|
صورة العربي في الأدب العبري
محمد أيوب
الحوار المتمدن-العدد: 1177 - 2005 / 4 / 24 - 10:29
المحور:
الادب والفن
تمهيد: لا يكاد يذكر اليهودي إلا ويذكرفي مقابله الفلسطيني والعربي ، فهما قطبا مغناطيس لا يلتقيان ولا يفترقان وهما مجبران على العيش معاً، منذ حاول الغرب حل المشكلة اليهودية على حساب الشعب الفلسطيني بحجة أن فلسطين وطن بلا شعب ، و اليهود شعب بلا وطن و قد جاء وعد بلفور سنة 1917 تتويجاً لجهود متواصلة بذلها بالأصل أشخاص من غير اليهود ، و إن كانوا من المعدودين على الفكر الصهيوني ، فقد قرر اللورد بالمرستون (1784ــ 1865) ، الذي شغل منصب وزير خارجية بريطانيا ، قرر أن يستخدم اليهود مخلب قط ضد العرب،(1) وفي عام 1880 " نشر أوليفانت وبمبادرة من جانبه كتاباً نادى فيه بالاستيطان اليهودي و إن كان قد استخدم مصطلحاً دينياً أكثر منه سياسياً ، و في عام 1882 استقر أوليفانت في فلسطين ومعه سكرتيره اليهودي نافتالي هير زامبير، مؤلف نشيد هاتكفا(الأمل) الذي أصبح النشيد الوطني الصهيوني( ثم الاسرائيلي فيما بعد) ومن الطريف أن هذا الصهيوني غير اليهودي، قضى بقية حياته في فلسطين مستوطناً، يروج لفكرة الاستيطان اليهودي في حين هاجر مؤلف النشيد الوطني الصهيوني إلى الولايات المتحدة لأنه لم يطق الحياة في أرض الميعاد"(2) وقد خصص ساسة الغرب الكثير من الوقت و الجهد لخدمة الصهيونية، ومع ذلك بقي الأديب الغربي ممثلاً صريحاً لوجهة النظر غير الرسمية ، فقد رصدت الرواية الغربية الشخصية الصهيونية بشكل دقيق (3) و قد تنازع اليهود اتجاهان : الاتجاه الأول : الاندماج في المجتمعات التي يعيشون فيها بحيث يصبحون مواطنين عاديين لهم ما لبقية المواطنين من حقوق ، و عليهم ما على الآخرين من واجبات ، و قد طرحت الثورة الفرنسية على اليهود أن يصبحوا مواطنين من الدرجة الأولى،(4) كما دخل اليهود الخدمة المدنية و القضائية ، فكانو يشكلون 58% من مجموع الموظفين و القضاة كما انتخب كثير من اليهود في المجالس النيابية و البلدية ، و منحتهم االحكومة النمساوية حقوقهم السياسية الكاملة سنـ1849ـة "(5) وقد قاد هذا الاتجاه الارستقراطيون الذين كان الاندماج لا يؤثر عليهم اقتصادياً، لأن خبراتهم كانت من النوع المطلوب لأن معظمهم من الأطباء والمهندسين و المحامين.(6) و" يعد موسى مندلسون (1829ــ1786) الفيلسوف اليهودي الألماني، فيلسوف التنوير اليهودي بالدرجة الأولى، فقد حاول أن يحطم "الجيتو" العقلي الداخلي الذي أنشأه اليهود داخل أنفسهم لموازنة الجيتو الخارجي الذي كانوا يعيشون فيه"(7) وقد طالب بعض الاصلاحيين ودعاة التنوير بالتخلي عن فكرة شعب الله المختار، تلك الفكرة التي عمقت عزلة اليهود.(8) وقد كانت النقطة الحاسمة في حياة يهود أوروبا هي رغبتهم في الاندماج في المجتمعات الغربية،وعندما يسود الوئام بين اليهود و أبناء تلك المجتمعات يصبح اليهود جزءاً من هذه المجتمعات، أما في حالة الاختلاف فإن بعض اليهود ينكفي على ذاته ويصبح صهيونياً.(9) وقد انفجرت مشكلة اليهود في روسيا بعد ضمها جزءاً من بولندا تقطنها أعداد كبيرة من اليهود، وبدأت دول شرق أوروبا(روسيا و بولندا) بتصدير الفائض الانساني من اليهود إلى دول الغرب التي لم تعد مجتمعاتها بحاجة إلى اليهود، فلم تعد المجتمعات الأوروبية مجتمعات إقطاعية متخلفة يمكن لليهود أن يعيشوا بين ظهرانيها كما في الماضي، فقد دخلت المجتمعات الأوربية عصر التحديث، وبالتالي لم ترحب بأقلية لا يمكن الاستفادة من أعضائها و من هنا جاء التفكير بإبعاد اليهود عن أوروبا إلى أي منطقة في العالم .(10) و بانحسار تيار التنوير ظهر الاتجاه الثاني : الاتجاه الثاني : و تزعم هذا الاتجاه الكاتب السياسي و الداعية الصهيوني بيرتي سمولينسكين (1842ــ1885) ، فقد حاولت اليهودية توحيد اليهود عن طريق نوحيد الشعائر التي تؤكد الانفصال ، و من أهم الأفكار اليهودية عقيدة الماشيح، حيث يعتقد اليهود أن الماشيح ملك من نسل داوود سيأتي في نهاية التاريخ ليجمع شباب اليهود ويعود بهم إلى الأرض المقدسة ويتخذ أورشليم عاصمة له ، و يعيد بناء الهيكل ، وقد ألغت هذه العقيدة الإحساس بالانتماء الاجتماعي و التاريخي عند اليهود، كما أضعفت الإحساس بالمكان و بالانتماء الجغرافي لديهم ، و قد كان اشتغال اليهود بالتجارة سبباً في تنمية عقيدتهم الماشيحانية ، فالتاجر لا وطن له. (12) وقد وسم اليهود في تلك ا لفترة بالتخلف ، و تدني مستواهم الحضاري في الجيتو ، كما أن أفكارهم كانت سخيفة ، فقد ثار بينهم جدل حول ما إذا كانت الأحجبة التي يبيعها أحد الحاخامات تحتوي على الماشيح الدجال( شبتاي تسفي ) أم لا، كما أن اسحق دويتشر طولب بتوضيح ما إذا كان من الحلال أن يأكل اليهودي بصاق طائر الكيكي يو الذي يأتي كل سبعين عام مرة ليبصق على العالم.(13) وقد ساعد على نمو هذا الاتجاه الانعزالي أن أغلبية اليهود كانت تنتمي إلى طبقة البرجوازية الصغيرة ، التي لم يعن الاندماج بالنسبة لها سوى الهبوط في السلم الاجتماعي إلى مرتبة البروليتاريا أو البرجوازية الصغيرة لأن المجتمع ككل لم يكن بحاجة إليهم ، و لهذا فإن الحياة داخل أسوار الجيتو لم تكن بالنسبة لهم سيئة لهذا الحد، وهذه الجماهير البرجوازية الصغيرة التي اعتمدت عليها الصهيونية ، وكل الحركات القومية اليهودية الأخرى ، و هي الجماهير التي تحمست لإنشاء أكبر جيتو في العالم : الدولة اليهودية "(14) و قد ذهب موسى هس في نفس الاتجاه بعد أن كان ثورياً و صديقاً لكارل ماركس ،و قد أعلن في بداية حياته أن (الدين اليهودي و الشرع الموسوي قد ماتا ) و لكنه يعلن توبته بعد ذلك ، و يتحول إلى فيلسوف للنكسة التي أصابت حركة التنوير .(15) و لكن دعاة الصهيونية و روادها لم يجعلوا من الدين قضيتهم المركزية فهم لم يعيروا اليهودية أي التفات إلا باعتبارها مشكلة تبحث عن حل ، و قد تعمد هرتزل انتهاك الشعائر الدينية اليهودية كما عبر ماكس نوردو عن قناعته بأن التوراة " طفولية بوصفها فلسفة " و " مقززة بوصفها نظاماً أخلاقياً. " (16) ، فالحركة الصهيونية إذن حركة لا دينية ، لم تكن تهتم إلا بايجاد مكان يأوي إليه اليهود ، فقد ربطوا قضية مكان إقامة دولتهم بالعوامل المناخية و الاقتصادية ، حيث ركز هرتزل على إقامة الدولة في منطقة متنوعة المناخ يوافق اليهود القادمين من مناطق مختلفة " وحتىعندما و قع الاختيار على فلسطين فإن هرتزل لم يأل جهداً في تأكيد الطبيعة اللادينية لهذا الاختيار، إذ أخبرالبابا بيوس العاشر أن الصهاينة لا يطالبون بالقدس أو مثل هذه الأماكن المقدسة ، وإنما ينصب جل اهتمامهم على الأرض العلمانية فقط"(17) و كان هرتزل ومعه المؤتمرالصهيوني السادس سنـ1903ـة قد وافقوا على إقامةوطن قومي لهم في أوغندا ، حيث وافق المؤتمر على ذلك بأغلبية 295صوتاً مقابل 17 صوتاً.(18) و مع ذلك وجدنا أن المؤرخ الروسي اليهودي (سيمون دوفنوف ) يؤكد أنه " ليس هناك ما يدعوا إلى إنشاء دولة يهودية مستقلة أو العودة إلى أرض الميعاد أو إلى إحياء اللغة العبرية "(19) و كذلك رفضت جماعة أغودات إسرائيل قيام إسرائيل و ربطت ذلك بمقدم الماشيح ، و لكن هذه الحركة تعاونت مع المستوطنين و انضمت إلى أول حكومة إسرائيلية بعد قيام إسرائيل. (20) و لم يتورع الصهاينة عن التعاون مع النازية في سبيل تحقيق حلمهم ، فقد " أبدى النازيون اهتماماً كبيراً بالمشروع الصهيوني و تعاونوا في وضع هذا المخطط موضع التنفيذ ، بل إنهم درسوا ثلاث خطط لتوطين اليهود في سوريا و أكوادور و مدغشقر ، بيد أن السلطان العثماني رفض أن يبيع فلسطين .(21) و بعد ذلك حاول هرتزل إقناع بريطانيا بأهمية إنشاء وطن قومي لليهود عند ملتقى مصالح مصر مع الهند و إيران . و قبل البدء بدراسة الشخصية اليهودية في الرواية الفلسطينية لابد من التطرق إلى صورة العرب في الأدب العبري (الإسرالئيلي) ثم الانتقال بعد ذلك إلى مناقشة شخصية اليهودي في الأدب الغربي ، و كذلك في الأدب العبري لبيان كيفية تصوير هذه الشخصية من قبل وجهات نظر مختلفة . أولاً : شخصية العربي في الأدب العبري : قبل الحديث عن شخصية اليهودي في الرواية الفلسطينية لابد من الحديث عن شخصية العربي في الأدب العبري، حتى تكتمل الصورة ، و حتي يكون البحث موضوعياً، و يصبح بالامكان عقد مقارنة صحيحة بين رؤية الطرفين، كل منهما للآخر، وأيهما كان أكثر موضوعية وإنصافاًفي رؤيته للآخر، ولم يخل تصور أي من الطرفين للآخرمن التأثر بالأفكار و الأيديولوجيات التي كانت سائدة لدى كل طرف ، كما أن هذا التصور قد تأثر بطبيعة الصراع القائم بين الطرفين ، ففي عام (1843) صدرت أقدم دعوة في التارخ لتوطين اليهود في فلسطين من قبل ، شخصية يهودية صهيونية : الحاخام يهودا القلعي ، و في عام 1799 صدرت أول دعوة رسمية عن رئيس دولة غربية (نابليون ) لتوطين اليهود فيفلسطين (22) ، و قد ظهر الصراع بين العرب و اليهود إلى حيز الوجود سنــ1882ـة بعد قدوم بعض اليهود من أعضاء أحباء صهيون ، وإعلانهم أن هدفهم هو إحضار اليهود إلى فلسطين و إقامة دولة لهم فيها (23)، و قد استند كتاب اليهود في دعمهم لأهداف الحركة الصهيونية إلى نظرية فراغ فلسطين طيلة الألف أو الألفي عام الماضية ، فقد بنى أوريس مقولة فراغ فلسطين على أن الحروب الصليبية قد قضت على الوجود العربي في فلسطين.(24)و لا تتحدث يائيل ديان في روايتها الغبار سوى عن الصحراء و فضاءاتها الفارغة لتأكيد نظرية فراغ فلسطين ، فقد " كانت الخضرة أجنية بالنسبة للمكان ، كالآلات و الناس ، و في المساء أضيف لهم صوت مولد الكهرباء ...... و الوجود العربي في هذه الرواية وجود غائب كثيراً ما يطرح بصورة بدو ، فنحن لا نلتقي أي عربي في غبار حتى بصورته البدوية، بالرغم من أن الأحداث تجري في الصحراء العربية .. كل ما يقاال لنا هو أن ليني اختار موضعاً قريباً من خيام البدو. "(25) و قد حاول عدد من الكتاب اليهود التهرب من هذا المأزق فجعلوا أحداث رواياتهم تدور في بلدان أوروبيةبعيداً عن فلسطين لتأكيد موضوعية التنافر الحتمي بين اليهود و الأغيار،أما إذا جرت الأحداث في فلسطين فإن الطرف الآخرإما بريطاني أو تركي أوحتى روسي،أماالعرب باعتبارهم بعضاًمن الأغيار، فلا يظهرون إلا في حالة التلاشي العربي. (26) و قد ركز أوريس على وقتية الحضارة العربية و زوالها ، ويصل به الأمرإلى حد محاولة الايحاء للقارئ أن اليهود يقفون وراء الحضارة العربية. (27) و ما ادعاء بيغن رئيس وزراء إسرائيل بعد توقيع اتفاقيات كامب ديفيد ببعيدة عن هذا الاتجاه ، فقد ادعى بيغن أن اليهود شاركوا في بناء أهرامات الجيزة في مصر . و في سبيل تأكيد نظرية الفراغ هذه يشير كتاب اليهود إلى أن الأتراك عندما احتلوا فلسطين لم يجدوا فيها من يستطيع مقاومتهم ، بل إنهم حاولوا اختصار القومية العربية التي بدأت بالظهور إلى مجرد تنافس و صراع بين أسر الأفندية و الشيوخ و رجال الدين. (28) و قد تجنب معظم الكتاب اليهود التعرض لشخصية العربي الفرد ، فقد رسم هؤلاء الكتاب شخصية نمطية للعربي تأثرت بآرائهم المسبقة تجاه العرب ، فقد جاءت هذه الشخصية النمطية شخصية سلبية كما في روايات شاحم و تموز ، و قد قدما بالمقابل شخصية نمطية إيجابية لليهودي.(29) ولا تستمد الشخصيات العربية في الأدب العبري من واقع قائم، وإنما تستمد من" تلافيف العقل الصهيوني، ومن أدنى المستويات الاجتماعية وأشدها بدائية وتخلفاً وبعداً عن مقومات ومستلزمات نشوء مجتمع بشري مستقر. "(30) و لا تتجاوز تلك الأنماط مرحلة البداوة علماً بأن نسبة البدو إلى مجموع سكان فلسطين من العرب لا تزيد عن 6.4% حسب سارة غراهام في كتابها(الفلسطينيون ومجتمعهم )(31) و قد اختلفت شخصية العربي باختلاف الكاتب اليهودي الذي يتعرض لها ، فقد اعتبر الكتاب اليهود القادمين من الخارج أن العربي مضطهِد (بكسر الهاء)يكمل دور الأغيار في الخارج،وقد تأثر هؤلاء الكتاب بالتجربة البلشفية والأوكراينية، وقد ظهر المضطهد العربي (بكسر الهاء) في أعمال أدباء الهجرة الثانية الذين أشاروا تلميحاً إلى أن إسرائيل لا تعدوا كونها غيتو جديداً لليهود .(32) أما الكتاب اليهود من مواليد فلسطين فقد آمنوا بعقلية العربي و البنية الاجتماعية و الأسرية العربية .(33) و قد تراوحت شخصية العربي بين طرفي نقيض هما : 1ــ الشخصية السلبية : تعمد الكتاب الصهاينة تشويه العربي و الشخصية العربية خدمة لأغراض الحركة الصهيونية ، و قد تأثرت أجيال الشباب بتلك الصورة التي قدمها الأدباء الصهاينة للعربي ، ففي بحث ميداني أجرته الدكتورة مينا تسيمح سنــ1980ـة لحساب مؤسسة فان لير تبين أن 14% من الشباب اليهود لديهم موقف سلبي من العر ب، بينما كان 13% يتخذون موقفاً إيجابياً و هم من أصل غربي ، بينما وقف ما يزيد عن 70% موقف المتردد .(34) ويعيد هارإيفن سبب المظاهرالسلبية ضد العـــرب عند الشبــاب اليهود ، إلى خلو المناهج التعليمية في إســرائيل من برامج تتعلق بمعاملة العرب الذين يشكلون سدس السكان. (35) و الصحيح أن المناهج في إسرائيل و كذلك كتب الأدب العبري توجه الشباب اليهود إلى احتقار العرب و التقليل من شأنهم فليست هناك دعوة إلى التسامح مع العربي باعتباره مواطناً له حقوق المواطنة الكاملة ، فقد صورت القصص العبرية بين 1948ــ1967العربي في أبشع صورة ، فقد كان العربي في الأدب العبري يشكل كابوساً مزعجاً ، تسيطر عليه نزعات الشر والعدوان، ويهدد كيان إسرائيل و حضارتها .(36) و قد استمد هرتزل " تصوراته لمستقبل المنطقة و مستقبل العرب من وهم الاعتقاد بأن دور العرب في التاريخ لا يزيد عن استبدال سيد أعجمي بسيد أجنبي ، و أن السيد الجديد لابد أن يكون المستعمر الصهيوني الذي أفرزته الحركة الاستعمارية إبان القرن التاسع عشر. "(37) ولعل المبالغة في الاستهتاربالعربي وتحقيره تأتي ضمن سياق محاولة تبريرعملية الاجتثاث للعرب ، ورفض إيجاد مجال للحوار بين الطرفين ،(38) وقدتصورعجنون العربي على أنه عقبة ومصدرإزعاج حتى بالنسبة للرابي الذي يعظ الناس. (39) والعربي لص و قاس حتى بالنسبة للقمح الذي يطحنه ، فرغم حصوله (العربي) على أجرة مرتفعة فإنه لن ينتج عن هذا الطحن سوى قليل من الدقيق.(40) ، و يترك للقارئ أن يستنتج أن العربي لص، وعجنون يحمل نظرة معادية للعرب،إذ أنه يعتبرهم حجرعثرة في طريق الاستيطان اليهودي، ورغم تعصبه وتدني مستواه الأدبي فإنه يمنح جائزةنوبل في الآداب سنـة1966. (41) و العربي عند يهودا بورلا " مجرد من الشعور القومي ، فيه جشع للمال ،يميل إلى الخيانة كي يحصل عليه ، بينما اليهودي مضح ، منكر للذات مخلص في أداء واجبه. "(42) و العربي حيوان جنوس، كما يصوره الأدب العبري، ذلك أن توجه الرجل العربي إلى المرأة هو توجه جنسي مجرد يهدف إلى الإشباع الجنسي و لذلك فهو مزواج يحب تعددالزوجات. (43) و العرب سمان مترهلون ، تتدحرج كروشهم أمامهم إن مشوا ، سحنتهم داكنة قبيحةالمنظر ، كانت و ما زالت مراتع خصبة للجدري والملاريا والجذام وأمراض أخرى تفرز في ظل التخلف ، وعيونهم مواطن للتراخوما والعمى..... حتى الصور الفولكلورية التي يفترض أن تحمل صوراً جمالية معترفاً بها إنما هي بقدر تعلق الأمر بالعرب ، تعبير عن وجود مختصر آفل، بل و حتى الوجود المادي نفسه ممثلا بقلة هائمة في الصحراء دونما هدف، لتؤكد المقولة الصهيونية المدعاة حول الموت و الفراغ الفلسطيني."(44) ولا نجد في الأدب العبري شخصية عربي يعمل طبيباً أو مهندساً أو أستاذاً جامعياً أو أديباً ، و لا نجد كذلك في الأعمال الأدبية رجل قانون عربي أو عالم آثار ، و حتى لو وجدنا مثل هذه الشخصيات فهي دون نظائرها من الأجانب أو اليهود .(45) وقد بلغ السخف ببعض الكتاب اليهود إلى درجة تصويرالفلسطينيين على أنهم تحالفوا مع اليهود ضدالعرب الغزاة .(46)و العربي شاهد زور، أصبحت شهادة الزور جزءاً من شخصيته ، و هو قاتل بحيث أصبحت الجريمة طبيعة له ، و هو متزلف و غادر ، متخلف و مسترخ ، و معظم الرجال العرب إما لوطيون أو عاجزون جنسياً و النساء العربيات سلعة تباع و تشترى. (47) و قد وضع بلانكفورت العرب في مرتبة أدني إلى الحيوانية منها إلى البشرية ، و العربي الذي يحظى بنوع من الاعتراف من قبل الصهيونية إنما يعكس الموت الروحي و تلاشي الروح القومية ، و يقدم على أنه موال لإسرائيل. (48) و العربي يحمل عوامل فنائه في داخله حسب نظرية التطور و الارتقاء. (49) فهو يجيد الجريمة و مهاجمة اليهود و اختطاف اليهوديات و إنشاء المباغي التي يديرها الروس. (50) و العربي مهزوم دائماً في أي صراع مع اليهود ،لايصوره الكتاب إلا مهزوماً من قبل الأبطال المراهقين عن طريق تصوير آثار الدمار و الخراب و الدخان. (51)" و انسجاماً مع هذه النغمة تقول ليزل غورس إن الجنود العرب عادة أميون، وهم لا يهتمون بالقتال و العديد منهم فلاحون . وهم مرضى جداً وشديدوا الهزال، كما أنهم على درجة من اللا إبالية بحيث أنهم لا يهبون للقتال ما لم يكونوا محاصرين في زاوية، أما الضباط والرتب الأعلى فمهمتهم إصدار أوامر الهزيمة."(52) وتصل المبالغة بهؤلاء الكتاب الصهاينة إلى درجة تصوير العربي بأنه عندما يتمطى إنما يستسلم لأحد ما، ولأنه انهزامي بالفطرة فهو مستعد دائماً للاستسلام. (53) أما آرثر كوستلر في روايته( لصوص في الليل ) فهو يقدم لنا سكان قرية عربية كاملةعلىأنهم أميون و بهاليل. (54) و إمعاناً في تصوير تخلف المقاتل العربي و تشويه صورته يقول أوريس:" إن القاوقجي قلب كل بلاليع دمشق و بيروت و بغداد ليجند حثالة الإنسانية من لصوص و قتلة و قطاع طرق و تجار مخدرات ورقيق أبيض."(55) كماصورالضباط العرب و هم يقاتلون بالسيوف فيطلق اليهود عليهم النار ليتساقطوا كسيقان الحنطة عند الحصاد. (56) و لكن الحقائق لابد و أن تتكشف ، ففي شهر إبريل سنــ1948ـة " علمت المخابرات العسكرية الأمريكية من الوكالة اليهودية أنه قد تم تجنيد مائة ألف جندي ، و عندما نشبت الحرب كان مجموع الجيوش العربية التي اشتركت في الحرب لا يتجاوز عشرين ألف عسكري ، أما الفدائيون فلا يزيد مجموعهم على ثلاثةعشر ألف مقاتل في فلسطين ، و ميليشيا من خمسين ألفاً ، و يقول السيد غرين :"لقد تفوق اليهود على العرب في العدد سواء في القوات النظامية أو غير النظامية بنسبة 1:3 و قال تقرير المخابرات إن اليهود يتمتعون بالتفوق في العدد و السلاح و التدريب و النظام و القيادة و الخبرة القتالية ، و المخزون من السلاح و الذخيرة ، و حينما قاربت المعركة الأولى على النهاية قامت الخابرات بتصحيح تقديراتها فقالت إن اليهود قادرون على تعبئة (185) ألف مقاتل بينما لا تتجاوز قدرة العرب (140) ألفاً "(57) كما كانت أسلحة العرب تتنوع بين فرنسية وبريطانية ، و قد كان كل جندي أردني يمتلك اثنتي عشر رصاصة فقط عند إعلان الهدنة.(58) في حين كان الجيش الإسرائيلي غنياً بالقوات المتمرسة، ومعززاً بمئات العساكر الأجنبية ومزوداً بالأسلحة الفتاكة، كما استخدمت اسرائيل ما يزيد على تسعين طياراً أجنبياً من أمريكاوجنوب أفريقيا مقابل مرتب شهري قدره أربعمائة دولار ، في حين لم تكن قوةالطيران المصري تستحق الذكر. (59) وبعد ذلك يتجرأ الكتاب اليهود على وصف الجندي العربي بالجبن ، وأن الجنود العرب يبقون في مواقعهم لأنهم مقيدون بالسلاسل. (60) وقد صور عاموس عوز الكيبوتس محاطاً بالبدو و الثعابين ، حيث يرمز البدوي للعالم العربي ، و العربي عنده تجسيدٌ آخر للبوم و بنات آوى والذئاب ، والثعبان يكمل دور العربي و يشكل خطراً و كابوساًللكيبوتس و سكانه.(61)و قد بلغت العنصرية بالمجتمع الإسرائيلي إلى درجة نبذ النساء اللاتي يتزوجن من عربي ، فهذه شوشانا في قصة "حماية" لسامي ميخائيل تعاني من أزمة و تصبح في حيرة من أمرها بعد زواجها من العربي فؤاد .(62) 2ــ الشخصية الإيجابية : حاول بعض الكتاب اليهود الخروج عن الخط التقليدي السائد في الأدب العبري حيث حاولوا تقديم شخصيات فردية عربية ، بدلاً من الشخصية النمطية ، فقد تصدى يتسحاق شامي إلى وصف العربي كفرد ، فوصفه وصفاً خارجياً و جسدياً. (63) كما شذ بنيامين تموز عن الأدباء اليهود بإختيار شخصيات عربية متمدنة و مثقفة. (64) و قد شعر بعض الكتاب اليهود بالذنب تجاه العربي ، فقاموا بكتابة بعض القصص التي يعترفون خلالها بما ارتكبه اليهود ضد العرب ، فقد " شكلت القرية العربية الخالية على الدوام و ثيقة تاريخية في أدب الستينات ، و هذا ما سبق أن حدث في الأعمال الأدبية لكتاب الخمسينات (س. يزهار في قرية خزعة ، و تموز بنيامين في حكاية شجرة الزيتون ) "(65)و لم يركز أي من الكاتبين على حرب عام 1948 كحرب تحرير قومية، بل اعتبرا أنها حرب لا مبرر لها من النواحي الإنسانية والأخلاقية حيث اليهودي المدجج بالسلاح مقابل العربي الأعزل.(66) وقد تعاطف شامير مع العربي ضد اليهودي المستغِل وذلك من خلال انحيازه لصرخة الكادحين المظلومين بغض النظر عن قوميتهم.(67) كما لم يخف تموز من تعاطفه مع عرب القرية الذين طردوا من أراضيهم في قصته شجرةالزيتــــون، كمـــــا أنه لا يخفي نفوره من المهـــاجرين الجدد الذين استولواعلى أراضي العـــرب ، وقد جعل شجـــرة الزيتون رمزاً لعراقة أصحابها، فالعربــي عريق في هذه البلاد و تضرب جذوره فيها كما تضرب شجرة الزيتون جذورها، وهو يعتبر العرب أبناء البلاد الحقيقيين بينما اليهود غرباء عنها.(68) وقد تبرأ كل من يزهار وتموز وعوز وشامير و يهوشوع و بن نير وميخائيل من الدور الاجتماعي و القومي للأدب كما عارضوا الصهيونية بعد خيبة أملهم منها.(69). و قد اعتبر الكتاب اليهود أن العربي الإيجابي هو العربي الموالي للصهيونية ، و مع ذلك فإنهم يضعونه في مرتبة ثانوية قياساً للإنسان اليهودي .(70) مما سبق نجد أن الأدباء اليهود لم يقدموا صوراً إيجابية حقيقية للعربي ، و قد ظلوا أسرى نظرية الفراغ السكاني حتى يزهار سميلانسكي يركز على القرى العربية الخالية و الأصداء المقطوعة و بيوت النمل المهجورة. (71) كما يؤكد بنحاس ساديه نظرية الفراغ السكاني الفلسطيني و يحاول تجسيد كل ما يرمز إلى العداء لليهود. (72) و قد أوقعت نظرية الفراغ هذه الأديب الصهيوني " في مأزق يتجاذبه قطبان متنافران ، في الوقت الذي يحاول فيه الأديب الصهيوني تأكيد نظرية الفراغ هذه مستعيناً بمختلف الأدوات و الأساليب اللغوية و الفنية ، فإنه يكون ملزماً في الوقت عينه بالحديث عن العدو ، ليس فقط خارج الحدود ، و إنما و إنما أيصاً داخل الحدود. و هذه الضرورة لا تفرض نفسها نتيجة لاستحالة إلغاء واقع مادي قائم فعلاً إلغاءً كلياً ......... و للخروج من هذا المأزق فقد وجد الكاتب الصهيوني لنفسه حلاًمريحاً يطرح من خلال ثلاثة بدائل : أولها تصوير الصراع اليهودي في فلسطين على أنه بالدرجة الأولى ضد البريطانيين أو الأتراك أو السوفييت ، و البديل يقدم ضمن رؤيتين أو ضمن تحديدين : الأول رؤية متلاشية تسير بالعرب نحو الأفول و الزوال.. و الثاني رؤية شبحية تقدمه كصورة ضبابية غير واضحة يتحرك خلسة في الظلام أو يلوح من بعيد بعد أن شوشته المسافات المترامية الفاصلة بين موقعه المكاني و عين الرائي ، و البديل الثالث : العدو العربي موجود و لكن على الحدود أو خارج الحدود. "(73) و قد وقفت الأيدولوجبا الصهيونية بصفتها مصدراً رئيسياً مصادر الأدب العبري ــ عقبة أمام إقامة علاقات سليمة بين العـــرب واليهود كجماعة أو كأفراد (74) وعلى الرغم من طرح الكتـــاب اليهود لأكذوبة الفــــراغ في فلسطين ، وتكرار هذا الادعاء بحيث صدقه مطلقوه والمروجون له ، فإن نظرية الفراغ في فلسطين مردود عليها .. فإذا كان الصليبيون قد قضوا على الوجود العربي في فلسطين فلماذا تركوها ؟ و هل يعقل أن يتركوها بإرادتهم و هي خالية من السكان ؟ و إذاكانواقدتركوااليهودفيها،وأن اليهود هم الذين قاوموا الصليبيين فما الذي دعا اليهود للخروج منها ثم المطالبة بالعودة إليها باعتبارها أرض الميعاد و إذا كان العربي متلاشياً و غير موجود فما مبرر شعور الكثيرين من كتاب اليهود بعقدة الذنب تجاهه و لماذا يفكرون بالتفاوض و توقيع اتفاقيات سلام مع هذا اللاموجود و المتلاشي ؟ إن اليهود يعيشون وهماً كبيراً ، فعقلية الغيتو لا زالت تعشش في أدمغتهم ، و داخل نفسياتهم ، و هم حين يحاولون إقامة علاقات سلام مع جيرانهم إنما يتخلون عن أهم عنصرين من عناصر بقائهم فالانفتاح على الأغيار ينهي تراثاً طويلاً من الفكر الانعزالي و ربما يؤدي بهم في النهاية إلى التلاشي و الذوبان في مسام مجتمع الأغيار المحيط شاءوا ذلك أم أبوا.
ثانياً : شخصية اليهودي في الأدب الغربي . ارتبط اليهود في الوجدان والواقع الأوروبيين بالتجارة، وأصبحت كلمة يهودي ترادف كلمة "تاجر" أو"مرابي"، فتاجر البندقية هو مرابي البندقية أو يهوديها.(75) وقد عاش اليهود في مسام المجتمع الإقطاعي واستمدوا منه وجودهم الاقتصادي والمادي، ولذا فقد رأت البرجوازية في اليهود جزءاً من النظام الإقطاعي المنهار. (76) ويحاول اليهود إكساب أنفسهم صبغة قومية ، فهم يعتبرون أنفسهم جماعة قومية دينية لها لغتها وتراثها.(77) ويحددون مقومات القومية اليهودية في عناصر تشمل العرق و الدين و التقاليد، والعرق عنصر واضح في كل ما يشكل الشخصية اليهودية. (78) و بهذا تؤكد الصهيونية على عنصريتها و هي بهذا تتطابق تطابقاً تاماً مع النازية التي اعتبرت العرق عنصراً هاماً من عناصر التفوق الآري على بقية شعوب الأرض بمن فيهم اليهود . و يدحض ادعاء اليهود بوجود رابطة قومية تربطهم معاً ذلك " التشرذم الذي يعكس الاختلافات العميقة في الشخصية اليهودية بحسب كل قطر من أقطار أوربا، وأهم ملامح هذا التشرذم هو الانقسام التاريخي بين الإشكنازيم و السفارديم : الأولون من أوروبا الشرقية و الوسطى ،و الآخرون من أوروبا الجنوبية ، و بين الإشكنازيم إنقسامات فرعية لا تحصى بسبب كثرة الأقطار التي جاءوا منها: ليتوانيا ، بولونيا ، روسيا ، أوكرانيا ، ألمانيا ، البلقان ، أما السفارديم فيفخرون بأن سوء لفظهم للسان المقدس هو وسيلتهم للعلو على المنوعات اليهودية الأجنبية"(79) . وقد جعلت جورج إليوت( في روايتها دانييل ديروندا ) الصهيونية مرادفة لليهودية ، و اعتبرت اليهودية ثقافة عرق محكوم عليها بالفناء إذا لم تتحدد في إطار وجود قومي ، و ترى أن الوضع الطبقي لليهود هو في إطار دولة ، وأن وجودهم في أوروبا أمر غير طبيعي ، و لم تفكر الكاتبة في دعوة اليهود إلىالإندماج بالمجتمعات الأوروبية ، بل جعلت مهمة ديروندا(بطل روايتها ) قيادة اليهود في خروج جديد ، فهي لم تقبل أن يكون اليهود مواطنين بريطانيين. (80) على الرغم من أن الرغبة في الاندماج مع المجتمعات الغربية كانت تشكل نقطة حاسمة لدى غالبية يهود أوروبا، ومطالبتهم بالاعتراف بحق اليهود التاريخي في أن يكونوا مواطنين عاديين في بلدان أوروبا. وتركز جورج إليوت على إعادة بناء الذات ، فالهجرة ليست نقلاً للجسد من مكان إلى آخر، و إنما هي تغيير للشخصية وشروط الحياة(81) و قد تواكبت الدعوات إلى حل مشكلة اليهود ، مع اندحار تيار التنوير التقدمي ، و ظهور التيار الصهيوني ، فقد نشأت الدعوة الصهيونية بين البرجوازية اليهودية التي تملك المال للاستمرار في مشاريع طويلة الأجل. (82) و في رواية كوستلر" لصوص في الليل" يعاني جوزيف من أزمة أخلاقية بسبب المطالبة بأرض كنعان ، و " عندما يلمح روبين وماكس إلى ضرورة إنصاف العرب و التعاون مهم يذكرهم جوزيف بالطريقة التي لطش بها يعقوب حق الإرث"(83) و قد ربطت الرواية بين ثلاثة أجيال من المستعمرين الصهيونيين : جيل باراتز ، و الجيل الذي يقدمه المؤلف و الجيل المولود في فلسطين (الصابرا) فقد أسس مستعمروا داغانيا الشيوعية الزراعية ووضعوا النظرية الصهيونية موضع التطبيق وحاربوا العرب والأوبئة والجفاف والأمراض المعدية . أما الأجيال التالية فقد كانت أحسن حظاً و حالاً ، فقد انفصلو انفصالاً تاماً عن حياة أوروبا و أصبحوا أكثر خبرة في الزراعة فصار الرجال أقل ثرثرة وأكثرحكمة ، بينما صارت النساء أخشن مظهراًوأصلب أردافاً وأثـــداء (84).و " في مطلع القرن التاسع عشر كفت الشخصية اليهودية في الأعمال الأدبيةالأوروبية ، عموماً ،عن أن تكون شخصية شيلوكية "(85) فقد قدمت (ماريا أدجورث ) في روايتها المسماة(هارنجتون) شخصية يهودية طيبة تختلف عن تلك التي عرفها الأدب الإنجليزي فيما سبق(86). و قد طرح بنيامين دزرائيلي (87) في روايته( دافيد الروي ) بطلاً يهودياً عنصرياً ، متقدماً بذلك على النازية بمائةعام ،وعلى ظهورالحركة الصهيونية بنصف قرن،فبطله عنصري عنيف يرفض الاندماج و يفضل العزلة. (88) . و قد طرح ليون بوريس في روايته الخروج (اكسودس) بطلاً معصوماً فبطله عملي يتقيد بشعار العين بالعين والسن بالسن ، و شخصيته بارزة كالبرج ، و هو حاد الذكاء، متميز، يغدوا مقاتلاً في سن الخامسة عشرة ، و في سن العشرين يصبح قائداً من قادة الهاغانا ، حيث ينظف الجليل من الإرهابيين العرب ، وخلال الحرب العالمية الثانية يهرب أعداداً غفيرة من اليهودالألمان، و يقنع زعماء النازية أن من مصلحة ألمانيا النازية تهريب اليهود إلى فلسطين ، ويحارب جيش فيشي و يقتل أربعمائة جندي .(89). و قد تميزت شخصية اليهودي في الرواية الأوربية بالجبن و الاحتيال و المكر و الجشع و عبادة المال ، ففي قصة (العراب) لماريون بوزو ، يظهر اليهودي كمرتشي و مستغل للقوانين في سبيل مصالحه الشخصية ، و كذلك قدم إيفو اندريتش صورة سلبية لليهود في رواية " جسر على نهر درينا" ، بينما سخر أرنست همنجواي من اليهود عندما قدم شخصية اليهودي المثقف عن عمد للتعريض باليهود و ذلك في روايته "و لا تزال تشرق الشمس"(90) و على الرغم من تخصيص ساسة الغرب الكثير من وقتهم لخدمة اليهود ، فقد بقي الأديب الغربي ممثلاً صريحاً لوجهة النظر غير الرسمية ، ومع أن الرواية لا تعد مرجعاًعلمياً، فإنها ترصد ، و بشكل دقيق ، الملامح الظاهرة و الخفية في الشخصية الصهيونية . (91) و قد شبه كوستلر العرب بالسمك الذي يرفض أي تطور بينما جعل الصهيونيين من البرمائيات التي تعاني من تطورها و تهدف إلى الوصول إلى صيغة أسمى للحياة . (92) يتبين لنا مما سبق أن اليهود قد سبقوا النازية في صوغ آرائهم العنصرية بمائة عام ، كما سبق الأدب اليهودي المكتوب بالإنجليزية الحركة الصهيونية بنصف قرن في طرحه للآراء العنصرية . و قد ساهم الأدب الصهيوني بشكل أو بآخر في تكريس حالة العزلة اليهودية في أوروبا و جعلوا من الغيتو ظاهرة نفسية و اجتماعية في نفس الوقت ، كما نلاحظ أن الكثيرين من غير اليهودقد اعتنقوا المبادئ الصهيونية و أصبحوا ملكيين أكثر من الملك و وصل بهم الأمر حد الدعوة إلى الاستيطان في فلسطين قبل صدور وعد بلفور بفترة طويلة . ثالثاً : شخصية اليهودي في الأدب العبري : كانت اللغة العبرية ــ إلى وقت قريب ــ لغة ميتة ، اقتصر استعمالها على الكتاب المقدس والطقوس الدينية ، وقد حاول رجال الدين اليهودالنأي باللغة العبرية عن العامة،وحفاظاً على قدسيتها ، ولكن اليعزربن يهودا قام" بدور كبيرفي إحياء اللغةالعبرية التي كانت لغة ميتة بالنسبة لليهود أنفسهم ، وتحديثها لكي تتلاءم مع الاستعمال اليومي ومتطلبات العصر ، و عكف على وضع قاموس شامل لللغة العبرية و قضى معظم سني حياته في وضع قاموسه. "(93) و بسبب عمله هذا كفره حاخامات اليهود، وعندما توفي دفن خارج المقابر اليهودية عقاباً له على فعلته ، و لم يرد له الاعتبار إلا في وقتٍ متأخر ، و رغم أنه لم ينجح في جعل اللغة العبرية لغة الحديث اليومي في اليشوف ، لأن اللغة التي كانت دارجة لدى العامة هي " اليدش أو اللادينو مختلطة بكلمات عربية ، أما المثقفون فكانوا يتحدثون بالروسية و الفرنسية ."(94) . أما الأدب العبري فقد مر بفترة ازدهار إبان العصر الأندلسي الذي بدأ قبل البعث الأوروبي بحوالي خمسة قرون و قد شمل هذا العصر الأدبي ( الأندلسي العبري ) تفسير التوراة ووضع قواعد اللغة العبرية ، و استمر عصر النهضة هذا على أسس التقدم الفكري و الفلسفة و الرياضيات و الطب ، فقد عاش اليهود في هدوء و نعيم بعد إنتقال مركز التوراة من العراق إلى الأندلس ، و قد نسج الأدباء و الشعراء اليهود على منوال الثقافة العربية التي شكلت ينبوعاً للثقافة اليهودية .(95) و قد قدم بعض اليهود من أسبانيا إلى فلسطين في أواخر القرن الخامس عشر و أوائل القرن السادس عشر ، و كانت دوافعهم دينية محضة و لم تكن وراء قدومهم أية دوافع سياسية أو استيطانية .(96) أما الهجرة في العصر الحديث فقد تمت على شكل دفعات ، فكانت الهجرة الأولىمن (1882ــ 1903)، وهي هجرة دينية جاءت من روسيا و رومانيا ، أما الهجرة الثانية فقد امتدت بين عامي (1904ــ 1914)، و هي أخطر و أهم الهجرات ، حيث هاجر إلى فلسطين عدد من زعماء بوعالي تسيون ( عمال صهيون ) و منهم : بن جوريون (1886ــ 1973) ويتسحاق شمشيليفتش( يتسحاق بن تسفي )(1884ــ1963)و هما من مؤسسي دولة إسرائيل فيما بعد ، و الهجرة الثانية ذات بعدين هامين : أولهما : زمني تعود بدايته إلى مطلع عام 1904 ، حيث غادر روسيا عدد جديد من المهاجرين بسبب الاضطهاد القيصري لليهود و فشل ثورة 1905 في روسيا. (97). و الثاني : فكري حيث حمل المهاجرون الشباب أفكاراً قومية و اجتماعية بحكم كونهم أعضاء في جماعات ثورية روسية ، وقد تأثروا بالأفكار الاشتراكية ، و قد تركزت أهداف الهجرة الثانية في ثلاثة شعارات هي:( أرض عبرية ـ عمل عبري ـ لغة عبرية.)(98) وقد لعب الأدب العبري دوراً كبيراً في خلق رأي عام مؤيد لإسرائيل ، فقد خدم كتاب اكسودس (الخروج) الدعاية الصهيونية و إسرائيل أكثر من أي كتاب سياسي. (99) و لعل الأثر النفسي الذي أحدثته كتابات و روايات " بنسكر " و " هرتزل " و " أحاد هاعام " لا يقل أهمية عن أثر كتاباتهم السياسية و الأيدولوجية. (100) و قد ركزت جورج إليوت اهتمامها في كتابها (دانييل ديروندا) على تفسير اصطلاح شعب الله المختار ، و هي ترى أنه يعني أن الله اختار اليهود لينقذوا الإنسانية ، فوجود اليهود هو وجود في سبيل الشعوب الأخرى. (101) بينما يرى غيوتن أستاذ الدراسات الشرقية في الجامعة العبرية أن أسبقية الدين اليهودي تعطي الإنسان اليهودي أسبقية في الوعي و القيمة على بقية البشر. (102) ومن الغريب أن ما يطلق عليه الأدب العبري استمر في منطقة غير تلك التي نبت فيها ، فقد بدأ في أوروبا و انقطع ليتصل في إسرائيل . (103) ويعد شالوم ابراموفيتش ــ المعروف بلقب " مندلي موخير سفارديم " ( مندلي بائع الكتب ) ــ خالق الأسلوب العبري الحديث ، كما يعد يتسحاق بيرتس رائد القصة القصيرة في الأدب العبري الحديث ، فقد كتب قصصه باليديش و ترجمت إلى العبرية، و من كبار كتاب القصة القصيرة و الرواية أيضاً شموئيل يوسف عجنون ، و يعده البعض من أكبر كتاب الأدب الملحمي في العبرية ، و يختلط عنده الرمز بالواقعية و الخيال الابداعي. (104) و الكتاب و النقاد في العالم و في إسرائيل على السواء ، موزعون بين تسميات مختلفة لهذا الأدب ، فمنهم من يطلق عليه ( الأدب الصهيوني ) و منهم من يرى أنه أدب عبري ، و آخرون يرون أنه أدب إسرائيلي ، و لكن النقاد اليهود يرون أن إطلاق صفة الأدب الإسرائيلي على هذا الأدب و نسبته إلى إسرائيل تحرمه من تراث ثلاثة آلاف عام من الكتابة بالعبرية و تحصره في فترة لا تزيد عن خمسين عاماً تقريباً هي عمر إسرائيل ، و يرى صلاح حزين أن الأدب الإسرائيلي لم يكن ابن إسرائيل أو ابن المنطقة، و إنما هو ابن الإبداع الأوروبي. (105) و قد تمتع البطل اليهودي في قصص التوراة بقدرات خارقة و بطولة لم تنتكس ، و يمكن للمرء أن يدرك ذلك في ضوء كون الإله يقف إلى جانب هذا البطل و يحقق له المعجزات ، أما أن يظل هذا البطل كذلك في الأدب المعاصر ، فهذا ما لا يمكن للمرء أن يستوعبه خصوصاً و أن الإله لم يعد يقف إلى جانب هذا البطل. (106) فقد وضعت جورج إليوت قاعدة أساسية التزمت بها الروايات الصهيونية فيما بعد ، هذه القاعدة هي قاعدة البطولة و البطل المعصوم المتفوق ، و تبرز ظاهرة البطل المعصوم في الأعمال الأدبيةالتي كتبها كتاب لم يروا فلسطين و لم يعيشوا أحداث قيام إسرائيل ، فاليهودي في اعتقاد قائد المباحث القبرصية في (أكسودس ) لا يمكن شراؤه ليكون جاسوسا. (107) ، حتى البطلات اليهوديات في الأعمال الأدبية الصهيونية جميلات و متناسقات جسدياً ، و كل الأبطال يتمتعون بالوســـامة و القوة ، فالعرجـــــاء من بني إســرائيل ليست كغيرها من العرجـــاوات من بنـــــات آدم وحواء ، فالعرج اليهودي له سحر خاص، فقد منح عرج إيناف“Einav” في رواية عاموس عوز، منحها سحراً إضافياً. (108). واليهودي يحب العلم والثقافة ويحمل رسالة تنوير، ويتميز بالشجاعة والتضحية وحب البناء و العمل و كره الكذب والظلم ، وهو يتسم بالنقاء و التفوق الأخلاقي ، خلقــه الرب كي يخفف آلام البشرية. (109) و قد وصل الأمر ببعض الكتاب إلى درجة و ضع اليهودي إلى درجة قريبة من مرتبة الإله ، فالصهيوني نصف إله ، حيث تتميز شخصية الصهيوني بأنها :" شخصية قوية ، مناضلة ، جريئة ، عادلة ، معصومة من الخطأ ، مستقيمة ، تثير الاحترام و مشاعر الهيبة و الجلال و الإعجاب في النفوس ، و هي رومانتيكية ، مقدسة ، متفائلة ، مضحية لا أنانية، تفكر بغيرها قبل أن تفكر بنفسها، أو بالأحرى لا تفكر بنفسها بقدر ما يكون ذلك في مصلحة الشعب اليهودي ، و هي تنظر إلى الماضي نظرة مستقبلية مطهرة ، و هي مسيحية في مسلكياتها : وديعة ، رقيقة ، و هادئة ، و مع تمسكها الذرائعي المصلحي بمقولات غيبية ، فضلاً عن كونها شخصية نبوئية تحمل إلى جانب حكمة القرون التي مضت توقعات المستقبل الآتي. "(110) و قد دفعت هده النظرة ابن ميمون ــ المعروف بمايموندي ــ إلى احتقار اللغة العربية التى أتاحت له أن يقدم إنتاجاً يهودياً من خلالها ، كما كتب يهودا حليفي بالعربية، ومع ذلك قدم لنا يهودياًمتفوقاً في كتابه " ملك الخزر"وكان من نتيجة ذلك أن ظهرت نزعة عنصرية لدى الكتاب اليهود، فها هوبنيامين دزرائيلي يؤكد أن "كل شيء عرق وليس ثمةحقيقة أخرى " و أنه ليس بوسعك أن تهدم العرق الصافي "(111) و هو بذلك يكون قد سبق النازية في تكريس نظرية العرق الصافي ، فاليهود دائماًهم الأساس في وضع النظريات العنصرية و الشريرة في العالم . و قد ظهر اليهودي التائه في الأدب العبري ، و كان أول ظهور له في قصة البطريرك الأرمني التي تلاها في سانت البانز عام 1228 عن رجل يقال أنه شاهد صلب المسيح و أنه محكوم من قبل المصلوب بالتجول في العالم إلى يوم القيامة و اسم هذا اليهودي كارتا فيلوس ، و كان يعمل بواباً على باب المحكمة التي حكمت بصلب المسيح و أثناء خروج المسيح ضربه كارتا فيلوس على ظهره ، و مع إساءة هذا اليهودي إلى المسيح فإن شخصية اليهودي التائه انقلبت إلى شخصية محببة في الذهن الشعبي الأوروبي ، ثم انقلبت في القرن السادس عشر إلى شخصية تجلب النحس. (112) . و في عام 1948 توظف اليهودي التائه في خدمة تجارة الكارثه النازية على يد فيثوريو غاسمان في فيلم اسمه " رمال الزين " فأصبح اليهودي رمزاً للصمود في معتقلات النازية الرهيبة. (113) و من المستحيل أن يقرأ الإنسان رواية صهيونية عن فلسطين إلا و يكون المدخل فيها " المذابح الهتلرية " و قد حاول الكتاب اليهود تبرير عدم ذبح الأتراك لهم بأن الأتراك ــ مثل الله ــ أدركوا أن اليهود شعب شديد المراس يصعب قمعه. (114) لقد جعلت الرواية الصهيونية من هتلر بطلاً يقوم ببناء إسرائيل بطريقة لا تقل فعالية عن أي بطل صهيوني، (115) و قد جعلت الأعمال الأدبية الصهيونية اليهودي الجوال أو التائه يحمل السلاح و فكرة الغزو ، ففي مسرحية بينسكي " الغريب" و التي تبنتها فرقة " هابيما" و قدمتها إلى يهود أوروبا الشرقية ثم إلى يهود العالم ، يقف اليهودي الجوال و يخطئ نفسه لأنه لم يناضل من أجل حرية شعبه و لهذا عاقبه الله بأن يتجول في كل أرجاء العالم ، و قد روج المتعصبون اليهود لهذه المسرحية ، كما روجوا لرواية (دانييل ديروندا) التي دعت إلى المزج بين الدين و العرق تحت ظل الوطن القومي.(116) . وقد جعل شيللي ـ في قصيدته" كوين ماب" ـ اليهودي عنصر احتجاج دائم ضد الغبن، وتصبح مطالبته بالحرية أهم من فكرة الغفران ذاتها ، فقد تحول اليهودي التائه في القرن التاسع عشر من خاطئ إلى صاحب حق ، و من مستغفر إلى ثائر. (117). و قد جعلت الصهيونية اليهود شعباً من الأنبياء ، فاليهودي على استعداد دائم للدخول في صراع مر مع العالم من أجل العدالة، وهو لا يناضل من أجل نفسه فقط ، بل يناضل من أجل العالم ، فهو مفطور على العدالة ، يطلب الخير حتى لأعدائه ، ففي أكسودس يقتل الفدائيون حبيبة دوف ، و مع ذلك لا يتصرف دوف بما يتناقض مع طبيعة جوهره الصافي ، لا يستطيع أن يكره الفدائيين لأن كارمن لم تفعل ذلك،إنها لا تستطيع أن تكره أي كائن حي. (118) و لنتصور تعبير أي شيء حي و ماذا يعني ، إنهم يعتبرون الفدائيين ضمن مجموعة الأحياء التي تشمل الحيوانات و الطيور و النباتات ، فهو لم يصنفهم حتى ضمن الأغيار من البشر ، فهل هناك عنصرية أكثر من ذلك ؟! ويعبر ران أدليسط عن الفكرة ذاتها، في قصته (أغنية الأوز) فاليهودي لا يريد أن يكره حتى لا يشوه الجوهر اليهودي ، و اليهودي يعرف عدداً من اللغات الأجنبية ، و من خلال التركيز على ذلك يحقق الكتاب اليهود هدفين : 1ـ التأكيد على الذكاء والتفوق والقدرات العقلية لدى اليهودي كفرد . 2ـ التذكير بالشتات الذي أرغم اليهودي على العيش في منفى اللغة و تبني لغات غير لغته القومية المقدسة . و إضافة إلى ذلك يؤكدون على التفاعل و التواصل الحضاري و الثقافي بين اليهودي و الصهيوني و الحضارة العالمية عامة و الغربية خاصة.(119) وقد عكست شخصيات عجنون واقع المدينة اليهودية بما فيها من مفارقات، وقد شملت شخصياته نماذج بشرية متعددة، ولكنها تعكس وحدة متكاملة ، فهناك المتدين المتعصب و هناك المعتدل و من يقف موقف وسطاً ، كما تعكس شخصياته مشكلة الصراع بين الأجيال ، بين القيم الجديدة و القديمة ، بين العرف الجماعي و الاتجاهات الفردية للجيل الجديد ، و معظم أبطال عجنون يتحدثون كي يمارسوا التقاليد الدينية اليهودية ، و يتذكروا أبطال العهد القديم ، كما تعكس شخصياته الدمج بين الموقف الديني والموقف السياسي. (120) . و بطل رواية عجنون " اتمول شلشوم" (أمس الأول ) متردد بين يافا و القدس ، بين سونيا و شفرا ، فهو يمثل صورة جيل ، إنه تابع و ليس قائداً ، فالأحداث هي التي تقرر خطواته لا هو ، فقد ذهب إلى فلسطين كي يحقق صهيونيته ، و لكنه يكتشف زيف المثل النبيلة للصهيونية في نظره ، فالصهيونيون يستخدمون الصهيونيةلتحقيق مآربهم الخاصة ، بينما جاء يتسحاق (البطل) ليحرث الأرض و يجعل الطبيعة خضراء ، و لكنه يتحول إلى دهان يقوم بطلي المنازل القديمة ، فهو يشوه الطبيعة ، و في أثناء توجهه إلى يافا يحن فجأة إلى القدس ، إلى ميئاة شعاريم، إلى شفرا رمز التدين و هي نقيض سونيا رمز الصهيونية. (121) و قد قدم الأدب العبري شخصية اليهودي المرفوض ، فكل من يبتعد عن تنفيذ مهمة الاستيطان ، و ينحرف عن تعاليم اليهودية ،هو يهودي مرفوض وعليه فإن اللعنة تحل بكل من يتخلى عن المنحى الديني في فكرة الاستيطان.(122) كما اتخذ هرتزل موقفاً معادياً من " البورجوازية اليهودية التي عارضت في البدء الفكرة الصهيونية ، ورفضت فكرة الدولة اليهودية ، و لأنه يعتبرها، لهذا السبب ، غريبة عن المجتمع الجديد ، و لا تملك الحق في الاستمتاع بالفرص التي فتحها أمام المهاجرين الذين كانوا يعانون من البؤس و العوز في أوروبا. "(123) و الفئة الأخرى التي تحظى بالرفض الصهيوني ، اليهود الشرقيون المعاصرون ، فالصورة التي قدمتها ليزلي غورس لأحياء اليهود الشرقيين تعبر عما يكنه اليهود الغربيون من مشاعر الرفض ضد هذه الفئة. (124) و قد نشأ الشعور بالذنب عند بعض الكتاب اليهود بسبب الممارسات الإسرائيلية ضد العرب، فقد اكتشفت يائيل دايان و كشفت زيف النموذج المعصوم الذي خلقه الأدب الصهيوني ، فقد ظهرت صورة جديدة لبطل يهودي غيرمعصوم ، حيث لم يستطع كتاب أمثال بنيامين تموز ، س. يزهار أن يحملوا العرب مسؤولية جرائم هتلر كما حاول ليون أوريس في إكسودس. (125) و نتيجة لشعورهم بالذنب تغيرت أفكار بعض الكتاب مثل عاموس عوز اليميني المتعصب الذي أصبح ممن يشاركون في مظاهرات حركة السلام الآن ، و بالمقابل حدثت تحولات عند البعض نحو اليمين مثل موشيه شمير الذي انتقل من مابام إلى اليمين المتطرف . وقد صورت الأعمال الأدبية اليهودية اليهودي دائماً على أنه داعية سلام ، يمد يده عارضاًالسلام على العرب، ولكن هؤلاء يرفضون اليد الممدودة ،لأن العربي لايؤمن بالسلام ، و لا يحكم العقل ، فهو عديم الشفقة و الضمير مخرب و مجرم لا يراعي حرمة النساء و المسنين و الأطفال. (126) و قد حاول متشنر في (الينبوع) أن يرجع أعمال أبطاله العدوانية في فلسطين إلى الأعمال النازية في ألمانيا ، فاليهودي "بات" الذي قتل النازيون حبيبته سارة يقتل العرب ثأراً من الألمان. (127) و بعد مفاوضات كامب ديفيد حمل الأدب الصهيوني راية الدعوة إلى السيطرة الفكرية لأنها تحقق ما لم تحققه الجيوش ، و دون أية خسائر مادية أو بشرية. (128) . والأدب الصهيوني بصفة عامة هو أدب دعائي فج و مباشر لخدمة الأهداف السياسية للحركة الصهيونية، لذا فهو يفتقر إلى الشروط الفنية التي يجب توافرها في الأعمال الأدبية ، و هو أدب عنصري يفتقر إلى الشرط الإنساني و الإبداع الفني في الأدب. (129) و على العموم فإن من المنطق أن يشعر الإنسان بالتفوق ، فشعور الفخار هو شعور مشروع و طبيعي ، أما الشعور بالتفوق الذي يدفع إلى احتقار البشر و النظر إليهم نظرة عرقية ، و هذا الشعور هو الذي سيطر على الأدب العبري الصهيوني ، و قد أخذ هتلر عنهم ،(130) أي أن هتلر هو تلميذ من تلاميذ العنصرية الصهيونية .
الهوامش : (1) د/عبد الوهاب المسيري . الأيدولوجية الصهيونية . ص136. (2) السابق .ص138. (3) كتابات معاصرة عدد 1 مجلد 1 نوفمبر سنـــ1988ــة خيري عبد الرحمن (4)د/ عبد الوهاب المسيري . الأيدولوجية الصهيونية . ص59. (5) السابق . ص72. (6) السابق . ص107. (7) السابق . ص80. (8) ابراهام جايجر (المرجع السابق (9) هاني الراهب / الشخصية اليهودية في الرواية الانجليزية .ص28. (10) عبد الوهاب المسيري . الأيدولوجية الصهيونية . ص 91. (11) عبد الوهاب المسيري . الأيدولوجية الصهيونية . ص89. (12) السابق . ص46. (13) عبد الوهاب المسيري . الأيدولوجية الصهيونية . ص43. (14) السابق . ص108. (15) السابق . ص121. (16) السابق . ص215. (17) د/ عبد الوهاب المسيري . الأيدولوجية الصهيونية . ص218/219. (18) السابق . صـ219. (19) السابق . صـ124. (20) السابق . صـ207. (21) السابق . صـ146. (22) بديعة أمين . الأسس الأيدولوجية للأدب الصهيوني . ص198. (32) عمر عبد الغني غرة . الفكر الصهيوني . ص13. (24) بديعة أمين . الأسس الأيدولوجية . ص216 . (25) السابق .صـ223 (26) السابق .صـ226 (27) السابق .صـ219. (28) بديعة أمين . الأسس الأيدولوجية . صـ217. (29) عمر عبد الغني . الفكر الصهيوني .صـ197. (30) بديعة أمين . الأسس الأيدولوجية .صـ203. (31) السابق .صـ203 (32)عبد الغني غرة . الفكر الصهيوني .صـ14. (33) عمر عبد الغني . الفكر الصهيوني .صـ11. (34) غانم مزعل .الشخصية العربية في الأدب العبري . صـ33. (35) السابق .صـ34. (36) السابق .صـ43. (37) بديعة أمين . الأسس الأيدولوجية .صـ205. (38) غسان كنفاني . في الأدب الصهيوني .124. (39) عبد الوهاب محمد وهب الله . الاستيطان اليهودي في الأدب الصهيوني . صـ127. (40) السابق . صـ132 (41) السابق . صـ165. (42) غانم مزعل . الشخصية العربية في الأدب العبري .ص122/123 (43) السابق .صـ135. (44) بديعة أمين . الأسس الأيدولوجية للأدب الصهيوني . صـ204. (45) السابق .صـ259. (46) السابق .صـ262 . (47) هاني الراهب . الشخصية اليهودية في الرواية الانجليزية . صـ110. (48) بديعة أمين . الأسس الأيدولوجية للأدب الصهيوني .صـ242. (49) السابق .صـ266 (50) السابق .صـ260. (51) السابق .صـ244 (52)السابق .صـ287. (53) السابق .صـ289 (54) غسان كنفاني أدب المقاومة في الأرض المحتلة صـ67. (55)بديعة أمين .صـ283. (56) السابق .صـ285. (57) بديعة أمين . الأسس الأيدولوجية . ص276. (58) السابق . صـ277 (59) السابق . صـ278. (60) السابق .صـ276 . (61) عمر عبد الغني غرة . الفكر الصهيوني .ص ـ75 . (62) السابق .الفكر الصهيوني .ص ـ92 . (63) السابق .صـ12. (64) غانم مزعل . الشخصية العربية في الأدب العبري .صـ72. (65) عمر غرة.صـ81. (66) السابق .صـ59. (67) السابق .صـ116. (68) عمر غرة . الفكر الصهيوني .صـ120. (69) السابق . صـ205. (70) بديعة أمين . الأسس الأيدولوجية . صـ236. (71) السابق . صـ 229 . (72) السابق . صـ236 (73) السابق .صـ234/235. (74) عمر غرة . الفكر الصهيوني .صـ26. (75) د/ عبد الوهاب المسيري . الأيدولوجية الصهيونية .صـ23. (76) السابق.ص94. (77) السابق .ص45. (78) هاني الراهب . الشخصية اليهودية في الرواية الإنجليزية .صـ70 (79) هاني الراهب . الشخصية اليهودية في الأدب الإنجليزي .صـ84. (80) السلبق .ص71. (81) السابق .السابق .صـ88. (82) السابق . صـ85. (83) السابق .ص109. (84) السابق .صـ102. (85) غسان كنفاني . في الأدب الصهيوني .صـ52. (86) السابق.صـ54. (87) دزرائيلي . هو يهودي أصبح لوزراء بريطانيا في القرن التاسع عشر. (88) السابق . غسان كنفاني .صـ58. (89) هاني الراهب / الشخصية اليهودية .صـ129. (90) كتابات معاصرة . مجلد 1 عدد نوفمبر سنـــ1988ـة . الشخصية الصهيونية . خيري عبد شاهين 131/132. (91) السابق . خيري عبد ربه . صـ133 (92) هاني الراهب . الشخصية اليهودية .صـ102. (93) عبد الوهاب وهب الله . الاستيطان اليهودي في الأدب الصهيوني .صـ28. (94) السابق .صـ28. (95) جودت السعد . الأدب الصهيوني . ط1 سنــ1982ـة .صـ22. (96) مشارف . عدد 2 . سبتمبر 95 . صلاح حزين . الأدب الإسرائيلي .صـ135. (97) بدأت الإضطرابات في كيشيفف التي يقطنها عدد كبير من اليهود. سنــ1903ــة (98) عبد الوهاب وهب الله . الاستيطان اليهودي في الأدب الصهيوني .صـ17ــ37 (99) غسان كنفاني . أدب المقاومة في الأرض المحتلة .صـ53. (100) جودت السعد . الأدب الصهيوني .صـ35. (101) غسان كنفاني . أدب المقاومة .صـ57. (102) السابق . صـ60 (103) مشارف . عدد 2 صلاح حزين .صـ139. (104) عبد الوهاب محمود وهب الله . الاستيطان في الأدب الصهيوني . صـ82/83. (105) مشارف . عدد 2 سبتمبر 95 . صلاح حزين . الأدب الإسرائيلي . ص139. (106) غسان كنفاني . أدب المقاومة . صـ62. (107) السابق. صـ64ــ70 (112) غسان كنفاني .في الأدب الصهيوني .صـ76/77. (113) السابق .صـ88. (114) غسان كنفاني . في الأد ب الصهيوني .ص88. (115) السابق .ص103. (116) السابق .ص86/87. (117) السابق .ص84. (118)بديعة أمين .الأسس الأيدولوجية . صـ123. (119) السابق .صـ138. (120)عبد الوهاب وهب الله . الاستيطان اليهودي في الأدب الصهيوني . صـ142/143. (121) السابق .صـ137. (122) السابق . صـ145/146. (123) بديعة أمين . الأسس الأيدولوجية . صـ156. (124) بديعة أمين . الأسس الأيدولوجية .صـ157/158. (125) غسان كنفاني .في الأدب الصهيوني .صـ148ــ151. (126) غانم مزعل . الشخصية العربية في الأدب العبري .صـ86. (127) جودت السعد . الأدب الصهيوني .صـ42. (128) جودت السعد . الأدب الصهيوني .صـ116. (129) مشارف .عدد 2 سبتمبر 95 . صلاح حزين . صـ135.
#محمد_أيوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البنية الروائية في أعمال رجب لأبو سرية
-
معابر الهوان في فلسطين
-
يوم الأرض .. أيام الأرض
-
الجامعة العربية في غرفة الإنعاش
-
قروان ع الباب
-
( قصة قصيرة بمناسبة يوم المرأة العالمي بعنوان: ( قبض الريح
-
المرأة في فلسطين
-
هدية من عامل إلى معلمه
-
البذرة تتمرد
-
لمصلحة من هذا الاستقطاب داخل حركة فتح ؟
-
من المسئول عن بط ء الإجراءات في وزارة العدل والمحاكم الفلسطي
...
-
خالد
-
عذابات نورس
-
وانتصر الحب
-
شجرة الزيتون
-
الموت المجاني
-
حركة فتح على مفترق طرق
-
أين وزارة المالية الفسطينية مما جرى في حي الأمل
-
نعم لسيادة القانون في فلسطين
-
القراءة في المجتمع الفلسطيني بين العوائق وعوامل التشجيع
المزيد.....
-
من باريس إلى عمّان .. -النجمات- معرض يحتفي برائدات الفن والم
...
-
الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
-
ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي
...
-
حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
-
مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا
...
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|