أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة الزهراء طوبال - ثورة الزنج من منظور الكتابات التاريخية















المزيد.....

ثورة الزنج من منظور الكتابات التاريخية


فاطمة الزهراء طوبال

الحوار المتمدن-العدد: 4101 - 2013 / 5 / 23 - 03:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يتناول موضوع هذا البحث أهم الثورات التي قامت في العصر العباسي و التي عني بدراستها الباحثون عناية فائقة حيث صارت شغل شاغل الدارسين الذين ألفوا في شأنها مؤلفات عديدة تناولوا فيها أهم الأحداث التاريخية و السياسية لها و في حقيقة الأمر اقتصرت تلك الدراسات على الجانب السياسي ليكون موضوعا شاملا يفتقد لكثير من التعمق و التغطية في أسبابها الموضوعية بصفة خاصة.
و مهما كان الاهتمام كبيرا في تناول هذا الموضوع فإن الباحث يلاحظ بعض النقائص في بعض من جوانبه الشكلية و محتواه العلمي و لهذا فكرت في الخروج بمحاولة جادة جمعت فيها ببعض الدراسات التي تتوفر بكثرة في ولايتنا وهران لدرجة حرت فيها أيها أنتقي، إذ أن الكثير منها تناولت أحداث العصر العباسي الاول و المتأخر من خلال الشكل كما سبق و أن ذكرت إلا ماورد في بعض الدراسات الحديثة مثل كتاب" المهمشون في التاريخ الإسلامي " لمؤلفه محمود إسماعيل و كتاب " الصراع الإجتماعي في الدولة العباسية " لمؤلفه محمد نجيب أبو طالب، حيث نلمح من خلال دراستهما لأحداث الثورات تبيانا للنهج العملي الذي تسير عليه الدولة إلا أنني لا يمكن أن أغض الطرف عن بعض الأبحاث التي صدرت عن مركز دراسات الوحدة العربية و دار الطليعة للطباعة و النشر من خلال دراسات عبد العزيز الدوري حيث كان من المؤلفين الذين ساهموا بمواضيعهم العلمية و الذين قدموا محاولات جادة في دراستها دراسة نقدية تحليلية .
هذا، ومن بين العناصر الاجنبية التي وردت في الدراسات الحديثة و التي وفدت إلى بلاد المسلمين و استقرت في مناطق مختلفة ثورة "الزنج" ولا شك أن دراسة مثل هذه الثورات شائك و معقد وذلك لبعثرة المادة العلمية في بطون الكتب المختلفة.
و الملاحظ أن الاهتمام بدراسة هذه الموضوعات، ظل متداولا بين المختصين و الباحثين حيث لا يمكننا إغفال المقالات التي نشرت في مجلات علمية مثل تلك المعنونة " بثورتان " طه حسين إذ نشرت في مجلة "ألوان" فأصدر فيها دراسة جادة موضحا فيها أهم أوجه أسباب تلك الإضطرابات و التي كثيرا ما كانت تعيق مسار الدولة العباسية نحو الإزدهار، و لإثراء البحث بوجهات نظر مختلفة كان لابد لي أيضا من الاستعانة بأمهات كتب المؤرخين أمثال إبن الأثير و الطبري و اليعقوبي و غيرهم حيث نجد أن هناك إشارات إلى مثل هذا الموضوع ولكن تلك المعلومات لاتكفي لرسم صورة متكاملة عن تاريخ استيطان العناصر الثائرة في الأراضي الإسلامية و نشاطهم و تحركاتهم فيها.

الإشكالية
تختلف وجهات النظر التي تحاول شرح و تفسير التاريخ الإسلامي بكل تعقيداته و زخمه بالأحداث و الثورات و القلاقل، حسب الخلفيات الإيديولوجية التي يتبناها المحللون و الأدوات التحليلية التي يستخدمونها.
ففي العصر الحديث ظهرت توجهات واضحة من قبل المؤرخين المعروفين بالقوميين لتفسير التاريخ الإسلامي على أنه تاريخ عربي محض، في ذات الحين نرى أيضا مؤرخين شيوعيين يميلون لرؤية التجاذبات السياسية و العسكرية في مجمل التاريخ الإسلامي بوجهة نظر ماركسية تغلب العوامل الإقتصادية و الصراع الطبقي فوق كل إعتبار آخر، أما المؤرخون العلمانيون فكانوا يحاولون جهدهم لمنه إدخال العامل الديني ضمن تفسير الأحداث وكانت جهودهم تتركز على إعادة استكشاف مايدعى بالتاريخ الجاهلي باعتبار أن بذور النهضة العربية بدات في ذلك العصر و ما الإسلام إلا بذرة التطور في فكر العرب.
بين كل ذلك الإختلاف على تفسير الأحداث بقي المؤرخون ذوو التوجه الإسلامي يناضلون لإثبات تفرد الإسلام كدين أحدث ثورة إجتماعية و حضارية منحت العرب دولتهم و حضارتهم وهذه حقيقة لاجدال فيها و يؤكدون على تسامح الإسلام ووصول العديد من الأعراق الإسلامية الأخرى إلى سدة الحكم بيد أنهم يقدمون بذلك توصيفا للأحداث بدون تفسيرها.
إذن على أي أساس تم تفسير وقوع هذه الثورات من قبل المؤرخين القدامى؟ وما هي القراءات الجديدة التي قدمها المؤرخون المستحدثون حول هذه الحركات؟
وما هي أسباب الصراعات و التوترات التي شهدتها الدولة العباسية باستمرارية لا متناهية ؟وكيف أمكنها تخطيها ؟

1/ حركة الزنج من منظورالمصادرالتاريخية القديمة
الملاحظ في تصفحنا لبعض المصادر التاريخية القديمة أن حركة الزنج من الثورات المسكوت عنها في التاريخ وذلك تحقيرا لشأنها إلا أنه قد وردت إلينا شذرات متفرقة من هنا و هناك تطلق عليها أوصاف متنوعة بحيث وصفها الطبري بأنها حركة تمرد و عصيان في عهد الخلافة العباسية و نفس الشيء يورده المسعودي ومن المعروف أن دراسات الطبري و المسعودي تعدان من المصادر الرئيسية التي رصدت أخبار ماحدث في تلك الفترة على غرار المصادر الأخرى، بحكم الإهتمام الفائق بإيراد التفاصيل شبه اليومية مع الإشارة إلى أن الطبري كان بمثابة الناطق الرسمي للخلفاء و المدون لسير المعارك التي طحنت جنوب العراق على امتداد السنوات الأربع عشرة لثورة الزنج(869-883م) إذ أورد في كتاباته أنهم كانوا يقومون بأعمال اللصوصية ويشاركون الموالي في التذمر من سوء الوضع المعيشي إذ يصف الطبري أهم المناطق التي كان لهؤلاء تسربا فيها إذ يقول:"ظهر في فرات البصرة رجل زعم أنه علي بن محمد.......وجمع إليه الزنج الذين كانوا يكسحون السباخ ثم عبر دجلة ونزل الديناري"(01)
إذ نجد من خلال ماورد في كتابات الطبري حول هذه الثورة أنه اتبع المنهج الكلاسيكي بوصفه للأحداث دون أن يحللها و يبدي نظرته الخاصة حولها فهو بذلك يقدم لنا مادة خام دون محاكمتها أو إستخلاص الحقائق التاريخية منها.

إذ يورد الطبري كذلك في خطورة تلون صاحب الزنج بأسماء مختلفة أنه" عند مسيره إلى البادية أوهم أهلها أنه يحي بن عمر أبا الحسين المقتول بناحية الكوفة، فانخدع بذلك قوم منهم حتى اجتمع بها منهم جماعة كثيرة فزحف بهم إلى موضع البحرين يقال له الردم.......فنفرت منه العرب وكرهته و تجنبت صحبته فلما تفرقت عنه العرب ...كان قدومه البصرة سنة أربع وخمسين مائتين "(02)
فالطبري بهذا الوصف الدقيق يقدم لنا صورة عن مسار الثورة دون أن يفسر العوامل التي أدت إلى قيامها.
و بالتالي فإن عناصر الزنج وفدت إلى البلاد العربية و استقرت فيها و إن كان وفودها قد اتخذ أشكالا متعددة إما كأسرى أو عبيد أو مزارعين يعملون في استصلاح الأرض في جنوب العراق إلا أنه كان لهذه العناصر نشاطها و تحركاتها الملموسة داخل العالم الإسلامي و ذلك على هيئة حركات تمرد و ثورات أزعجت السلطات الحاكمة نظرا لما كانت تشكله من مخاطر على الناس إذ يورد الجوزي قائلا في صاحب الزنج" فأتى بغداد فأقام بها فاستمال جماعة فلما عزل محمد بن رجاء عن البصرة وثب رؤوس الفتنة من البلالية و السعدية ففتحوا الحبوس و أطلقوا من كان فيها فبلغه ذلك ..."(03)
إن الفتن التي كان يثيرها هؤلاء هي التي دفعت بالسلطة الحاكمة للقضاء عليهم و إبعادهم عن
قلب العالم الإسلامي .
ولا تختلف كتابات ابن الأثير عن ما وصفه الطبري حول هذه العناصر إذ نجده يصف أعمالها الفظيعة التي ارتكبتها في أرجاء العراق إذ عن غدر صاحب الزنج بأهل البصرة يقول ابن الأثير" وأقبل يحي بن محمد فيمن معه نحو الجسر فدخل علي بن أبان وقت صلاة الجمعة لثلاث عشرة بقيت من شوال فأقام يقتل و يحرق يوم الجمعة و ليلة السبت وغادر يحي البصرة...ثم رجع و لقيه ابراهيم بن يحي المهلبي فنادى من أراد الامان فليحضر دار ابراهيم فحضر أهل البصرة قاطبة حتى ملأوا الرحاب فلما رأى اجتماعهم انتهز الفرصة لئلا يتفرقوا فغدر بهم وأمر أصحابه بقتلهم فكان السيف يعمل فيهم و أصواتهم مرتفعة بالشهادة"(04)
إذن ماتجدر الّإشارة إليه هنا هو أن ابن الأثير هو الآخر قدم وصفا سرديا للأحداث دون إخضاعها لمنهج التحليل أو التطرق إلى أبعادها المختلفة فحسب مايبدوا هو أن قبائل الزنج هجرت ديارها نتيجة الفقر و الفاقة فتنقلت في أرجاء المعمورة الإسلامية إلى أن استقرت بجنوب العراق نازحة من بطش الحكومة التي كانت تعتبرهم في عداد المنبوذين وكانت تحرم عليهم امتطاء الدواب و تمنعهم من ارتداء الملابس الراقية كما أنهم كانوا لايمارسون إلا أحط المهن ولعل ذلك يفسر أسباب نشوب ثورات العديد منهم بدافع الإنتقام لما نالهم من الحكماء المتسلطين.
2/ حركة الزنج من منظورالدراسات التاريخية الحديثة
إختلفت الرؤى و تفرقت في اشتغالها على دراسة هذه الحركة بين مؤيد لها و منبوذ للفظائع التي ارتكبتها و إننا نجد الكثير من الدراسات الحديثة التي أفردت لها عناوين مختلفة و مؤلفات عديدة حيث أعطى طه حسين(05) لثورة الزنج أهمية بالغة طالبا من الباحثين أن يستلهموا معانيها مثلما فعل الأوروبيون أثناء كتاباتهم عن ثورة سبارتاكوس(06) إذ يقول في صاحب الزنج" إن قائدهم علي بن محمد كان رجلا ذكي القلب بعيد الأمل دقيق الحس ضابطا لأمره مالكا لإرادته"(07).
هذا، ونجد أن محمد نجيب أبو طالب(08) يطلق عليها اسم الحركة و يعتبر بأنها لاتختلف من حيث صيغها العامة عن حركة القرامطة إذ يرى أن حركة الزنج شكلت خطرا على الدولة و المجتمع باعتبارهم قد سيطروا على رقعة كبيرة من الأرض تمتد من الأهواز وواسط مضيفا أنهم قد ألحقوا الضرر الإقتصادي بتلك الرقعة إذ بسبب ثورتهم حسب أبوطالب تعطلت الزراعة في الأراضي المروية .
هذا، وهناك دراسة أخرى للباحث فاروق عمر يصف من خلالها حركة العناصر الزنجية العشوائية إذ يقول بأنهم نهبوا المحاصيل و عاثوا فسادا في أماكن عديدة محيطة بالبصرة في عهد مصعب بن الزبير
مضيفا أنهم أعادوا الكرة في عهد الحجاج بن يوسف الثقفي و يشير كذلك أنه في عهد الخليفة العباسي المنصور لم تترك لهم السلطة مجالا للإنتشار نظرا لقوتها إذ يتجاهل هذا الباحث أبعاد هذه الثورة و يقول أنها لم تترك أي أثر في المجتمع الإسلامي معتبرا بأن مؤيدوها و صاحبها كان دافعهم هو الحصول على المغانم عن طريق السلب و النهب و التخلص من العمل الشاق أو من ضنك العيش(09)
هذا، وقد نشر فيصل السامر شيوعي عراقي دراسته حول صاحب الزنج إذ يقول فيها أنه شخصية معقدة و محيرة الأمر الذي يجعل الباحث يقع في صعوبات لمعرفة نسبه إذ يقول"إن صاحب الزنج قد غير نسبه تبعا للظروف، فادعى الإنتماء إلى عيسى بن زيد مرة،وإلى يحي بن زيد مرة أخرى،وإلى العباس بن علي بن أبي طالب مرة ثالثة"(10)
وللإشارة تعود أحداث هذه الثورة إلى خلافة المهتدي بالله العباسي و تحديدا إلى عام255هــ، حيث اشتعلت في جنوب العراق الذي كان مشحونا بالرقيق و العمال الفقراء الذين يعملون في مجاري المياه و مصابها و يقومون بكسح السباخ و الأملاح و ذلك لتنقية الأرض و تطهيرها كي تصبح صالحة للزراعة وكانوا ينهضون بعملهم الشاق في ظروف عمل قاسية و غير إنسانية تحت إشراف وكلاء غلاظ قساة عديمي الرحمة و لحساب ملاك الأرض من إشراف العرب ودهاقنة الفرس الوافدين كليهما على العراق حيث أنهم كانوا مجلوبين من إفريقيا السوداء زنزجا و أحباشا إضافة إلى فقراء العرب العراقيين و الذين كانوا يطلق عليهم آنذاك باسم الفراتيين.

هذا، وفي سنة1961 نشر اللبناني اليساري أحمد علبي دراسة عن صاحب الزنج كذلك و سلط الأضواء على العوامل السياسية و الإجتماعية و خصوصا الإقتصادية منها و التي كانت وراء اندلاع الثورة ذات المنحى الطبقي كما عالج الظروف العامة و الذاتية التي اعانت الزنج على الصمود طويلا أمام جيوش
الخلافة العباسية فلايخفى علينا بان الثورة استمرت حوالي خمس عشرة سنة (255-270هـ/869-883م)
إذ كانت موجهة إلى قلب مركز السلطة فمنطقة البصرة حيث دارت الأحداث الجسام ليست بمنأى عن بغداد فهي ليست ولاية بعيدة من ولايات الإمبراطورية المترامية الأطراف لكن الثورة حسب هذا الباحث أخفقت لأسباب موضوعية ثم إن الزمن لم يكن معوانا لها ولا لمثيلاتها في التوطد و الإستمرار كشكل من أشكال السلطة الشعبية إذ يقول" أما الدافع الذي حملنا على انتقاء ثورة الزنج بالذات، فهو أن هذه الثورة تلقي نورا كاشفا على طبيعة العلاقات الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية خلال القرن الثالث الهجري في الدولة العباسية بالإضافة إلى أنها حلقة لاهبة من الثورات التي اجتاحت بلدان الخلافة في كل قطر من أقطارها، بحيث أن دراستها بعث لتراثنا الثوري، وإحياء فكري لنضال العبيد الزنج في سبيل الخبز و الحرية"و يتساءل علبي"هل يعتقد القارئ أن الثورة انتهت إلى اللاشيء؟ إن كل ثورة مهما أصابت من النجاح الضئيل أو الفشل الذريع، هي وقود لثورة قادمة ومعركة تحريرية تالية...فالثورة المخفقة تنجح في تبيان أخطاءها و تقود إلى ثورة امضى" (11)إذ يفسر علبي بأن ثورة الزنج كانت مهمازا لثورة القرامطة و غيرها من الثورات التي شملت العالم الإسلامي في القرن الرابع الهجري.
ولقد بينت الدراسات الحديثة الأسباب الموضوعية (12)التيى جعلت ثورة الزنج تفشل ومن ذلك الجرائم الوحشية التي ارتكبوها من اغتصاب و استرقاق النساء الكريمات و سلب و نهب وقتل مئات الآلاف و الإعتداء على الأطفال و الشيوخ و تدمير المدن.
هذا، وقد أصدر عبد العزيز الدوري دراساته حول مجمل الثورات التي حدثت مع بداية و نهاية العصر العباسي و لا يُعد اهتمامه بالحركات الاجتماعية شيئاً جديداً، من حيث استخدامه المصادر القديمة منهجاً للبحث، وهو ما يشترك فيه معظم الباحثين ، إلا أن أبحاث الدوري تتميز بأنها الأكثر وعياً ونضجاً في استخدام المنهج المادي والتعامل مع النص، وهو ما تفتقر إليه مثيلاتها من الأبحاث التاريخية الأخرى حيث أنه في تعامله مع النصوص لا يتهم مثل مؤرخو السلطة لهذه الحركات بالفساد الأخلاقي، حيث أنه أدرك مدى الربط المتعمد والمدروس الذي تقوم به هذه النصوص بين الخروج على الحاكم والخروج عن الدين.
إذ في كتابه العصر العباسي الأول نجد أن الدوري يدرس العلاقة بين التطورات الاجتماعية ونشوء الفرق الدينية في التاريخ الإسلامي، لذلك اتسمت كتاباته بالدقة والعمق، مما يدعو إلى فهم الأوضاع القائمة وفي تقدير بعض الاتجاهات والتطورات المقبلة واستطاع الدوري في أن يقدم صورة جديدة للتاريخ العربي الإسلامي عن طريق توضيح رؤيته للعوامل المختلفة التي أسهمت في تطور التاريخ الإسلامي والذي يحددها بعدة عوامل(13)
ففي هذا الكتاب يشير الدوري إلى الثورات المنظمة التي امتلكت فكراً عقائدياً وبرنامجاً بديلاً للوضع القائم، وأخيراً التنظيمات العشوائية التي رغم صدامها مع السلطة لم تكن تمتلك أي برنامج أو أهداف تسعى لتحقيقها،ولم تفتقد دراسات الدوري إلى ذكر الثورات الأخرى
للمهمشين في التاريخ و أبرزها ثورة الزنج التي كانت أوسع تأثيراً على السلطة العباسية خاصة أثناء انتقال المجتمع إلى الطور التجاري الذي ظهرت فيه طبقة من رؤوس الأموال و التي أخذت تقتني الأراضي مما أدى إلى زيادة الملكيات الكبيرة في الأرض و إلى إستخدام العبيد في مزارعهم و على رأسهم الزنج الذين كانوا يشغلونهم على هيئة جماعة كبيرة فكانت ثورتهم حسب عبد العزيز الدوري طبقية لأنهم كانوا يستغلون بشكل يخالف مبادىء الإسلام حيث أن فشل هذه الثورة يعود إلى الفظائع التي ارتكبوها و المنكرات إضافة إلى خلوها من برنامج اجتماعي شامل.
الهوامش
(01)- الطبري- تاريخ الأمم و الملوك-ط4-ج09-ص410
(02)- المصدر السابق-ج09-ص411-412
(03)- ابن الجوزي- المنتظم في أخبار الملوك و الأمم- ط1- ج12- ص88
(04)- ابن الأثير – الكامل في التاريخ- ج07- ص 245
(05)- طه حسين- ثورتان- مجلة ألوان- ص164
(06)- سبارتاكوس هو العبد الذي خاض الثورة ضد الرومان التي سميت ثورة العبيد الثالثة في عام 71ق.م حيث أسر و بيع لأحد الرومان الذي كانت لديه مدرسة لتدريب العبيد لاستخدامهم كمبارزين و مصارعين في حلبات خاصة تقام لاجل المتعة إذ ثار هو و العبيد الذين كانوا معه و ألحقوا الهزائم العديدة بالجيش الروماني
(07) المرجع نفسه- ص187
(08)- محمد نجيب أبو طالب- الصراع الإجتماعي في الدولة العباسية-ص210
(09)- فاروق عمر-التاريخ الإسلامي وفكر القرن العشرين-مؤسسة المطبوعات العربية-ص287
(10)- أنظر فيصل سامر- ثورة الزنج-ص38
(11)- أحمد علبي- ثورة الزنج و قائدها علي بن محمد-ص170
(12)- عد إلى محمود إسماعيل – المهمشون في التاريخ الإسلامي-ص117
(13)- عبد العزيز الدوري-العصر العباسي الأول-ص189

الخــــــــاتمــــــة
لقد انطلقت حركة الزنج من واقع الألم و الإضطهاد الإجتماعي و الإقتصادي بين مستنقعات البصرة و سهولها و كانت بدايتها ناجحة انسجمت فيها أهدافها مع أفعالها لكن النزعة الفوضوية التي طبعتها و هي في قمة مواجهتها أدت إلى تقلص أبعادها الإجتماعية و قد زاد من تلك النزعة افتقارها إلى برنامج ثوري يصوغ تطلعات و أهداف القائمين بها و يوضح العلاقة بين القيادة و الأتباع كما يلاحظ أن مناصروها استهدفوا الإنتقام لا الإصلاح و الإنقلاب الإجتماعي لا التقويم إذ أن قائدها لم يستطع أن يحرر ذاته من مسألة فكرة الزعامة القرشية بالإضافة إلى أن أطرها الثورية كانت محلية ومحدودة ولم تكن لها تطلعات شاملة الأمر الذي سهل على السلطة العباسية القضاء عليها ورغم أن نهايتها كانت محتومة لكن قاعدتها الثورية استطاعت أن تكون إحدى الدعائم الأساسية التي دفعت الحركة القرمطية إلى الظهور فيما بعد.

قائمة المصادر و المراجع
أ/ المصادر
1- ابن الأثير – الكامل في التاريخ- الجزء 07- دار الصادر- بيروت- بدون
2- ابن الجوزي- المنتظم في أخبار الملوك و الأمم- الجزء 12- الطبعة الأولى -دار الكتب العلمية- بيروت- 1992
3- الطبري- تاريخ الأمم و الملوك – تحقيق أبو الفضل إبراهيم – الجزء09- الطبعة 04 – دار المعارف- القاهرة- بدون
ب/ المراجع
4- أحمد علبي- المهمشون في التاريخ الإسلامي- دار رؤية للتوزيع- بدون- 2004
5- عبد العزيز الدوري-العصر العباسي الأول-الطبعة الأولى-دار الطليعة للطباعة و النشر- منشورات دار المعلمين العالمية- بغداد1945
6- فاروق عمر- التاريخ الإسلامي و فكر القرن العشرين- مؤسسة المطبوعات العربية- لبنان-بدون
7- فيصل سامر- ثورة الزنج – بدون- بغداد-1954
8- محمد نجيب أبو طالب – الصراع الإجتماعي في الدولة العباسية – بدون-دار المعارف-بدون
9- محمود إسماعيل- المهمشون في التاريخ الإسلامي- دار رؤية للتوزيع-بدون-2004

بقلم فاطمة الزهراء طوبال
وهران-2013



#فاطمة_الزهراء_طوبال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تاريخ التنمية في الجزائر من منظور قانون الشراكة الأورومتوسطي ...
- التوق المستحيل...
- البحث من خلف سراب.....
- في قبو الاغتراب
- مجدك أماه
- الطبيعة الرومنسية
- عن العلا و العربية
- تراث ووطنية
- قوانين نقل الملكية الزراعية ومصادرة الأراضي الجزائرية من قبل ...
- كيف ظهر الخوارج؟
- إبتهالات ربانية
- مآثر البربر الحضارية في الأندلس
- بعدما تحملت النفوس الكبيرة الآلام الكبيرة................... ...
- كفاح من طرف واحد
- عندما تتحول المهزلة الكروية إلى نصر تاريخي
- من ذا الذي يريد ان يسكت صوت القرآن بحجة حرية الآخرين؟
- إشكالية البنوك الربوية
- النظام الدبلوماسي و الصراع العربي العربي الإسرائيلي
- حتى نغير ما في أنفسنا
- تحقيق صحفي


المزيد.....




- 82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...
- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...
- إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة الزهراء طوبال - ثورة الزنج من منظور الكتابات التاريخية