|
الكونفوشيوسية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
صبري المقدسي
الحوار المتمدن-العدد: 4092 - 2013 / 5 / 14 - 08:59
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
الكنفوشيوسية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية ليست الكنفوشيوسية ديانة مُنظمة بالمعنى الحصري كما هي المسيحية أو اليهودية أو الاسلام أو البوذية، ولم يدّعي مؤسسها ذلك ولا أحد من اتباعه. ولذلك قليلا ما تصّنف مع مجموعة الأديان العالميّة. ولكن بسبب السلوك الأخلاقي والسياسي والاجتماعي التي تحاول زرعه في أتباعها والتقاليد الفكرية والفلسفية والروحية التي تركتها منذ ما يقرب من 2500 سنة، نجد من الضروري احتوائها في هذه القائمة من الأديان والمذاهب العالمية. نشأت الكنفوشيوسية في الصين بين القرنين السادس والخامس قبل الميلاد من قبل (كونغ فو تسو) والمشهور في اللغات اللاتينية(كونفوشيوس). وهي تدعو الى إحياء التقاليد والطقوس الدينية القديمة التي ورثها الصينيون عن أجدادهم مع تنظيمها وتوجيهها فلسفيا وأخلاقيا من دون إلغائها أو نسيانها. وتؤكد دائما على التثقيف وممارسة العلم وتقديس الإرث الروحي للآباء والأجداد. وانتشرت الكنفوشيوسية في كوريا واليابان وفيتنام بعد أن ركزت وجودها في الصين. وهي الآن تأخذ مكانتها في العالم الغربي كمذهب فلسفي واجتماعي وديني وسياسي، ولاسيّما في الولايات المتحدة الأمريكية، منذ بدايات القرن العشرين بعد دخول العمالة الصينية، وبعد زيادة الترجمات الكثيرة للأعمال الفلسفية والفكرية الصينية. وهي ليست مذهب إلحادي كما كان يُعتقد، وإنما تؤمن يوجود بالله أو بالآلهة وتقوم على عبادة السماء (تيان) أو الرب الأله الأعظم (بان كو). وتؤمن كذلك بعبادة الطبيعة كأغلب الشعوب القديمة مع عبادة الأرواح الكامنة فيها وتقديس خوارقها وصورها الرهيبة والمُخيفة وإجلال ما فيها من الشمس القمر والنجوم والكواكب والأمطار والنار والرياح والأشجار والجبال والحيوانات. وتؤمن كذلك بالأرواح الخيّرة والشريرة (الملائكة) و(الشياطين)، وعبادة أرواح الآباء والأجداد وتقديم القرابين لها في شعائر خاصة. ولايزال الشعب الصيني يحمل التعاليم الكنفوشيوسية بالرغم من السيطرة السياسية للحزب الشيوعي الصيني والسياسة الالحادية التي يُمارسها منذ سنة 1949 ميلادية، والى اليوم. ولكنها تبقى حاضرة في كل الميادين الاجتماعية والروحية والسياسية في دولة الصين الوطنية (فرموزا) وتمارس نشاطاتها الروحية والفكرية بحرية وبدون عائق ما. وتحظى بتقدير كبير في الأوساط الفكرية والسياسية في الغرب ولاسيّما في العصور الوسطى بعد الترجمات الفلسفية والأدبية الكنفوشيوسية من قبل الفيلسوف ليبنتز(1646 - 1716) ميلادية، وبعد الجهود والدراسات التي بذلها (بيتر نوئيل) والذي نشر النصوص المقدسة لكنفوشيوس سنة 1711 ميلادية. مرت الكنفوشيوسية في الصراع مع الحكومات الصينية المختلفة بين المنع من ممارستها وتحريمها سنة 1928 ميلادية، عندما صدر قرار بتحريمها، وبالعودة الى ممارستها كما حدث بين (1930-1934) ميلادية. ومنعها ثانية في عام 1949 ميلادية، عندما سيطرت الشيوعية على الصـين. ولكن بعد موت الزعيم الصيني الشهير( ماو تسي تونغ) بدأ التخفيف في التطبيق الشيوعي في الصين، وبدأت الكنفوشيوسية تظهر الى الوجود. كنفوشيوس: ولد كونفوشيوس في عهد سلالة (تشو) التي حكمت بين السنوات( 1100 ق. م ـ 256 ق. م)، وفي 28 من شهر ايلول سنة 551 قبل الميلاد بالتحديد، في ولاية( لو)، ومات عام 479 قبل الميلاد، في نفس المدينة والتي تقع في شمال الصين وتدعى اليوم (شانتونغ)، بجوار البحر الأصفر. كان كونفوشيوس من عائلة (جونج) الأرستقراطية الغنيّة. ويترجم أسمه الى (كونفوجي) أو(كونفوزي ـ كونغ فو تسو)، وتعني الكلمة (كونغ ـ المعلم). وأما الأسم المشهور والمُنتشر في العالم هو(كونفوشيوس) فهو الأسم المُترجم عن اللغة اللاتينية. ومن ألقابه المهّمة التي يُعرف بها: المعلم، والحكيم، والملك، والقديس، والأله. إلا ان أتباعه ومُريديه، لم يُحاولوا يوما أن يجعلوا منه إلها أو ينظروا إليه قديسّا أو ينظموا له هيكلا أو معبدا. وظهر في نفس الفترة الزمنية لكونفوشيوس، المعلم الكبير(بوذا) مؤسس البوذية في الهند، و(زرادشت)، مؤسس الزردشتية في فارس، و(النبي ارميا) و(النبي حزقيال) في اسرائيل، و(المعلم مهافيرا) مؤسس الديانة الجاينية في الهند، و(فيثاغوراس)، مؤسس الفيثاغورية الرياضية في اليونان، والمعلم (لاوو تسو) مؤسس الديانة الطاوية في الصين. وكان جد كونفوشيوس حاكما، ووالده ضابطا حربيا ناجحا، توفي والده (وهو الوالد غير الشرعي) عندما كان عُمره ثلاث سنوات، وعدم شرعية الوالد يُفسّر إنقلاب وضعهم الاقتصادي الى الفقر المُدقع بعد موته مُباشرة. ولكن والدته الأرملة أصرّت على تعليمه منذ صغره تعليما جيّدا بالرغم من فقرها، حتى بلغ من النضج الفكري والثقافي وهو لم يتجاوز العشرين من عُمره. وكانت الصين في تلك الفترة تنقسم الى امارات صغيرة متنازعة تحارب بعضها البعض وينقصها الرابط السياسي والشعور القومي الواحد. وكان كونفوشيوس وفلسفته السياسية في الحكم وادارة المجتمع والأمة، خير مُعين للحكام والأباطرة الصينيين الذين كانوا في أمس الحاجة الى ما كان يدعو اليه في رسالته الأخلاقية والأجتماعية والسياسية. ولذلك لم يكن من المُستغرب أن نرى الكنفوشيوسية تأخذ الصفة الرسمية للصين بعد قرون من وفاة مؤسسها ودوام حكمها للأمبراطورية الصينية لمدة 2000 سنة. وقد كانت الكنفوشيوسية في حكمها الرسمي للأمبراطورية، مصدرا وحيدا للتشريع في إدارة الامبراطورية، الى يوم قيام الثورة الصينية ضد النظام الامبراطوري الفاسد، والتي قررت بفصل الدين عن الدولة، وذلك في سنة 1912 ميلادية بعد إعلان الجمهورية ومنعها للتعليم الديني في المدارس الرسمية. وقد عمل كونفوشيوس موظفاً في الحكومة، وأدخل على وظيفته التحسينات المهمّة حتى انه ترقى الى وظيفة المُشرف العام على الحقول بعد نجاحه الكبير. وكان كونفوشيوس، يُحب العمل الجديّ النظيف، إذ ترقى سريعا بسبب طرقه النموذجية، حيث عيّن بادارة الأعمال والأموال، ثمّ كاتبا ورئيسا للعمال وقاضيّا وحاكما ووزيرا للعدل ورئيسا للوزراء. وكان حريصا في عمله شديدا في تعامله مع المُخالفين من دون مُحاباة وتردّد. ولذلك بلغ صيته المناطق الأخرى من مملكة (تشو)، ولكنه لم يستمر في الأعمال الأدارية والسياسية بسبب سوء الفهم مع المسؤولين في سنة 496 ق.م. إذ استقال من عمله الوضيفي وترك منصبه، وقرّر أن يتفرغ للتدريس والتعليم في بيّته، وأنشا لنفسه مدرسة للفلسفة ومُلتقى خاص لأهل العلم. وكان الطلاب يُسمونه (كونغ ـ فو ـ تشي) أو كونفوشيوس كما هو معروف في الغرب. وبدأ يقضي مُعظم أوقاته في الدراسة والتعليم ولاسيّما بعد وفاة والدته سنة 527 ق.م، الذي أثر على حياته تأثيرا بالغا مما جعله ينفصل عن زوجته ويترك عائلته ويتفرغ لعلمه، حيث أمضى ستة عشر عاماً من عمره يعظ الناس متنقلاً من مدينة إلى اخرى معلما ومُرشدا. وانتشرت شهرته في جميع المناطق الصينية مما أدى الى زيادة عدد تلاميذه وأتباعه بالآلاف. واستمر في التعليم والتجوال في المناطق الصينية حتى أصبح مُعلما من الدرجة الأولى وكثيراً ما وصف كواحد من الأنبياء أو المصلحين، أو أحد مؤسسي الديانات، وهو تعبير غير دقيق، إذ أن مذهبه الفكري لم يكن في الحقيقة ديناً أو منهجا سماويّا روحيا. فهو لايتحدث عن إله أو عن عالم روحاني، وإنما عن الحياة الخاصة وعن السلوك الإجتماعي والسياسي. وتقوم معظم أفكاره الفلسفية على الحب وحسن معاملة الناس والرقة في الحديث والأدب في الخطاب، وإحترام الأكبر سناً والأكبر مقاماً، مع التقديس الخاص للأسرة، والكره في نفس الوقت للطغيان والظلم والإستبداد. ويُقال نقلا عن تلاميذه وأتباعه، انه كان متواضعا ومتسامحا وصبورا، من دون أن يكون عنيدا أو أنانياً. وانه كان يحرص كثيرا على القواعد والسلوك الجيّد والمجاملة الرقيقة مع الناس والتعامل المُهذب في دعوات الغذاء والعشاء. مع كيفية كبح جماح الغرائز والشهوات. ومن صفاته الشخصية، أنه عرف بحبه للحياة الشريفة والنظامية من دون أي طمع في المال والشهرة. وكان يميل كثيرا الى العلم والمعرفة والسياسة، والبحث عن الطرق الضرورية لأسعاد الناس وتنظيم حياتهم اليومية على أساس القيم التي يؤمنون بها. وعرف عنه أنه كان مرحا جدا، يُحب النكتة. وكان خطيبا بارعا ومغنيّا لامعا يُحب الموسيقى والطرب كثيرا، يُقنع المقابل بالمنطق الجميل من دون الحاح أو تجريح، مستخدما العبارات الحكميّة الموجزة والأمثال الأخلاقية البليغة. وعرف عنه أيضا عطفه على الحيوانات، حتى انه كان لا يتخذ لنفسه إلا الملابس المصنوعة من الكتان. ولم يتجرأ يوما شرب اللبن لأن اللبن هو من حق الرضيع من البهائم. وبعد التعب الكبير من التجوال والتدريس في القرى والمدن، عاد ليقيم في بلدته (لو) في السنوات الخمس الأخيرة من عمره وذلك عندما بلغ من العمر 67 سنة. وقضى السنوات الباقية من عمره في التعليم والكتابة الى أن توفي عن عمر ناهز 72 سنة، وذلك في سنة 479 ق.م، بعد المحاورة الثقافية مع حفيده، والتي كانت تدور حول فعل الخير وتجنب الشر وكيفية الأصرار على الصواب والحياة الصالحة، تاركا الصين في حزن عميق، فاقدة أبا حقيقيّا ومعلما عظيما لها وللأنسانية. ويُعدّ كونفوشيوس اليوم، مفخرة الفكر الإنساني والفلسفة العالمية، وعمودا شامخا للقوانين والنظم الانسانية والعدالة والجدية في العمل من دون غش ولا مواربة. وبعد قرون من وفات كونفوشيوس، وجد الحكام ضرورة إعادة الإعتبار له ولأتباعه وايجازة تقديم القرابين لأسمه في مواعيد مُحدّدة من كل عام لا تتجاوز أربع مرات في السنة. ومن ثم اقامة المعابد في المدن الكبرى من الامبراطورية بإسمه واعطائه لقب القديس والملك وأنبل الأساتذة الذين يجب على كل صيني ان يعتز بهم وينحني أمام تمثالهم ويقدم القربان لذكراهم. النصوص المُدوّنة: تُعدّ الكتب الفلسفيّة الكونفوشيوسية من أعظم الكتب الفكرية في الشرق قاطبة. والتي أصبحت الأساس الأخلاقي والتربوي والأجتماعي والفكري للحضارات الآسيوية ولقرون عديدة. وتُعد كتابات كونفوشيوس ولاسيّما (الكتب الخمسة) والتي هي مجموعة من الآداب الصينيّة، وكذلك المجموعات الأخرى من الكتب والتي تسمى بالكتب الأربعة، المصدر الرئيسي للمناهج الدراسية المُقرّرة في الصين. وتتكون المذاهب والأديان من كتب تعبّر عن عقائدها وفلسفاتها وتعاليمها لغاية ديمومتها ونشر تعاليمها بين الناس لغرض خدمتهم وخدمة مجتمعاتهم. وهذا ما ينطبق على الكنفوشيوسية التي حاولت منذ اليوم الأول، أن تكون المصدر الفكري والتشريعي والسياسي والأداري للمجتمع الذي تعيش فيه من دون أن تمس المُقدسات في سوء، مع الأحترام في طبيعة الحال، للقيم والسلوك الموجودة في ذلك المُجتمع. وكانت تدّون هذه الكتب على شرائح من الخيزران تشد بعضها الى بعض بمشابك متحرّكة، وكان يبلغ إتساعها حوالى بوصة وطولها قدمين، وتربط كلها بخيوط من حرير. وكان الصينيون يُدوّنون كل شىء تقريبا ويُقدّسون كل ما يكتبون. وكان كونفوشيوس أحد الرجال المؤهلين لذلك العمل، إذ شرع بتدوين عدد من الكتب الطقسيّة والقانونية والأدارية عن نظام الكون وقوانينه من دون التركيز على الأمور الآلهية والروحيّة الميتافيزيقية كثيرا. وأما عن القائمة الكتابية للكنفوشيوسية فهي تتكون من تسع كتب مُدوّنة يتوارثها الكنفوشيوسيون عن المعلم كونفشيوس وأتباعه، والتي تمت كتابتها أثناء فترة حكم سلالة (تشو). ويمكن تقسيم هذه الكتب إلى قسمين رئيسين: الكتابات الخمس التقليدية (وو- جينغ). الكتابات الأربع (سيشو). وأما عن الكتب الخمسة فهي الكتب التي اشترك كونفوشيوس في تدوينها نقلا عن كتب الأقدمين وهي: 1ـ كتاب الشعر أو الأغاني (شيه جينج): ويحتوي على أكثر من 300 أغنية إلى جانب ستة تواشيح دينيّة ترنم بمصاحبة الموسيقى. وكان كونفوشيوس قد أقتنع أن الإنسان إذا ما تلا الشعر يومياً فإنه يُصبح حكيما حقيقيا يتجنب الخطأ. وهو أيضا كتاب الأناشيد الذي قام بترتيبه وتبويبه هو نفسه، مع شرح مختصر لكنه الحياة والمبادئ الأخلاقية الفاضلة. 2 ـ كتاب التاريخ (شوو جينغ): وفيه وثائق تاريخية تعود إلى التاريخ الصيني السحيق، من القرن التاسع قبل الميلاد الى القرن السادس قبل الميلاد. ويوضح فيه الرؤيا الفكرية لكنفوشيوس مع الأسس الأخلاقية والأنسانية للحكومات المدنية. وفيه كذلك أهم الأحداث التي وقعت في مدينته (لو). 3 ـ كتاب التغييرات (لي شي): وهو سجل المراسيم أو كتاب القواعد القديمة من آداب اللياقة، والأسس الدقيقة لتكوين الأخلاق ونضجها، بما يساعد على استقرار النظام الأجتماعي. مع الفلسفات التطورية حول الحوادث الإنسانية. وقد حوّله كونفوشيوس إلى كتاب علمي لدراسة السلوك الإنساني ويرجع في تاريخه الى ما قبل ثلاثة وثلاثين قرناً قبل الميلاد. ويبحث كذلك عن الطاقة الكونية والتفسيرات والشروحات السلوكية والأخلاقية اللازمة للحكماء من البشر، مع الذيول والتعليقات اللازمة. 4 ـ كتاب الربيع والخريف (شوون شوي): كتاب تاريخ يؤرخ الفترة الواقعة بين 722 - 481 ق.م. ويؤكد على التاريخ والفرد والمجتمع المدني، حيث جُمع فيه أهم وأرقى ما وجده كونفوشيوس وتلاميذه في حكم الملوك الأولين من الحوادث والقصص. 5ـ كتاب الطقوس(لي شي): فيه وصف للطقوس الدينية الصينية القديمة مع معالجة النظام الأساسي لأسرة " تشو" 1027)ـ 402) ق.م، التي لعبت دوراً هاماً في التاريخ الصيني العريق. ويحتوي ايضا على التعاليم الأخلاقية والوجدانية التي تتخللها الشعائر والطقوس الأحتفالية التي جُمعت لكي تساعد الناس في تقديم العبادة والقرابين، لغرض خلق مجتمع مُنظم مؤسس على المبادىء المثالية الأربعة: التعلم والزراعة والحرفة والتجارة. وأما الكتب الأربعة، فهي مجموعة من الكتب والأحاديث والحوارت التي سجلها كونفوشيوس في حياته معلما ومفسّرا للعلم والأخلاق والأمور السياسية والأدارية، والتي شارك في تدوينها أتباعه وتلاميذه وجُمعت فيها أقواله مع بعض التفسيرات أو التعليقات بإيجاز ووضوح منقطع النظير وهي تمثل فلسفته ومن هذه الكتب: 1 ـ كتاب الأخلاق والسياسة. 2 ـ كتاب الأنسجام المركزي. 3 ـ كتاب المنتخبات ويطلق عليه اسم (إنجيل كونفوشيوس). 4 ـ كتاب منسيوس: وهو يتألف من سبعة كتب، ومن المحتمل أن يكون منسيوس مؤلفه. وعندما كان يدرس الطلاب الصينيون الثقافة الصينية في الفترة من 1313 الى سنة 1905 ميلادية، كان مقرّرا أن يدرسوا الكتب الخمسة ولكن قبل البدء بدرستها تقدم لهم الكتب الأربعة التي كانت بمثابة المقدمة للكتب الخمسة. وتعدّ الكتب الأربعة مثل الشروحات التبسيطية للكتب الخمسة التي كتبها الفيلسوف العظيم (تشو هسي). وكان يرى كونفوشيوس نفسه من خلال هذه الكتابات، المعلم والمهذب للشعب ولاسيّما السياسيين والحكوميين وطبقة الشباب. ولذلك كان يُضيف إلى الحوادث الواقعية خطبا وقصصا من فكره وتجاربه لكي يجعلها أقرب الى الواقع والتطبيق. شىء من التاريخ: تأسست الكنفوشيوسية بعد وفاة كونفوشيوس وعلى مقربة من نهر(استس) حيث قبر المؤسس في شمال مدينة(كونج)، والتي أسست تخليدا لذكراه في سنة 479 ق.م. وأخذ أتباعه بتنظيم الندوات العلميّة والتثقيفية قرب قبره الذي أصبح مكانا مقدسا يحجّون اليه الوزراء ورجال الحكومة الكبار. وهذه بعض الحوادث التاريخية في تطور الكنفوشيوسية عبر التاريخ: • إدخال وإدماج التعاليم الأخلاقية الكنفوشيوسية في القوانين الصينيّة في سنة 210 ق.م، مع إعلان كونفوشيوس مُشتركا في الألوهة مع الآلهة الأخرى. • مرور الكنفوشيوسية بفترة عصيبة لم تشهدها من قبل وذلك في عهد الامبراطور( تشي إن شهّوانج)، بين سنة 212 ق.م الى 207 ق.م. والذي أعلن بقتل الكنفوشيوسيين العلماء والفلاسفة وإحراق كتبهم وتحريم الحج الى قبر المعلم الأكبر. واستمرار الأضطهاد والقتل والتشريد الى أن قام الشعب بثورة شاملة ضد الأمبراطور في سنة 207 ق.م. • إلغاء جميع المذاهب الفكرية وتكريم المذهب الكونفوشيوسي وحده رسميا في عهد الامبراطور (وو دي) من أسرة هان التي حكمت ( 206 ق م – 220 م)، والذي دعا الى إلغاء كل المذاهب الاخرى فيما عدا الكنفوشيوسية. • إتخاذ الكنفوشيوسية الديانة الرسمية من قبل الامبراطور "دوتي" سنة( 140- 87 ) ق.م، والأستمرار في الحكم والتشريع كديانة رسمية الى سنة 1912 ميلادية. • تقديم القرابين الحيوانية على مقربة من قبر كونفوشيوس وإعطائه لقب الدوق الملكي في سنة 195 ميلادية، من قبل الامبراطور الصيني. وتنظيم تقديمها في طقوس خاصة، لأربع مرات في السنة. • تكريم الاسرة الامبراطورية الجديدة اثنين وسبعين من كبار أتباع الكنفوشيوسية في سنة 72 ميلادية. • رفع كونفوشيوس الى الدرجة الأقدس، والبدء بإقامة المعابد والهايكل له، بدءاً بالقرب من قبره ثم في المدن الأخرى وذلك في سنة 422 ميلادية. وشمول الفكرة رسميّا بكل المناطق في الصين منذ سنة 555 ميلادية. • البدء بتدريس النتاجات الفكرية والعلمية والفلسفية لكنفوشيوس في المدارس الرسمية وفي المدارس البيتية وإعطائها الصفة المقدسة وذلك منذ سنة 505 ميلادية. • بناء المعاهد الدينية في جميع أنحاء الأمبراطورية الصينية لتدريس الكتب الكنفوشيوسية المقدسة وذلك ابتداءً من سنة 630 ميلادية. • منح كونفوشيوس الألقاب النبوية والآلهية مثل أحكم الحكماء، ملك الملوك، وأقدس القديسين، في سنة 735 ميلادية. ونقل تمثاله الى المركز الرئيسي للكلية الملكية لتكون مع الملوك القدامى للصين وذلك في سنة 740 ميلادية. • حدوث التجديدات العقائدية في الكنفوشيوسية في القرن الحادي عشر، ونشوء ما يُدعى بالكنفوشيوسية الجديدة والتي أثرت مع البوذية والطاوية على الثقافة الصينية تأثيرا بالغا. وكان التأثير واضحا أيضا في كوريا في عهد سلالة (شوسون)، وفي اليابان في عهد سلالة (توكوغاوا). • محاول الكنفوشيوسية الوجود مع البوذية والطاوية والعمل معا في اصلاح المجتمع الى العهد الذي حكمت فيه السلالة (سوي) والسلالة (تانغ)، حيث إشتد النزاع بين هذه الاديان الثلاثة للسيطرة على الامبراطورية. وانتهى الصراع بالغلبة للكونفوشيوسية في عهد سلالة (سونج) وسلالة (مينج) ولمدة 700 سنة. • إعتبار كونفوشيوس مؤسسا لديانة عظيمة بالاضافة الى كونه معلما وحكيما وفيلسوفا. والبحث عن المنحدرين من سلالته واعتبارهم من النبلاء الأشراف في سنة 1330 ميلادية. • الاصلاح الديني للكنفوشيوسية في سنة 1530 ميلادية من قبل الامبراطور(مينج)، وذلك للتركيز بصورة أعمق في تعاليم كونفوشيوس أكثر من التركيز على شخصه وعبادته. • تقلص دور الكونفوشيوسية السياسي منذ 1530 ميلادية، وإعادة الهياكل الى بساطتها الاولى واستبدال تماثيل المعلم (كونفوشيوس) بلوحات تحمل أقواله وحكمه القديمة. • تكريم اباطرة بيت (مانشو) لكونفوشيوس واحترام تماثيله احتراما فائقا سنة 1657 ميلادية، وتقليده لقب((أحكم الاساتذة الاقدمين)) بعد ألقابه الاخرى(أنبل الاساتذة ـ 665 م) ولقب (الملك ـ 739م) ولقب (أقدس القديسين ـ 1013م). • الغاء الدروس الدينيّة في المدارس في عموم الصين والغاء الصفة الرسمية للكنفوشيوسية في البيت الملكي في سنة 1905 ميلادية. • القيام بالحركات التجديدية في الكنفوشيوسية من قبل الحكام الصينيين في مختلف العصور، ورفع المعلم (كونفوشيوس)الى درجة الألوهية مع الآلهة الاخرى في السماء والأرض بحسب القانون الأمبراطوري الملكي وذلك في 31 من كانون الثاني سنة 1906 ميلادية. • نشوء الثورة الشعبية في سنة 1912 ميلادية، في عموم الصين ضد اسرة الأمبراطور الفاسدة والتي انتهت بتغيير النظام الامبراطوري الى الجمهوري. • استمرار عبادة كونفوشيوس من قبل رئيس الجمهورية الأول للصين (يوآن شي كاي) في سنة 1914 ميلادية. • منع إقامة الشعائر الدينية وتقديم القرابين لكنفوشيوس في سنة 1928 ميلادية. • إعادة تدريس الكنفوشيوسية في المدارس الصينية مع السماح بتقديم القرابين لكنفوشيوس في سنة (1930-1934) ميلادية. • تحول (تشيانغ كاي شيك) الى المسيحية وتأسيسه (حركة الحياة الجديدة)، واعلانه للمبادىء الاساسية الاربعة للدولة الحديثة: اللياقة والعدالة والسلامة الشخصية والتواضع واحترام الذات. • إقامة الهيكل القومي الصيني غير المكرس لديانة معينة يحوي الاحكام والقوانين الكنفوشيوسية، مع إقامة تمثال لمؤسس الصين الحديثة(سن يات سين) مع اللوحات التي تمثل آباء الحضارة العلمية الحديثة مثل (نيوتن وباستور وغاليلو وجيمس واط وبنجامين فرانكلين) تحت الهيكل، لكي تمثل الحضارة الانسانية الواحدة. • سيطرة الشيوعية على الصين ومنعها للأديان ومن ضمنها الكنفوشيوسية سنة 1949 ميلادية، بحجة القضاء على الخرافات. • إعتبار السيد (كونج تي تشنج) الناطق الحقيقي والرسمي باسم كونفوشيوس والذي يتسلسل منه بعد 2600 سنة ويعيش حاليا في تايوان (الصين الوطنية). وكان كونفوشيوس يؤمن بأن الانضمة العالمية فاسدة والسبب في فسادها هو عدم امكانية حل شرائعها وقوانينها محل النظام الاجتماعي الطبيعي الذي تهيئه الاسرة والعائلة لكون الاسرة هي الاصل ومنها تبدأ الاخلاق وبها يكون المجتمع. ويتغنى اليوم مئات الملايين من الصينيين بإسم كونفوشيوس وتعاليمه قائلين: "لم يخلق مثلك في جميع البشر أيها الحكيم الكامل المبجل، فأنت كامل وتعاليمك وحكمك وأفعالك كاملة وعادلة الى دهر الدهور". العقائد: العقائد هي الجزء الأهم من الديانات العالمية، إذ تتجسّد فيها التعاليم التربوية والأخلاقية والروحية، وذلك من خلال الطقوس والشعائر والمراسيم المُختلفة. وتؤكد دائما أن الأدعية والصلوات والعبادات ليست كافية في حياة المؤمنين، إذ لابد من أعمال الرحمة والإحسان في الحياة اليومية، التي لولاها لما بقي الايمان حيّا. وكان الصينيون القدامى يعبدون الآلهة والطبيعة وظواهرها المختلفة، مع عبادة أرواح الأجداد والأسلاف. وتطوّرت العبادات الصينية في إضافة قوة الهية جديدة وموحدة اسمها السماء (تيان) والتي ترادف الكلمة (شانج تي). وبحسب هذا المفهوم، تحكم هذه القوة الآلهية الجديدة على الكون بقوة قدرية هي فوق قابلية الفهم البشري وحكمه وسيطرته. والسماء تعطي أوامرها لبعض الأفراد أو العوائل لحكم الآخرين بالعدالة والانصاف. وعندما يفشل هؤلاء في الحكم العادل فإنها تقيم أناسا آخرين وتجعلهم مسؤولين لحكم الناس وهكذا تستمر السماء بإعطاء بركتها بحسب المفهوم الكنفوشيوسي في العدالة السماوية على الأرض. فالعقيدة في الاساس تدعو الى السعادة والتفاؤل بعكس الطاوية والجاينية. ولهذا دعا كونفوشيوس في تعاليمه الى البحث عن الصداقة وإيجاد الاصدقاء الحقيقيين، لأن الانسان بحسب كونفوشيوس لايستطيع العيش وحده فلا بد إذا من أصدقاء يُعينوه في بناء البيت والعائلة والمملكة. إذ يجب ان يعيشوا معا لكي يتقاسموا الاعمال ويُشاركوا بالخبرات والافكار. وأما عن عقائده السياسية فهي في معظمها نصائح للحكومة، لأن الصلاح يبدأ من الرأس وينزل الى الاسفل للشعب الذي ينظر الى الحكومة كقدوة ومثال في الاخلاق والسلوك. ويتم كل ذلك بمشاركة المجتمع في تهذيب الذات والفكر والقلب حتى يعمّ الهدوء والسلام والسعادة. وتوجد في الكنفوشيوسية ست مفاتيح أو طرق للسلوك الأخلاق اليومي في الحياة: 1ـ جن: وهي القاعدة الذهبية في التعامل الأنساني مع الآخر: (لا تفعل بالآخر ما لا تريد أن يفعل الآخر بك)، أو بمعنى آخر لا تفرض على الآخر ما تريده أو ترغبه نفسك. وتدل على فضيلة الصلاح والخير. وتعبّر عنها في الحياة بالأقرار بقيمة الآخر وبإحترامه من دون النظر الى درجته أو منصبه الأجتماعي. 2 ـ شوون تزوو: يحكي عن الكرم والشهامة والشخصيّة الناضجة والبالغة. لأن التعاليم الكنفوشيوسية، توجه في معظمها نحو هذا النوع من التصرّف لتكوين الشخصيّة الأحسن والعائلة الصالحة والمجتمع النبيل. ويدل المصطلح أيضا على فكرة الحياة الحقيقية للفرد في معناها الأصيل مع القيم السامية والنبيلة وذلك بتطبيق الفضائل الأنسانية الخمسة: إحترام الذات والكرم والإخلاص والمثابرة والصدقة. وكذلك العلاقات التي تجسّد من خلالها كل ذلك: أن يكون الإبن مخلصا دائما. وأن يكون الأب عادلا ورحيما، وأن يكون المسؤول صادقا وأمينا. وأن يكون الزوج تقيّا وعادلا. وأن يكون الصديق أمينا ومحتشما. 3 ـ تشينج ـ مينج: تعني المحافظة على الألقاب وإحترام الكبار والتقاليد الواجب على كل شخص، مع لعب كل شخص دوره الصحيح. فعلى الملك أن يكون ملكا، والمعلم معلما والعامل عاملا. وعلى الابن أن يلعب دوره والأب أن يكمل واجبه الأبوي. 4 ـ تي: تعني القوة، والقوة تحتاج الى الحكم، والحكم يحتاج بدوره الى استخدام الحكمة والشرائع الروحية القديمة. 5ـ لي: من المفاتيح التعليميّة المهمّة في الحياة ولها معان عديدة مثل: اللياقة والوقار والإحترام، والشعائر السلوكية الأخرى التي تدل على التصرّف الصحيح في الحياة. 6ـ وين: يدعو الى السلام والقيمة العالية. ويتضمن الموسيقى والشعر وكل انواع الفن. وبحسب الكنفوشيوسية فإذا ما طبق الناس هذه المبادىء المثالية الصالحة للفرد والعائلة والمجتمع فإن العدالة والمحبة تسودان المجتمعات البشرية وتكون الدولة بخير والوطن في سلامة دائمة. وهذه بعض الأفكار عن العقائد الكنفوشيوسية: • تؤمن الكنفوشية ان كونفوشيوس، معلم حكيم فوّضته السماء لأرشاد الناس وهدايتهم والسعي لتحقيق العدالة السماوية على الأرض وبصورة واقعية قابلة للتحقيق وللإبتعاد بقدر الامكان عن المثاليّات الميتافيزيقة(الماورائية). • كل شخص بشري يحتاج الى الدين والى أخلاقياته وطقوسه ومراسيمه حتى وإن كان كونفوشيوسيا. لأنه في أثناء الموت، يبكي الأقرباء وبصوت عال لأعلام الجيران، إذ ينوحون ويضعون ملابسة خشنة. وبعد أن يغسلوا الجثة ويضعونها في الكفن، يستعمل الأقرباء البخور والأطعمة التي توضع عادة في الكفن مع الشخص الميّت. ويتبع أهل الميّت الجنازة الى المقبرة. ويستعملون طقوسا ومشاعرا خاصة بعد اليوم الأول والثالث السابع والتاسع والتاسع والأربعين من بعد الدفن. • تؤمن الكونفوشيوسية بالمعتقدات القديمة وتحترمها إحتراما كبيرا من دون أن تضيف اليها أو تلغي منها شيئا، وقد تبنتها الكنفوشيوسية من دون جدال أو نقاش. ولاسيّما العادات والتقاليد الموروثة على انها نابعة من الظمير الإنساني الذي لا يُمكن إلغاءه والاستهزاء به مع التقديس للعلم والامانة في نشره بين الناس. • تؤمن الكنفوشيوسية الايمان القديم لآبائهم الصينيون الذين كانوا يعتقدون بوجود الاله الأعظم في السماء ويُقيمون له القرابين السنوية مع الاحتفالات الكبيرة. ويؤمن الكنفوشيوسيون بالآلهة الاخرى مثل الأرض والشمس والقمر والكواكب والظواهر الطبيعية الأخرى التي يعدّونها آلهة تستحق العبادة وتقديم القرابين. ويعبدون آبائهم وأجدادهم وأسلافهم ويُقدمون لهم القرابين لترضيتهم. ويؤمنون بالأرواح الخيّرة والشريرة. • تدعو الكنفوشيوسية الى إحترام الانسان والمجتمع والحياة والى إقامة نظام سياسي عادل على أساس العلم والايمان والأخلاق الحميدة بعيدا عن الفتن والأحقاد والحروب. • تدعو الكنفوشيوسية في معظم تعاليمها الى قيام حكومات عادلة تحظى بالرضى والإحترام من قبل الشعب وعلى أن تكون حكومات تحاول جهدها في خدمة الشعب بالرغم من طبقاتهم وأفكارهم واتجاهاتهم الفكرية والروحية المُختلفة. • تؤكد الكنفوشيوسية على المحبة والشعور بالمسؤولية والعمل الجماعي وتشجع التنشئة التربوية الجيّدة للأطفال من حب الوالدين وحب الطبيعة والسماء والعلم والوطن والحكومة. • تؤمن الكنفوشيوسية ان الجزاء والثواب يكونان في هذه الدنيا، ان فعل الانسان خيرا فإنه خيرا يرى وإن فعل شرا فإنه شرا يرى. وتؤمن كذلك أن للخطيئة عقاب على الأرض وهي الأمراض والعواصف والزلازل والبراكين. • تؤمن الكنفوشيوسية أن الأخلاق هي الأمر الأساسي الذي جاءت من أجله، من طاعة الصغار للكبار وطاعة الشعب للحكومة العادلة والاخلاص للعائلة والعمل والاصدقاء وعدم جرحهم مهما كان الثمن والإبتعاد عن الكذب والدجل والزنى والفجور والمُحابات. • تؤمن الكونفوشيوسية بالفوارق الطبقية وبإحترام المُلكية الفردية مع السماح بالانتقال من طبقة الى اخرى بحسب الإمكانيات المادية والاجتماعية. • تؤمن الكنفوشيوسية ان الحياة هي نتيجة لتقمص الأرواح السماوية مع العناصر الأرضية الخمسة والتي هي: المعدن - الخشب - الماء - النار – التراب. • تؤمن الكنفوشيوسية الثنائية (الين يانغ) بالرقم خمسة في كل الأشياء الأساسية في الطبيعة. فالعناصر الطبيعية هي خمسة، والقرابين هي خمسة أنواع، والجهات في العالم هي خمسة جهات: (الشمال والجنوب والشرق والغرب والوسط). وللموسيقى خمسة مفاتيح وللقرابة الدموية، خمس درجات وهي: الابوّة ـ الامومة ـ الزوجة ـ البنوّة ـ الاخوّة. • تؤمن الكنفوشيوسية بأن السلطة الحاكمة تستلم أمور الحكم من السماء وتؤكد الارادة السماوية على العدل والرحمة في الحكم. فعلى الحكومة أن تحقق المصالح الشرعية للناس جميعا. • تتمحور العقيدة الكنفوشيوسية حول السلوك البشري اليومي والأخلاقيات العامة سواء في الفرد أو العائلة أو الحكم مع توفير الأسس الأولية للمبادىء التي تقوم عليها النظريات والمؤسسات السياسية. • ترتكز العقيدة الكنفوشيوسية على كيفية إصلاح الفرد والمجتمع، لأنه في صلاح الفرد، صلاح العائلة والعشيرة ومن ثم الأمة بكاملها. وتقع المسؤولية في ذلك على الآباء والحكومة التي عليها ان تشجع العلم لجميع الناس. وعليها توزيع الثروات على الجميع بعدالة وان تعاملهم معاملة قانونية عادلة. • تتشابه التعاليم الكنفوشيوسية والطاوية في كثير من الجوانب الأجتماعية والسياسية والكونية. وكثيرا ما تمتزج الديانتين الى درجة لا يُمكن فصلهما أو التمييز بينهما، إذ نجد أناسا يتبعون الطريقتين معاً، ويُمارسون الطقوس والشرائع للديانتين من دون إشكال. • ترتكز الأخلاقيات الكنفوشيوسية على المفاهيم المهمة الثلاثة: ذبائح الآلهة والمؤسسات السياسية والادارية والسلوك اليومي للبشر. وهي قضايا مستنبطة من خلال الخبرة الانسانية في الحياة. وهي تراقب كل الأفعال اليومية التي يرتكبها الانسان من جيدة ورديئة وهذا ما يُسمى (لي) والترجمة الأقرب لهذه الكلمة هي البرارة. وتمثل الفضائل الأخلاقية من الاخلاص تجاه الذات والآخرين (تشونج)، والفضائل الاخرى مثل الاستقامة واللياقة والتأدب والنزاهة والتقوى. • الرسالة الأهم للكنفوشيوسية هي في ما يُسمى (الجن) والتي تترجم (الانسنة)، أو فعل ( الخير). وكان التركيز الأكبر لكونفوشيوس هو في السلوك الحسن في الحياة. • توارثت الكونفوشيوسية الديانة التقليدية الصينية في عبادة السماء (تيان) وعبادة الرب (تي ) أو الرب الأعظم (شانج تي). وخدامه الآلهة الاخرى، والذين يُطيعون ارادته. وجدير بالاشارة أن الناس جميعهم جيدون وطيبون في طبيعتهم بحسب فلسفة كونفوشيوس، والمناهج الأخلاقية مثل الرحمة وفعل الخير والسلوك الحسن ومحبة الآخر واللياقة والاحتشام، هي مناهج موجودة في دواخلنا تظهر فينا في فترة من الفترات ولا نحتاج الى الخلاص الذي يأتينا من نبي أو رسول فنحن مخلصون من طبيعتنا. وتعدّ طريقة كونفوشيوس بسيطة في التعبير عن ارادة الله أو الآلهة: "إذا أردت أن تفرح الآلهة، فعليك أن تقوم بأفعال حسنة مع عائلتك وجيرانك ومجتمعك". وببساطة شديدة إذا كنت جيدا فالآلهة سوف تحبك. التكوين والخلق: تبدأ قصة الخلق الصينية بالاشارة الى وجود الآلهة والى وجود البيضة السوداء العملاقة، وفي وسطها الكائن العملاق (بان كو)، الذي يستيقض بعد 18,000 سنة وهو مُنزعج ومُضطرب، فيأخذ الفأس ليُحطم قشرة البيضة. وينقسم الجزء الأبيض من القشرة ليُكوّن منها السماء والجزء الاثقل(صفار البيض) ليُكوّن منها الأرض. وبعد 18,000 سنة اخرى يقف (بان كو) بين السماوات والأرض لكي يفصل بينهما. وعندما يموت (بان كو) تتحول أنفاسه الى الغيوم، ودماءه الى الأنهار، وصوته الى الرعد، وعيونه الى الشمس والقمر، وجسده الى الجبال... وهكذا دواليك. وأما القمل الموجود على جسمه فيتحول الى البشر الأوائل وهم أجداد كل البشر. وهناك مجموعة كبيرة من القصص الفلكلورية والدينية الاسطورية عن الخلقة في الثقافات الآسيّوية ولاسّيما الصينية، والتي انتقلت من جيل الى جيل المُدوّنة والشفهية. ومنها قصص تجعل الخليقة تبدأ مع بداية الحضارة الصينية وكأن التاريخ في الصين هو تاريخ الكون والخليقة معا والذي يبدأ في القرن th 12 ق.م. وكانت هذه القصص تنتقل من جيل الى جيل لآلاف السنين عن طريق المسرح والأغاني والحكايات القديمة التي يُردّدها الآباء والأسلاف الى أن سُجّلت في كتب ومخطوطات. ويبدأ التاريخ في الأساطير الصينية في القرن 12th ق.م. ويتبين ذلك من القصص والأساطير التي دوّنت في كتب مثل (شوي جينج زهو) وكتب(سهان هاي جينج). وبقيت بعض الأساطير الاخرى تنتقل شفهيا من خلال التقاليد والحكايات والأغاني والمسرحيّات الى أن تمّ تسجيلها في قصص مثل (فينجسهين ياني). والأساطير التي تحكي عن خلق الكون وخلق الكائنات الحيّة الأخرى. وتعدّ معظم هذه الحكايات من روائع القصص التي ظهرت كآداب دينية بعد تأسيس الكنفوشيوسية والطاوية والأديان الصينية التقليدية الأخرى. وتحكي معظم هذه القصص عن القوة العليا التي هي فوق كل الآلهة والمخلوقات واسمها(تيان ـ السماء)، والتي تسيطر على الكون وتنبع منها كل الأشياء الموجودة في الطبيعة مع كل الآلهة والأرواح الخيّرة والشريرة. ومن القصص الاخرى التي تحكي عن خلق الكون والكائنات الحيّة: "كانت البداية العظيمة عندما لم يكن هناك شىء منظم .. عندما كان كل شىء غامضا وفي فوضى ... كان الفراغ العظيم، ومن الفراغ العظيم كان الكون. ومن الكون كانت المادة ... وصعد الجزء الخفيف والمُنوّر من المادة الى الأعلى ليُنشىء السماء، ونزل الجزء الثقيل والكثيف الى الأسفل ليُنشىء الأرض. وكان من السهل على المادة الخفيفة والنقيّة أن تجتمع معا وتكوّن جسما واحدا. ولكن من الصعب على المادة الثقيلة والكثيفة أن تتوّحد. ولذلك تمّ تكوين السماء أولا ثم كان تكوين الأرض بعد ذلك. وسُمي جوهر الأثنين معا (ين يانج). ومن جوهر(الين يانج) كانت المواسم الأربعة. وبعد تبدّد المواسم الأربعة نشأ العالم مع عدد لايُحصى من الخلائق. وكانت النار من قوة اليانج الساخنة، وكانت الشمس من جوهر النار. وأما الماء فكان من مجموع قوة(الين) الباردة. والقمر من جوهر الماء. ومن تفاعل قوة الشمس والقمر كانت النجوم والكواكب. وكانت الشمس والقمر والنجوم في حصة السماء، وكانت الماء والتراب من حصة الأرض... . وبعدما نشأت السماء والأرض، ظهرت معهما الأشياء كلها للوجود. وكان التوّحد العظيم، وكل شىء صدر من هذا التوّحد العظيم، ولكنها اختلفت وانقسمت الى أنواع من السمك والطيور والحيوانات البريّة... ولذلك سُميّت الأشياء التي تتحرك بالأحياء. وهي المخلوقات التي تنتهي عندما تموت... . وأما عن خلق الانسان فهناك قصص وأساطير كثيرة ومنها القصة التي تحكي عن خلق الأنسان من القمل العالق بجسم (بان كو): لم يكن هناك شىء على الاطلاق قبل خلق الكون .. ثمّ ظهر شىء.. ومن هذا الشىء خلق الانسان الاول (بان كو) القوي الذي رأسه يشبه رأس التنين وجسده يشبه جسد الافعى، ويزيد حجمه بأربعة أضعاف حجم الرجل العادي. ويبدأ الانسان الاول في العمل طوال 18 الف سنة، حتى فصلت السماء عن الارض. فهو الذي يُرتب الأمكنة الخاصة للشمس والقمر والنجوم في السماء. وهو الذي يرفع الجبال والتلال ويفتح الأودية والسواقي والأنهار على الأرض، ويعمل على خلق كل شىء من دون تعب ولا كلل. ويتم خلق كل الأشياء في 2,229,000 سنة. ويموت الانسان الأول (بان كو) وتصبح أنفاسه ريحا وسُحبا، وينقلب صوته الى الرعود والبروق وعظامه الى الصخور، ودماءه الى الأمطار والمياه في الأنهار والبحيرات، وشعر رأسه الى الغابات، وتصبح عينه اليسرى الشمس، وعينه اليُمنى القمر، ويتكون الآدمييون من القمل المتعلق في جسمه. وهكذا تمتم قصة الخلق الصينية الكنفوشيوسية. وكانوا هؤلاء الآدمييون متوحشون وغير متحضرين، ومن ثمّ يظهر بينهم الملوك السماويين (فوشي). وكانت لفوشي اخت سماوية اسمها (توكوا شي). وبدأت البداية العظيمة والقديمة للأنسان، بعدما لم يكن هناك شىء .. ولكن بعد فترة طويلة من الخلق واظهار الأشياء .. يظهر(بان كو)، الذي له رأس تنين وجسد الأفعى. ويظل يعمل بجدّ ونشاط لسنين عديدة الى أن يموت. وعند موته تتجمع أنفاسه ومنها تتكون الرياح والسُحب والبروق والرعود والصخور والأشجار والأنهار والأرض. ومن عينه اليسرى تظهر الشمس، ومن عينه اليُمنى يظهر القمر. وأما من القمل العالق بجسمه فيظهر البشر.. ويظهر(فوشي) الانسان الأول، الملك السماوي العظيم واخته (تو اكشي) الملكة السماوية الأولى... ثم تحكي القصص عن الصراع الكبير بين الآلهة التي تسببت في دمار العالم .. وفي ظهور الكون والحياة من جديد في دورة حياتية جديدة من الخلق والظهور للخلائق جميعها. ولذلك يُدعى الجنس الصيني بجنس التنين أو نسل التنين وغالبا ما تلقب الصين نفسها بالتنين. وتعدّ اسطورة التنين الصينية من أهم الأساطير، لأن التنين في الأساطير هو الأله القوي والمُسيطر على المياه. ومن أشهر هذه التنانين إله الأمطار(ينج لونج) الذي يصنع الغيوم بأنفاسه وتصلي له الناس في وقت الجفاف. العبادة: بدأ أتباع كونفوشيوس بتصميم المعابد الخاصة للعبادة بأمر من الأمبراطور في كل المُدن الرئيسية في الأمبراطورية. وبقيت بعض هذه المعابد كنزا ثمينا للأنسانية تفتخر بها الصين وأتباع الكنفوشيوسية. ولا تزال بعضها تحكي عن الايمان الكونفوشيوسي والفكر الانساني والأخلاقي لمؤسسها قبل 2500 سنة. ومن هذه المعابد، معبد كونفوشيوس الذي يقع في قلب مدينة تشيويفو، بجوار القصر الأمبراطوري ببكين مع القصر والمصيّف الامبراطوري. وتشكل هذه المباني الثلاث(المجموعات الكبرى للبنايات الصينية القديمة). ويعود بناء هذا المعبد الكنفوشيوسي الى القرن الخامس قبل الميلاد، أو بالأحرى الى السنة التالية من وفاة كونفوشيوس، أي في عام 478 قبل الميلاد. إذ كان الأباطرة في مختلف العصور يقدمون الولاء والطاعة لكونفوشيوس فيه. وكان البناء صغير الحجم متكونا من ثلاث غرف فقط عندما بنيّ في السنة الاولى. وجدير بالذكر ان الأباطرة من كل المناطق الصينية كانوا يأتون اليه لتقديم القرابين والولاء له ولفلسفته السياسية والأخلاقية، ومنهم الامبراطور (تشيان لونغ) من أسرة تشينغ (1644–1911) ميلادية، والذي كان يحج اليه كل سنة وقد ساهم في توسيعه وترميمه. وأجريت كذلك الترميمات وعمليات التوسيع للمعبد في عهد أسرتي مينغ وتشينغ (1368-1644) ميلادية. ويُعدّ المعبد المفخرة التاريخية والأثرية للصين وللديانة الكنفوشيوسية، إذ يتكون من 466 غرفة، منها القاعة الكبيرة والقاعة الصغيرة والمقصورة والمذبح للقرابين مع 54 قوسا للنصر. ويغطي المعبد مع قصوره، مساحة 218 الف متر مربع. وهذه بعض الفقرات عن العقائد الدينية: لاتختلف العبادة في الكنفوشيوسية عن التقاليد الصينية القديمة، من عبادة السماء وتقديسها، مع عبادة الأسلاف. وكانت تقديم القرابين من أهم العبادات وتتضمن الاحتفالات السنوية الضخمة والتي كانت تقام بأمر من الامبراطور لتمجيد السماء والارادة الآلهية فيها والتي ترعى الكون وكل ما فيه. تتكون العقيدة الكنفوشيوسية من المفاهيم الفكرية والايمانية الصينية التقليدية نفسها من دون تغيير كبير. فهي تؤمن مثل الصينيين القدامى بالقوة الخارقة في الكون التي تسيّر المخلوقات ويُسمونها السماء ويُقيمون لها المذابح لتقديم القرابين، ويُقيمون كذلك المذابح والمعابد الخاصة لتخليد الأسلاف وأرباب العوائل. إذ كان لكل عائلة في الصين معبدها الخاص تقام فيه الطقوس والعبادات العائلية في أوقات مُعيّنة ويُقيمها عادة رأس العائلة أو الأكبر سناً. تربط الكنفوشيوسية في تعاليمها بين السماء والشعب والحاكم. فالسماء تولي السلطة للحاكم، والحاكم يُكمل إرادة السماء في تحقيق العدالة للجميع من خلال الحكم من دون ظلم وإستبداد. وهو يؤمن بأن الحكومة إنما أنشئت لخدمة الشعب وليس العكس، وعلى الشعب بالمقابل أن يحترم الحكومة وعليه طاعته. تمارس الكنفوشيوسية القاعدة الذهبية التي هي جوهر العقيدة والديانة: "أحب لغيرك ما تحبه لنفسك، أو بمعنى آخر، لا تفعل بالناس ما لا تريد الناس أن يفعلوا بك". وتنطبق هذه القاعدة على الحكومات والمجتمعات كما تنطبق على الفرد من معاملة الغير بإحترام وتقدير وبالتعاون معه أو معها في بناء المجتمع. الرموز الكنفوشيوسية: إن من أهم الرموز في الثقافة والتراث الصيني العريق وفي الديانة الكنفوشيوسية العظيمة مجموعة من الخطوط المتشابكة والمعقدة. ويُعبر هذا التركيب من الخطوط عن السماء، وهي رمز القوة الخلاقة، الليّنة، الحليمة، والتي تخصب الأرض بالمطر والثلج، والأرض من تحتها كرمز سلبي ومقر لليبوسة. ونجد رموزا اخرى في الشكل بالاضافة الى الارض والسماء، وهي النار والماء وهما الرمزان الضدان، إذ نجد في النار عنصرا ذكريا أرضيا وفي الماء عنصرا انثويا سماويا أو هبة من السماء للأرض. وتكمن في الشكل كذلك أعظم الفضائل للأحياء والأموات التي ترمز الى الماء والصفاء والحياة والطهارة والعدالة والعلاقات الانسانية والعلاقة تجاه الآخرين التي تجسدها القاعدة الذهبية التي كان كونفوشيوس يرددها دائما:"لا تفعله بالاخرين، ما لاتشتهيه لنفسك".
الجاينية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية نشأت الجاينية في الهند، من قبل المعلم (فاردامانا ماهافيرا) "599 – 527" قبل الميلاد. وكان نشوءها ردة الفعل ضد الميول والتعاليم البراهمية الهندوسية للتحوّل من الممارسات الروحية الظاهرية (الروحانية الهندوسية) الى الممارسات الروحية الباطنية(الروحانية الجاينية). والشىء الآخر الذي يُميزها عن منبعها الاصلي وعن جذورها الهندوسية هو طرقها التقشفية في الصوم والزهد للخلاص والالحاد. وهي تعدّ مع ذلك جزءا من الحضارة الهندية العريقة إذ لها تاريخ طويل من التقاليد الفلسفية. ولكنها ليست من الديانات (الفيدية) أي انها لاتقبل سلطة الفيدا وهي مجموعة من الكتب الهندوسية المقدسة. ولاتقبل آلهتها ولا سلطة إلهها المطلق (براهمان)، لأنه كل شخص بحسب التعاليم الجاينية يستطيع أن يصل الى حالة الكمال المطلق بعد عدد من التناسخات الجيدة. وقد أثرت الجاينية على الثقافة الهندية من خلال تعاليمها السلميّة واللاعنفية (أهيمسا)، والتي تنص على منع الاذى لأي كائن حيّ، حتى وإن كان أصغر الحيوانات أو الحشرات. وتركز الجاينية في كتبها المقدسة على تعاليم الكارما المتشدّدة وتلزم أتباعها بعدم مقاومة الشر. وتؤمن بالولادة الجديدة وبتجنب العنف بالقول والفعل والفكر. حاول (فاردامان ماهافيرا) إكتشاف طريق الخلاص لأتباعه. فأسس سلوكا يُنقذ الناس (بحسب رأيه) من المرور في عدد كبير من التناسخات للوصول الى النيرفانا، وتعرف هذه الطريقة (جاين داهارما). ولكنها في حقيقة الأمر، كانت فكرا فلسفيّا تمرديّا ضد الديانة البراهمية الهندوسية (الفيدية)، وضد طقوسها الدينية التي تتطلب تقديم القرابين الحيوانية. وهي شكل من أشكال الديانة الوسطية بين البراهمانية والبوذية. وبقيت الجاينية في موقفها الرافض للبراهمية الهندوسية الى يومنا الحاضر. ويُشتق إسمها من الكلمة (جين ـ الفاتحين أو القاهرين)، واستمدت جذورها من (شرامان) والتي تعني (المعلمين الدينيين القدامى). هناك شبه كبير بين الجاينية وبين البوذية وبين (ماهافيرا) مؤسسها و(بوذا) مؤسس البوذية. ولهذا يربط بعض العلماء أصلها بالديانة البوذية وبعضهم الآخر يربطها بالفترة الزمنية نفسها وبالتأثيرات الثقافية المشتركة فقط من دون إيجاد أي تأثير بوذي مباشر عليها. ويؤكد العلماء الجاينيون، على قدم الجاينية وإستقلاليتها، فالتشابه بينها وبين البوذية هو بسبب الأصل الواحد للديانتين ولاسيّما بخصوص الزهد والتقشف البراهيمي وبسبب دخول (الكارما) في تعاليمهما العقائدية. وقد اثرت الجاينية على الثقافة الهندية ولا تزال تؤثر على الصعيد السياسى والديني والثقافى والأخلاقى. وتؤكد على المساواة الطبقية والاستقلالية الروحية فى شتى أنواع الحياة مع التأكيد على نبذ العنف والكره والتفرقة. وتختلف الاحصائيات العالمية بخصوص عدد أتباع الحاينية من مصدر الى آخر، وتقدر آخر الاحصاءات عددهم 10 مليون تابع، ولكن يبدو هذا التقدير عاليا ومُبالغا فيه عند معظم التقديرات الدينية في العالم. إذ تقدر معظم الاحصاءات عددهم بأقل من 5 مليون تابع. ويعيش الجاينيون اليوم في المناطق الهندية المختلفة ولاسيّما في ولايات راجستان وماهاراشترا وكوجارات. وكانت تعيش جماعة جاينية كبيرة في البنجاب ولاهور ما قبل الانقسام في سنة 1947 بين الهند وباكستان. وتوجد كذلك في الولايات المتحدة أكبر طائفة جاينية خارج الهند وكذلك هناك جماعات من الجاينيين في المملكة المتحدة وكندا وكينيا وتنزانيا وغيرها من الدول الاخرى. ويوجد اليوم اكثر من 85 جماعة جاينية في اقسام مختلفة من الهند، يتكلمون اللهجات المحلية ويتبعون طقوسهم الخاصة ولكنهم يؤمنون بنفس العقائد ويتبعون نفس الكتب المقدسة. وتعدّ الجاينية من أصغر الديانات في العالم ولكن تأثيرها وقوتها في الهند يتجاوز عددها القليل. ويُعدّ عطاءها عظيما قياسا الى نسبتها المؤية التي لاتتجاوز 0.4% بالنسبة الى عدد السكان في الهند. فهم يساهمون وبصورة فعالة في الكتابة والثقافة والفلسفة والآداب الهندية، وفي بناء المدارس والمستشفيات الخاصة بالحيوانات والطيور. الماهافيرا: عاش مؤسس الجاينية في القرن السادس قبل الميلاد في الفترة المعاصرة لغوتاما (بوذا) مؤسس البوذية. وهو يحمل نفس الألقاب والصفات التي لبوذا مثل(المتنور) و(الماهافيرا) والبطل العظيم والقديس والفاتح وجينا(القاهر لشهواته). مرّ الماهافيرا في نفس الضروف الحياتية التي مر فيها بوذا. ولابد من التركيز على اللقبين الأخيرين أو الصفتين الأخيرتين لكونهما الصفتان الملازمتان للديانة الجاينية. ولد فاردهامانا (ماهافيرا) سنة 599 ق.م في ولاية بيهار الهندية من اسرة مختصة بشؤون السياسة والحرب، إذ كان والده أميرا في تلك الولاية. وعاش مثل بوذا في كنف والديه، متمتعا بالخدم والملذات العادية وتزوج من الأميرة (يوسادا) وعاش معها لمدة عشرة أعوام، الى أن بلغ من العمر الثامنة والعشرين، إذ مات والداه ليتركاه في احزانه العميقة، فترك ماهافيرا بيته وحياته الغنية عندما أصبح في الثلاثين من عمره وبدأ بالتجوال في العالم متجرّدا من كل شىء وحتى من ملابسه الشخصية ولمدة 13 سنة وتبعه أحد عشر تلميذا من الكهنة البراهميين بعد اعلانه عن الحالة التنويرية(جينا)، التي حصلت له وهو في تأمله العميق تحت الشجرة. فترك عائلته وحياة الترف والثراء والسلطة وإنطلق الى العراء صامتا لمدة طويلة من الزمن من دون ان ينطق بكلمة واحدة طوال اثنتي عشر سنة، ضل خلالها يُفكر في النفس والكون والأخلاق والدين والطبيعة والآلهة والحياة. وبدأ يتجول بين القرى والمدن والأديرة الرهبانية البراهمية، باحثا عن الحقيقة والطريق القويم. وعندما تيقن من دعوته وإكتشافه للحقيقة حلق رأسه وخلع ملابسه وبدأ رحلة الزهد والخلوة الروحية الشديدة. وكان يُمارس كل أنواع الإماتات الجسديّة والتقشف والصوم القاسي الشديد، ووصل الى درجة من الإهانة لجسده بسبب التجارب والشهوات التي كانت تأتيه، إذ قام بنتف شعر جسده والتجول في البلاد عاريّا تعبيرا منه بإهانة جسده وبرغبته في الموت سريعا والوصول الى السعادة الروحية القصوى (النيرفانا). تلقى ماهافيرا علومه على يدي (باراسواناث)، الجيني الثالث والعشرين، الذي علمّه الجاينية وكيفية قهر الشهوات والتغلب على الأحاسيس والرغبات، ومارس هذه الممارسات بحرفية شديدة وزاد عليها طرقا جديدة استخلصها من خبرته الروحية مما جعله المؤسس الحقيقي للجاينية. بلغ في ممارساته الروحية الى درجة من النسك والتقشف حتى عدّه الكثير من البراهميين معلما حقيقيا وأعطوه صفة المُرشد. ورافقه في رسالته عدد من أهل بيته وعدد من الأمراء والملوك الصغار لأعتبار حركته ثورة ضد التقاليد والآلهة البراهمية الهندوسية. واستمر يخطب في الناس ويُرشدهم الى أن بلغ الثانية والسبعين من عمره، حيث توفي في( بافا) سنة 527 ق.م، بعد ان ألقى عظته الأخيرة على أتباعه ومُريديه قائلا: "لا تقتلوا أي كائن حيّ، لا تقتلوا الحيوان لكي تتخذوه طعاما لكم ولا حتى أدنى المخلوقات مهما تكن الضروف ومهما تكن حاجتكم ولا حتى البعوضة التي تعضكم أو النملة التي تلسعكم، ولا تقاتلوا من يُهاجمكم ولا تدوسوا دودة على الأرض". شىء من التاريخ: تتميز التعاليم الجاينية بعدم الاهتمام بجذب الآخرين إليها، ولذلك فهي لاتملك ارساليات تبشيرية لهداية الناس. وكان القديس فارداهامانا (ماهافيرا)، وهو المعلم والناسك والشخصية التاريخية الاولى، قد بشّر بالزهد والإماتات الصارمة في الحياة، وإستخدم كل هذه الطرق والوسائل الروحية للتخلص من دورات الانبعاث والتجسّدات الأرضية وتقليلها بقدر الإمكان للوصول الى النيرفانا(السعادة القصوى). وانقسمت الجاينية بعد موت مؤسسها مثل معظم الأديان في العالم، الى طائفتين وكل من هاتين الطائفتين رتبت قانونا خاصا بالكتب المقدسة (ديغامباراس)، التي تؤكد على التجرّد حتى من الملابس التى تستر العورات وذلك في الأديرة الخاصة بها. ويضع الرهبان قطعة من القماش على أفواههم خوفا من قتل أو ابتلاع الحشرات الصغيرة، وذلك لأيمانهم العميق بقيمة الحياة حتى بالنسبة الى أصغر الحشرات. وهذه بعض التطوّرات التاريخية للجاينية: • تأسيس الجاينية في القرن السادس الميلادي من قبل (الماهافيرا) بين سنة 570 ق.م ـ 527 ق.م. حيث خلف الماهافيرا وراءه أتباعا وعقيدة روحية ورهبنة تصوفية قاسية في التطبيق النسكي وخطبا أصبحت مقدسة وجزءاً من الكتب المقدسة. • تشكيل أول مجمع يهتم بجمع النصوص المقدسة للجاينية في القرن الرابع قبل الميلاد، والذي لم ينجح بسبب الخلافات الكثيرة بين الرهبان. • تدوين النصوص المقدسة سنة 57 ميلادية، بعد جمعها التقاليد الشفهية والخطب والحوارات العديدة لماهافيرا وللرهبان الكبار. • حدوث انشقاق في الدين سنة 79 ميلادية، وانقسمام الجاينية الى فريقين تفصلهما هوة سحيقة من الاختلاف حول موضوع الملابس والزهد الى حد العري الكامل. • عقد المجلس الخاص بجمع النصوص المقدسة وتنظيمها في القرن الخامس الميلادي والذي دار حول الرأي الأخير للكتب المقدسة والتراث الجايني المقدس. • إختيار اللغة السسكريتية، بعد التداول والدراسات العميقة للتراث الجايني والكتب المقدسة بإحلالها محل اللغة (اردها مجدي) المستعملة طول الفترة قبل الميلاد. • اهتداء عدد من الملوك الهنود للديانة الجاينية في القرون الميلادية الوسطى ورفع عدد من الرهبان الجاينيين الى درجة المرشدين للحكام والولاة ولاسيّما في بلاط الملك سدراج والملك كامباربلا، وبقاء الحال في تلك الممالك الى مجيىء عهد الانكليز. • اهتداء الامبراطور الهندي (أكبر) للجاينية، والذي حكم الهند في (1556ـ 1605 ميلادية). وشهد عهده بالتسامح مع كل الأديان. وتميز عهده بتقريب الرهبان الجاينيين الى القصر الامبراطوري وأعطاءهم صفة الحكماء والمرشدين للدولة. • إنقسام الطائفتين الى طوائف أصغر بكثير والتي تعارض بعضها في استعمال الصور والتماثيل في المعابد والهياكل وحجة البعض منها وجود الصلاة والعبادة او عدم وجودها وقبول الصور أو رفضها. النصوص المقدسة: تعد الكتب المقدسة الجاينية من الكتب المُدوّنة منذ فترة طويلة، ومن أهمها وأكثرها إستشهادا عند التكلم عن الجاينية هو كتاب (تاتفارثا سوترا)، أو كتاب الحقائق والوقائع والمؤلف من قبل الراهب والعالم (أوماسفاتي) قبل حوالي 2000 سنة. وأما كتاب الخطب: فهو يتألف من خمسا وخمسين خطبة مع الأسئلة والأجوبة والوصايا الاخلاقية للرهبان الكبار. وقد دوّنت هذه الخطب والوصايا للجاينيين والرهبان والنساك بعد انتقالها شفهيا من جيل الى جيل، وسجلت خوفا من الضياع، فإتجهت النية الى جمعها في مخطوطات وأسفار مقدسة باللغة السنسكريتية. وكانت أول محاولة لجمع وتدوين الكتب المقدسة قد تمت في سنة 57 ميلادية، وأما المحاولة الثانية وباللغة السنسكريتية فقد تمت في القرن الخامس الميلادي وفي مجمع خاص لهذا الغرض سُميّت الكتب المقدسة على إثرها (أجاميس) ومعناها (الوصايا). وأضافت الجمعية الجاينية كتابا مقدسا آخر ألا وهو (سامانا سوتام)، وذلك سنة 1974 ميلادية مما يعني ان القانونية المقدسة للكتب هي مفتوحة الى اليوم، والفرصة في ظهور (الجينا) ممكنة جدا في أي وقت. المذاهب: وقعت الانقسامات بعد وفات ماهافيرا، والسبب للإنقسامات كانت القوانين الرهبانية ونوعية الملابس التي يجب استعمالها أو عدم استعمالها والبقاء في حالة العري مثل المؤسس نفسه الذي اختار هذا النوع من الحياة والذي صام صوما انتحاريا الى أن مات. وتحكي التقاليد عن المؤسسة الرهبانية الاولى التي أسسها ماهافيرا والتي كانت تتكون من 14,000 راهب و36,000 راهبة وذلك قبل وفاته. ووقعت الانقسامات بعد وفاته حالا بسبب القوانين الرهبانية ونوعية الملابس التي يجب استعمالها أو عدم استعمالها والبقاء في حالة العري مثل المؤسس الذي اختار هذا النوع من الحياة والذي صام صوما انتحاريا الى أن مات. فأصر قسم من الرهبان المدعوين (سكيتامبارا) على استخدام الروب الابيض وبينما القسم الآخر والمدعويين (ديغامبارا)، قد إختاروا التجوال عراة كمؤسسهم ماهافيرا. والبعض منهم أصر على ابعاد المرأة من الاجتماعات وعدم قبولها في الديانة. واجتمع هؤلاء جميعهم في مجمع سنة 456 ميلادية حول نوعية الملابس الواجب استعمالها وقانونية الكتب المقدسة ومكانة المرأة من الدين. فأبعدوا الديغامباراس من المجمع. وفي الفترة من القرن الرابع الى السادس الميلادي هاجرت المجاميع الجاينية الى الغرب والمناطق الوسطى من الهند وارتحل الجزء المنشق منها الى الجنوب من البلاد، حيث تمتع اتباعها بدور سياسي مشهود له وأستطاعوا كسب الملك (أموغهافارش) الى الجاينية في القرن التاسع الميلادي. لعبت الفلسفة والثقافة الجاينية دورا سياسيا واجتماعيا وحضاريا رئيسيا في الهند. وقد عبر تأثيرها الى ما بعد الحدود الهندية. إذ وصل الى الشرق الأوسط والى دول البحر الأبيض المتوسط والدول التي تتواجد فيها جاليات صغيرة من الجاينية وهي سيريلانكا وباكستان وبنغلادش وكمبوديا وأفغانستان وكندا وأمريكا واوروبا وأفريقيا الشرقية. ويمارس الجاينيون الرهبانُ الطرق النسكية القاسية والصارمة وتنظم رهبناتهم في شكل جماعات أخوية، تنذر العزوبية والتعرّي والإماتة الجسدية والصوم وتنقسم الى الطائفتين الرئيسيتين والطائفتين تنقسم الى طوائف أصغر بكثير وهي تعارض استعمال الصور والتماثيل في المعابد وتمنع بعضها الآخر، الصلاة والعبادة أصلا. واما العلمانيون، فإنهم يُزاولون ممارسات أقل صرامة في الصوم والبتولية والتجرّد. فالعلماني مثلا يستطيع أن يختار المهن الانسانية التي تحمي الحياة، ولكنه لا يستطيع أن يعمل في المهن التي تؤدي الى قتل البشر أو الحيوانات. وتنقسم الجاينية الى طائفتين: 1ـ طائفة الزي الأبيض (ديجامبارا): لكون الرهبان في هذه الطائفة يلبسون الزي الرهباني الأبيض دائما وهم أكثر عدداً من الطائفة الأخرى ولا سيّما في الشمال الغربي من الهند، وتتبع هذه الطائفة بعض النساء الراهبات. 2 ـ طائفة الزي السماوي(سويتامبارا ـ العراة): تتكون من الرهبان الذين يتنسكون عراة في الأماكن العارية معرضين أنفسهم لقساوة الطبيعة والحياة. وأصبحت الطائفتان اليوم تلبسان الملابس العادية في ما عدا الرهبان الذين لازالوا يلتزمون بالأزياء التقليدية. ويشمل قانون الكتب المقدسة لطائفة الزي الأبيض، من خمسة وأربعين نصاً مُقدسا وفي اللغة البراكريتية الهندية. ومن أهم هذه النصوص (الكتاب المقدس للشرق). والمفهوم العقائدي والأخلاقي في الجاينية وهو من أهم المواضيع بالنسبة اليهم، ينظرون اليه بجدّية وقدسية لامثيل لها. إذ هناك خمسة نذور تلزم الرهبان والراهبات والعلمانيين والعلمانيات وهي: 1 ـ اللاعنف. 2 ـ الحقيقة. 3 ـ عدم السرقة. 4 ـ العفة. 5 ـ عدم الاقتناء. ومع هذه النذور الخمسة هناك النشاطات الثمانية عشر التي تساعد في تحرير (الأتما ـ النفس)، ويجب أن ياتي تطبيقها من الداخل وهي: العنف والكذب والسرقة والسلوك الغير العفيف والامتلاك والغضب والتكبر والطمع والخداع والارتباط والحقد والمجادلة والثرثرة والاتهام والنقد والكراهية والحقد والايمان الخاطىء. وتعتقد الجاينية بأن كل الأرواح مساوية وجميعها لها الفرصة نفسها في التحرر من الجسد ومن العوائق الحسيّة المختلفة والدخول الى حالة الموكشا، في ممارسة الطرق التقشفية التي يُمارسها الجاينيون. الآلهة والمعابد: لما كانت الجاينية ثورة على الهندوسية وآلهتها وبالأخص إلهها الأكبر (براهمان)، الروح الأكبر أو الخالق الأعظم الذي خلق الكون وكل ما يُرى وما لا يُرى. إذا كان لابد من رفع الانسان وكل الاشياء المحسوسة الى درجة الالوهة ولاسيّما الانسان الذي له القابلية في الوصول الى الكمال بعد عدد محدود من التناسخات للتخلص من الجسد المادي. ومع ذلك فهم جعلوا من كل شىء الها وحتى الحشرات والنباتات والحجارة والصخور والأنهار. ولهذا فلا يحتاج الانسان الى الصلاة والعبادة للآلهة لأنهم لايستطيعون فعل شىء، فهم ضعفاء مثل البشر. والكتب الهندوسية أيضا، لا قيمة لها البتة في نظرهم، لكونها تشجع على الإتكال على الآلهة الكسولة والعديمة الفائدة. ولما كان الجاينيون رفضوا آلهة الهندوس ولكن أتباعهم اليوم يعتقدون بألوهية كل شىء، من الجبال والأرض والأنهار والحجارة والنفس البشرية والأشجار وكل أنواع الكائنات الحيّة وحتى الحشرات الصغيرة مثل البعوضة والقمل والنمل والتي يجب إحترامها وتقديسها. ويعترف الجاينيون بالأرواح الخالدة والآلهة الثانوية. ولكنهم لايعترفون بعبادتها ولابتقديم القرابين لها. ولا خلاص للإنسان إلا بجهده الشخصي، وأسرع طريقة للوصول الى ذلك هي بممارسة أعمال الصوم والزهد وشظف العيش(تاباس) وبالتأمل الباطني الذي يؤدي الى نوع من الغيبوبة الوجدانية والانفلات من الجسد المادي والسمو فوق الوجود المادي المحسوس(الحالة التنويرية). ويؤمن الجاينيون بخلود الكون وبوجود فترات طويلة من التطوّر والإنحطاط. وبمرور الانسان في هذه المرحلة بالفترة الانحطاطية والانحلالية التي لامثيل لها في تاريخ البشرية. ويستمر الانحطاط بحسب الجاينية حتى مرور الفترة السادسة من الخلق والتي هي مائة الف سنة. ويؤمن أتباع الجاينية بأن ديانتهم هي أبدية بدأت منذ البدء وتبقى الى المنتهى ويعتقدون بان الإله هو خاصية غير متغيّرة داخل كل كائن حيّ. والخاصية هي المعرفة التامة والضمير والسعادة والسلوك الجيّد. وتؤمن الجاينية ان (ديفاس ـ الملائكة أو الالهة الصغار) لا تستطيع أن تساعد البشر في تقريبهم من الموشكا أو تحريرهم من التناسخات العديدة للوصول الى النيرفانا. فهم لايستطيعون حتى مساعدة أنفسهم للوصول الى النيرفانا إلا إذا تجسّدوا واصبحوا بشرا وتخلصوا من الكارما. ولم يكونوا الجاينيون يعرفون العبادة والصلاة لعدم وجود ايمان لهم بالآلهة. ولكنهم كانوا يعيشون حياة تقشفية ويُبالغون في الصوم ولكنهم بدأوا تدريجيا ببناء المعابد الرائعة في الجمال ونحتوا فيها التماثيل الجميلة لقادتهم الروحيين ولاسيّما الجين الربع والعشرون. ومع انهم لايعملون في الزراعة ولا يشتركون في الجيش ويمتنعون عن العمل في كثير من الأشغال التي تتعارض مع تعاليمهم الدينية إلا أنهم مع ذلك نجحوا في التجارة والأعمال الحرة والعلوم المختلفة وقدّموا خدمات يشهد لهم الكثير من غير الجاينيين في المجال الانساني والاخلاقي وكذلك في اسهاماتهم العمرانية كبناء المستشفيات والمعابد أكبر دليل على ايمانهم وصدق نيتهم. العقائد: تؤكد الجاينية في عقائدها، على نشوءها من قبل عدد من الفاتحين والقاهرين لشهواتهم، الرهبان الجاينيين المؤسسين ومنهم ( ماهافيرا) الذي يُمثل الرقم 24 من الفاتحين الذين قضوا حياتهم في الصوم والزهد عن الحياة، والكفارّة ونكران الذات والإبتعاد عن كل أنواع الملذات والماديّات. وهم عادة أناس مسامحون، يرحبون كثيرا بالآخر من أتباع الديانات الأخرى وكثيرا ما يُساهمون في نشر بذور التسامح والالفة بين الناس من مختلف الطوائف والمذاهب الدينية في الهند. ويتكون المفهوم العقائدي للجاينية من الكلمات أو الجواهر البوذية الثلاثة: الإعتقاد السليم، المعرفة الصحيحة، التصرّف الصائب. وبالنسبة الى الأخلاق والسلوكيّات البشرية فإن الجاينية لاتختلف في هذا الصدد عن البوذية والهندوسية. ولكن هناك إختلافات طفيفة بينها وبينهم بالنسبة الى قتل الحيوانات، فالبراهمية والبوذية تسمحان به للغذاء ولتقديم الذبائح والقرابين، بينما الجاينية تحرّم قتلها وأكلها. وتمنع الجاينية قتل أي كائن حيّ مهما كانت الظروف حتى ولو دفاعا عن النفس. ولذلك تتميز حياة الجاينيون بالرقة والمحبة لكل الكائنات الحياة، فهم يُفضلون لسعة البعوضِ على قتلها. وتجدهم يُقدمون الإحسان للبشر والحيوان بشكل رائع، ولهم عدد من المستشفيات الخاصة بالحيوانات في الهند والعالم. واما بالنسبة الى الانتحار فإنهم يسمحون به شرعا، إذا ما لم يستطع الجايني السيطرة على غرائزه الجنسية وشهواته الجسدية الاخرى بالرغم من الإماتات والرياضات الروحية التي يقوم بها، فله الحق بأن يُعجّلُ نهايتَه بالإنتحار. وهذا ما يعدّ شيئا محرّما في البوذية والأديان الاخرى قاطبة. ويهتم الطرفان بالسلوك القويم، وبالمعرفة الصحيحة، وينظران إلى العالم على أنه شرّ، ويميلان إلى التصوف. ولكن الجاينية تشجع التقشف الكئيب، والزهد الجاد والمتشائم، وإماتة الجسد تماماً. وتعدّ البوذية ّ أكثر اعتدالاً، لأنها تشجع الفرح والتفاؤل والبهجة في الحياة. ولربما هذا هو السبب في إنتشارها أكثر من الجاينية وقبولها بين المجتمعات بصورة أشرف، وانه من الصعب على الناس ممارسة النظام الجايني التقشفي القاسي الذي قد يصل الى درجة الاهانة للجسد. وحدثت حالات من التقشف والصوم الى حدّ الموت، فيما يُسمى بالتقشف الإنتحاري. والنتائج النهائية المتوقعة من الكارما في الجاينية هو الحصول على النيرفانا وهي السعادة القصوى، أو الحالة الخلاصية والتحررية الأبدية للنفس البشرية. وهي تقوم على الرياضات الروحية والتأملات النفسيّة العميقة، بغية إخماد شعلة الحياة في نفوس معتنقيها. وتحذو الجاينية حذو البراهمية الهندوسية والبوذية في النظر الى الكارما والى الاشراقات الضمنية والتولدّات التناسخية المتعدّدة، وتنظر أيضا على أن الحياة الأرضية بكل جماليّاتها والجسد وشهواته وحاجاته الجنسيّة والمادية ما هي إلا بؤس وشقاء لا بد من التخلص منها. فالحرية والتخلص من الولادات الجديدة هو الهدف والطموح لدى الرهبان الجاينيين. وبينما البوذية والبراهمية الهندوسية تنظران الى النهاية، على أنها اليقضة الأخيرة والسُبات الأخير للوصول الى النيرفانا ـ السعادة القصوى، تتمسك الجاينية وبشكل عنيد جدا بالتقاليد القديمة حول مسكن النعمة النهائي حيث تكون النفس حرّة من كل الضروريات المطلوبة للولادات التجسّدية على الأرض، متمتعة وللأبد بالوجود الروحي الواعي. وللحصول على هذه الحالة يُمارس الجاينيون الصوم والرياضات الروحية الشديدة والتقشفات القاسية الى أن يتحرّروا من الجسد في الموت. ولا تنكر الجاينية وجود الآلهة لكن عبادتها لاتفيد بشىء بالنسبة الى الجاينية. ويُكتسب الخلاص في الجاينية بالجهد الشخصي بتنقية النفس من كل ما يُعيقها ويجعلها حرّة ولذا فهي تطمح بحياة روحية نقيّة في السماء. ولا يتحقق هذا الهدف والطموح إلا بالإماتات الجسدية القاسيّة التي صاغها وطبقها المؤسس (جينا) نفسه في حياته الأرضية. وبالنسبة الى الرهبان الجاينين فإن إثنتي عشرة سنة من التنسك الشديد وثمان ولادات أرضية، كافية للدخول الى السماء. ولما كان الجاينيون لايعبدون الآلهة الهندوسية، ولذلك فإنهم ينْصبونَ معابدَ بارزةَ لمعلمهم (جينا) وللمعلمين المُبجّلين الآخرين. ويزيّنون صورَ هؤلاء القديسين بالأضويةِ والزهورِ، ويمشي المؤمنون حولها مُرتلين ومُزمرين الكتب المُقدسة (مانتراس). ولكي يُجسّد الجاينيّون ما يُعلمون من احترام وتقدير لكل الكائنات الحيّة، فكان عليهم أن يقوموا بكثير من أفعال الخير والرحمة ومن ضمنها إقامة المأوى للحيوانات السائبة ورعايتهم وتغذيتهم مع اقامة المستشفيات الخاصة بهم. ويتحقق الخلاص عندهم بالإعتقاد الصحيح بجميع القادة المؤسسين الأربعة والعشرين وبجميع تعاليمهم وبالمعرفة الصحيحة بالأمور والنواحي العلمية للكون والعلم بالأمور الطبيعية والوجدانية وبالروح وقوتها والمسالك الوجدانية المهمّة في تقويتها. ويعد هذا نوع من أنواع الهروب من دائرة الإنبعاث والولادات الجديدة (الكارما)، فيما يُسمى (الموكشا)، أو التحرر، وهى عملية التخلص من دائرة الموت والحياة، عن طريق التحكم بالنفس والزهد وتحرير الروح من الجسم والوصول الى حالة الكمال والسعادة القصوى. • تدعوا الجاينية الى طاعة الشعب للحكام وذبح من يعصي أوامرها، وبسبب هذه التعاليم، يتبع تعاليم هذه الديانة عدد لا بأس به من الملوك والأمراء التاريخيين للهنود. • تعلم الجاينية كيفية الوصول الى النيرفانا بأسرع طريقة ممكنة، وذلك باتباع خطة النقاء والصفاء في الفكر والقول والعمل وبتجنب القتل والسرقة والزنى، والإبتعاد عن الكذب والطمع واللذات والرغبات. والاجتهاد بقدر الامكان، في التخلص من الكارما والولادات الأرضية العديدة حيث ينتهي الصراع من أجل النيرفانا والصراع ضد الجسد وشهواته ورغباته العديدة والطرق والوسائل اللازمة الى ذلك. • ترفض الجاينية العمل في الزراعة خوفا من قتل الديدان والحشرات الصغيرة. إذ أن أتباعها لايؤمنون بالقتل والحرب ولايشجعون المشاركة في الحروب خوفا من إراقة الدماء وقتل البشر والحيوانات. • تعلم الجاينية في عقائدها كيفية قتل العواطف البشرية وصد كل أنواع الرغبات والأحاسيس البشرية والسيطرة عليها سواء كان الجوع والعطش والحب والكره وحتى الخير والشر. الخلاص من الآثام بحسب الجاينية بالعمل الطيّب وليس بالصلاة ولابعبادة الأصنام. • تعلم الجاينية كيفية التغلب على الحزن والسيطرة على كل أنواع المشاعر مع التغلب على الخجل والحياء والعيش ببراءة من دون كساء. • تدعو الجاينية الى التجويع الذاتي وقتل الإحساس بالجوع وقطع كل الروابط بالحياة وهي حالة الإنتحار للتخلص السريع من الولادات العديدة والوصول الى الخلود. • تؤمن الجاينية ان للأحياء مثل الأشجار والماء والنار والحجر والنبات والبصلة والجزرة روحا. ومن الممكن ان يتحول الانسان الى كل من هذه النباتات والحيوانات والضفادع والثعابين والخنازير، في التاسخات العديدة الى أن يتحرر نهائيا في حالة النيرفانا. • تؤمن الجاينية بوجود الجحيم تحت سطح الأرض وبأنها تتكون من سبع طبقات، كل طابق منها أشد هولا من الآخر، والروح الشريرة تذهب هناك بعد أن تنتهي من التجسدّات الرديئة. وأما إذا كانت الروح صالحة فهي ترتفع الى الأعلى إلى أن تصل الى إحدى الجنّات الست والعشرين، والطابق السادس والعشرين هو المكان المناسب للنيرفانا وهو المُخصّص للأرواح في غاية الصلاح والنقاء. • لاتؤمن الجاينية بإله مطلق أبدي بل بالأحرى بكون أبدي تحكمه القوانين الطبيعية. • تؤكد الجاينية على جميع أتباعها أن يكونوا نباتيين وقد تأثرت بعض المناطق الهندوسية وقبلت بالنظام الغذائي الجايني النباتي من دون أن تنتمي الى الجاينية. ولا يأكل الجايني المؤمن بعد غروب الشمس شيئا ويجب عليه أن ينهض قبل شروق الشمس كل يوم. • تعلم الجاينية على تجنب الكارما الرديئة والسيطرة على الالآم والأحاسيس والكبرياء والغضب والكذب والطمع والتبذير والحسد والعادات الرديئة الاخرى. وتشجع الجاينية في جميع تعاليمها على بناء الكارما الجيدة وكل الممارسات الحسنة التابعة لها مثل الرحمة ومساعدة الفقراء وبناء المستشفيات للبشر والحيوانات والطيور والبيوت الخاصة للأيتام والمدارس والمعابد. العبادة والطقوس: يُصلي الجاينيون كل يوم صلاة عالمية يدعون فيها (جيناندرا شري شانتي) الذي يُعبد من جميع العالم وهو واهب السلام والبهجة والسلام الدائم الى أن يحصل الجايني على الهبة الأبدية وهي النيرفانا. ويبني الجاينيون المعابد والهياكل ويضعون فيها صورا للجينا الأربع والعشرين ولاسيّما صور (تيرثانكارس). ويُمجدونهم بتراتيل روحية جميلة. ولكن بعض الجاينيون يرفضون دخول الهياكل والمعابد ويمتنعون من تقديم الاحترام والعبادة لهم ويعدّونهم حكماء ومرشدين فقط. والحياة الواقعية في العالم المادي في الجاينية تتكون من عامة الناس ومن الرهبان والراهبات ولهؤلاء قوانين أخلاقية يجب إتباعها ومن القوانين الصارمة التي على الرهبان والراهبات والنساك اتباعها: أهيمسا ـ اللآعنف. ساتيا ـ الحقيقة. أسيتيا ـ عدم السرقة. براهماكاريا ـ نقاء العقل والجسد. أباريغراها ـ التحرّر من المتعلقات المادية. وتعد هذه نذورا مؤبدة للرهبان والراهبات ولكن هناك نذور أخرى أقل صرامة للجاينيين العاديين وهي عشرة وهي أقل صرامة من الاولى وهي: عدم القتل أي كائن حي. عدم الكذب. عدم السرقة. عدم الزنى. القناعة عدم الطمع. عدم الزنى. تجنب الشرور. التأمل. نكران الذات. الزكاة. ومن هذه التعاليم الاخلاقية نستنتج مدى صرامة الطرق النسكية والتقشفية للجاينيين الذين يؤمنون بهذه العهود والمواثيق التي إذا ما طبقوها فإنها تخرجهم من الظلمات الى النور العلوي وتخلصهم من الهموم والمشاكل العديدة الى يوم ينطلقون أحرارا طلقاء. الأعياد: تحتفل الجاينية بأعيادها الدينية بالصوم والعبادة وترنيم النصوص المقدسة مع فتح الحوارات الدينية وتعليم المبتدئين العقيدة الدينية، وإعطاء الصدقة مع إبراز النذور الخاصة والقيام بأفعال الرحمة المختلفة تجاه كل الكائنات الحية. ويضبط الجانيون الأعياد بحسب التقويم القمري ومن أهمها ولادة الماهافيرا في شهر (كايترا ـ آذار ونيسان) والاحتفال في موته في شهر (كارتيك ـ تشرين الأول وتشرين الثاني) وتدوم مدة عيد باريوشانا عادة ثمانية الى عشرة أيام في شهري (شرافانا وبهادرابادا) وهما شهري آب وأيلول. وفي خلال شهر باريوشانا يتقدم المؤمنون للأعتراف بخطاياهم ويقومون بزيارات العوائل التي من الممكن قد أساءوا إليها مع الشروع بالأصوام المُختلفة. والاحتفالات الجاينية الاخرى هي في مواسم الحج والتي تدوم عادة بضعة أيام إذ هناك عدد من الأماكن الروحية المهمة التي يقومون بالحج إليها في مواسم الميلاد لحكمائهم الاربع والعشرين. الصوم: الصوم من الطقوس الشائعة جدا في الجاينية، حيث أنهم يصومون في جميع المناسبات والأعياد. وفي يوم الإحتفالات المهمّة للصوم وهو (باري أوشان)، ويدوم الصوم عادة 8 أيام، وكذلك موسم المونسون وهو من أهم المواسم الروحية للصوم. فالجايني المؤمن يستطيع أن يصوم في أي وقت يختاره ولاسيّما إذا شعر بوجود خطأ ما في حياته أو حياتها. ولكن تطرف البعض في الصوم الى حد الموت جعل من ولاية راجستان الهندية تدرس جديّا جعله قانونا يجرم مرتكبيه. ولكن يُجرمون من؟، يُجرمون لربما من يفشل في الصوم الإنتحاري. الزواج: هناك تشابه كبير بين طقوس الزواج الهندوسية والجاينية، والأختلاف الوحيد بين الطقسين هو الصلوات الطويلة أثناء الزواج في الجاينية، إذ تبدأ الطقوس عادة سبعة أيام قبل يوم حفل الزواج، ويدعون الجاينيون الآلهة للمشاركة في هذه الطقوس من خلال العبادات والصلوات، وتستمر الطقوس سبعة أيام اخرى بعد الزواج في تقديم الشكر للآلهة. ومن الممارسات الشائعة للعروسين قبل الزواج هو تدليكهم بزيت خاص وبالمواد العطورية والتجميلية الأخرى التي تزيد من جمال العروسين في المناسبة الكبيرة. وتمارس هذه الطقوس تحت ستارة خاصة (مانداب)، التي تصنع لهذا الغرض وهي بشكل خيمة في أربعة أعمدة وتصنع عادة في بيت العروس وتوضع عادة في مكان مرتفع لكي يستطيع الكل مشاهدة العروس والعروسة. ومن الممارسات الطقسيّة الأخرى، قيام والدي العروس بغسل أرجل العريس قبل الشروع في طقوس الزواج. وفي الختام يُقدم الكاهن التهاني للعروس والعريس في زواجهم ويُعطي بركته الأخيرة لهم ومن ثم يُرسلون في زيارة الى الهيكل وبعدها الى بيت العريس. الرموز الجاينية: يرمز الصليب المعكوف الى الشمس والاتجاهات الأربعة أو الرياح الأربعة. وقد استعمل قديما في آسيا والحضارات القديمة وكذلك استعملته العشائر الالمانية القديمة، ومن ثمَّ أحيا استعماله الدكتاتور النازي ادولف هتلر، ويمثل مع الدائرة حوله من الخارج الى علاقة السماء بالأرض والى كمال الجنس البشري( العنصر الآري الأشقر). واستخدم هذا الرمز في الهند من قبل البوذيين والهندوس، علامة للحظ وللقوة والصحة الجيدة. وفي آسيا الشرقية استخدم تعبيرا عن البوذية ومفاهيمها وعقائدها. والجدير بالاشارة، أن الصليب المعكوف مع أذرعه المتجهة يمينا يرمز الى الحظ والخير. ويرمز الى التعاسة والشر عندما تكون إتجاهاته نحو اليسار بحسب المفهوم الهندوسي. وهو رمز مقدس في الهندوسية والجاينية. وينتشر إستخدام هذا الرمز في الغرب الأوروبي ويعرف بالشعار النازي. ولا يزال الهندوس والجاينيون يستعملونه في إحتفالاتهم الدينية والشعبية وفي هياكلهم وأعراسهم وفي غيرها من الأحتفالات الاخرى. ويستعمل أيضا في أندونيسيا وفي حضارات أميركا الأصلية، ووجد إستعماله كذلك في اليونان القديمة وفي بعض المناطق الأفريقية. وكان استعمال هذا الرمز سياسيّا ولأول مرة في ألمانيا النازية، عندما تبناه ألقائد الألماني أدولف هتلر شعارا لحزبه الاشتراكي الوطني بين 1933 الى 1945، والذي كان يُريد أن يفرض الجنس الآري الجرماني على كل البشر، وذلك تطبيقا لفلسفة (فريدريك نتشه) العنصرية النازية والآلحادية التي تزعم أن للجنس الآري الألماني الحق في حكم العالم وإدارته الهامسا: انه رمز آخر من الرموز المقدسة للجاينية وهو نوع من الطيور المهاجرة الى الهند من آسيا الوسطى في أثناء الاشهر الشتوية الباردة وهو ايضا رمز من رموز الاله براهما في الهندوسية. وهناك عدد من الاساطير والخرافات حول هذا الرمز. ومنها علاقة الهامسا مع إله الشمس(سوريا) والذي يدل على القوة والكثرة. ويرمز للهامسا في الكتب الهندوسية بالنقاء والمعرفة الالهية والولادة الكونية(برانا) والوصول الى القمة الروحية. وتعني الكلمة في اللغة السانسكريتية، الوحدة الالهية والانسانية أو تعني نسمة الحياة، لكون الكلمة (هام) تعني الشهيق و(سا) تعني الزفير.
#صبري_المقدسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشنتوية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
-
البوذية: المنشأ والجذور والعقائد الروحة
-
الإسلام: المنشأ والجذور والعقائد الروحية (ج 2)
-
الإسلام: المنشأ والجذور والعقائد الروحية (الجزء الثاني)
-
الإسلام:المنشأ والجذور والعقائد الروحية(الجزء الاول)
-
المسيحية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية(الجزء الثالث)
-
المسيحية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية(الجزء الثاني)
-
المسيحية: المنشأ والجذور والعقائد الدينية(الجزء الاول)
-
اليهودية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
-
الزرادشتية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
-
الزواج: واحد + واحد = واحد
-
الهندوسية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
-
الأمل نزعة فطرية تعلم التشبث بالحياة
-
سعادتي في الايمان
-
الثقافة الصحية ركن من اركان المجتمع المتمدن
-
لا نظام من دون منظم ولا حركة من دون محرك
-
هل وجد الكون بالصدفة، أم هو أزلي، أم هو مخلوق؟
-
الكون في نظر العلم والاساطير الدينية
-
العمل قانون الحياة
-
لماذا نحتاج الى الصداقة والاصدقاء؟
المزيد.....
-
لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق
...
-
بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
-
هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات-
...
-
نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين
...
-
أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا
...
-
الفصل الخامس والسبعون - أمين
-
السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال
...
-
رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
-
مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|