّد تلخيص لتجربته الخاصة فى بنائها دون أن يأخذ بعين النظر التجربة الأوسع الملخّصة فى مبادئ الهندسة و دراسة الأرض و الزلازل و الأعاصير إلخ. يقدّم لنا الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني مثالا جيّدا عن هذه المقاربة الضيّقة التجريبية و " البوزيتيفيزم" [– من الفلسفة الإيجابية ]عند محاججته ضد ما يدعى " الدور المطلق للنظرية " لدى الحزب الشيوعي الإيراني (الماركسي- اللينيني- الماوي ) و لدي الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، التى : " بوضوح ، أرقي نقطة فى تطوّر الثورة الشيوعية زمن ماركس ، كمونة باريس ، لم تكن تدين بذلك إلى الإطار النظري الذى صاغه ماركس. و فى الواقع ، لم يكن للماركسيين دور واضح فى إطلاق كمونة باريس وقيادتها. و بالعكس ، التطوّر النظري لماركس وخاصّة ، نظرية دكتاتورية البروليتاريا ، تدين كثيرا فى ذلك للممارسة الثورية لكمونة باريس ، ماركس من خلال تلخيصه لهذه الممارسة ، طوّر دكتاتورية البروليتاريا و بناها و منهجها ضمن الماركسية . " ( 71) ( 71- " الطريق الماوي" ، الصفحة 47-48). يتحدّثون كما لو أنّ ماركس لم يكن ليطرح ( و لم يكن ليطوّر نظرية دكتاتورية البروليتاريا إلاّ بعد ما جدّ من ممارسة كمونة باريس ، وهذا غلط . و تكفى ملاحظة أن الإستشهاد الذى مرّ بنا بشأن " دكتاتورية " طبقة البروليتاريا كنقطة إنتقال ضرورية " للقضاء على الكلّ الأربعة مصدرها " الصراع الطبقي فى فرنسا من 1848 إلى 1850" المنشور سنة 1850، أي ، عقدان قبل كمونة باريس ما يثبت أن ماركس و إن إستخلص دروسا جديدة هامة من الكمونة ، فإنّ منهجا علمياّ يتعلّم من جميع الممارسة الإجتماعية المتنوّعة ، يمكنه بمعنى ما " إستباق" الممارسة الثورية و يطرح و يقود النضال من أجل أشياء لم تتحقّق بعدُ فى الممارسة ( و إذا لم يكن الأمر كذلك لما وجدت نظرية شيوعية بإعتبار أنّ لا أحد قد عاش المستقبل الشيوعي) . لقد إستطاع ماركس أن يطرح بصورة صحيحة ضرورة دكتاتورية البروليتاريا قبل أن توجد هذه الدكتاتورية فى الممارسة العملية ، بالضبط لأنّه لم يكتف بتلخيص ضيق تجريبي و "بوزيتيفي" [من الفلسفة الإيجابية ] لممارسة الصراع المباشر فى بلد أو آخر . و قد توصّل إلى هذا الفهم كجزء من تركيز لأوّل مرّة لإطار نظري علمي لفهم تطوّر المجتمع و تغييره ثوريّا. و قد طوّر ذلك على قاعدة دراسة و تحليل عميقين للفلسفة و للإقتصاد السياسي و لصراع الطبقات و التطوّر الإجتماعي . و بالعكس ، حجّة الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني براغماتية و تجريبية و "بوزيتيفيزم" [من الفلسفة الإيجابية ] فى التعاطي مع النظرية " جوهريّا كإنتاج مباشر للممارسة الخاصة " وهو يرفض ضرورة أن تقود الثورة النظرية العلمية الأكثر تقدّما ، إنطلاقا من الممارسة الإجتماعية الأوسع ( و ليس فقط الممارسة المباشرة لحزب معيّن ) و للمعرفة الإنسانية فى شتّى المجالات . لهذا المنهج تبعات ضارة . و تحديدا إحدى أسباب الهزيمة السريعة للكمونة كانت كونها إفتقرت إلى القيادة الماركسية و كونها كانت تتطوّر على هامش الخوض فى النظرية الثورية الأكثر تقدّما فى تلك الفترة ، و هذا ما ينصحنا به مرّة أخرى الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني ، آملا أن توفّر لنا الممارسة المباشرة الأجوبة على الأسئلة الكبرى التى تثيرها نهاية مرحلة و بداية أخرى، معوّلا على روايته الخاطئة لكيفية تطوّر نظرية دكتاتورية البروليتاريا. لا ينبغى أن نعيد الآن بشكل آخر الجانب السلبي من الكمونة الذى ساهم فى هزيمتها السريعة ؛ بالعكس ينبغى أن نناضل من أجل أن تقود النظرية العلمية للشيوعية مثلما قد تطوّرت إلى الآن بفضل الخلاصة الجديدة ، الممارسة الثورية و تواصل التطوّر ، و ليس البراغماتية و " البوزيتيفية" [من الفلسفة الإيجابية ]" اللتان ينصحوننا بهما. 12- الإعتماد على الواقع الموضوعي أم خلق " واقع" كما يحلو لنا ؟ لقد كرّرنا عديد المرّات جملة " إنتصارات حقيقية أو خيالية " عمدا ذلك أنّ ، إضافة إلى البراغماتية ، النزعات المعارضة للخلاصة الجديدة تشترك فى شيء آخر هو الأداتية وهي فضلا عن كونها إرث جدّ ضار فى الحركة الشيوعية العالمية فى الماضي ، منهج " جعل الواقع "أداة " لأهدافنا ، و حرفه خدمة لغاياتنا الجديدة و ل" الحقيقة السياسية " ( 72) ( 72- " الأساسي من..." ، الصفحة 116 ). و نلمس هذا فى وثائق غرّة ماي 2011 و 2012 التى أنف ذكرها و التى تقدّم لنا صورة جميلة عن أنه " صار فى كلّ مرّة أوضح أنّ الثورة هي الإتجاه الرئيسي فى العالم " (73) ( 73- " البيان العالمي لغرّة ماي 2011" " الطريق الماوي " ، الصفحة 4 ) و أنّ الحروب الشعبية تتقدّم فى مختلف البلدان و أنّ الإنتفاضات فى البلدان العربية قد " مهّدت " الطريق إلى ثورات جديدة مناهضة للإمبريالية ومناهضة للصهيونية و مناهضة للإقطاع و ثورات ديمقراطية جديدة، مشكّلة " جبهة قتال جديدة بين الإمبريالية و الشعوب " و يتحدّثون عن تلك القائمة بعدُ فى العراق و أفغانستان و فلسطين... و عن انّ " الإنتفاضات المثيرة للشباب البروليتاري ... تزلزل المدن الإمبريالية..." و أشياء أخرى من هذا القبيل. ( 74 ) ( 74 " القرار عدد 1" ). بارز هو المنهج الأداتي الذى يقف وراء هذا " التحليل " و بارزة هي المبالغة فى المظاهر الإيجابية فى الوضع و محو أو التقليص من المظاهر السلبية ، و خلق " واقع " مفترض وفق رغبات و أهداف الكتّاب ينتظر أن يدفع الناس إلى العمل طبقا لهذه الرغبات و الأهداف . قد " تنجحون " و قد " لا تنجحون " فى دفع بعض الناس بواقعكم الوردي ، إلاّ أنهم لن يتوصّلوا إلى أية ثورة شيوعية بمثل هذا المنهج الأداتي و الذاتي . لن نتوقّف عند الجزئيّات ، بيد أنّنا ندعو القرّاء إلى مقارنة فكرة أنّ الإنتفاضات العربية قد " مهّدت " الطريق لثورة الديمقراطية الجديدة برسالة بوب آفاكيان بصدد مصر و التى مع تنويهها بالمظاهر الإيجابية جدّا لهذه الإنتفاضة و إعرابها عن " المساندة الملموسة لملايين الناس الذين تمرّدوا " ، تشير كذلك إلى ضرورة طليعة شيوعية تقودها النظرية الأكثر تقدّما ، و دون هذه الطليعة الشيوعية الأفق يقع ببساطة تعويض نظام بآخر و البقاء " فى الإطار العام للهيمنة و الإستغلال الإمبريالي العالمي" ( 75) ؛ أو إلى مقارنة العرض الإحادي الجانب لدلالة التمرّدات الأخيرة فى البلدان الإمبريالية مع ما كتبه آفاكيان عن حركة " إحتلال الشوارع " و فيه مرّة أخرى يرحّب بالمظهر الرئيسي لهذه النضالات و فى نفس الوقت ينقد فكرة الحركة " الأفقية " التى كان لها تأثير قويّ لدي الكثيرين فى هذه الحركات و التى كانت تنكر ضرورة القيادة " (76) ( 75- بوب آفاكيان " مصر 2011: ببسالة إنتفض الملايين...لكن المستقبل لم يكتب بعدُ."،"الثورة " عدد 225) ( 76- بوب آفاكيان " أفكار حول حركة "إحتلال الشوارع ": بداية واعدة و ضرورة المضيّ أبعد من ذلك" ، الثورة ، عدد 251 ، 27 نوفمبر 2011). و بوصف الوضع فى العراق و أفغانستان على أنّه " جبهة قتال بين الإمبريالية و الشعوب " ، تتجاهل المقاربة الأداتية مشكل أنّ جزءا كبيرا من القوى فى حقل المعركة هي قوى إسلامية أصولية رجعية ( التى تشمل مثلا القاعدة و طالبان) لا تمثّل مصالح النضال الشعبي ضد الإمبريالية . بالأحرى ، ما نراها فى تنافس بين الجهاد و العدوان الإمبريالي " هي فئات تاريخيّا عفا عليها الزمن من الإنسانية المستعمرة و المضطهَدة ضد فئات مهيمنة عفا عليها الزمن تاريخيّا من النظام الإمبريالي . هذان القطبان الرجعيّان يتعارضان لكن فى نفس الوقت هما يعزّزان بعضهما البعض . و مساندة قطب أو آخر من هذين القطبين اللذين عفا عليهما الزمن ، سينتهى بتعزيز الإثنين " (77) ( 77- " الأساسي ..." ، الصفحة 20-21). قمّة الأداتية تتجسّد فى قولهم إنّ " حرب الشعب فى البيرو التى إنطلقت بقيادة الحزب الشيوعي البيروفي و على رأسه الرئيس غنزالو تظلّ منارة إيديولوجية و إستراتيجية بالنسبة للحركة الشيوعية العالمية برمّتها ". من جهة يدمجون إثنين فى واحد فى العلاقة بين النظرية والممارسة: " منارة إيديولوجية " يجب أن تنزع نحو أن تكون إيديولوجيا ، و قد حلّلنا بعض مظاهر إيديولوجيا " فكر غنزالو" بما فى ذلك حتى قبل أن يدعو غنزالو إلى إتفاق السلام حيث ينحرف عن الواقع . و من جهة أخرى ، عند تحديد " حرب الشعب " على أنّها " منارة إيديولوجية " يتجنّبون المشكل العويص للوضع الحالي فى البيرو أين بعد إيقاف غنزالو و الدعوة إلى النضال من أجل إتفاق سلام و من أجل " تراجع إستراتيجي" طويل ، بقي الجزء الكبير من القوى الثورية مهزوما أو معنوياته منخفضة ، و القليل من الذين يواصلون بشكل ما النضال المسلّح منقسمون إلى كتل متنافسة ، منها من يدعو كذلك إلى إتفاق سلام . ومثلما سبق و أن أشرنا إلى ذلك ، خطّ فضح الدعوة لإتفاق سلام على أنّه مجرّد " خدعة " بدلا من نقد و دحض مضمون الخطّ التحريفي الذى إقترحها ، أبقي الحزب و الجماهير غير مسلّحة سياسيّا و إيديولوجيّا و ساهم فى ما آل إليه الأمر . و بالضبط فى هذا الإطار ، تقدّم البعض فى الحركة الأممية الثورية بالحجّة الأداتية بأنه بقطع النظر عن الأحداث على أرض الواقع المادي ، " الحقيقة السياسية " أنّ غنزالو ليس وراء الدعوة إلى إتفاق سلام . وهذا يعنى بكلمات أكثر صراحة أنّه يجب أن تعتبر حقيقة ما يكون أكثر مواتاة لأهدافنا الثورية ولو أنّه لا يتناسب مع الوقائع المادية . لن تعالج المشاكل المعقّدة للإنتقال التاريخي - العالمي من النظام الرأسمالي - الإمبريالي العالمي إلى الشيوعية العالمية بإختراع واقع كما يحلو لنا و محاولة " فرضه " ، بل من خلال بذل الجهد لنجعل أفكارنا تتناسب مع العالم المادي المتناقض ممسكين بحركة التناقضات العميقة و تطوّرها تحت سطح الأحداث فى لحظة معيّنة ، و ممسكين بكلّ من المظاهر المواتية و المشاكل ، بكلّ من الصواب و الأخطاء و ليس بتجنّب أو حجب الأحداث المزعجة لأخطاء الحركة الشيوعية العالمية . و مثلما يشدّد على ذلك آفاكيان" ديناميكية " الحقائق المخجلة " فى جانب منها يمكن أن تجعلنا نتقدّم : يمكن أن تشجّع الخميرة التى تدفعنا نحو المسك بالواقع . هذه هي الموضوعية العلمية. و إذا ما توغّلنا كفاية فى التناقضات التى تطرح الآن ، أدركنا أنّ حلّها يمكن أن يؤدّي إلى حقبة جديدة ، إنّه لأمر جيّد أن نطلق ديناميكية تعلّمنا نواقصنا. لا أدعو إلى أن ندع الأخطاء تطغى على كلّ ما نسعى إلى فعله لكن بمعنى إستراتيجي يجب أن تكون لنا قابلية كبيرة لهذا و أن لا نحاول أن نتحكّم فى ذلك تحكّما أكثر من اللازم - نريد هذا ، الشدّ و الإرتخاء" ( 78) ( 78- " الأساسي..." ، الصفحة 118-119). حسب " التفاؤل الرسمي" لهذه المقاربات الأداتية ، أي إعتراف بالصعوبات فى الوضع الموضوعي ( مثلا ، الحديث عن هزيمة الإشتراكية و أسبابها ) ، " تشاؤم" و " تحريفية " بوجهة النظر هذه ، الإعتراف بأنّ شيئا ما صعب يساوى التفكير بأنّه من غير الممكن ( مثل الخلط المذكور أعلاه من قبل الحزب الشيوعي ( المادي) الأفغاني بين نهاية مرحلة فى الثورة الشيوعية و نهاية الثورة الشيوعية ). لماذا على الحركة الشيوعية أن تتظاهر بأنّ التحويل التاريخي – العالمي الإستعجالي و الضروري و الممكن أيضا ، سهل نسبيّا و بأنّنا نمضى دائما إلى الأمام فى خطّ مستقيم و بأنّ الثورة هي دائما التيّار الرئيسي وبأنّ الجماهير دائما مستعدّة و بأنّ المسألة الوحيدة هي إرادة الشيوعيين و تصميمهم؟ بالعكس ، هذا التغيير التاريخي- العالمي : " وفى نفس الوقت ، لا يمكن لهذا التغيير التاريخي – العالمي لعلاقات الإنتاج الإجتماعية إلاّ أن يحدث على قاعدة الإعتماد على الظروف المادية الفعلية و التناقضات التى تميّزها و التى تفتح الباب لهذه الإمكانية لكن التى تجسّد أيضا العقبات أمام تحقيق التغيير الإجتماعي الجذري ، و هذا يتطلّب فهما و مقاربة علميين لهذه الديناميكية المتناقضة و قيادة مجموعة منظّمة من الناس مستندة إلى هذا المنهج و هذه المقاربة لأجل إنجاز النضال المعقّد و الصعب لتحقيق هذا التغيير و التقدّم نحو الشيوعية عبر كافة أنحاء العالم " (79) ( 79- بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ).
#شادي_الشماوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القومية أم الأممية ؟ مقتطف من : الخلاصة الجديدة للشيوعية و ب
...
-
وحدة من أجل تحرير الإنسانية أم وحدة بلا مبادئ للحصول على- قو
...
-
لن يتحرّر أي إمرء دون تحطيم الدولة البرجوازية : دروس النيبال
...
-
كوريا الشمالية ليست بلدا إشتراكيّا
-
كوريا الشمالية – الولايات المتحدة : من يمثّل تهديدا نوويّا ح
...
-
هل يمكن أن توجد حركة شيوعية لا تصارع من أجل الشيوعية ؟
-
مجتمع جديد [إشتراكي ٍ] بعمق ثوري و تحرّري : اللبّ الصلب مع ا
...
-
هل هناك حاجة الآن إلى تلخيص علمي لتجربة الإشتراكية و تصوّر ك
...
-
هل نحن فى حاجة إلى تقدّم نوعي فى علم الشيوعية لقيادة المرحلة
...
-
طبيعة مشروع هوغو تشافيز و حدوده (1) - مقالات ماوية حول - الث
...
-
الخلاصة الجديدة للشيوعية و بقايا الماضي - تعمّق النقاش حول ا
...
-
الدعاية للشيوعية و الحاجة إلى تشكيل قطب ثوري حقّا .
-
إيران : الحرب الإقتصادية ضدّ الشعب - إندلاع الأزمةِ و المقاو
...
-
الثورة النيبالية و ضرورة القطيعة الإيديولوجية و السياسية مع
...
-
الإمبريالية الأمريكية ، الأصولية الإسلامية و الحاجة إلى طريق
...
-
تعمّق النقاش حول الخلاصة الجديدة لبوب آفاكيان (1): ردّ من أف
...
-
الماوية تنقسم إلى إثنين: موقفان متعارضان من -الخلاصة الجديدة
...
-
نظام الدولة الإشتراكية - آجيث ، الحزب الشيوعي الهندي (المارك
...
-
النقاش الراهن حول نظام الدولة الإشتراكية - ردّ من الحزب الشي
...
-
الماوية تنقسم إلى إثنين: نظرتان متعارضتان لنظام الدولة الإشت
...
المزيد.....
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 583
-
تشيليك: إسرائيل كانت تستثمر في حزب العمال الكردستاني وتعوّل
...
-
في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليو
...
-
التصريح الصحفي للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد خل
...
-
السلطات المحلية بأكادير تواصل تضييقها وحصارها على النهج الدي
...
-
الصين.. تنفيذ حكم الإعدام بحق مسؤول رفيع سابق في الحزب الشيو
...
-
بابا نويل الفقراء: مبادرة إنسانية في ضواحي بوينس آيرس
-
محاولة لفرض التطبيع.. الأحزاب الشيوعية العربية تدين العدوان
...
-
المحرر السياسي لطريق الشعب: توجهات مثيرة للقلق
-
القتل الجماعي من أجل -حماية البيئة-: ما هي الفاشية البيئية؟
...
المزيد.....
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
/ أزيكي عمر
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|