مالك بارودي
الحوار المتمدن-العدد: 4104 - 2013 / 5 / 26 - 17:41
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في تفاهة إستعمال المسلمين لحجّة العدد لإثبات صحّة الإسلام
-----------------------
(يمكنكم الإطلاع على بقيّة المقالات والرّدود على مدوّنتي الشّخصيّة:
http://chez-malek-baroudi.blogspot.com )
-----------------------
أصبح اليوم من بديهيّات المحاججة عند المسلمين أن يردّوا على من يشكّك في دينهم قائلين: كيف يكون الإسلام خطأ في حين أنّ عدد معتنقيه فاق المليار ونصف المليار من المسلمين؟ حجّة العدد هذه روّج لها العديد من الشّيوخ والأئمّة لإقتناعهم بالتّأثير الكبير الذي تمتلكه لأعداد والأرقام على حياة الإنسان في عصرنا الحاضر. وبما أنّ المسلم لا يفكّر ولا يقرأ ولا يحاول البحث بنفسه، وبما أنّ مصادر معلوماته عن دينه (وعن العالم أيضا، في كثير من الأحيان) تكاد تكون محصورة في ما يقوله هؤلاء الذين نصّبوا أنفسهم "علماء" على أمّة "إقرأ" الجاهلة، فمن الطّبيعي أن يأخذ المسلم هذه "الحجّة" ويردّدها في كلّ وقت وفي كلّ مكان وأن يعتبرها "حجّة دامغة" لا يستطيع أحد الرّدّ عليها.
قد لا يجد بعض النّاس جوابا على هذا السّؤال "الدّامغ"، ولكن هذا لا يعني أنّه من الصّعب الإجابة عنه. ولكلّ من يسأل هذا السّؤال يمكن أن نجيب بسؤال آخر مثله، بنفس التّكوين المنطقي الذي بُني عليه هذا السّؤال الحجّة، والأمثلة كثيرة ومتنوّعة. لنأخذ مثلا السّؤال التّالي: عدد البوذيّين في العالم يفوق المليارين وهو عدد أكبر بكثير من عدد معتنقي الإسلام، فهل يعني هذا أنّ البوذيّة هي الدّين الصّحيح؟ أتذكّر هنا قول الرّوائي الفرنسي "أناتول فرانس": "إذا قال خمسون مليون شخص مقولة حمقاء، فإنّها ستبقى مقولة حمقاء".
حجّة العدد لا معنى لها ولا تثبت شيئا، وإذا أصرّ المسلم على إستعمالها لإثبات صحّة دينه، فلن يثبت إلاّ خطأه لأنّ هناك الكثير من الأديان الأخرى على الأرض والتي لها أتباع مثل أتباع الإسلام أو أكثر منهم. وإذا لم يقتنع المسلم بأنّ حجّة العدد تخدم أديانا أخرى أكثر ممّا تثبت صحّة الإسلام، يمكن دعوته لتحديد معنى كلمة "مسلمين" الواردة في كلامه: ستجده يطرح من تلقاء نفسه من ذلك العدد الذي قدّمه في البداية كلّا من الشّيعة والرّوافض والمعتزلة والصّوفيّة والأحمديّة والقاديانيّة، إلخ. فكلّ هؤلاء يُكفّرهم أهل السّنّة والجماعة، زيادة على كون كلّ تلك الطّوائف والمذاهب تكفّر بعضها البعض... فمن هم هؤلاء المسلمون الذين يزعمون أنّهم أكثر من مليار ونصف المليار؟ لن تجد لهم أيّ أثر، ففي أقصى الحالات ستجد أنّ أكبر طائفة منهم عددها لا يتجاوز الخمسمائة مليون. ألا يمكن أن يجتمع خمسمائة مليون على خطأ؟ وما وزن خمسمائة مليون شخص مقابل سبع مليارات نسمة على سطح الأرض؟ لا شيء.
#مالك_بارودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟