أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد البصري - حلاوَةُ أَقْدامِكُنَّ ، التَّمرُ المچبوس














المزيد.....


حلاوَةُ أَقْدامِكُنَّ ، التَّمرُ المچبوس


أسعد البصري

الحوار المتمدن-العدد: 4094 - 2013 / 5 / 16 - 09:59
المحور: الادب والفن
    


يَا عَجائِزَ البَصْرَةِ الحكيمات ، يا نساءَها ، و يا فَتياتِها . أنا دَمْعَةٌ بَصْرِيَّةٌ سالَتْ على كلِّ مُدِنِ الدُّنْيا ، دَمْعَةٌ ضالّةٌ من مَطَرٍ وَتَمْرٍ وشناشيلَ . سَقَطْتُ على شِفاهِ العَرَبِيّاتِ ، والفارسيّاتِ فما تَمَكَّنَّ من ابتلاعي . كنتُ دائماً من المَلَلِ أفيضُ . دَمْعَةٌ ، تدورُ دورةً كاملةً ، ثمّ تعودُ سالمةً إلى البصرة .أَحْتَميْ بِعَباءاتِكُنَّ السّود ، من قسوة القلب ، كما يَحْتَمي المُزارِعُ بِنَخْلَتِهِ من قَسْوَةِ الشَّمْسِ . فابْتَلِعْنَنِيْ ؛ كما ابْتَلَعْتُنَّ الأَنْهارَ ، والأَحزانَ ، والأساطيرَ . واحْمِلْنَنَنِيْ بَينَ سواِعدكُنَّ ، فَلَمْ يَحْمِلْنِيْ أَحَدٌ ، مُنْذُ انْقَطَعَتْ عَنِّيْ رائِحَتُكُنَّ ، ورائِحَةُ الخُبْزِ المَعْجونِ بِفِتْنَتِكُنَّ .

هارِباً من أكاذِيْبِ الحضاراتِ ، مُنْخَذِلاً بِقصَصِ حُبٍّ فاشِلَةٍ ، مَرْمِيّاً وَحِيْداً ، وسط الأغاني التي ، رَضَعْتُها من عجائِزِ البَصْرَةِ وَفَلّاحِيْها . مَحْموْلاً بِحَنِيْنِي إلى بَناتِ الجيرانِ ، اللّائي أَصْبَحْنَ جَدّاتٍ ، بالطَّريقِ التُّرابيِّ الحُلْو الذي تَنْمُو عَلَيْهِ الأَعْشابُ ، وَأَقْدامُ البناتِ العارِيَةِ . أَيَّتُها البَصْرَةُ ، حملتُ أَغانِيْكِ التي تُدْهِشُ الدُّنيا إلاّ البَصْرِيّيْنَ . أَخْلاقُ البَصْرَةِ ، وَشَمائِلُها، أَخْلاقُ الجَمِيْلاتِ الواثِقَاتِ ، وَطَبائِعُها طَبائِعُهُنَّ .البَصْرِيّاتُ ، اللّواتي حَمَلْنَ ، وَأَنْجَبْنَ بِكُلِّ مُتْعَةٍ ، وَبَساطَةٍ ، كَما تَحْمِلُ النَّخْلَةُ ، وَ كَما يَسْقُطُ المَطَرُ . حَمَلْنَ الحُبَّ صافياً ، في جِرارٍ " بَلُّورُها يَذوْبُ في أَنِيْن " تَلْمَعُ بِضٍحْكاتِكُنَّ . حَمَلْنَ الكُتُبَ إلى المدارس ، والأطفالَ إلى المُسْتَوْصَفِ ، والرِّجالَ إلى السَّرِيْرِ ، والأُمَّهاتِ إلى الحَمّامِ . عِنْدِيْ لَكُنَّ حِمْلٌ ثَقِيْلٌ ( قَلْبِيَ المَيِّتُ ) فَهَلّا حَمَلتُنَّهُ ، قَبْلَ أَنْ يَسْقُطَ المَطَرُ ، وَ تَأْكُلَهُ الكِلابُ . يا فَتَياتٍ البَصْرَةِ المُطْمَئِنّاتِ بالنَّخِيْلٍ ، كما يَطْمَئِنُّ الصَّغِيْرُ في حُضْنِ أُمِّهِ . كنتُ سأقول إنِّيْ مُكافِئِكُنّ بالشِّعْرِ أو بالغِناءِ ، غير أنَّكُنَّ بَصْرِيّاتٌ مَمْزوجاتٌ بالأَحْلامِ . أَغانِيْكُنَّ تُبْكِيْ القُطْعانَ قَبْلَ البَشَر ، قَصائِدُكُنَّ ما يَدْفَعُ الزَّرْعَ لِأَنْ يَنْمو ، أَثْداؤكُنَّ أَرْضَعَتْ فُحولَ الشُّعَراءِ . ليس عِنْدِيْ خَبَرٌ ، ولا كَلَأٌ ، أَيَّتُها الجَمِيْلاتُ ، الحالِماتُ .

كفّيْ كِتابٌ قَدِيْمٌ ، لَمْ تَسْتَطِعِ النِّساءُ الغَريباتُ ، قراءَتَهُ ، فَأَحْرَقْنَ كَفِّيْ بالوَداعِ . فَلْتَتَقَدَّمْ ، واحِدَةٌ مِنْكُنَّ وَتَقْرَأْ خُطوطَ يَدِيْ . أَنْتُنَّ مَنْ كَتَبْنَهُ ، وَأَنْتُنَّ مَنْ يَقْرَأْنَهُ . إِنَّكُنَّ مَشْغولاتٌ الآن بِجَمْعِ الحَطَبِ ، وَبِأَولادٍ الجِيْرانِ ، بالطِّفْلِ الذي يَبْكِيْ وبالإِمْتِحاناتِ . لَعَلَّ بَصْرِيَّةً واحِدَةً ، تَكْفِيْ لِقِراءَةِ كَفِّيْ . راحَتِيْ ، صارَتْ قَدِيْمَةً ، وَصَدِئَةً . إلّا أَنَّ البَصْراوِيّاتِ مَعْروفاتٌ بِحِدَّةِ البَصَرِ . لو كانَتْ جارَتُنا العَمْياءُ حَيَّةً ، قَرَأَتْها بِمَسْحَةٍ واحِدَةٍ .أَيَّتُها البَصْرِيّاتُ ، ما زِلْتُ أَقْرَأُ آثارَ أَقْدامَكُنَّ العارِيَةِ ، في الجَداوِلِ الصّافِيَةِ ، في خَلِيْطِ التُّرابِ بالمَطَرِ ، في التَّمْرِ المچبوس الذي يَحْمِلُ حَلاوَةَ أَقْدامٍكُنَّ المُقَدَّسَة .



#أسعد_البصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعرة العراقية سوسن السوداني
- الشاعر علي محمود خضيّر
- ذاكرةٌ لِشَيْءٍ يَتَكَرَّرُ
- المحاصصة مقترح إيراني في العراق
- حرب القبور و المراقد
- رسالة شخصية إلى هادي المهدي في قبره
- خمسة مايو عيد ميلاد كارل ماركس
- الجمال
- الشيطانة
- الفن / الشعر / الحياة
- ثمن القصيدة
- لا بُدّ من كاتم صوت
- نعم نحن بحاجة ماسة إلى ماركسية و ماركسيين عراقيين
- الوجود / الكتابة / الجحيم
- اليسار السوري واللعبة الطائفية
- الغطس الدائم تحت تراب العراق
- السوريون لا ينتظرون البرابرة
- نهاية التاريخ
- اليانصيب
- الوشم


المزيد.....




- العراق ينعى المخرج محمـد شكــري جميــل
- لماذا قد يتطلب فيلم السيرة الذاتية لمايكل جاكسون إعادة التصو ...
- مهرجان -سورفا- في بلغاريا: احتفالات تقليدية تجمع بين الثقافة ...
- الأردن.. عرض فيلم -ضخم- عن الجزائر أثار ضجة كبيرة ومنعت السل ...
- محمد شكري جميل.. أيقونة السينما العراقية يرحل تاركا إرثا خال ...
- إخلاء سبيل المخرج المصري عمر زهران في قضية خيانة
- صيحات استهجان ضد وزيرة الثقافة في مهرجان يوتيبوري السينمائي ...
- جائزة الكتاب العربي تحكّم الأعمال المشاركة بدورتها الثانية
- للكلاب فقط.. عرض سينمائي يستضيف عشرات الحيوانات على مقاعد حم ...
- أغنية روسية تدفع البرلمان الأوروبي للتحرك!


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد البصري - حلاوَةُ أَقْدامِكُنَّ ، التَّمرُ المچبوس