أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد البصري - وَجَعُ الحياة














المزيد.....

وَجَعُ الحياة


أسعد البصري

الحوار المتمدن-العدد: 4100 - 2013 / 5 / 22 - 18:08
المحور: الادب والفن
    


لقد آذتني الحياة إلى درجة أنني أشعر بالحصى التي تركلها أقدام الطالبات ، لا أشعر بألمي ، ولا حتى بألم أحد . تقول جدتي ، هي القطط التي في طفولتنا قتلناها ، أَكَلَتْ عيوني ، حتى أنني لا أرى عدوّي من صديقي . أمسح على أولاد جاري ، ظنا مني أنهم أولادي . لقد حدث لي ، ما يحدث للوتر المشدود إلى أقصاه . بعيدا يسقط سهمي ، حتى أَخْطَأْتُ جميع أهدافي . و لأن الحياة آذتني كثيرا خاصمتها . لم أكلم أحدا من قبل عن عذابي ، لا أشعر بقصائدكم ، لأنها لا تمتلك قوة الصعود إلى رأسي . أغلقت الباب بكلّ قوتي ، حتى أنها حين أثلجت ، تكدّس الثّلجُ خلف الباب ، طيلة آذار ، لعلي أفتحه لأرى الربيع . لقد آذتني أمّي كثيرا حين أنجبتني ، آذاني الحليب الحار ، و طلوع أسناني ثم سقوطها . تلتهب حياتي المكسورة هنا في أقصى الغابة ، على حافّة العالم . لتطلع هذه القصائد الأخيرة في فم العراق العجوز . لا أصلح للبكاء ، لأنني أبدو غريبا كحائط سَقَطَتْ عليه قذيفة ، كوجه ملتصق بالماء . النساء يدخلن تحت الغطاء ثم يخرجن بخوف من الحبل .

بي حنينٌ كبيرٌ إلى الشعر ، الوطن الوحيد الذي لا يفارقني، أتشرد في شوارعه الداكنة . أعلم بأنني لن أكون شاعرا جيدا . غير أنني مطعون في الصميم ، ولا شيء أمسك به في هذه العاصفة ، سوى الكلمات الغامضة . وحيد ، إلى درجة أن حبيبتي تبكي في الليل و تشيخ . كلّما فَكَّرَتْ بالهرب ، تخاف أن أجوع في الشتاء . ها هو الربيع ، وأظن أنها أخرجت فساتينها . يدي تغرق في الحمّام كطائر جريح . لا طاقة عندي لفك أزرار الكلمات الخجولة . لا وقت لجمع أوراقي تحت أقدام العاصفة . للنظر في المرآة ، للعربات التي انكسرت في وجهي ، لكتابة اعتذار لحبيباتي القديمات ، للمرأة الحاقدة التي أنجبتْ ابنتي ، وَغَرَسَتْ رايةً في صدري ، ثُمَّ أَعْلَنَتْ زفافها عليّ بالسكين . وتلك التي إلى سريرها رَبَطَتْنِيْ بملابسها الداخلية ، وصاحَتْ " حدثني عن ذوبان الماء بين نهدي " . لماذا تصطدم السيارات المسرعة بالظلام هذا المساء ؟ ، أين يذهب الرجل الوحيد في الليل ؟ . هذا الراهب المدود على العتبة ، قد وجد نفسه في الطرقات ، حيث لا مكان في عربة الوجود للنقصان . لا أرى يدي ، البارحة أدخلتها في بطن زوجتي ، وأخرجتُ طائراً أخضر . لا أرى وجهي في الماء الصافي ؟ . اليد التي صَفَعَتْنِيْ انكَسَرَتْ ، وأوجَعَتْها رياحُ الشمال . يا إلهي ! لقد تحوّلتُ إلى ضمير . فجأةً صَمَتَتْ ضفادعُ النهر ، بعد قليل يدخل الفجر وعلى رأسه البلابل ، فنامي على ساعدي يا ابنتي . عديني أيتها الشجرة النبيلة ، أن أغني على غصنك دون أن ينكسر .

الحياة التي تبدأ بطريقة خاطئة ، غالبا ما تنتهي كذلك . ربما السينما تركز على الحالات الإستثنائية التي تصلح للأفلام . كونك عراقيا ، من أسرة فقيرة ما هي فرصتك ؟؟ . التعليم المحلي الرخيص ، القمع ، الشعور بالدونية ، النفاق الإجتماعي والحروب . ربما الموت هو الحرية الوحيدة ، العدالة الوحيدة في هذا العالم . لولاه لظننت بأن الله غير عادل . كانت عندي رغبة يا ابنتي ، أن أكون شاعرا لكنني غيّرتُ رأيي . لا أثق بمشاعري كثيرا ، والشعر ، كما ترين ، قد أصبح مهنة المشبوهين ، والمختلين عقليا . حتى الميول الفلسفية التي أمتلكها ، ليست مدرسية ، مُجَرَّد تدفق حيوي للدماغ ، على طريقة برغسون . شيءٌ مرَّ سريعاً ، كما تمرُّ ذبابةٌ ، هذه هي حياتي . أتذكّرُ الدّرب الوسطاني ، حمرينان ، الباحورة ، أم سلمان ،الشاخة ، الصندوگ المدگوگ ، الحندگوگ ، و رائحةَ التراب .... رائحةَ التراب يا ابنتي .



#أسعد_البصري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوديسيوس
- الشُّعَراء من نَفْسٍ واحدةٍ
- الصَّلاة
- الإسلام تجربة روحيّة ، و ثقافة
- الشاعر علوان حسين و دموعه
- أدب الصَّمْت عند هنري ميللر
- عن الشاعر المسلم
- الحرية والإغتراب
- رَحْمَةُ الله
- حلاوَةُ أَقْدامِكُنَّ ، التَّمرُ المچبوس
- الشاعرة العراقية سوسن السوداني
- الشاعر علي محمود خضيّر
- ذاكرةٌ لِشَيْءٍ يَتَكَرَّرُ
- المحاصصة مقترح إيراني في العراق
- حرب القبور و المراقد
- رسالة شخصية إلى هادي المهدي في قبره
- خمسة مايو عيد ميلاد كارل ماركس
- الجمال
- الشيطانة
- الفن / الشعر / الحياة


المزيد.....




- أيقونة الأدب اللاتيني.. وفاة أديب نوبل البيروفي ماريو فارغاس ...
- أفلام رعب طول اليوم .. جهز فشارك واستنى الفيلم الجديد على تر ...
- متاحف الكرملين تقيم معرضا لتقاليد المطبخ الصيني
- بفضل الذكاء الاصطناعي.. ملحن يؤلف الموسيقى حتى بعد وفاته!
- مغن أمريكي شهير يتعرض لموقف محرج خلال أول أداء له في مهرجان ...
- لفتة إنسانية لـ-ملكة الإحساس- تثير تفاعلا كبيرا على مواقع ال ...
- «خالي فؤاد التكرلي» في اتحاد الأدباء والكتاب
- بعد سنوات من الغياب.. عميد الأغنية المغربية يعود للمسرح (صور ...
- لقتة إنسانية لـ-ملكة الإحساس- تثير تفاعلا كبيرا على مواقع ال ...
- مصر.. وفاة منتج فني وممثل شهير والوسط الفني ينعاه


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد البصري - وَجَعُ الحياة