أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولي - حلايب قبل .. أبو كرشولا















المزيد.....

حلايب قبل .. أبو كرشولا


كمال الجزولي

الحوار المتمدن-العدد: 4104 - 2013 / 5 / 26 - 00:08
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    



رغم الحزن والأسى المستحقَّين بأثر ضياع أرواح المدنيين، وتدمير المـمـتلكـات العامَّة والخاصَّة في مناطق كثيرة من جنوب كردفان، كـ "أبو كرشولا"، ومن شمالها، أيضاً، كـ "أم روابة" التي زحف إليها الاقتتال الأهلي، مؤخَّراً، مِمَّا أثار، بطبيعة الحال، قلق الدَّولة السُّودانيَّة، واستنفر قوَّاتها المسلحة، وأجهزتها الأمنيَّة، ومؤسَّساتها السِّياسيَّة والإعلاميَّة كافة، إلا أن الأجدر كان بالحزن والأسى، في رأينا، والأوجب، بكلِّ المعايير، للقلق والاستنفار، طوال العقدين الماضيين، هو الوضعيَّة القانونيَّة الشَّاذة التي ظلت تفرضها مصر (الشَّقيقة)، منذ عهد مبارك، على مثلث "حلايب ـ شلاتين ـ أبو رماد" الكائن على حدودنا الشَّماليَّة الشَّرقيَّة مع البحر الأحمر، تماماً كما الوضعيَّة القانونيَّة الشَّاذة الأخرى التي ظلت تفرضها، أيضاً، إثيوبيا (الشَّقيقة) على منطقة الفشقة الخصبة المتاخمة لحدودنا الشَّرقيَّة، بتمكين مزارعيها من اجتياحها، تحت حماية السِّلاح، والاستيلاء عليها، بالقوَّة، بعد طرد المزارعين السُّودانيين منها!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)
ما يلبث هذا الهوان أن يتَّسم بالمفارقة الصَّارخة حين نذكر أن أحد أهمِّ مبرِّرات انقلاب الإسلامويين، في الثلاثين من يونيو عام 1989م، هو الادِّعاء بأن احتلال قوَّات قرنق "السُّودانيَّة"، أوان ذاك، لبعض المواقع، "إنقاص للأرض من أطرافها"، استلافاً شكلانيَّاً فجٍّاً للغة القرآن الكريم! ولكي نكون أكثر وضوحاً فإن الأحداث في جنوب كردفان وشمالها، وفي شتَّى مناطق دارفور والنِّيل الأزرق وغيرهما، هي، في التَّقييم النِّهائي، وبصرف النَّظر عن أيِّ جدل آخر، قضيَّة "اجتماعيَّة"، كونها تمثِّل محض ملمح لصراع سياسي داخلي بين قوى مختلفة تنتمي إلى وطن واحد؛ أما الوضعيَّة التي فرضتها مصر على مثلث حلايب، وفرضتها إثيوبيا على منطقة الفشقة، فهي قضيَّة "وطنيَّة"، كونها تمثِّل احتلالاً أجنبيَّاً، على المكشوف، لجزء عزيز من الوطن، بالمخالفة للقوانين والأعراف الدَّوليَّة. وقد كان خليقاً بعبد الرحيم حسين، وزير الدفاع السوداني، أن يعزو عوامل إضعاف الجيش إلى هذه الوضعيَّة "الوطنيَّة" المُهينة، بأكثر من الوضعيَّة "الاجتماعيَّة" التي حمَّلها هذه العوامل في تقريره أمام مجلس الوزراء بالخميس 23 مايو 2013م.
وبما أن نموذج حلايب، بالأخص، هو موضوع مقالتنا هذه، فيلزمنا، ابتداءً، تقرير أن مصر مبارك ما كان لها أن تقدم على هذا الإذلال الجَّهير للوطنيَّة السُّودانيَّة إلا استغلالاً، بحُمرة عين وغلظة كبد، لعُزلة وتضعضع النِّظام الإسلاموي الحاكم في السُّودان، والذي أوهنته، بأكثر مِمَّا هو عليه من وهن، واقعة القبض عليه متلبِّساً، أواسط تسعينات القرن المنصرم، بمحاولة اغتيال الرَّئيس المصري السَّابق في حادثة أديس أبابا المعروفة، دَعْ تشقُّق جبهته الدَّاخليَّة بسبب شقاقه المتفاقم مع أقسام واسعة من شعوب بلادنا التي بات أكثرها يرفع السِّلاح في وجهه، تعبيراً عن اتفاقها، رغم اختلاف لغاتها وأديانها وثقافاتها وتكويناتها الإثنيَّة، على رفض مجمل مناهجه وسياساته.
ولا نملُّ، هنا، تكرار القول بأن المثلث السَّليب ظلَّ يتبع، تاريخيَّاً، وعلى الأقلِّ منذ الاستقلال عام 1956م، للسَّيادة السُّودانية. ومعلوم أن القاعدة الدَّوليَّة التي اتفق على إخضاع ترسيم حدود المستعمرات السَّابقة لها، أوان تصفية النِّظام الاستعماري القديم، عقب هزيمة النازيَّة والفاشيَّة في الحرب الثانية، ورفرفة رايات الدِّيموقراطيَّة على العالم، ونشوء الأمم المتَّحدة، هي الإقرار بالحدود التي كانت قائمة لحظة خروج المستعمر. ضف إلى ذلك أن سكان هذا المثلث، القاطنيه بصفة مستمرَّة لا ينازعهم فيه منازع، وعددهم زهاء الـ 200.000 نسمة، هم من قبائل البشاريين والعبابدة السُّودانيين. وإلى ذلك ظلَّ علم السُّودان، حتى أواسط تسعينات القرن المنصرم، يخفق فوقه، وظلت المعاملات فيه تجري بالعملة السُّودانيَّة، وظلت تحرسه قوَّة من الجَّيش السُّوداني، كما ظلَّ يمثِّل، تقليديَّاً، دائرة انتخابيَّة تبعث بنائبها إلى برلمانات السُّودان المتعاقبة. ولم يحدث، حتى انقلاب النُّخبة الإسلامويَّة عام 1989م، أن ادَّعت مصر حقوقاً عليه، إلا في فبراير 1958م، على أيَّام عبد النَّاصــر، حين دخـلته قوَّاته، فحشد عبد الله خليل، رئيس الوزراء ووزير الدِّفاع السُّوداني، آنذاك، قوَّاته بالمقابل، حتَّى إذا تكدَّرت علائق البلدين، واربدت سماواتها بغيوم العداوة، ولاحت في آفاقها نذر الحرب الشُّؤم، سارع عبد النَّاصر لسحب قوَّاته، فانقشع الكرب، وانزاحت الغمَّة، وانخمدت الفتنة في مهدها.
ومن نافلة القول أنه ما مِن سودانيٍّ واحد أبدى أيَّ اعـتراض على إجـراءات عبد الله خليل تلك، رغم وقوعها في زمن صراعات سياسيَّة شديدة الحدَّة!

(2)
بعد زهاء نصف القرن أعاد نظام مبارك تلك المحاولة الآثمة بنجاح، للأسف، فلم يعد ثمَّة سبيل لاستعادة المثلث سوى بأحد طرق ثلاثة: الدِّبلوماسيَّة، أو العسكريَّة، أو التَّحكيم. غير أن النِّظام الإسلاموي لم يجرؤ، بسبب عوامل ضعفه المشار إليها، على محاولة أيٍّ من الطرق المذكورة.
ظلَّ الحال على ما هو عليه، لسنوات طوال، حتى أسقط نظام مبارك بثورة شعبيَّة حلَّ محله، في عقابيلها، نظام ديموقراطي بوَّأ جماعة "الأخوان"، وممثِّلهم مرسي، سدَّة الحكم، مما أوحى، ظاهريَّاً، بإمكان توصل النِّظامين المتقاربين، أيديولوجياً وسياسياً، إلى شكل من الاتِّفاق السَّلس على إعادة المثلث إلى وضعيَّة ما قبل الاحتلال، وتحميل نظام مبارك، وحده، كامل المسئوليَّة، دعائيَّاً، عمَّا جرى منذ 1995م، وإحالة الأمر، برمَّته، لنهجه المذموم في الإساءة إلى "العلاقات الأزليَّة بين الشَّعبين الشَّقيقين"!
غير أن ما وقع، عمليَّاً، كان بخلاف ذلك تماماً! فمن جهة مصر واصلت القضيَّة بقاءها في عتمة المسكوت عنه؛ أما من جهة السُّودان فقد واصل النِّظام تضعضعه إزاءها، لا يجرؤ على الحديث عنها، إن تحدَّث، إلا همساً، ولا الإشارة إليها، إن أشار، إلا من تحت المائدة!
ثم جاءت زيارة الـ 48 ساعة التي قام بها مرسي إلى الخرطوم، في الرابع من أبريل المنصرم، لتفجِّر الأزمة، نفرة واحدة، بدءاً بتصريح موسى محمد احمد، مساعد رئيس الجُّمهورية السُّوداني، وزعيم (جبهة الشَّرق) المتحالفة في الحكم مع النُّخبة الإسلامويَّة بموجب (اتفاقيَّة أسمرا لسلام الشَّرق) عام 2006م، والذي صعد بالقضيَّة كلها إلى سطح المائدة، كاشفاً، في مؤتمر صحفي، عن أن الرَّئيس المصري وعد، أثناء الزِّيارة، بإعادة المثلث إلي السَّيادة السُّودانيَّة (الصَّحافة؛ 10 أبريل 2013م).
تجدر، هنا، ملاحظة وقوع ذلك التَّصريح في سياق تململ سياسي بات، منذ حين، يعتري (جبهة الشَّرق)، حيث سبق لموسى نفسه أن عبَّر عن احتجاجه على عجز الحكومة عن تقديم أكثر من مائة مليون دولار لصندوق إعمار الشَّرق كله (المصدر)، وهو ما وصفه موسى نفسه، لاحقاً، في تنويره لمجلس الولايات، بالتنصُّل عن تنفيذ الاتفاقيَّة، والتراخي إزاء احتياجات إنسان الشَّرق الذي ما زال يعاني من الجَّهل والمرض والتَّخلف (الرأي العام؛ 1 مايو 2013م).
بذات هذا الرُّوح الاحتجاجي كشف موسى عن "وعد مرسي" المار ذكره، وشدَّد على سودانيَّة حلايب، معتبراً "تسليم البلاد للأجيال القادمة بدون هذا المثلث وصمة عار في الجَّبين" (الصحافة؛ 10 أبريل 2013م). ثم ما لبثت صدقيَّة كشف موسى أن تعزَّزت بتصريح حسن هلال، وزير البيئة والغابات والتنمية السُّوداني، على هامش مشاركته في (مؤتمر التَّنوُّع البيولوجي والتَّنمية المستدامة) الذي نظمته (الأكاديميَّة البحريَّة بالإسكندريَّة)، والذي أكد فيه، أيضاً، على صدور ذلك "الوعد" من مرسي أثناء زيارته للخرطوم (سودان تريبيون؛ 17 أبريل 2013م).
وثمة ملاحظة مهمَّة أخرى لا بُدَّ، أيضاً، من التنويه بها هنا، وهي أن كلا موسى وهلال وافد إلى النظام، لكن من باب التحالف مع الإسلامويين، لا من بين صفوفهم!
وإذن، لئن أضحى معلوماً للقاصي والدَّاني، ومشاهداً بالعين المجرَّدة، خور النِّظام الإسلاموي السُّوداني إزاء احتلال مصر للمثلث منذ أيَّام مبارك، مِمَّا جعل مستبعداً إقدامه، الآن، على أية مبادأة لاسترداده، سواء بالدِّبلوماسيَّة، أو العسكريَّة، أو التَّحكيم؛ ولئن كانت علاقة التَّقارب الأيديولوجي والسِّياسي بين النِّظامين ترجِّح، مع ذلك، وجود تفاهمات بينهما لتخليص النِّظام المصري من ورطته في هذه القضيَّة، بمحاولة معالجتها، ولو من تحت المنضدة، حماية لحكومة مرسي إزاء جبهة داخليَّة أشبعها نظام مبارك شحناً عاطفيَّاً بـ "مصرويَّة" حلايب؛ لكل ذلك فإن الكشف عن "وعد مرسي" بواسطة عناصر سودانيَّة من خارج صفوف الإسلامويين خلط أوراق النِّظامين، وأربك حساباتهما، وفتح "صندوق بنادورا" ما كان أي منهما راغباً في فتحه بتلك الطريقة!

(3)
ما أن فجَّر الإعلام تصريحات موسى وهلال، حتى ووجه الرَّئيس مرسي بهجوم عاصف من جانب معارضيه، إلى حدِّ اتهامه بـ "الخيانة العظمى" (الوفد؛ 16 أبريل 2013م). وبإزاء ذلك سارعت مؤسَّسة الرِّئاسة للتَّراجع عن "وعده" ذاك، بنفي إثارة الموضوع، أصلاً، خلال الزيارة (وكالة الأنباء الكويتية؛ 7 أبريل 2013م). كما عجَّلت حكومة مرسي بإصدار إعلان متهافت عن بناء مساكن مجَّانيَّة، ومنح أراض بأسعار رمزيَّة لأهالي حلايب وشلاتين، وتوفير الرِّعاية الصِّحِّيَّة وخدمات المياه والكهرباء لهم بلا مقابل‏ (الأهرام؛ 10 أبريل 2013م). ثم سرعان ما تناقلت الصَّحافة المصريَّة نبأ زيارة 48 ساعة أخرى قام بها، ولما ينقضي شهر، بعد، على زيارة مرسي، وفد عسكري مصري رفيع، برئاسة الفريق صدقي صبحي، رئيس هيئة أركان القوَّات المسلحة، حاملاً رسالة مباشرة من وزير الدِّفاع السِّيسي إلى نظيره السُّوداني، فلكأن الجَّيش يستدرك على "وعد مرسي"! وفي ختام الزِّيارة صرَّح أحد أعضاء الوفد بأن الفريق صدقي قال للمسئولين السُّودانيين بلهجة حاسمة: "إن عليهم أن يعلموا أن حلايب أرض مصريَّة خالصة! وإنها خط أحمر! وإن مصر لن تتنازل، مطلقاً، عنها! وإن هذا الأمر منتهٍ تماماً، فيجب عدم التَّطرُّق إليه في المستقبل حفاظاً على العلاقات التَّاريخيَّة بين البلدين الشَّقيقين!" (الوطن؛ 1 مايو 2013م).
ويقيناً لو كان الوضع معكوساً، وكان المخاطب "بفتح الطاء" مسئولاً مصريَّاً، لاستشاط غضباً، وللعن سنسفيل "الإخاء" و"العلاقات التَّاريخيَّة" إن كان ثمنهما مثل هذه الإهانة الفظة! لكن، للأسف، لم يصدر عن الجَّانب السُّوداني ما ينفي أو يردُّ على ذلك الإذلال بما يستحق، بل، وربَّما من باب الإمعان في الإهانة، لفت عضو الوفد المصري، في نهاية تصريحه، إلى أن وزير الدِّفاع السُّوداني "ناقش مع الفريق صدقى إمكانيَّة الاستفادة من الخبرات المصريَّة في مجالات التَّدريب والتَّسليح!" (المصدر).
من جهة أخرى زاد طين الإذلال بلة تهافت رموز النِّظام السُّوداني ما بين "التَّشكيك!" في صدقيَّة تصريحات "زميليهما!" موسى وهلال، وبين التَّقليل من أهميَّتها، حيث صرح، مثلاً، وزير الخارجيَّة، علي كرتي، بأن التَّصريحات بشأن حلايب لا تخدم "المصالح المشتركة" للبلدين (شبكة الشُّروق، 22 أبريل 2013م). وأكد عبد الرَّحمن إبراهيم، الملحق الإعلامي بالقاهرة، أن حلايب لن تكون منطقة صدام مع مصر (!) وأن مرسي لم يعط أمراً قاطعاً بإعادة الوضع إلى ما قبل 1995م، متَّهماً بعض الأطراف المصريَّة بمحاولة تقزيم النتائج "الإيجابيَّة!" لزيارة مرسي بإثارة تنازله عن حلايب وشلاتين (الرأي العام؛ 18 أبريل 2013م). كما أكد وليد السيد، رئيس مكتب حزب "المؤتمر الوطني" السوداني بالقاهرة، أن مرسي "لم يَعِد بعودة حلايب وشلاتين إلى السُّودان"، ومع ذلك شدَّد وليد على "متانة!" العلاقات بين البلدين (موقع التِّلفزيون المصري الأوربي على الشَّبكة؛ 15 أبريل 2013م). بل إن الفريق أوَّل ركن آدم موسى، رئيس مجلس الولايات، ذهب إلى أبعد من ذلك كله بأن وصف القضيَّة برمَّتها بأنها "مجرَّد فرقعة إعلاميَّة!" (مجلة أكتوبر المصريَّة؛ 21 أبريل 2013م).
ضف إلى ذلك شكلاً آخر من تجرُّع المهانة يتمثَّل في ممارسة "الهروب إلى الأمام" من جانب الكثيرين في النِّظام السوداني إزاء واقعة احتلال المثلث، وذلك بحديثهم الماسخ عن ضرورة اعتباره "منطقة تكامل تنموي" لمصلحة البلدين (!)، الأمر الذي لخصه رئيس مكتب حزب "المؤتمر الوطني" السُّوداني بالقاهرة، بقوله، ضمن تصريحه آنف الذكر: "لا يجب أن نحرك الحديث عن هذا الأمر في إطار خلافي، لأننا وطن واحد، وما لدي السودان ملك لمصر، والعكس أيضاً!" (المصدر).
ومع أنه يكاد لا يوجد في مصر كلها فصيل سياسي واحد، يميناً أو يساراً، ينادي بإعادة المثلث إلى أهله، بما في ذلك، للمفارقة، حزب مرسي نفسه، فإن "أفضل" المعارضين الوطنيين الديموقراطيين قد تلقف حُجَّة "التكامل" الواهية هذه يتقي بها حرج القبول بمنطق الاحتلال، رغم أنها تضعه، على نحو ما، فوق سرج واحد مع الإسلامويين السُّودانيين، وهو النافر من شبهة التَّطابق مع الإسلامويين المصريين!
مهما يكن من أمر فإن أبلغ تعقيب على هذا التَّنطع بمنطق "التَّكامل" ورد ضمن تأكيدات موسى محمد احمد المستقيمة، والصَّائبة تماماً، بأن "حلايب سودانيَّة، وستظل سودانيَّة، والحديث عنها يأتي من باب الحرص على السَّيادة الوطنيَّة، أما "التَّكامل" فلا يمكن تحقيقه تحت الاحتلال" (الصَّحافة؛ 10 أبريل 2013م).

(4)
شهدت الأيَّام الماضية استنفاراً حكوميَّاً ساخناً لاستعادة منطقة أبو كرشولا من أيدي قوَّات الجَّبهة الثَّوريَّة السُّودانيَّة. وفي خطابه بمناسبة تخريج فوج من الدُّعاة أعلن رئيس الجُّمهوريَّة أن الجَّيش اقترب من تحقيق ذلك كثيراً (صحف؛ 14 مايو 2013م)؛ كما أعلن والي الخرطوم عن تدافع "المجاهدين" بالمئات إلى مقرِّ منسقيَّة الدِّفاع الشَّعبي، طالبين الذِّهاب لتحرير أبو كرشولا (الخليج؛ 16 مايو 2013م). وبالحق تمنيت أنْ لو شهدت البلاد، قبل ذلك، استنفاراً وطنيَّاً آخر، لا يقل سخونة، لـ "تحرير حلايب"، بالدِّبلوماسيَّة الجَّادَّة، أو بالتَّحكيم العادل، مع كامل تأييدنا لمحمَّد حسنين هيكل في تمنِّياته بألا تبلغ الأزمة حدَّ اللجوء لاستخدام السِّلاح (المصري اليوم؛ 12 أبريل 2013م).



#كمال_الجزولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دارفور .. والعسل القطري
- المُعْضِلَةُ اللُغَويَّةُ فِي النِّزاعَاتِ السُّودانيَّة
- السُّودَان: عُلَمَاءُ التَّكْفِير!
- في جدل الحمار والبردعة: ما تراه أهاج نظام السودان على معارضي ...
- السُّودانَانِ: مُفاوَضَاتُ قِلَّةِ الحِيلَة!
- ما قتل طلاب دارفور: ترعة الجزيرة أم أزمة الحكم؟!
- ديموقراطية مؤتمر الحركة .. الانقلابية!
- هباء حقوق الإنسان المنثور
- النِّظامُ العامُّ: حَياةٌ على مَقاسِ السُّلطة!
- العَدالةُ الانتِقاليَّة: مَدخَلُ المُستَقبَل السَّالِكُ!
- الكونفدرالية هي الحل
- الفورة ألف
- وهل يحتاج الصادق المهدي إلى تذكير؟!
- السودانان: مرحباً باتفاق النفط .. ولكن!
- المُعَارَضَةُ السُّودانيَّةُ: سَوَالِبُ الإِعْلانِ الدُّسْتُ ...
- .. وَرَحَلَ نُقُد
- جَنُوبيُّو السُّودَانِ الشَّمَالي:التَّشريعُ في مَنَاخِ ا ...
- قانونُ الصَّحَافَة: شَرْعِيَّةُ السُّلْطَةِ أَمْ بَلْطَجَتُه ...
- مُكَاءُ التُّرَابِي وتَصْدِيَتُهُ!
- سُمْعَةُ الجِّهَاز!


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولي - حلايب قبل .. أبو كرشولا