توفيق أبو شومر
الحوار المتمدن-العدد: 4099 - 2013 / 5 / 21 - 14:15
المحور:
كتابات ساخرة
أعود إلى اللغة عندما أسمع تعبيرات موسمية تظهر فجأة وينتشر استعمالها ثم تختفي من علم السياسة.
والتعبير الذي أصبح شائعا هذه الأيام هو:
( كل الخيارات مفتوحة)!!
وأصل هذا التعبير يشير إلى (الخير) فالخيارات من الخير، غير أن دبلوماسية الألفية الثالثة أخرجته من معنى الخير ليدل على الشر، فقد درج سياسيو إسرائيل على توظيفه في الملف النووي الإيراني وصار التعبير أكثر المصطلحات السياسية انتشارا عند الدبلوماسيين الإسرائيليين، وقد شايعهم في ذلك الأمريكان، فتحوّل التعبيرُ ليدلَ على النيَّة الشريرة ، وعلى الدمار والقتل المُضمَر، فهو إذن من أبرز شعارات التهديد والوعيد في عالم اليوم، لأنه غامضٌ في مدلولاته!
ونظرا لغموضه فقد صار مصطلحا شعبيا سياسيا دوليا، استخدمه كثير من سياسيي مصر في موضوع تهديد خاطفي الجنود السبعة، واستخدمته كوريا الشمالية ضد آختها الجنوبية، واستعمله السوريون ضد السوريين، والأفغانيون ضد الأفغانيين...!!
ولعل أطرف ما في هذا الأمر، أنني سمعت سياسيا فلسطينيا بارزا من المعجبين بهذا المصطلح استخدمه عدة مرات في إحدى مقابلاته، وهو يجيب عن الأسئلة التالية:
ماذا لو واصل الاحتلال الاستيطان؟
وماذا لو واصل المتزمتون الحارديم مهاجمة القدس والاعتداء على الحرم؟
ماذا لو لم تنفع الوساطات في ملف المصالحة؟
فأجاب [ كل الخيارات مفتوحة]!!
فالمجد لهذا المصطلح الجديد.... ها نحن استطعنا بمصطلح واحد لا غير أن ننتقل إلى طور الدول الكبرى القوية، وأصبحنا نهدد ونتوعد !!
وبمصطلح واحد تمكنا من الخروج من ضائقتنا وإحباطنا، فانتقلنا من الإحباط واليأس، إلى الغموض والبأس!!
وبمصطلح واحد حللنا كل مشكلاتنا، وأنجزنا ما لم نستطع إنجازه على أرض الواقع!!
فطوبى للغة ومصطلحاتها وألفاظها وتعبيراتها، فهي دواء المقهورين وعلاج المنكوبين!!
#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟