|
طوبا زنغرية -قرايا
مسعد خلد
الحوار المتمدن-العدد: 4105 - 2013 / 5 / 27 - 19:17
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
تقع قرية طوبا على ضفاف نهر الأردن قرب بحيرة طبريا (تبعد 3 كيلومتر عن نهر الأردن وتبعد و10 كيلومتر عن بحيرة طبريا) سكانها بدو عرب يبلغ عددهم حوالي 6000 نسمة. يتميز اهل القرية بالكرم وهم يتنافسون ويتسابقون في إكرام الضيف إذا حل بمجلسهم. عشيرة الهيب هي العشيرة الكبيرة في القرية وجذورهم في جزيرة العرب الاصيلة التي خرجوا منهم وينتسبون لعدة قبائل عربية. والعشيرة الثانية هي عرب الزنغريه وجذورهم في الجزيرة العربية. التقيت، في مستشفى صفد، بأحد المعمرين من قرية طوبا المجاورة، وكان قد أدخل المستشفى بسبب تعرضه لحادث طرق صعب. وقد لمست حسن معشره، وجميل ملفظه، وطيب منبته، بعدما جمعتنا نفس غرفة العلاج، لفترة معينة، كنا فيها تحت رحمة قرار الأطباء. يومها رقدت للعلاج، بسبب كسر أصاب ساقي، وبعد عملية جراحية، تم نقلي الى الغرفة التي كان قد سبقني اليها. ومن حديث لحديث، استفسرت منه عمّا أصابه، حتى غدا (مـُــجَبْصَنا من راسو لكعبو)، فأجابني بلهجة بدوية أصيلة:"يا خوي! رْكِبْنا في العربـِيِّه... وصارت تـْصُدْ وبعدين تـْرُدْ، ثـُمَّـنْ تاخذ وْثـُمَّنِ تـْجيبْ، وما حَسّينا وِدْرينا، ولاّ حِنـّا بالمْســيلْ". ولمّا أكمل وصفه الشعري، استحضرني القول"بيصُدْ ما بيرُدْ"، فسألته حول قصة هذا المثل، فشهـَّـل جسده الجريح، فوق سريره، ثم بدأ يروي لي حكاية رجل من العرب، دخل على المعتصم، أمير المؤمنين، فقرّبه وأدناه، وجعله صديقا له. وكان للمعتصم وزير كثير الحسد، فغار من البدوي، وحسده، وقال في نفسه:"إن لم أعمل حيلة على هذا البدوي، سيأخذ قلب أمير المؤمنين، ويبعدني عنه". فصار يتلطف بالبدوي، حتى أحضره الى منزله، وطبخ له طعاما، وأكثر فيه من الثوم. فلمّا أكل البدوي منه، قال له:"احذر أن تقترب من أمير المؤمنين، فيشم منك رائحة الثوم، فيتأذى من ذلك فانه يكره رائحته"! ثم ذهب الوزير الى أمير المؤمنين، فخلا به، وقال:" يا أمير المؤمنين! إن البدوي يقول عنك للناس :إن أمير المؤمنين أبخرُ، ورائحة فمه كريهة، وقد سئمتُ رائحته". فلما دخل البدوي على المعتصم، وجعل البدوي كمه على فمه؛ مخافة ان يشم المعتصم منه رائحة الثوم، رآه أمير المؤمنين وهو يستر فمه بكمه، وقال في نفسه، ان الذي قاله الوزير، عن هذا البدوي صحيح. فكتب كتابا الى أحد عماله، يقول له فيه:"اذا وصل اليك كتابي هذا، فاضرب رقبة حامله!". ثم دعا البدوي، ودفع اليه الكتاب، وقال له:"إذهب الى فلان وائتني بالجواب!"، فأطاع البدوي ما أمره به المعتصم، وأخذ الكتاب، وخرج به من عنده؛ فبينما هو بالباب، اذ لقيه الوزير الغيور، فقال:"أين تريد؟!" قال البدوي:"اني متوجه بكتاب أمير المؤمنين الى عامله فلان"، فقال الوزير في نفسه " ان هذا البدوي سينال من هذا الأمير مالا كثيرا، ويبدو ان خطتي فشلت"، فقال له:"يا بدوي! ماذا تقول فيمَن يريحك من التعب والخطر، اللذان سيلحقا بك في سفرك، ويعطيك ألف دينار؟"، فقال البدوي:"أنت الكبير، وانت الوزير، فافعل ما شئت من الرأي!"، ودفع الكتاب اليه، وأخذ الدنانير. ثم سار الوزير بالكتاب، الى المكان الذي يقصده المعتصم، فلما قرأ العامل الكتاب، أمر بضرب عنق الوزير. وبعد أيام تذكر الخليفة أمر البدوي، وسأل عن الوزير، فأخبروه بأنه لم يظهر منذ أيام، وان البدوي في المدينة، فتعجب من ذلك، وأمر باحضاره، فحضر وأخبر الخليفة بالقصة التي حدثت مع الوزير. فقال له المعتصم:"أنت قلت عني للناس أني أبخر؟" فقال: "معاذ الله يا أمير المؤمنين أن أتحدث بما ليس لي به علمٌ، وانما كان ذلك حقدا وحسدا من الوزير" وأخبره بقصة الثوم، وما جرى معه. فقال أمير المؤمنين:"قاتل الله الحسد، لقد بدأ بصاحبه فقتله، وْدرْبِ تـْصُدْ ما تـْرُدْ!" . بعد أن أنهى أبو حسين قصته المسليّة، والتي زاد في حواشيها، وأعمل بها استطرادا، وحمّلها بهارات وطيوب، على لسان أبطالها، سألني (بعد ان اكتشف مقدار تعلقي بالمرويات، من فصيلة كان ياما كان) ، اذا ما كنت أعرف بعض النوادر عن الأعراب، فتناولته بنادرة عن تاجر متجول، تاه في الصحراء، والتقى، أثناء تعثره بذيول أشعة الشمس الملتهبة، أحد الاعراب، فسأله:" كم من الوقت أحتاج حتى أصل المدينة؟" فلم يجبه، بل اكتفى باشارات من يديه، لم يفهم الرجل المسكين معناها! فأعاد عليه السؤال، لكن البدوي أشار ثانية، بأنه لا يعرف! فتركه، وتابع خطواته الوئيدة. وبعد ان ابتعد عنه مسافة عدة خطوات، ناداه البدوي قائلا:"يستغرق معك ثلاثة أيام"، فرجع التاجر مندهشا، وقال:"ولماذا لم تجبني حين سألتك؟!" فأجابه البدوي:" لم أرَ حينها مدى خطواتك وسرعتها، ليكون بمقدوري تقدير المسافة!".
#مسعد_خلد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مجدل شمس - قرايا
-
سرطبه - قرايا
-
المطلّه -قرايا
-
-الخيط-- قرايا صورة12
-
السموعي- قرايا صورة 11
-
اليامون- قرايا صورة 10
-
عكبره- قرايا صورة 9
-
الصفصاف وعيلبون- قرايا-صورة 8
-
القباعه - قرايا -صورة7
-
قرايا: صورة 6 -عكا-
-
قرايا - -الكابري-- صورة 5
-
قرايا- حطين- الصورة 4
-
قرايا :-اللد والرمله- الصورة الثالثة
-
قرايا - بيت جن - منفى الأحرار- الصورة الثانية
-
قرايا- مارون- الصورة الأولى
المزيد.....
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|