|
هل سينجح العصيان المدني بدون قيادة؟
محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب
(Mohammad Abdelmaguid)
الحوار المتمدن-العدد: 1175 - 2005 / 4 / 22 - 11:46
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
لم أكن متفائلا بنجاح العصيان المدني طوال الشهور الأربعة الماضية مثلما أنا متفائل اليوم! شباب من كل أنحاء مصرنا الصابرة يلتحمون الآن في ألفة ودْيّة وطنية، وإصرار عجيب على الاطاحة بالنظام المستبد ورأسه .. سيّد القصر وكل زمرة الفساد والطغيان والنهب والسرقة الذين أذاقوا شعبنا العريق كل صور المهانة والذل. شباب جامعيون، وعاملون وعاطلون وعمال ومثقفون يلتهبون حماسا من أجل انقاذ ما تبقى من وطنهم بعدما كاد الرئيس حسني مبارك وزمرته يُفرّغون هذا البلد الطيب من خيراته ومن أي بارقة أمل قد تلوح في الأفق لمستقبل مشرق نتركه لأولادنا وأحفادنا. ثقافة الخوف بدأت تتلاشى رويدا .. رويدا، وتستطيع أن تلمس وترى بأم عينيك وتسمع بأذنيك مفردات خارجة من رحم الشجاعة يطلقها المارة والعابرون وسائقو الميكروباس وحارسو العمارات وربات البيوت والموظفون المساكين الذين كانوا إلى وقت قريب لا يقترب أحدهم من قسم شرطة أو تلتقي عيناه بعيني صول صغير يرتدي يونيفورم متسخ إلا وأسرع بتجنب النظرات وحث الخطى على مضاعفة سرعتها خشية أن يهبط كف غليظ لمخبر جلف فوق قفاه بدون أي سبب.
أيام قليلة تفصلنا عن العصيان المدني،والشارع يغلي، لكن الجميع ينتظرون فتيلا صغيرا تشعله صيحة تأييد وموافقة ودعم قيادي لتوجيه بوصلة الجماهير الغاضبة على النظام. نحن الآن لسنا في معرض تقييم أسباب الرفض أو الاحجام أو التردد فلكل قيادة وطنية حساباتها وأسباب رفضها التي قد تكون مقنعة لنا أو تتصادم مع الدعوة للعصيان المدني، فليست هناك في الواقع مكاسب أو خسائر بالمفهوم المتعارف عليه في عالم التجارة أو السياسة ( وهل هناك فارق بينهما؟)، إنما خصم واحد هو نظام الحكم الثمل من كثرة ممارسته صنوف المهانة والاذلال ضد أبناء شعبنا ويقف على رأسه الرئيس حسني مبارك الذي يلعب في الوقت الضائع وبعيدا عن العاصمة وتتناهى إليه في مقره قبل الأخير أصوات هدير غاضب كَوّنته أربعٌ وعشرون سنة هي أعفن وأفسد وأحط سنوات القهر والنهب وانتهاك كرامة المواطن في العصر المصري الحديث. تحدثت مطولا في مكالمة هاتفية ودية ودافئة مع الدكتور أيمن نور رئيس حزب الغد والمرشح لرئاسة الجمهورية منافسا لرجل الحزب الوطني الحاكم، وشرحت له باسهاب الخسارة الفادحة التي ستلحق به من جراء حقن النظام المترنح بدماء جديدة، واعطاء روحه التي تستعد للصعود دفعة جديدة للاستمرار. قلت له بأنه حتى لو حصل على 17 مليون صوت من مجموع 35 مليونا يحق لهم التصويت في مقابل 18 مليونا لمبارك الاب أو الابن فإن هذا يعني شرعية دستورية جديدة لنظام القمع، وست سنوات عجاف من الذل تجعل مصر في نهايتها بلدا أفريقيا كبيرا يتسول طعامه من بوروندي وتشاد وأوغندا. وطلبت منه الانضمام للعصيان المدني، وأن يقرأ كل البيانات والمقالات والردود والتعليقات التي تم نشرها في الشهور الأربعة المنصرمة، ثم أرسلت له فاكسا مطولا شارحا الخسائر والأرباح في ميزان الوطن في حالتي ترشيحه أمام الرئيس أو تنازله عن الترشيح والالتحام مع الجماهير بكل ثقله في يوم العصيان المدني. وأعدت الاتصال ولم يكن الرد هذه المرة رفضا أو قبولا، لكنه كان رقيقا للغاية وترك لي الرجل فهم ما بين السطور خاصة أن هاتفه كان مراقبا، وأجهزة حماية سيد القصر تشمر عن ساعديها فتضرب من تشاء وتلقي به في الصحراء، أو تهشم وجه الآخر، أو تفتعل جريمة أخلاقية مع الثالث، وربما يكون المنطق للرابع رصاصة تخرج من كاتم للصوت عند عودة المعارض المصري لبيته وأهله.
هناك جنود مجهولون في العصيان المدني من المبكر أن نعلن أسماءهم، لكننا نعد أن نعلنها بعدما يزول الخطر عليهم، فهم يتحركون في كل مكان، ويوزعون بيان ( خمسون إجابة لخمسين سؤال عن العصيان المدني ) على الطلاب والمارة وسائقي السيارات وعمال المصانع الكبرى وفي مقدمتها عمال المحلة الكبرى. جامعتا القاهرة والاسكندرية تستعدان أيضا ليوم العصيان المدني، ولكننا فشلنا حتى الآن في جامعة عين شمس فكثيرون من الطلاب يرون الخروج على ولي الأمر نوعا من الزندقة المارقة، وأنه مادام الحاكم يترك الرعية تقيم الصلاة وتحج إلى بيت الله الحرام فالخروج عليه كفر حتى لو قطع رقابنا أو سرق الطعام من أفواه أولادنا. إن نجاح مظاهرات ( كفاية ) في السابع والعشرين من ابريل سيكون بإذن الله مقدمة لنزع ما تبقى من ثقافة الخوف، ولم يعد البحث عن زعيم بالنسبة للعصيان المدني هاجسا ملحا، فسيخرج من بين الجماهير أو من بين القيادات الوطنية المعروفة أو غير المعروفة من هو قادر على توجيه الغاضبين على النظام إلى طريق الأمان للوطن بعد تحريره من أسرة مبارك.
ولا يزال الرئيس يراقب من مهربه بشرم الشيخ ردود أفعال شعب ظنه لربع قرن قطيعا من الماشية لا تثور أو تغضب أو تتردد أمام العصا، ونحن لم نفقد ولن نفقد الأمل بعد في أن نحرر وطننا بأيدينا فقط دون أن تتدخل قوة خارجية لاجبارنا على تحقيق النموذج السيء للتحالف بين سلاح اليانكي وروج شفايف كوندي وحكومة مصرية لكل عضو فيها ملفه في المكتب البيضاوي. لقد آن الوقت الذي تتوحد فيه كل القوى الوطنية بمختلف أطيافها، ونعرف أن هذا الحلم المستحيل والذي سيمثل كابوسا مفزعا للهارب في شرم الشيخ يحتاج إلى تضافر المتنافرين، فإن غدا مشرقا لا يبدو بعيدا بالمرة. وأخيرا آمل من القوى الوطنية التي ستحاكم العهد البائد والفاسد أن يحجزوا لي، مشكورين، المقعد الأول في الصف الرابع من الناحية اليمنى في محكمة الشعب لأكون قريبا من السيد الرئيس( السابق ) وهو يجلس خلف قفص في ذلة ومسكنة لأراقب تعبيرات وجهه، فلعلي أعثر فيه على سر هذه الكراهية التي كان يكنها لشعبه طوال أربعة وعشرين عاما. وموعدنا الثاني من مايو بإذن الله
محمد عبد المجيد رئيس تحرير طائر الشمال عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين http://www.tearalshmal1984.com [email protected] [email protected] Fax:0047+22492563
#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)
Mohammad_Abdelmaguid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من الذي يفرط في كرامة السوريين؟
-
هل يصبح 2 مايو 2005 يوم التحرير من نظام مبارك؟
-
المأزق المغربي .. ملك في مهب الريح!
-
معذرة أيها الأحمق، دع لنا الرئيس مبارك وخذ عصيانكم المدني
-
الإعلام السعودي .. ثورة من الداخل أم النوم في العسل؟
-
المخاض الكويتي .. قراءة في المستقبل أم رجم بالغيب؟
-
الوصف الإيجابي في صناعة الإرهابي
-
الحركة المصرية من أجل التغيير والعصيان المدني وانتقام الرئيس
...
-
رسالة من الرئيس حسني مبارك إلى المصريين .. سأجعلكم تلعقون تر
...
-
أيها المصريون ماذا تنتظرون .. لقد هرب الرئيس ؟
-
البحث عن زعيم لمصر
-
العصيان المدني بين حمدين صباحي وعبد الحليم قنديل
-
نداء هام إلى مؤتمر ( كفاية ) المنعقد 14 مارس 2005
-
الرئيس حسني مبارك يدعو للعصيان المدني!
-
سنقتل الدعوة للعصيان المدني في مصر
-
خمسون إجابة لخمسين سؤالا عن العصيان المدني في مصر
-
حوار بين إبليس والرئيس حسني مبارك .. حديث عن العصيان المدني
...
-
قائد الفاتح يسقط في المصيدة
-
المسكوت عنه بين السعودية والكويت
-
العراقيون والأمريكيون .. أين الحقيقة ؟
المزيد.....
-
هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش
...
-
القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح
...
-
للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق
...
-
لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت
...
-
مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا
...
-
رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
-
الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد
...
-
بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق
...
-
فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
-
العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|