أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منعم زيدان صويص - يا أسود يا أبيض















المزيد.....

يا أسود يا أبيض


منعم زيدان صويص

الحوار المتمدن-العدد: 4093 - 2013 / 5 / 15 - 01:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أنا أعجب لهؤلاء الذين يعظّمون النظام السوري لأن إسرائيل هاجمت سوريا ودمرت مراكز بحوث وأسلحه دفع ثمنها الشعب السوري من عرقه ودمه لعشرات السنين والآن يضحّون بها ليظل النظام ويبقى "القائد الضرورة." إلى متى سنبقى نتبنى هذه المعايير الخاطئة وهذه اللغة الخشبية، ونتعامل مع الامور على أساس أسود أو ابيض؟ هل من المنطق أن نصدق أن أي نظام آخر في سوريا سيكون حليفا لإسرائيل والولايات المتحدة ضد رغبات الشعب السوري؟ هل من العدل أن ندمغ، ضمنيا، غالبية الشعب السوري العروبي العظيم بالخيانة، ونفترض أنه سيتخلى عن الجولان والقضية الفلسطينية لو سقط النظام؟ سوريا كانت، وستبقى، دولة قويه وغنية نسبيا وعندها إكتفاء ذاتي من الناحية الإقتصادية، فهي عصية على الإبتزاز.

ألا يعلم النظام وحليفاه أحمدي نجاد وحسن نصرالله أن إسرائيل مستعدة لتدميرأي شيء في سوريا وجنوب لبنان أذا شعرت أنها مهددة بأسلحة كيماوية أو غير كيماوية بغض النظر من الذي يحكم سوريا؟ ألم يتوقعوا أن يخرج المسؤولون الغربيون بعد الغارات الإسرائيلية الأخيرة بتصريحات تقول أن لإسرائيل "حق الدفاع عن النفس؟" إسرائيل كانت ستضرب هذه المواقع منذ مدة طويلة، أثناء حكم عائلة الأسد المديد، لو إعتقدت أنه يهددها، بالضبط كما ضربت المنشاة النووية السوريه في الكِبَرفي أيلول 2007، وستستغل إسرائيل الأوضاع الحالية لضرب مفاعلات إيران. سوريا الآن ليست فى وضع يمكّنها من الإشتباك مع إسرائيل، وحليفها الروسي لا يؤيد أي حرب مع إسرائيل، اما الصين المتعاطفة مع سوريا فقد أصبحت صديقة وشريك أقتصادي لإسرائيل، وغاية ما تستطيع عمله هو محاولة إقناع تتياهو ببدء مفاوضات مع عباس. دلّونى على أي دولة عربية يسمح لها وضعها أن تدخل في حرب مع إسرائيل، في هذه المرحلة، وتحقق أي شىء؟ الدول الخليجية لا ولن تفكر في محاربة إسرائيل، ودول "الطوق" العربية، كما سميناها في السبعينات والثمانينات، غارقة في مشاكلها، فاسحة المجال لإيران وحزب الله لدعم شعبيتهم وليعطوا الإنطباع الكاذب لدى البسطاء بأنهم سيقضون على إسرائيل.

في الخمسينات والستينات كان الحليف الإستراتيجي لمصر وسوريا هو الإتحاد السوفييتي، وكان الوضع في المنطقة شبه مستقر لاستتباب ميزان القوى، وذلك عندما كان الإتحاد السوفييتي لا يزال متماسكا. وعندما كانت الولايات المتحدة تمد إسرائيل بالسلاح الغربي كان الإتحاد السوفييتي يمد سوريا ومصر بالسلاح المقابل للحفاظ عل ميزان القوى هذا. وبعد حرب 1973، وخاصة بعد تخلي أنور السادات عنه، أيقن حافظ الأسد بدهائه المعروف، أنه لن يستطيع أن يسترجع الجولان بمحاربة إسرائيل من الأراضي السورية، ففضل أن يحمي نظامه وبلده من شر الحرب، ويبدأ حرب "إستنزاف" ضد أسرائل من لبنان، من خلال المنظمات المحاربة في الجنوب وبعدها من خلال حزب الله الذي دعمته إيران وأمدته بالمال والسلاح.

وفي السبعينات، بدأ الإعلام السوري يتحدث عن "التوازن الإستراتيجي مع العدو الصهيوني." وكان هذا التعبير يتكرر في التصريحات الرسمية وفي التعليق السياسي اليومي لإذاعة دمشق. ولكن الزعيم البراغماتي، حافظ الأسد، أسقط هذه الجملة من الخطاب السياسي السوري عندما تفكك حليفه الإستراتيجى، الإتحاد السوفياتي، في بداية التسعينات لأن الأسد كان يعرف أن هذا المبداء لا يمكن أن يكون عمليا في ظل سيطرة قطب واحد ، حليف لإسرائيل، على العالم.

واستمر تعامل العرب مع العالم بالاسود والابيض: "نصادق من يصادقنا ويصادق أمتنا ونعادي من يعادينا ويعادى أمتنا،" كما قال جمال عبد الناصر. ولم ينظروا بعين الإعتبار إلى الجوانب الأخرى لعلاقاتهم مع العالم، ولا إلى الرأي الآخر والإقتراحات المغايرة، التي يوصم أصحابها عادة بالعمالة والخيانة. فشعوب الدنيا في عرفنا إما مؤيدون للقضية الفلسطينية وإما معادون لهذه القضية، ونبني مواقفنا وسياساتنا على هذا الأساس. فهناك رفض للإنتباه إلى الجهة الثانية ودعوة لإغلاق العيون عن الأوجه والإحتمالات الأخرى. ولم تعتبر شعوبنا أن صديق عدوي في بعض الأحيان يمكن أن يكون صديقي أيضا، فمن خلال هذا الصديق المشترك أستطيع أن أعرف قوة عدوي وأكتشف مخططاته، وأستغله للإتصال أو التوسط مع عدوي إن دعت الحاجة.

منذ الخمسينات بنى العرب المعادون للغرب صداقتهم مع المعسكر الشرقي على أساس أن هذا المعسكر يؤيد الموقف العربي من قضية فلسطين، وهذا لم يكن صحيحا تماما لأن الإتحاد السوفييتي إعترف بإسرائيل حالما أُعلنت في عام 1948، فهو لم يعارض وجودها، وكان يساعد العرب خدمة لمصالحه بالدرجة الأولى والإحتفاظ بحضور له في المنطقة. ومن الطبيعي أن يعتبر العرب ما حصل في فلسطين ظلما تاريخيا ما بعده ظلم، وأن يطالبوا بإنهاء دولة إسرائيل وعدم الإعتراف بيهوديتها، لأن العدالة لن تتحقق بدون ذلك. وبما أنه لا يوجد دولة عظمى واحدة مؤيدة لهذه المطالب، فعلى العرب أن يصبروا حتى يتغير ميزان القوى. عليهم أن يبنوا أنفسهم، ويبقوا قضيتهم حية حتى يحصلوا على حقوقهم، وهذا في المستقبل ليس مستحيلا كما هو الآن، وسيحصل عندما تتحقق وحدة الهدف وتتوسع مدارك الشعوب ويعم التقدم الشامل. ومع الوقت ستتخلى إسرائيل الحالية عن فكرة القلعة وتفقد الروح "الإسبارطة" التي تمدها بالعنفوان.

من المفيد أن ينظر الإنسان لمشاكله من جميع الوجوه، ففي كثيرمن الأحيان يستطيع المرء أن يحوّل الهزيمة إلى إنتصار، أوعلى الأقل أن يخفف من تأثيرها. عدة دول في العالم كانت تؤيد الحقوق العربية، ولكن العرب، لسبب أو لآخر، لم يساعدوا أنفسهم أو يتخذوا مواقف تخلق لهم مصداقية في العالم ، ولذك ضعُف تأييد أصدقائهم لهم، فالصين والهند كانتا من كبار مؤيديهم، ولكن لم تستطع هاتان القوتان أن تستمرا في هذه السياسة مدة أطول لأن العالم يتغير وكذلك المصالح، فالصين كما أسلفنا صديقة لإسرائيل الآن وعلاقات الهند مع إسرائيل جيدة، فقطارالتاريخ يتحرك ولن ينتظر العرب بل سيتركهم على جانب الطريق ويمضي.

بعد حرب 1967 وهزيمة العرب، أعلن الاتحاد السوفيتي قطع علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل ليبرهن لحلفائه العرب انه يؤيدهم. وانبسط العرب من هذه الخطوة، وزاد حبهم لأصدقائهم السوفييت، وأخذوا غفوة طويلة. غير أن هذه الخطوة كانت من الناحية العملية في صالح إسرائيل التي استغلتها لسنوات عديدة في منع الاتحاد السوفيتي من التدخل فيما سمّي قضية الشرق الأوسط بحجة عدم وجود علاقات دبلوماسية بينها وبينه. وعلى العكس، أضرت هذه الخطوة بالمصالح العربية، وخدمت مخططات الولايات المتحدة لعقدين من الزمن في إجهاض أي تدخل للقوة العظمى الأخرى فيما سمي بقضية الشرق الأوسط. وتنبه العرب والروس لهذه النقطة بعد عدة سنوات. وبذلوا جهودهم باتجاه إعادة هذه العلاقات لإحداث تحرك دبلوماسي دولي لصالحهم والتفاهم مع إسرائيل، ولكن تحركاتهم لم تنجح بسبب تعنت الأخيرة، ولم تعد العلاقات إلا عام 1990 عندما كان الاتحاد السوفيتي يترنّح، وبعد تنازلات وافقت روسيا بموجبها على السماح لأكثر من مليون يهودي روسي بالهجرة إلى إسرائيل.



#منعم_زيدان_صويص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الغزو اللغوي إلى الغزو الثقافي
- أوقفوا تسليح المعارضة السورية
- هل قَتلُ الإرهابيين يقضي على الإرهاب؟
- هل بإمكاننا أن نكون أقل تشاؤما؟
- من قتل محمد سعيد البوطي؟
- طفح الكيل وبلغ السيل الزبى!!
- فشل دول الخليج في سوريا وبهلوانيات قطر
- المعذرة يا -دكتور-
- الهجاء في الشعر .. والردح في السياسة
- كما تكونوا يولّ عليكم
- عباءه لبشار
- القوائم الإنتخابية العديدة في الأردن عكست حب الظهور، لا حب ا ...
- هل خدم حزب الله لبنان أو القضية الفلسطينية؟
- فاروق القدومي يصر على إرجاع الضفة الغربية للأردن!!
- هل لعب المفكرون العرب أي دور في ثورات الشعوب العربية؟
- هل هذه صحوة الضمير اليهودي؟
- الحكم الديني يُفضي حتما إلى الدكتاتورية
- اليهود إذا إنتقدوا إسرائيل
- عندما يتكالب على الأردن القريب قبل الغريب
- أبو حفص الموريتاني وسياسة الجزيرة التحريرية الجديدة


المزيد.....




- العثور على جثث 4 أطفال في الجزائر عليها آثار حروق
- -إعصار القنبلة- يعصف بالساحل الشرقي لأمريكا مع فيضانات ورياح ...
- في خطوة رائدة.. المغرب ينتج أول اختبار لفيروس جدري القردة في ...
- أذربيجان تتهم الخارجية الأمريكية بالتدخل في شؤونها
- ماكرون يسابق الزمن لتعيين رئيس للوزراء
- نائب روسي ينتقد رفض زيلينسكي وقف إطلاق النار خلال أعياد المي ...
- ماكرون يزور بولندا لبحث الأزمة الأوكرانية مع توسك
- الحكومة الانتقالية في سوريا تعلن استئناف عمل المدارس والجامع ...
- رئيس القيادة المركزية الأمريكية يزور لبنان للتفاوض على تنفيذ ...
- جيم كاري في جزء ثالث من -سونيك القنفذ-.. هل عاد من أجل المال ...


المزيد.....

- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منعم زيدان صويص - يا أسود يا أبيض