أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - صبري المقدسي - شجرة الحياة: رموزها ومعانيها ودلالاتها اللاهوتية















المزيد.....

شجرة الحياة: رموزها ومعانيها ودلالاتها اللاهوتية


صبري المقدسي

الحوار المتمدن-العدد: 4098 - 2013 / 5 / 20 - 15:36
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


شجرة الحياة: رموزها ومعانيها ودلالاتها الروحية
للشجرة عموما دور عظيم في التاريخ البشري فهي كانت ولا تزال تعتبر رمزا مهما للحياة سواء البشرية او الطبيعية. وكانت صورة "شجرة الحياة" تداعب خيال البشر في القديم ولاسيما مسيرة شعب إسرائيل، وأصبحت رمزاً لكل ما يمكن أن يكون مصدراً للبركة والسعادة. ولهذا نجد رمز الشجرة حاضرا في معظم الاديان والثقافات وبأشكال متعددة ومختلفة.
وتعتبر شجرة النخيل رمزاً لشجرة الحياة في ثقافات عديدة ومن ضمنها قصة التكوين التوراتية في الفردوس: "واستنبت الرب الأله من الأرض كل شجرة بهيّة للنظر ولذيذة للأكل. وغرس أيضا شجرة الحياة، وشجرة معرفة الخير والشر في وسط الجنة" تك 2/9 . وكذلك: "ها الانسان قد صار كواحد منا يُميّز بين الخير والشر. وقد يمُد يده ويتناول من شجرة الحياة ويأكل فيحيا الى الأبد" تك 3/22 .
وكانت هذه الشجرة مقدسة ايضا لدى الاغريق والمصرييّن والبابلييّن والفينيقييّن والرومان والثقافات القديمة لشعوب المايا والإزتيك في امريكا الجنوبية بالاضافة الى وجودها في الالواح السومرية المكتشفة في منطقة الموصل العراق والتي تؤكد على وجود القصة في الشرق الأوسط منذ 5000 سنة.
ويصل إرتفاع هذه الشجرة من 40 الى 90 قدما في بعض الأحيان، وكانت رمزا للترحيب بالقادمين الى المدينة ولاسيّما في المناطق الصحراوية التي كان يُظن بوجود الماء على المقربة منها. وكان يُعتقد، أن لها 360 إستعمالا في الحياة. ومن إستعمالاتها الكثيرة، الخشب من عودها الطويل، والسلات والقفف وسقفيّات البيوت من أليافها، وبذورها كعلف للحيوانات، وكذلك إستخراج العرق وهو مُسكر شديد المفعول من بذورها، بالأضافة الى صنع الحبال من جذوعها القوية.
وقد جاء في قاموس الكتاب المقدس أن الشجرة مزروعة في وسط الجنة تك 2: 9 . ثمرها يمنح الإنسان حياة خالدة. فعندما اخطأ آدم وحواء طردهما السيد الرب من الجنة لئلا يأكلا منها ويعيشا الى الأبد. ولقد دبَّر الله طريقًا آخر لإعادة الإنسان إلى الحياة. وسرعان ما صار التعبير "شجرة الحياة" تعبيرًا شعريًا، استخدمه كاتب سفر الأمثال إشارة إلى مصادر البركة العظيمة في حياة الإنسان أم 3: 18. ثم استخدمه يوحنا الرائي مشيرًا إلى الامتيازات العظيمة التي تنتظر المفديين في العالم الآخر، رؤ 2: 7 و22: 2 و14.(قاموس الكتاب المقدس)
اكتشفت شكل هذه الشجرة ولأول مرة في مقبرة الملوك في مصر الفرعونية. وتدعى شجرة الحياة ولاسيما في اسطورة الخليقة التوراتية وفي إسطورة جلجامش السومرية البابلية. وترمز الحيّة فيها الى المُجرّب الذي يُجرب الانسان.
فالقصة التوراتية إذا، رمزية، تعليميّة، لاهوتية، إذ تجرّب الحيّة (الشيطان) حواء، وتدعوها للشك في صلاح الله. والله في القصة لا يريد للأنسان أن يشاركه في معرفة الخير والشر. ويدعو (المُجرّب ـ الشيطان ) الأنسان على أن يُصبح إله نفسه. وترمز القصة التوراتية الى أن الأنسان لا يبتعد عن الله مجبرا بل بإختياره الكامل وبسبب عصيانه وعدم طاعته له. وتبيّن أن آدم وحواء حصلا على ما أرادا ، ولكنهما حصلا على كل ذلك بطريق مؤلم وغير صحيح.
ولكن في القصة الاصلية كما جاءت في ملحمة جلجامش، يجد بطل القصة(ثمرة الحياة) بعد جهد جهيد ويرى بئرا مياهه عذبة، وينزل اليه ليغتسل. فإذا بحيّة تشمّ رائحة الثمرة، وتخرج من الأرض لتأكل الثمرة وتغيّر جلدها القديم وتسمى حيّة. فيبقى جلجامش هناك ويبكي الى الأبد وتسيل دموعه الغزيرة.
ولكن التوراة تؤكد أن الرجل والمرأة من طبيعة واحدة وهما يختلفان عن الحيوانات. وعلاقتهما ليست، علاقة سيّد ومسود، بل علاقة شريكين على نفس المستوى. ففي القصة: يتعجب الرجل حين يرى المرأة لانها تكافئه. وهنا يكمن الفرق مع الأساطير القديمة. فالمرأة غير متكافئة وغير محترمة كسيدة وكشريكة الحياة للرجل. والشىء الوحيد الذي من أجله تُحترم في الأساطير القديمة هي أنها مصدر للتكاثر.
وبعد أن يجبل الله الانسان(آدم ـ السيد الانسان) ويُسكنه في جنة عدن(الفردوس) ويخلق له شريكة الحياة(حواء ـ السيدة الحياة) ويقيمه وكيلا ومسؤولا عن كل ما خلق، وعن كل ما كان يتمناه: واحة خضراء مليئة بالأشجار المثمرة والمياه الغزيرة، بالاضافة الى الأنهر الأربعة، التي تمتد جغرافيا لتشمل الأرض كلها(المعروفة سابقا). فالفردوس التوراتي إذا ليس حُلماً جميلاً فقدناه بل غاية مستقبلية مُثلى علينا تحقيقها بالعمل الدؤوب لحراثة الأرض وتشجيرها وتنظيفها بالاضافة الى انه دعوة تشجيعية للبشر بزرع الخير والسلام والمحبة في كل مكان وباستخدام كل شىء لمجد الرب الاله ولخدمة البشر، مهما كان لون بشرتهم وجنسهم ودينهم.
فبعد ان تُغري الحيّة المرأة بالأكل من الثمرة الممنوعة ومشاركة الرجل لها، يقاصص الرب الاله، آدم وحواء والحيّة، بدءً بالحيّة ثم المرأة ثم الرجل، ويُطردون من الجنة أي من(الحياة مع الله). ونجد هنا أن للحيّة دورا مهمّاًّ مع ان الكل يعلم أن الحيّة لا تتكلم، ليس الآن ولا في عهد الانسان الأول. وهي تلعبُ دورا شبيها في الأساطير القديمة ولاسيّما(اسطورة جلجامش)، حيث نراها تسرق منه(ثمرة الحياة) بالحيلة، فيصبح الانسان مغلوبا على أمره، ويعود الى مدينته(اوروك) خالي اليدين. فأن كان اختيار(الحيّة) رمزاً اسطورياً مشابهاً للأديان القديمة، الا أن مفهوم الخطيئة، مفهوم خاص بالكتاب المقدس لانجده في الأساطير البابلية والمصرية. وأما الشرّ (الخطيئة) في القصة التوراتية، فهو إختيار شخصي للانسان وحرمانه من شجرة الحياة كان بإختياره الحرّ والخاص ولم يكن بسبب مباشر من الحية(المُجرّب) ولا بفعل عملها. ولكن الأمر يختلف في الأساطير القديمة، فالإنسان لا حول له ولا قوّة، وهو خادم للآلهة ومجبول بالشرّ من دم الآلهة، يفقد الخلود بالصدفة المؤلمة((الحية تسرق الثمرة)).
وترمز شجرة الحياة في اليهودية، لشريعة العهد القديم، وأما في المسيحية فترمز الى الفردوس والى الحياة والمعرفة. والذين يُحافظون على شرائع الله لهم الحق في أكل ثمارها، كما جاء في سفر الرؤيا: "كل من ينتصرُ سأطعمه من ثمر شجرة الحياة في فردوس الله" الرؤيا 2/ 7.
وللشجرة قديما رموز اخرى، حيث أن كثيرا ما ترمز الى النصر والفرح والسلام والخصب وكذلك الى جمال المرأة، وذلك بسبب علُوّها وكثرة ثمارها واستعمالاتها الكثيرة. ولذلك استعمل الناس ألياف النخيل لتحية المسيح في أثناء دخوله إلى هيكل اورشليم. ولا تزال العادة الطقسيّة في كل الكنائس المسيحية بتقديس ألياف النخيل وتوزيعها للشعب المؤمن في عيد السعانين، الذي يقع قبل أعياد الفصح والقيامة بأسبوع واحد.



#صبري_المقدسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجرات: جزر كونية في الفضاء العملاق
- كيف ولدت التقاويم
- البهائية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
- الطاوية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
- الديانة السيخية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
- الجاينية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
- الكونفوشيوسية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
- الشنتوية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
- البوذية: المنشأ والجذور والعقائد الروحة
- الإسلام: المنشأ والجذور والعقائد الروحية (ج 2)
- الإسلام: المنشأ والجذور والعقائد الروحية (الجزء الثاني)
- الإسلام:المنشأ والجذور والعقائد الروحية(الجزء الاول)
- المسيحية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية(الجزء الثالث)
- المسيحية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية(الجزء الثاني)
- المسيحية: المنشأ والجذور والعقائد الدينية(الجزء الاول)
- اليهودية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
- الزرادشتية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
- الزواج: واحد + واحد = واحد
- الهندوسية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
- الأمل نزعة فطرية تعلم التشبث بالحياة


المزيد.....




- بعد جدل حول -اسلمي يا مصر-.. كريم الشناوي يصدر توضيحًا بشأن ...
- فوسفور إسرائيل يدمر الحياة جنوبي لبنان
- -إفريقيا قارة المستقبل- – غانا
- الدفاع الروسية: تحطم طائرة من طراز -تو 22إم3- في مقاطعة إيرك ...
- الإخبارية السورية: غارة إسرائيلية على مبنى البحوث العلمية ف ...
- صفارات الإنذار تدوي في مستوطنات غلاف غزة
- رئيسا أركان الجيش الإسرائيلي و-الشاباك- يتوعدان من رفح بـ-تو ...
- مرشح ترمب لرئاسة هيئة أركان الجيش يتعهد أن يكون قائدا غير حز ...
- غارات أميركية تستهدف مواقع تابعة للحوثيين في الحديدة وصعدة
- الجيش الأميركي يعلن إرسال مزيد من العتاد الجوي إلى الشرق الأ ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - صبري المقدسي - شجرة الحياة: رموزها ومعانيها ودلالاتها اللاهوتية