أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - قاسم حسين صالح - زيارة..لقصر الملك غازي في الدغارة!















المزيد.....

زيارة..لقصر الملك غازي في الدغارة!


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 4094 - 2013 / 5 / 16 - 20:10
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



كنت مدعوا لالقاء المحاضرة الافتتاحية في المؤتمر الذي عقدته كلية الآداب بجامعة القادسية،والذي كان مميزا بعدد المشاركين فيه ونوعية البحوث، وفي التقاطه موضوعة مهمة هي (العقلية العراقية بين اكراهات الماضي وتحديات المستقبل، واشكالية التغيير في المجتمع العراقي).
وفي عصر احد ايام المؤتمر اصطحبنا الزملاء:د.ثائر عبد الكريم، د.سلام هاشم،د.علي وتوت ومعنا دكتور متعب السامرائي استاذ علم الاجتماع..لزيارة قصر الملك غازي، الذي يبعد مسافة 30كم عن مركز مدينة الديوانية.
سلكنا الطريق الى صدر الدغاره، حيث يقع القصر في النقطة التي يتفرع فيها النهر الى فرعين، فاجتزنا السيطرة الأولى والثانية..ووصلنا المدخل وكان بابا لا يختلف عن ابواب بيوت سكنة الدغارة، وتقدمت..وجالت عيناي بحثا عن الدلالات التي توحي بها مفردة (قصر).. وسألت زملائي فأجابوا:انه الذي امامك.
ولأنني كنت زرت قصور سلاطين العثمانيين في اسطنبول، فقد تصورت ان قصر ثاني ملوك العراق..سيكون قريبا من فخامتها،غير انني وجدته بيتا عاديا من الطابوق اقل مستوى بكثير من بيوت اهل ناحية الدغاره.
دخلنا غرفة الضيوف فوجدناها مفروشة بسجاجيد حيث كان الملك وضيوفه يجلسون على الارض.ودخلت غرفة المتحف..فكان (اثمن) ما فيها (قوري) صيني مرسوم عليه صورة الملك غازي..وباستثنائها( الصورة) فأنه لا يساوي (فلسين!). وما كانت هنالك اواني من ذهب على غرار سلاطين اسطنبول، او الطاغية الذي ذهب. وما كان مبنيا من المرمر الايطالي..كقصور (الامبراطور)..ببساطة..كان القصر..ثلاث غرف استقبال مبنية بالطابوق والجص ومسقفة (بالشيلمان) بعدد اربع الى ثلاث شيلمانات عكاده!.
كان الرأي السائد (والمكتوب ايضا) أن القصر هذا بناه الملك غازي لسببين،الأول:ان يكون مكانا لراحة العائلة المالكة في ايام العطل وان الملك غازي اختاره في مكان هو اشبه بالواحة،والثاني:حاجته لدعم شيوخ العشائر له لاسيما شيوخ الفرات الأوسط حيث كبارهم في الديوانية.
غير ان هذه الرواية تعد باطلة وفقا لرواية اخرى تبدو اصدق لأنها صادرة من (جهينة) التي عندها الخبر اليقين.اذ روى لي الدكتور صلاح كاظم الأستاذ بكلية الاداب جامعة القادسية انه كان برفقة الدكتوره الينور روبنسن عند زيارتها للقصر وان سبب بنائه يتعلق بحادثة..اليكم خلاصتها.
حين اختلف العراقيون على من سيكون ملكا عليهم بعد سقوط الدولة العثمانية..اتفقوا على ان ينّصبوا فيصل بن الحسين ملكا على العراق..وكان على رأس الوفد الذي ذهب اليه..رؤساء قبائل الديوانية، وفي مقدمتهم (عبد الواحد الحاج سكر). وحين اصبح (فيصل الاول) ملكا على العراق..لم يرض عن سياسته عشائر اهل الفرات..فذهب الملك بنفسه الى ديوان الشيخ عبد الواحد. وحدث ما يعد اجرأ واشجع موقف عشائري في تاريخ الحكومات العراقية..اذ صدح المهوال بأهزوجه جاءت باروع ما تجود به البلاغة الشعبية.. وقف امام الملك وهزج موجّها سبابة يده نحوه وقال:
(يمنادي الشعب لبّاك من ناديت
ذبحت اهل العراق عليك ما بقيت
سويتك حكومة وسلميتك بيت
شلون تسلم البيت لمطره..ومطره تصاوغ بيه)
اي،لقد ضحينا الكثير ونحن الذين جعلناك حكومة وسلمناك بيت العراقيين..فكيف تسلمه الى رئيس وزراء يهب ثروات الوطن للأجنبي!!.
ياسلام على شيوخ قبائل أيام زمان حين كان حب العراق يوحدّهم والحكومات تخاف وتهاب أشرافهم،لا كما صار عليه شيوخ (أم المعارك) وبعض شيوخ الزمن الديمقراطي الذين لوثتهم السياسة برذائلها.
وعلى حد ما روت روبنسن للدكتور صلاح (وتاريخنا يعرفه الاجانب اكثر منا!) ان قبائل الاكرع الشيبانات هم الذين بنوا القصر للملك غازي سعيا لاسترضائه بعد ان اخذ موقفا سلبيا من محافظات الجنوب حين تعرض والده الملك فيصل للموقف الذي اطلقت فيه تلك(الهوسه) الرائعة. وانه حين استدعي الملك غازي لرؤية القصر وافتتاحه، افتتن بجمال الطبيعة الخلاّب فقرر ان يزور القصر شهريا مدة ثلاثة ايام،وهذا اقرب الى الواقع ان يكون الشيوخ هم الذين اختاروا المكان وليس الملك غازي كما تذكر الرواية المدونة.
ان كل الدول تحترم تاريخها..وأثارها..الا نحن.وخذوا مثالا على ذلك قصر الشاه في ايران..الذي يوجد فيه رداء الحمام (البرنص) الذي كان يلبسه، وسلاطين الدولة العثمانية..فيما بغداد لا اثر فيها لأكثر من عشرين خليفة..مع انها كانت عاصمة العالمين العربي والاسلامي..سياسيا واداريا..اي ان الخليفة ما كان يحكم العراق فقط..ومع ذلك..لا اثر يخلّدهم..بل اننا، ولعدوانيتنا وجهلنا وسيكولوجيا الانتقام التي تأصلت فينا،رحنا ننبش قبورهم..وندمر اثار مابنوه.
واسألوا من يعنيه الأمر:
لماذا هم يتباهون بسلاطينهم العثمانيين فيما نحن نلعن معظم خلفائنا العباسيين؟
ولماذا هم يغلّبون فضائل سلاطينهم فيما نحن ننبش في قبائح خلفائنا،وننسب لمعظمهم ارتكاب الموبقات،مع ان الحضارة العباسية هي التي عرّفت العالم بفكر سقراط وآرسطو وأفلاطون،ونقلت الآداب السريانية والفارسية،وطورت الفيزياء الفلكية والتقنية..والطب،وأسست اكبر جامعات عصرها..بيت الحكمة،فيما الحضارة العثمانية ليست بأصالة الحضارة العباسية أصلا؟!
ولماذا هم يحافظون على تاريخهم ويقدسونه فيما نحن نهمله ونلعنه؟!.ولماذا هم حافظوا على مقتنيات سلاطينهم ووضعوها بمتاحف فيما نحن نهبنا ودمرنا مقتنيات خلفائنا وملكونا ورؤسائنا؟.
والحق اقول، ان قصر الملك غازي لو كان فيه ما يستحق ان ينهب لنهبوه!..والحمد لله، باق..ولكن..اليكم شاهد يؤكد لحضراتكم كم اننا مهملون لما ينبغي ان يحظى بالاهتمام..لاستقطاب السائحين ولتعريف اجيالنا بتاريخهم.
الموقع..جميل..رائع..من حيث طبيعته الساحرة..ولو انه اعتنى بها..لكان جنة حقيقية..لكن الحديقة المحيطة بالقصر..مهملة..فالحشيش اصبح فيها دغلا..والاشجار تنمو على طبيعتها..اما القصر نفسه..فحاله مأساة..تصوروا..انه لا توجد فيه كهرباء..ولما سألت الحارس، اجابني( قطعوها استاذ لأن ما سددنه اجورها!).
يا ألهي..كيف يحصل هذا؟..قصر الملك غازي..بلا كهرباء!..مبروك عليك دائرة الاثار كم انت حريصة..مع انك تأخذين من كل سفرة طلابية سياحية (ذاك الحساب).
ولكم ان تعلموا ان هذا الأثر التاريخي الذي مضى عليه اكثر من ثمانين عاما،تحول مرة الى مدرسة! وأخرى الى مركز صحي!.ولولا ترميمه في عام 2009 لكان أثرا منسيا.وشاهد آخر على اهمالنا لأثارنا أن وزارة السياحة والآثار كانت اعلنت قبل سنتين عن طرح هذا القصر للأستثمار واقامة مدينة ألعاب وشقق سياحية في حدائق القصر..ويبدو ان الفكرة اهملت مع انها رائعة على صعيد السياحة والوطن والتاريخ.
اننا بهذه المقالة، نلفت انتباه المعنيين بالاثار والسياحة..الى الاهتمام بهذا الاثر التاريخي..المهمل حتى من حيث التعريف به.اذ المفروض ان تكون هنالك بانوراما تروي حكاية مقتل الملك غازي في عام 1939 الذي سيبقى لغزا محيرا،وصورا له وللشيخ عبد الواحد الحاج سكر،وأخرى للمهوال وسط الديوان ويده نحو الملك وتحتها نص الأهزوجة الرائعة..فالتاريخ الصوري المجسّد بالآثار أبلغ تأثيرا وأمتع وأصدق..فضلا عن انه يحي في النفوس قيم الشجاعة والجرأة المبدئية والشعور بالانتماء للوطن الذي افتقدناه من نصف قرن..
وألى ان يقول السيد مدير ناحية الدغارة ما لديه..فاننا سنتابع الموضوع ايضا الى ان يحصل ما يجب ان يكون.



#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نتائج انتخابات مجال المحافظات ..من سيكولوجيا السطوة الى سيكو ...
- اللاوعي الجمعي العراقي..مخدّر وخالق أوهام ومثير فتنة (3-3)
- اللاوعي الجمعي العراقي..مخدّر وخالق أوهام ومثير فتنة (2-3)
- اللاوعي الجمعي العراقي..مخدّر وخالق أوهام ومثير فتنة (1-3)
- في ذكرى نهاية الطاغية..هل انتهت صناعة الدكتاتور في العراق؟
- عشرة اعوام على حرب (تحرير)العراق-تحليل سيكوبولتك( 4- 4)
- عشر سنوات على حرب (تحرير) العراق-تحليل سيكوبولتك (3-4)
- عشر سنوات على حرب (تحرير ) العراق_تحليل سيكوبولتك (2-4)
- عشر سنوات على حرب (تحرير ) العراق-تحليل سيكوبولتك
- حذار من الترامادول
- الناخب العراقي..من سيكولوجيا الضحية الى سيكولوجيا التردد(1-3 ...
- حذار من اليأس..سنة خامسة
- الشك بين الأزواج
- التستر على المرض العقلي
- الشخصية الفلوجية
- ثقافة نفسية(75): الشعور بالذنب..والضمير
- العشائر العراقية..قراءة في ازدواجية المواقف
- الحكومة تريد..اسقاط الشعب!
- الطلاق.. صار يوازي الارهاب!
- ايها السياسيّون..كلكّم أحول عقل!


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - قاسم حسين صالح - زيارة..لقصر الملك غازي في الدغارة!