|
العلاج بالفن في متتالية بيوت تسكنها الأرواح د. عمرو منير
هويدا صالح
روائية ومترجمة وأكاديمية مصرية
(Howaida Saleh)
الحوار المتمدن-العدد: 4098 - 2013 / 5 / 20 - 00:39
المحور:
الادب والفن
دكتور عمرو منير ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ لعلاج بالفنون-;-«-;-Art therapy-;-» -;-اتجاه حديث بديل عن العلاج النفسي-;- -;-التقليدي-;- -;-الذي-;- -;-يعرفه الناس،-;- -;-ويعتمد عادة،-;- -;-علي إصغاء الطبيب إلي المريض في-;- -;-جلسات مطولة تنتهي-;- -;-بوصف بعض الأدوية-;-. -;-فالاتجاه الحديث-;- -;-يختلف تماما ويعتمد علي مفهوم مغاير-;-. -;-وإن كان العلاج النفسي-;- -;-بشكل عام لا-;- -;-يحظي،-;- -;-أصلا،-;- -;-بالقدر الكافي-;- -;-من الاهتمام في-;- -;-العالم العربي،-;- -;-فإن هذه الاتجاهات الحديثة-;- -;-يراهن القائمون عليها علي أن تلقي قبولا أكبر لدي جمهور الناس،وهو علاج نفسي-;- -;-يعتمد في-;- -;-مدخله علي شكل فني-;- -;-مثل الرسم أو الموسيقي أو النحت أو السرد أو ما-;- -;-يسمي بـ«السيكودراما-;-». -;-وبشكل عام فإن أي-;- -;-ممارسة لطاقة إبداعية تكون مشبعا نفسيا وتخرج الطاقات السلبية وتشحن الشخص بطاقة إيجابية،-;- -;-أمر جيد لكل من-;- -;-يعاني-;- -;-الكآبة أو أكثر من ذلك-;-.-;- هذا ما تطرحه المتوالية السردية الجديدة-;- « -;-بيوت تسكنها الأرواح-;- » -;-ذلك العمل الرائع الذي-;- -;-يستحق بوكر وأكثر لهويدا صالح التي-;- -;-صدرت مؤخرا عن سلسلة كتابات جديدة التي-;- -;-تصدر عن الهيئة العامة للكتاب-;-.-;- تختار الكاتبة مجموعة من الشخصيات المأزومة نفسيا واجتماعيا وتدفع بها في-;- -;-فضائها السردي-;- -;-وتتخذ من فن الحكي-;- -;-،-;- -;-حكي-;- -;-الخيبات والتعاسات والأزمات النفسية وسيلة للخروج من تلك الأزمات النفسية-;-. -;-تتمكن الذات الساردة بطلة هذه المتتالية أن تخرج من ذلك النفق المظلم الذي-;- -;-أدخلها لعالم المرض النفسي-;- -;-عبر الفن،-;- -;-عبر الحكي-;-. -;-يختار لها ولبقية الشخصيات المأزمة الطبيب المعالج حلقات السيكودراما لتكون بداية العلاج،-;- -;-وحين تدرك الذات الساردة أنها-;- -;-يمكن لها أن تخرج كل ما-;- -;-يمور داخلها من عقد نفسية عبر الفن تخرج من الجلسات وقد قررت أن تكتب-;- -;-،-;- -;-تكتب لتتعافي-;- -;-،-;- -;-تكتب لتشفي،-;- -;-فتقرر أن تكتب كل من مر بها من شخوص وتجارب،-;- -;-وحين تنتهي-;- -;-من نسج-;- -;-فضاء سردي-;- -;-مغاير تكون قد وضعت نقطة النهاية لمرضها النفسي-;-:» -;-حين وقفت وسط المجموعة التي-;- -;-كونها الطبيب؛ ليطبق عليهم العلاج الجماعي-;- -;-ترددت كثيرا قبل أن توافق علي مشاركتهم ما سمته باسمة لعبا-;-. -;-الجلسة الماضية كانت تجلس خارج الحلقة،-;- -;-ترقبهم من بعيد،-;- -;-فتوترت فتاة ربما لا-;- -;-يتعدي عمرها عشرين عاما من نظراتها،-;- -;-ورفضت الاندماج في-;- -;-الدور الذي-;- -;-اختارته-;-. -;-لاحظ الطبيب ذلك فقام إليها،أمسكها من-;- -;-يدها بود ودخل بها إلي وسط الحلقة وبدأ-;- -;-يُعرِّف بها-;- . -;-نظرت في-;- -;-الوجوه المتحفزة لها والمتوترة من وجودها،-;- -;-وابتسمت-;-. -;-طلب منها الطبيب أن تحكي-;- -;-لهم عن سبب وجودها بينهم،-;- -;-فابتلعت ريقها بصعوبة ولم تستطع أن تتحدث،-;- -;-فأشفق عليها الطبيب وأجلسها في-;- -;-صمت-;-. -;-حاول أن-;- -;-يعود بالمجموعة إلي حالة الاندماج السابق،-;- -;-فلم-;- -;-يستطع-;-. -;-توترت الأجواء،-;- -;-ففض الجلسة في-;- -;-هدوء وذهب إلي مكتبه-;-».-;- تطرح المتتالية السؤال الاجتماعي،-;- -;-كيف-;- -;-يدفع المجتمع أفراده وبخاصة النساء إلي حافة الجنون،-;- -;-كيف-;- -;-يمارس المجتمع قهره علي الطبقات المهمشة والدونية-;- -;-،-;- -;-المكونات الثقافية الأضعف فيه،-;- -;-وهل هناك أضعف من النساء في-;- -;-مجتمع تتحكم في-;- -;-بنية تفكيره الثقافة الذكورية التي-;- -;-تُشيئ المرأة وتتخذها وسيلة للمتعة؟ إنها الثقافة وحدها المسئولة عن الأنفاق المظلمة التي-;- -;-تدخلها النساء قهرا،-;- -;-فمجموعة النساء في-;- -;-بيوت هويدا صالح إنما-;- -;-يعانين علي كل الأصعدة،-;- -;-لا فرق بين طبقة وأخري،-;- -;-فنساء الطبقة العليا-;- -;-يعانين مثلما تعاني-;- -;-نساء الطبقة الدنيا لا فرق-;- -;-،فكلهن عرضة للاستغلال والتهميش والإقصاء،-;- -;-كلهن عرضة لأن-;- -;-ينال منهن المجتمع الذكوري-;- -;-الذي-;- -;-يتخذهن وسيلة للمتعة-;-.-;- ومن قبيل المفارقة أن الطبيب الذي-;- -;-يحاول إنقاذ هذه الأرواح المأزومة هو رجل،-;- -;-لكن هويدا صالح تطرح بوعي-;- -;-فكرة أنه رجل قادم من ثقافة تجاوزت منذ زمن بعيد تلك الأزمات الاجتماعية،-;- -;-هو رجل قادم من أمريكا-;- -;-،-;- -;-رجل عرف معني المواطنة واحترام النساء والإيمان بالقيم الاجتماعية،-;- -;-لذا تبني قضية النساء وحاول أن-;- -;-يوجد لهن المخرج النفسي،-;- -;-أن-;- -;-يقوي-;- -;-دفاعاتهن النفسية ضد تهميش الثقافة لهن-;-:« -;-كنت أتمزق حين أجد أرواحهم تصرخ-;- . -;-الأرواح عالم واسع ومخيف-;- . -;-أكملت دراستي-;- -;-في-;- -;-الخارج-;- -;-،-;- -;-وغصت في-;- -;-عوالم كثيرة ما بين التصوف والفلسفة-;-. -;-عشقي-;- -;-للأرواح وعوالمها الخفية جعلني-;- -;-أتلصص عليها-;- -;-،-;- -;-فدرست الطب النفسي-;- -;-،-;- -;-وتعمقت في-;- -;-الفلسفة-;- . -;-ولعي-;- -;-بالأرواح جعلني-;- -;-أتحايل مع صديقي-;- -;-القس في-;- -;-إحدي الكنائس حتي-;- -;-يمكنني-;- -;-أن أتلقي اعترافات الناس وخاصة النساء،-;- -;-أرواح النساء هي-;- -;-ما أسعي لمعرفته-;-. -;-النساء كائنات مختلفة،-;- -;-لم-;- -;-يكتشفها أحد بعد-;-. -;-الرجال لا-;- -;-يجيدون إلا قهر هذه الأرواح المميزة-;-. -;-لا أعرف ما النداء الخفي-;- -;-الذي-;- -;-جعلني-;- -;-أعود إلي مصر بعد سنوات كثيرة قضيتها في-;- -;-أوربا-;- . -;-حين عدت كنت قادرا علي أن أشتري-;- -;-عيادة في-;- -;-مكان راق في-;- -;-وسط البلد وأبدأ فيها عملي-;- -;-،-;- -;-لكنني-;- -;-قررت أن أبدأ من مستشفي عام-;- . -;-التحقت بالعمل في-;- -;-مستشفي العباسية.منذ الوهلة الأولي فجعني-;- -;-ما تلاقي-;- -;-النساء-;- . -;-حالات كثيرة لا تدعو للرثاء فقط-;- -;-،-;- -;-بل تشق الروح-;- . -;-لم أكن أتصور أن تتعرض النساء لكل هذه القسوة-;-».-;- اتخذت هويدا صالح من المتوالية السردية شكلا لعالمها السردي،-;- -;-والمتوالية شكل-;- -;-يجمع نصوصًا قصصية متفرقة-;- -;-ويكون الرابط لها إما الزمان والمكان،-;- -;-وإما الحدث،-;- -;-وإما الشخصية الواحدة-;-. -;-وقد اعتمدت الكاتبة علي تيمة الشخصية الواحدة-;- -;-التي-;- -;-تشارك القارئ رحلة السرد منذ انطلاقه حتي نهايته،-;- -;-فبطلة العمل تعاني-;- -;-من القلق النفسي-;- -;-والاكتئاب،-;- -;-فتذهب إلي طبيب نفسي-;- -;-يعالجها هي-;- -;-وآخرين بالحكي،-;- -;-بالفن،-;- -;-بسرد الآلام والتخلص منها،-;- -;-كي-;- -;-تنهض أرواحهم،-;- -;-وتقاوم-;-. -;-تدرك البطلة قيمة الاستشفاء بالفن،-;- -;-فتقرر أن تكتب أوجاعها وآلامها،-;- -;-تصور كل ما-;- -;-يشغلها ويوجعها في-;- -;-قصص متخيلة وتدفع بها إلي فضاء البيوت التي-;- -;-تسكنها أرواح هؤلاء المعذبين والمهمشين،-;- -;-والذين دفع بهم المجتمع بشكل أو بآخر إلي حدود الجنون،-;- -;-وأغرقهم في-;- -;-المرض النفسي-;-. -;- ويصبح سؤال الكاتبة هو السؤال الاجتماعي-;- -;-والرؤية النسوية للعالم التي-;- -;-تحاول الانتصار للنساء-;- -;-،-;- -;-كما تحاول أن تنهض بأرواحهن حتي تتمكن تلك الأرواح من المقاومة-;- -;-،-;- -;-سواء كانت المقاومة بالفن أو بكتابة تلك الأرواح المعذبة-;- :« -;-تحلم أنها في-;- -;-حجرة مغلقة تضيق عليها-;-. -;-كأن علي ظهرها الكثير من الأشياء-;-. -;-قررت أن تنزل الأشياء الكثيرة التي-;- -;-تكومت علي ظهرها-;-. -;-كلما تنزل شيئا تتسع الحجرة الضيقة-;-. -;-ظلت تتسع-;-. -;-تتباعد الحوائط،-;- -;-و تكتسي-;- -;-بألوان زاهية-;-. -;-مع آخر ما وضعته عن ظهرها من أحمال تلاشت الحوائط تماما-;-. -;-تشعر بخفة في-;- -;-جسدها-;-. -;-تتحول لعصفور صغير-;- -;-يرفرف بجناحيه-;-. -;-تبتسم لكل هذا الاتساع الذي-;- -;-صار ملكها-;-. -;-استيقظت من حلمها ونظرت حولها،-;- -;-فاكتشفت أنها ما تزال في-;- -;-منزلها الصغير،-;- -;-لكن ثمة ما-;- -;-تغير داخلها-;-. -;-جلست في-;- -;-السرير تحتضن ركبتيها وتعود بذاكرتها لفضاء اتسع أمامها وامتص أثقال جسدها-;-. -;-حين تمسك الذاكرة بخيوط الحلم تحاول أن تفكك علاماته-;-. -;-هي-;- -;-مولعة بتفكيك العلامات،-;- -;-وقراءتها-;-. -;-كل علامات حلمها تشير إلي شيء لا بد حادث لها-;-. -;-تشعر أن ثمة روحا جديدة تلمستها-;-. -;-تطهرت تماما وتصالحت مع ذاتها المنقسمة-;-». -;- أفادت هويدا صالح من الطرائق السردية الحداثية عبر الاشتغال علي تيمة تعدد الأصوات-;- -;-،-;- -;-أو كرنفالية السرد،-;- -;-فهناك صوت الساردة وصوت الطبيب وصوت الأخ وصوت الأم،-;- -;-كلها أصوات سردية تتيح لكل شخصية أن تروي-;- -;-الحدث من زاوية رؤية مختلفة مغايرة،-;- -;-فالحدث الواحد-;- -;-يقدم عبر رؤية بانورامية وعبر أصوات مختلفة-;- -;-،-;- -;-لنحيط به من كل الزوايا،-;- -;-كما أفادت الكاتبة من-;- -;-تشظي-;- -;-السرد-;- -;-وهي-;- -;-تقنية تناسب التشظي-;- -;-الداخلي-;- -;-للشخصيات المأزومة-;-. -;-
#هويدا_صالح (هاشتاغ)
Howaida_Saleh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وجع اللذة في تمارين لاصطياد فريسة لعلي عطا
-
سيرة الحرب والحب في رواية تيو
-
بلاغة التفاصيل في رواية - الذرة الرفيعة الحمراء -
-
التحريض والتثوير في روايات نجيب محفوظ
-
الخطاب الأبكم الهامس في الفقه الأصولي .. قراءة في كتاب -النص
...
-
إعادة استباحة مصر مجددا / ردا على تصريحات فاطمة ناعوت في جري
...
-
دماء الصبايا على مذابح الإخوان المسلمين في مصر
-
ذاكرة مصر البصرية في لوحات زهرة المندلية - حياة النفوس -
-
أزمة الجسد في رواية عالم المندل
-
ليس ثمة موسيقى .. لكنها سترقص غدا
-
المستبعد واللامقول في رواية - وردية ليل - لإبراهيم أصلان
-
هل آن أوان ربيع النساء في ظل الثورات العربية ؟!
-
مرايا الذات المتكسرة في رجوع الشيخ
-
اللحن المتصاعد في الحالة دايت
-
وخزات الألم
-
مثقفون مصريون يرفعون صوت الثورة السورية في سماء القاهرة
-
بيان الكتاب والمثقفين العرب ضد مذابح بشار الأسد بحق الشعب ال
...
-
جدلية العلاقة بين الأنا والآخر في رواية - بروكلين هايتس - لم
...
-
بشار الأسد الذي يُعمّد كرسي عرشه بدماء أطفال سورية
-
حفيف رصاصة
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|