|
-عروسة لبنة-
رحاب ضاهر
الحوار المتمدن-العدد: 1179 - 2005 / 4 / 26 - 11:12
المحور:
الادب والفن
على قارعة الفراق كان موعدنا عند اخر منعطف لطريق الحب حيث لا اذكر كيف احببتك ولااذكر لحبنا لقاء اول، كنا على لقاء دائم فوجهك حاضردائما كصوت فيروز صباحا وقهوة امي وامك و"منقوشة الزعتر" وكعكة الكنافة بجبن صباحات الاحاد ، مع نزهات العطل في حرش الصنوبر وشواء اللحمة والتبولة وصحن الحمص بالطحينة وزيت الزيتون مع صياحات ابي وابيك على "دق طاولة" مساء ،لم يكن هناك وقت لنفكر انا وانت اننا على حب ! ولم يكن يعبر ارصفتنا طيف فراق يجرفنا بعيدا فقد كنا جزء من نهار يبدا صباحا في المدرسة ويتواصل على شرفة منزلنا نراجع الدورس نتناول "العصرونية" " عروسة لبنة وخيارة" تعدها امهاتنا على صنية تحمل " ركوة" قهوتهما وهما تريان الشمس تشرق من قلوبنا ومن صياحات شغبنا ولعبنا . فكيف صرنا ذكريات ماضية مصحوبة بالفجيعة والحزن ؟ ولماذا حصل معنا ما حصل ولماذا ما جمعته القرابة والجيرة و"عرائس اللبنة" تغتاله رصاصة وقد كانت الامنيات في جيوبنا نجوما وفرحا مغمسا بالسكر ؟ كيف لرصاصة ان تنهي عمرا لم يكتمل وان تقطع شراين الدم بيننا لتصير جدران من الباطون والغربة ؟ كانت امك خالتي وامي خالتك وكنا ابناء الاختين فلم تتقاسم يوما الاختين الجارتين الابناء ولم يكن لواحدة البنين وللثانية البنات ،امي ام الصبيان وامك ام " الصبي " الوحيد على اربع بنات كنا جمعيا ابناء لهما البنات والصبيان دون حساب او تفضيل ،"تقبرني" تقال من امي وامك دون ان تحدد من الابن ومن ابن الاخت وهما تناولنا " عروسة لبنة "، فكيف حولتهما الحرب الى غريبتين؟ الى غريمتين؟ وكيف انطفأ نورالعين وتقاسمتا الابناء قسمة جائرة؟!! ولماذا حمل السلاح الجميع ولماذا ترك السلاح الجميع ؟ وهل حقا قتل "وائل" "ايمن " " الصبي" الوحيد لامك لخالتي ووائل اخي الذي لم يكن يفارقه دقيقة وكانا اقرب لبعضهما من حبل الوريدهل طاوعه قلبه ليقتل رفيق الطفولة وابن الخالة الوحيد وشريك " عروسة اللبنة"؟!! هل حقا صوب رصاصته الطائشة الى دمائه وهو يعلم ان جريان الدم في عروقه يصل الى عروق "ايمن" ؟ فكيف يمكن فصل "ايمن" عن "وائل" او "وائل" عن "ايمن" ؟!ان ينتزع من العين بياضها او سوادها دون ان تقلع او تصاب بالعمى ؟! "ايمن" و"وائل" اللذان كان معا منذ استعيابهم لشروق الشمس وغروبها تعلما سوية تهجئة الحروف وجداول الضرب واستخدما اصابعهما للجمع والطرح سارا معا في الشوراع وفي ملاعب كرة القدم ولهما ذات الجروح في ركبتيهما ،احاديث مراهقتهما و صيد العصافير و" سلمى" بنت الجيران التي احبتهما معا لانها لم تراهما يوما على حدة فظنت انهما شخصا واحد كيف لم تحول كل تلك الامور بينهما ؟ رغم مرور السنوات وانطفاء الحرب ونجاحي في دراستي وعملي لم استطيع تعويض خسارات روحي ونسيان حبك، حب خالتي وايمن ووائل هذا الحب الذي لم يكن يزعزعه شيء ولا ينغص عيشه كيد هل كان يحتاج لكارثة تحوله الى حزن يستوطن حشاة الكبد ليصير كداء الصدفية يصرخ الكبد من الالم فيخرج صراخه على الجلد الما متوحشا يخاوي الجلد ويترك الكبد في صمته كذلك يفعل بي حين تندفع كل الذكريات والشوق والامطار تغرقني في هولندا وشمس ايامنا في بيروت قد غربت في الهوة التي اسقطتنا بها الحرب دون ان نكون اعضاء في جماعة او منتمين لحزب ؟!!. و"ايمن" و"وائل" كيف استهوتهم الحرب ومدت ذراعيها لهما لتشطرهما نصفين كلا في فريق وكلا في حزب ويتنكرا لعمريهما ، لشغبهما ، لصيد العصافير " ولعروسة لبنة" ؟ من اعطى وائل السلاح وقال له انه:" زينة الرجال" ليتباهى به امامنا ووسط مخاوف امي وتحذيرات وغضب ابي ، كان يرد عليه " البلد كلها حاملة سلاح ونحن من البلد" فهل البلد كلها صوبت السلاح ناحية "ايمن" واطلقت رصاصة من سلاح "وائل" لتستقر في قلب "ايمن" ؟ كان يوما ككل ايامنا امي وامك تشربنا قهوتهما المرة كالايام التي اتت وتتحدثان عن الحرب التي بدات بأكل الاخضر بعد ان التهمت اليابس ، الحرب التي قصفت عمر" ايمن" واحرقت ربيع" وائل" . . . " قتل وائل ايمن " هكذا سمعتهم يقولون وسط صراخ امي وعويل خالتي وكان جدار اسود يرتفع امامي وتغطيه الدماء . الروايات تتضارب كلا يسرد الحدث على طريقته " ابو طارق " السمان يقول انه سمع "ايمن" يشتم زعيم التنظيم الذي تبعه "وائل" فما كان منه الا ان صوب سلاحه وانتقم لقائده ، " فؤاد" يقول ان وائل كان يمازح ايمن فطاشت الرصاصة وقتلته، "زياد " ينفي كل ذلك ليقول ان القناص قتل "ايمن" ، لكن اختفاء "وائل" وانتحاره بعد ذلك يؤكد فداحة ما فعلت بنا الحرب دون ان نشارك بصنعها. من ضحكات اليفة كانت تطرق الابواب الى مصائب ازدحمت على عتباتنا بين خالة مفجوعة وام " مفلوجة" لم يكن امامنا خيار او اعتراض او فرصة لجمع ما بقي من قرابة وعشرة سنين، ولم يعد وجهك حاضر كالسابق ولم نعد عائلة واحدة صرنا هجرة مشردة وانقطعت اتصالاتنا وصار محرم ذكر اسمائنا امام خالتي فنحن اخوة قاتل اخيكن " الوحيد" لذلك اختار ابي ان يسفرنا الى هولندا لتأخذنا الايام والسنوات بعيدا عن ذكرياتنا عن وجهك الذي بقي محفورا في قلبي كأيقونة، كطعم "عروسة لبنة" لالتقيك دائما مع ذكريات الماضي وقت " العصرونية" على قارعة الحزن وبيدي " عروسة لبنة وخيارة "
#رحاب_ضاهر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
امي
-
عصير قصب
-
قصيدة شبقة
-
رغبة واحدة لثلاثة وجوه
-
لبنان بين الموالاة والمعارضة وستار اكاديمي
-
سارس سعادة
-
كالك فلوور
-
فتنة المرايا 5
-
ليس وقتها
-
فتنة المرايا 4
-
فتنة المرايا
-
فتنة المرايا - 2
-
فتنة المرايا-1
-
سندريلا
-
معرض بيروت للكتاب
-
ايميلات عشق
-
ايميلات عشق لرجل غائبا حتى في حضوره
-
المتجردة
-
حوار فضائي مع الشاعر سلطان الحداثة
-
قارئة الفنجان
المزيد.....
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|