رنا جعفر ياسين
الحوار المتمدن-العدد: 1176 - 2005 / 4 / 23 - 13:07
المحور:
الادب والفن
ذات صباح مددتُ يدي الى الشمس لأمسكَ بها , فأحرقتني .
ربما كانت رغبة الحصول على شيء ثمين لا تخضعُ لها صلاحياتي الإنسانية ( كأنسانة ) تجاوزت سن الرشد .
و من يومها وأنا أقفُ في مكاني , بلا حراك , انظرُ ..... من غير فعل أو رد فعل.
فجاء كوكب و بدأ يدور حولي .
فتأكدتُ إن مكوثي الأزلي في نقطتي الصغيرة , و بلا أدنى حركة , قد عززَّ من استقراري الذاتي - رغم صِغر كتلتي - فبدوتُ مركزاً للجاذبية , ما دفع الكواكب لأن توجدَ لها مدارات حولي .... ففررتُ منها.
و عندما حاولتُ التحليق والطيران بكل ما أملكه من أجنحة سرقتها في الخفاء من أحلام مسحوقة بعجلات الهزيمة المسننة , اضطهدني قانون نيوتن .
ربما لأني كنت في المرة السابقة منافساً قوياً , فسحبني بكل قوته ( النيوتنية ) الى الأرض و همس في أذني :السماء ملك للعصافير والطيور, و إن لها حرمة... عليكم انتم البشر أن تحترمونها.
و منذ عودتي وأنا اقفُ في البستان فزاعة للطيور , لأحافظ على حرمتي في ( الأرض )... ملكي!
و لم أكفَ عن جنوني ... فثمة هاجس دفعني لأن *( أسنبدَ ) نفسي و أعتلي أعالي السفن , أهيمُ في البحار و ابتلعُ المحيطات .. فتقذفني يوماً في جزيرة وربما أخر في قعر المحيط.
و ما أن بدأت مراسيم عرسي المائي , حتى جابهني موج البحر و قال لي باستعلاء: عودي الى أرضكِ .... و لا تعكري على البحر صفاءه.
فجررتُ أذيال خيبتي مع مرساة السفينة و عدنا معاً الى أرضنا المعكرة.
و من يومها و نحن نبني بين اليابسة والبحر جداراً سميكاً من الوهم الشفاف , نحصنُ به أنفسنا من رغبة الولوج في أغوار المجهول , متحججين بقدرته على الاحتواء ... رغم تنكره لنا , نحن الآدميون .
و بعد جولتي اللامجدية في البحث عن المجدي .. اكتشفت!
إننا نعيشُ في بقايا ( عالم )
يرفضُ الرغبة و يذعنُ للسكون
يتنكرُ للإرادة ويطبعُ القبل على جباه الخوف
و لكن!!
ما قد يهون علينا......... كونه بقايا ( عالم ).
*( أسنبدَ ) : مشتقة من اسم السندباد
#رنا_جعفر_ياسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟