ياسين لمقدم
الحوار المتمدن-العدد: 4093 - 2013 / 5 / 15 - 00:19
المحور:
الادب والفن
خِدر العروس
منذ أن تمَّ التوافق بين العائلتين حول الزواج تغيرت طبيعة العروس من الهدوء إلى القلق والشرود، وتحاول جاهدة أن تظهر للعيون التي ترقبها على سجيتها، ولكنها تفشل في ذلك، فيشتد توترها الذي يضفي عليها مسحة من الجمال بعد أن تعلو سحنتها حمرة الخجل. ولم تعد تغادر الخيمة للاحتطاب أو للبحث عن جدْيٍ شارد، فالعريس زرع عيونه وراء كل الأشجار والصخور لمراقبة حركاتها وسكناتها.
وعرفت مضاربهم في الأيام القليلة المتبقية على انطلاق حفلات العرس حركات نشطة لتهييئ مُقام الضيوف، ولأجل ذلك تطوع بعض الشباب لرفع خيمتين جديدتين إضافيتين، واحدة للإناث والأخرى للذكور، فتنافسوا على من يدق الأوتاد دون أن يكسر المطرقة الخشبية المعروفة بالرزامة. كما تطوعت مجموعة أخرى لجعل السبيل الترابي سالكا بين المدشر والطريق العام أمام قافلة الصِّهر الجديد.
توافدت على خيام أهل العروس العوائل من أقربائها محملين بالهدايا، المتمثلة في قوالب السكر وعلب الشاي، ومنهم من سلم إليها الكثير من جِزَّاتِ الأغنام النظيفة حتى تصنع منها أغطية صوفية أو الجلابيب.
وبعد عصر كل يوم، وعندما تخف حدة سطوع الشمس الحارقة، تتحلق الفتيات والصبايا خارج خيمتهن فتصدح حلوقهن الرقيقة بالأهازيج المحلية المحملة بالكثير من المعاني الغزلية العفيفة، متمايلات في صفين متقابلين على إيقاع رقصة أحيدوس. بينما الشباب وغير بعيد عنهن يجعلون الغبار يتطاير من تحت أقدامهم التي تدك الأرض وهم منتشون تحت تأثير الحسابات السريعة والدقيقة لرقصات لعلاوي. وبين الفريقين تتسلل خلسة نظرات التملِّي، وهي بمثابة غمزات قد تمهد لمشاريع جيزات قادمة.
يتبع...
#ياسين_لمقدم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟