داود روفائيل خشبة
الحوار المتمدن-العدد: 4095 - 2013 / 5 / 17 - 14:32
المحور:
الادب والفن
فى لغة القرآن (1) مقدمة
داود روفائيل خشبة
خطر لى أن أشرع فى كتابة هذه السلسلة من النظرات فى لغة القرآن، وأنا لا أعلم إلى أى مدى سأمضى فيها، فأنا فى السابعة والثمانين ولا أظن أنه قد بقى لى كثير من الوقت لأعمل فيه، ثم أنى قد أجد مشاغل أخرى أحب أن أفيها حقها فى الوقت المحدود المتاح لى. ومع ذلك فلا ضير فى أن أبدأ، فحتى القليل الذى قد أنجزه قد لا يكون بلا فائدة.
كى لا يساء تأويل ما أكتب على أن أوضح غايتى من هذه النظرات ومنهجى فيها.
بدءًا، أظن القارئ يعرف أنى لست مسلما، وبالتالى فإنى لا أتناول القرآن باعتباره نصًّا مقدّسا يحوى كلام الله، وإنما أتناول القرآن ككتاب عربى أنشِئ فى نحو منتصف القرن السابع الميلادى وقت أن كان للعرب شعر منظوم إلا أنهم لم يكونوا قد عرفوا النثر الأدبى ولا كانت لهم تجربة فى وضع الكتب. من هنا تأتى أهمية القرآن الأدبية كعمل رائد فى هذا المجال. وسأحرص على أن تكون معالجتى لغوية موضوعية وألا أقترب من عقيدة وفكر القرآن إلا من حيث يستحيل الفصل التام بين اللغة والفكر.
أوضح ثانيا أنى لست لغويًّا متخصّصا، ولست أدّعى أى تبحّر أو تعمّق فى دراسة اللغة؛ "بيد أنّ لى انتسابا"، فأنا مؤلف ومترجم، اللغة أداتى التى أعمل بها، ولا بد أن يكون لى اهتمام بقضاياها وأساليبها.
ماذا عن منهجى فى تدوين هذه النظرات فى لغة القرآن؟ حيث أنى أقصد تناول القرآن كعمل أدبى رائد، فإن ذلك يقتضى أن أتابع نصوص القرآن فى تسلسلها الزمنى، لكن ذلك يصطدم بكون المصحف غير مرتب زمنيًّا، بل إن السور فى المصحف تكاد أن تكون قد رُتـِّبت على عكس ترتيبها الزمنى، وفى داخل السورة الواحدة قد تأتى آية أو آيات من مرحلة زمنية مغايرة لزمن مجمل السورة. كما أن ترتيب الآيات فى السور لا يتبع منهجا واضحا، إذ يبدو أن جامعى القرآن لم يكن بمقدورهم أن يتحققوا من تسلسل الآيات فاعتمدوا فى كثير من الحالات على تماثل القوافى فى نهاية الآيات. فما العمل؟
هناك اتفاق عام على تقسيم السور بين تلك التى وُضِعت فى مكّة قبل هجرة النبى وأصحابه إلى المدينة وتلك التى جاءت فى المدينة. ومن بين السور المكية قد لا يجانبنا الصواب إذا قلنا إن أقصر السور طولا وأبسطها تركيبا هى السابقة، وهذه تأتى بصورة عامة فى آخر المصحف. لهذا فإنى، إذ أعمل على تدوين هذه الملاحظات، سأقرأ السور فى ترتيب عكسى، بادئا بالمعوّذتين وصاعدا لأعلى، متجاوزا السور المدنية المبثوثة وسط السور المكية، لأعود إليها بعد ذلك.
داود روفائيل خشبة
القاهرة، 17 مايو 2013
#داود_روفائيل_خشبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟