راميا خليل محجازي
الحوار المتمدن-العدد: 4094 - 2013 / 5 / 16 - 15:04
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
كلنا يطالب العلويين بإتخاذ موقف حاسم من الثورة السورية , منا من يوجه إليهم أصابع الإتهام و منا من يوجه إليهم دعوات للوقوف معنا ومشاركتنا آلامنا و آمالنا في تحقيق سوريا المدنية الديمقراطية التي تتساوى فيها الحقوق بين جميع مكونات الشعب السوري بلا تفرقة و لا تمييز,و ذلك لتحقيق الأمل المنشود بفضاءات واسعة تحفزنا كشعب للبناء والإبداع , و تكسر أي قيد من شأنه أن يقف عائقا أمام أحلام أطفالنا و شبابنا . هذه المطالب والدعوات التي تعتبرمحقة إلا أنها لم تلاقي الصدى المرغوب عند الطائفة العلوية و ذلك طبيعي و متوقع فبالرغم من المشاركة المخلصة من بعض العلويين في النضال الثوري والتي زادت من الود بيننا كشعب واحد إلا أن فئات أخرى فضلت عدم الإنحيازلأي طرف وأخرى أبدت دعما مخلصا للنظام في حملته لترويع الثواروالمشاركة في جرائمه وعنفه ضد شعب أغلبه سني أعزل , ولو ألقينا مراجعة بسيطة لمسيرة النظام منذ استلامه الحكم و لأكثر من أربعين عاما نجد أن للفئات الصامتة أو الأخرى الداعمة رؤيا لا بد لنا من الإمعان فيها علنا نقف على بينة من دوافعهم و حول ما إذا كانت هنالك شرعية لمواقفهم أم لا .
دعوني بكل بساطة أوجه بعض اللإضاءة إلى جزء بسيط من المسوغات التي تعتمدها الفئات الصامتة أو الداعمه وهنا أحب أن أوضح بأنه من المرفوض قطعيا وضع االفئات الصامتة أو المحايدة في خانة واحدة مع الفئة التي تشارك في الأعمال الارهابية التي تمارس ضد الشعب السوري لأجل قمعه و إحباط عزيمته وكبح جماح ثورته .
ذلك بغض النظر عن إدانتي للصمت تجاه المجازر التي ترتكب بحق أهلنا في سوريا , إلا أني لا أستطيع أن أطالب كل الشعب السوري بأن يمتلك الجرءة التي يواجه بها الآلة العسكرية الأسدية المتوحشة بصدر عاري , و خصوصا بأني أدرك تماما مدى وحشية النظام ضد من يخالفه أو يقف موقفا ناقضا أومعاديا له أو لممارساته .
عزيزي القارئ :
ماذا قدم النظام السوري للطائفة العلوية لكي يدفعها إلى الإستماتة في دعمة؟! .
أولا : إنتقلت الطائفة العلوية من أقلية مهمشة تعاني من ظروف ليست بالسهلة كأي أقلية أخرى إلى أقلية صاحبة الإمتياز الأكبر في كافة مرافق الحياة الإجتماعية و السياسية و الإقتصادية في سوريا .
ثانيا : عمل خلال فترة استيلاءه على الحكم على دعم الكثير من قرى العلويين وتخديمها بشكل متميز.
ثالثا : عمل على تسيير أمور طائفته بحيث فتح لهم آفاق التحصيل العلمي على المستوى العالمي
مما ساعد في تنمية آمال و طموحات كبيرة لديهم أسهمت في تطوير إمكاناتهم و ثقافتهم و تحصيلهم العلمي و أنتجت وصول عدد كبير منهم إلى درجات علمية عالية .
رابعا : عمل النظام السوري على دمج الطائفة بين الطوائف الأخرى بحيث حقق لهم صيغة جديدة للمشاركة في كافة مرافق الحياة في سورية وساعدهم على بناء ايديولوجيا متميزة من حيث التفاعل و المرونة والسلاسة في تقبل الآخر واكتساب مفاهيم المجتمع السوري بمكوناته .
خامسا : أتاح للكفاءات العلوية العالية فرص الاستثماراللامحدود داخل أراضي مستعمرته الهادئة وعمل على تخصيص الحصص الأكبر من المواد الخام و الزراعية والتي تعتبر عماد الـبلد الإقتصادي بيد أفراد منهم مما دعم في توسيع نفوذهم و سيطرتهم أكثرو أكثر في البلاد .
سادسا : اعتمدت المؤسسة العسكرية الحاكمة في سوريا في أغلبها على الكوادر العلوية لإدارتها بحيث احكم سيطرته عليها وبشكل شبه كامل و الأكثر من هذا بأنه حول جيشها إلى جيش عقائدي بإمتياز .
ربما كل هذه المعلومات ليست خفية على أحد مننا ولكننا هنا بصدد طرح تساؤلات في غاية الأهمية علنا نتفهم طبيعة تطورمفاهيمهم و الأسس التي بنيت عليها إيديلوجيتهم وبالتالي نتوصل للطرق المثالية لتعديل مفاهيمهم وفك العقد التي تكبل حركتنا و حركتهم و توقفنا عاجزين عن إيجاد مخرج لحرب الإبادة التي نشبت بيننا و تستعر كل يوم بأرواح أولادهم و فرحة عمرهم و أولادنا فلذات أكبادنا فأين هي لذة نصرهم أو نصرنا إذا ما كانت على جثث أحبائهم و أحبائنا و أي رغبة في مستقبل مشرق ستكون بعدما تتحطم قلوبهم و قلوبنا برحيل من عملوا لأجل مستقبلنا و نعمل لأجل مستقبلهم .
لذا دعونا نتساءل :
هل يستحق ما قدمه النظام للطائفة العلويه أن يكسب تأييدها و دعمها في أول و أكبر أزمة حقيقية داخلية يتعرض لها ؟
و هل سيعتبر سقوط النظام الصخرة التي ستتحطم عليها أحلام و طموحات الشباب العلوي ؟
هل حقا مسألة بقاء النظام على سدة الحكم مرتبطة ببقاء العلويين في سوريا ؟
ماذا قدمت المعارضة السورية و شباب الثورة للعلويين لأجل الحصول على تأييد الفئة الصامته و جذب الفئة المؤيده للنظام إلى صفوفهم غير شعارات في السماء ؟
و السؤال الأهم أليس من الطبيعي أن تميل فئاتهم الصامته أو المؤيدة أو حتى الرافضه قطعيا للحكم الأسدي و المجازرالتي يرتكبها , أليس من الطبيعي أن تتخوف من ما بعد النظام في حال استلمت جهات تكفيرية همها كما تدعي تطهير البلاد منهم على أساس أنهم رجس و لابد من التخلص منه ؟ !!!!
لن أستفيض في مقالتي هذه حول ما إذا كان للعلويين شرعية في تأييد نظام الأسد ودعمه لأني أعتقد بأنه حقا كان كنظام أكثر من ملبي لطموحاتهم , و لكني لا أعتقد بوجود أي ترابط بين سقوط النظام ومعايشة السوري العلوي كسوري له حقوقه الشرعية و القانوينة كاملة على أرض سوريا و أما عن محاولة ربط وجود الأسد على سدة الحكم بوجودهم في سوريه وممارستهم حقوقهم كمواطنين سوريين فهو رابط واهي ولا أساس له و يظهر ذلك جلياعند النظرإلى طموحات الثورة السورية و التي أهمها أن يعيش السوري على أرضه بكرامة و عزة كإنسان وفرد له كافة الحقوق الشرعية التي سيكفلها له الدستور الجديد دستور ما بعد الثورة الذي نطمح بأن يلبي طموحات المواطنين على اختلاف مكوناتهم ومذاهبهم و ميولهم و اتجاهاتهم .
و ما يسعى له النظام الأسدي اليوم من تحويل للثورة عن معانيها الأصيلة و تحويلها إلى حرب طائفية أولا و محاولات التعبئة العسكرية و تدعيم جبال العلويين بالأسلحة و العتاد الحربي لخوض معركته الأخيره و الحاسمة من البؤرة التي ترعرع منها ونشأ فيها ثانيا و بناء دولته الحلم على الساحل و زج ما تبقى من العلويين في معركة مع الشعب السوري ثالثا ما هي إلا مقبرة جديدة ربما ستكون قاسمة لوجوده ووجود العلويين في المنطقة .
ربما ليس من السهل على العلوي أن يقف ضد نظام عمل على تغذيته بما لذ و طاب وأطلق يده في خيرات سوريا دون قيد أو شرط و لكن يا ترى هل سيستسيغ العلويين خيرات الوطن بعد أن سقيت بدمائهم و دماء إخوتهم السوريين , هل لهم بأن يبقوا صامتين وهم يرون دماء الأطفال و الشباب و النساء و الشيوخ و الحمير تراق بوحشية دون ذنب ؟ هل مازالوا يضفون شرعية على صمتهم أمام ما يرونه أمام أعينهم من مجازر ترتكب على أيدي النظام الأسدي بحق أبنائهم قبل أي سوري آخر , و هل سيقبلون رغيف أبناءهم ملطخ بدماء الأبرياء ؟
أم سيخرجوا من صمتهم ليخرجوا سوريا من أزمتها وهم مدركون تماما بأنهم لاعب أساسي في معركة النظام , وما هم إلا بيادق يحركها ليحرقها في لعبة هدفها حفظ الأسد
اعتقد أنه لا بد للفئات الصامتة المحايدة أن تخرج من صمتها قريبا و تحسم اتجاهها .
لكني هنا أتوقف عند المعارضة السورية التي لم تقدم أي طرح جدي مريح من شأنه تشجيع البذار الخيرة في العلويين الشرفاء القلقين أو ربما المذعورين من دخول معركة شرسة مع نظام شعاره أنت معي أو في ذمة الله , وثوار مسلحين هدف الكثير منهم تطهير البلاد من الرجس العلوي .
ل ربما تصدح المؤتمرات التي تقوم بها المعارضة الشفافة جدا .... بالعبارات المطمئنة شيئا ما و لكنها تبقى ثرثرات بالنسبة لقضية مصيرية كقضية العلويين والأزمة المربكة التي زجهم فيها النظام الأسدي .
إن من يلقي نظرة قريبة على الأجواء في سوريا يرى المشهد الطائفي الذي يزداد أزيرا في كل يوم ويزيد من المخاوف لدى كلا الطرفين ويشحن الأجواء في المنطقة أكثر و أكثر .
فالقضية بالنسبة للأغلبية السنية أصبحت جهاد و استشهاد , و بالنسبة للعلوية تزداد المخاوف لدى الأكثرية من إبادتهم في حال سقوط النظام وباتت معركتهم مع النظام معركة بقاء. و من جهة اخرى تعلو الهتافات عالية من حناجر الثوار بأنه لا مكان للطائفية ولا مكان للحياد .
الحوار مرفوض من قبل الثوار مع نظام فقد شرعيته منذ أول قطرة دم بريئة سالت على أرض سوريا , وهنا بات السؤال الملح لماذا لم تبذل المعارضة السورية جهود لأجل تقديم دعوات للحوارالجدي مع شيوخ العلويين ونخبهم و مثقفيهم الذين لم تتلوث أياديهم بدماء الأبرياء , أليس من الضروري التفاوض على طاولة الحوارمع زعمائهم الشرفاء لإيجاد مخرج جدي بعيد عن الثرثرات الفارغة و الوعود الهشة . أليس التفاوض معهم و عقد مؤتمر شامل لكافة الأطياف الداخلية و الخارجية للوقوف حول حل للأزمة التي أرهقت البلاد و التي تستنزف شبابها و أطفالها و خيراتها .أليس من حقهم المفاوضة على مصيرهم و مستقبلهم بشكل جدي و موثق و إيجاد الضمانات التي تحمي حقوقهم كسوريين على أرضهم فيما لو تعاضدوا مع الثوار و شاركوا معهم في ثورتهم أم أن التفاوض لا بد إلا و أن يكون حسب ما يسمح به ممولوا المؤتمرات ؟
سؤال علينا طرحه بكل تجرد , فلطالما كنا شعب واحد , ولن نرضى أن تبنى حريتنا على أشلاء وطن ممزق .
#راميا_خليل_محجازي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟