أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - الديك و عضو البرلمان















المزيد.....

الديك و عضو البرلمان


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 4090 - 2013 / 5 / 12 - 23:36
المحور: الادب والفن
    


في حوالي الساعة العاشرة صباحاً من يوم شتوي قارص ، دخل الفرّاش "أبو عدنان" غرفة شعبة الذاتية - على عادته صباح كل يوم دوام رسمي حال إتمامه تنظيف أرضية و أثاث كل غرف و ممرات دائرته - و سأل الموظفات الأربع فيها :
- هل سجّلتن احتياجاتكن لهذا اليوم ؟ إنني نازل للسوق .
- سأعد لك ورقة المشتريات لهذا اليوم . تبرَّعت "أم طه" .
تناولت أم طه ورقة من مِجَرِّها ، و دوَّنت عليها أولى طلبات موظفات شعبتها : كيلو علف لكتكوت إبنها "طه" . ثم أعطت الورقة لزميلتها ، "أميرة" ؛ فدوّنت عليها : صمّونتين بمائتين و خمسين ديناراً ( واحدة لها ، و الثانية تبقيها في كيسها ، تحسباً لاحتياج غيرها من موظفي الدائرة ممّن قد يلجئون إليها بطلب الصمّونة في الضحى حيثما تلجأ عصافير بطونهم إلى الزقزقة ؛ و بعكسه ، تعود بها للبيت و هي ما تزال بالكيس ) . أما "شيماء" ، فقد طلبت من أميرة تدوين : كيس شاميّة بخمسمائة ديناراً . و بالنسبة لـ "أم دعاء" ، فقد طلبت لفّتين مشكَّل ؛ مع عبوة "نستلة كيت كات مزدوجة" ، و علبة بارد بأربعة آلاف دينار – أين تذهب كل هذه الأطعمة الدسمة التي تزلطها في ستِّ وجبات يومياً ، وهي تزداد نحافة يوماً بعد يوم على نحافتها المزمنة كعود الخيزران ؟
لم تكن أم طه تعرف كم هو بالضبط سعر كيلو علف الكتاكيت كي تنقِّد الفرّاش ثمنه ، و ذلك لتعدد أنواعه ، و تباين أسعاره من محل لآخر حسبما سبق و أن أعلمها إبنها " أثير " بذلك . فسألت أبا عدنان :
- بكم هو سعر كيلو علف الكتاكيت الجيد في السوق ؟
- غالي ، و هو غير متوفر في دكاكين السوق المجاورة .
- هل يكفي ألف دينار ؟ لقد إبتاع لي إبني "أثير" نوعية جيدة من العلف بدينار ، قبل أسبوعين ، و إن كنت لا أعلم من أين اشتراها .
- كلا ، لا توجد في السوق مثل هذا الأسعار للعلف الممتاز ؛ هذا السعر يعود إلى عشرة أعوام خلت !
- خُذ هذه الخمسة آلاف دينار - إبتع لي كيلو من العلف الممتاز ، و أحتفظ بالباقي لك .
- صار ! هل شاهدتي ما حصل اليوم ، يا أم طه ؟ لقد هدَّموا حائط البناية ، و أعادوا بناءه ؛ و لكنهم نسوا إقامة شبّاك العلوية بنت الحسن و تكيتها !
- أي حائط هذا ؟
- الحائط الكائن على يسار باب الدائرة ؛ ألم تلاحظينه ؟
- هاهاهاها ! و مَنْ الذي لفّق لك قصة العلوية هذه ؟
- إنها قصّة صحيحة ؛ نعم ! فقد أطلعني عليها المدير بنفسه !
- مضبوط ! إذا قالت حَذامِ ، فصدِّقوها ! ألم تكتشف بعد أن مديرنا هو من فصيلة المسؤولين الجدد في العراق العظيم و الذين لا يعرفون للصدق أي معنى ؟ تساءلت أميرة .
- هاهاهاهاها ! أؤكد لك إنها حكاية وهمية ! يا لك من رجل طيب مسكين ! أكّدت أم طه .
كان الفرّاش أبو عدنان عاملاً يكدح ليل نهار لإعالة شقيقته ( التي طلقها زوجها كي يتزوج بالرابعة ، على سنة الله و رسوله ) مع طفلها الوحيد الذي يناديه بـ : "بابا" ، و زوجته الشابة - التي تعاني من مرض السكري و ارتفاع ضغط الدم - مع أطفاله الثلاثة : البنت الكبرى في الصف الرابع الابتدائي ، و الصغرى في الصف الأول الابتدائي ، و ابنه البكر – و عمره إحدى عشرة سنين – الذي طُرد من المدرسة الابتدائية لأنه واصل الرسوب في الصف الأول أربع سنين متتالية ، فنقله إلى مدرسة لتأهيل الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة . كما كان غارقاً في الديون المتراكمة حتى أعلى هامته ، و غالباً ما كانت مائدة الفطور و العشاء لعائلته لا تزيد أطباقها على الخبز و الشاي فقط .
كانت ورقة طلبات غرفة الذاتية آخر ورقة يستلمها في ذلك اليوم من مجموع الغرف العشرة العائدة للدائرة التي يعمل فرّاشاً فيها . و لم يكن أبو عدنان يطلب لنفسه شيئاً لقاء مشاويره اليوميّة للتسوِّق لموظفي دائرته ، و لكنه كان لا يمانع من تسلّم هديّة نقدية بسيطة من هذا الموظف أو ذاك عند إستلامهم لمشترياتهم منه . و بعد إنتهاء ساعات الدوام الرسمي ، و فراغه من تناول وجبة غداء المرق و الخبز بلا زيادة في داره ، يُخرج أبو عدنان عربة الدفع الخاصة به ، ليشتغل حمّالاً في السوق ، على باب الله .
عندما جلب أبو عدنان كيس العلف للكتكوت ، قال لأم طه :
- لم أستطع الحصول على كيلو العلف الممتاز للكتكوت بأقل من ألفين و خمسمائة دينار ، و ذلك بعد أن طوّفت على كل محلات العلف ، و ساومتهم حتى تقطعت أنفاسي .
منذ أول يوم تعيينه بالدائرة قبل ستة شهور – ببركات رشوة مقدارها ألف دولار أمريكي دفعها مقدماً لمدير الدائرة بعد أن إستدانها بالربا الفاحش بنسبة 25% شهرياً من إبن عمته صاحب شركة الصرّافة المجازة رسمياً – عَرِفَ الموظفون أبا عدنانَ عاملاً أمياً بسيطاً ؛ و مخلصاً ، يحبُّ خدمة موظفي دائرته ؛ و هو لا ينزعج من قيام بعض الموظفين بإستغلال بساطته و استغفاله عبر ترديد القصص المفبركة على أسماعه ، مثلما حصل عندما إكتشف المدير أن حائط ضلع الجدار الخارجي الأيسر للبناية الجديدة لدائرتهم العتيدة – المستلمة من المقاول تواً – قد بدأ يدلق كرشه بالتدريج المتفاقم – مثل حيتان أعضاء البرلمان و مجلس الوزراء – مهدداً المارّة بالإنهدام عليهم ؛ كما لو كان العراق تنقصه الأسباب الجديدة و المبتكرة للموت و الأذى . و لذلك ، فقد بات من الضروري هدمه على حساب الدائرة ، و إقامة حائط جديد سريع العطب مكانه ، بانتظار هدمه و إعادة بنائه مرة كل ستة شهور حسب القانون و الأصول . فَرِح رئيس الدائرة للرزق "الحلال" و غير المتوقع هذا النازل من السماء على جيوبه التي لا تشبع من التخمة ، فأنجز بسرعة البرق الإجراءات الرسمية باستحصال الموافقات و التخصيصات المطلوبة للهدم و إعادة البناء . و كل ذلك بسبب ضميره الحي ، و حرصه المتجرد على إبعاد المخاطر عن أرواح المارة ؛ و ليس لزيادة إنتفاخ جيوبه الفضفاضة بالملايين الخمسة التي تقاضاها مقدماً من المقاول حسبما أثبته على نحو قاطع أحد مدقّقي الدائرة ، و الذي تم نقله بعقوبة إلى دائرة أخرى حال تقديمه للمدير العام تقريره المنقَّط و المدعم بالأقراص المصورة و التي تفضح تسلكات المدير ، و ذلك بحجة كونه من "العلمانيين الكفرة" الذين يشكلون خطراً على طهارة و سلام الدائرة المشهود لمديرها بالنزاهة و التقوى . و عندما إستفسر أبو عدنان من مدير الدائرة - البعثي و وكيل الأمن سابقاً ، و أحد أشرس قطيع الكواسج الذي يتسنّم كراسي الحكم حالياً بفضل الغيرة الأمريكية الزائدة على مستقبل البلد و ازدهار شعبه - عن السبب في هدم جدار بناية الدائرة الجديد ، أجابه المدير بإلهام أحباب الله المكشوف عنهم الحجاب ، و هو يسبِّح بمسبحته الفسيفائية الطويلة :
- ألم تسمع بالحكاية ، بعد ؟ بالأمس ، زارنا سيد معمم ، نوراني الوجه ، جليل المقام ، و أفادنا بأن جدّه الإمام الحسن بن علي - عليهما أفضل الصلاة السلام - قد زاره فجر اليوم السابق في المنام ، و أبلغه بأن إحدى بناته العلويّات مدفونة تحت أساس هذا الجدار الدالق البطن بسبب تجاوز السابلة بالمشي قربه دون خلع أحذيتهم ؛ و الذي يجب هدمه ، و بناء شبّاك للتبرك عليه . لذا ، فقد قررنا النزول عند رغبة الإمام عليه السلام ؛ و هدم الجدار ، و بناء شبّاك ، مع تكية للعلوية ، و كل ذلك قربة إلى الله تعالى ! و الله و لي التوفيق لعباده المؤمنين الصالحين من الملتزمين بمبادئ القانون ، و أصول و أركان الدين الحنيف !
- لو أنّكِ إشتريتِ لابنك طه ديكاً كبيراً بسبعة آلاف دينار بدلاً من الكتكوت ، لتفاديت دفع كل هذه التكاليف المتفاقمة !
- و ما ذا أعمل ، يا أم دعاء ؟ لقد أصرَّ طه باكياً على شراء كتكوت صغير له بعد أن سمم الجيران أرنبته ، و ماتت ؛ فإشتريت له كتكوتين أخوين بدينارين ، و لكن أحدهما مات بعد يومين ، و بقي واحد فقط .
- و لماذا مات ؟
- سقط صباحاً في حوض حديقة الدار الذي إمتلأ بمياه المطر الهاطل ليلاً ، فعوّش ، و راح يرتجف ؛ ثم مات في الليل ، رغم أنني حرصت على تدفئة مكانه جيداً . عندها ، بكي عليه طه كثيراً ، و طالبني بإقامة مجلس الفاتحة على روحه الطاهرة أسوة ببنت الجيران المراهقة التي إنتحرت بحرق نفسها بالبنزين بسبب سوء معاملة زوجة أبيها المتواصلة لها ، و رفضها البات أن تتزوج من حبيبها لوجود علاقة حب شريف بينهما !
- هاهاها ! و هل أقمتم مجلس الفاتحة على روح الكتكوت المرحوم ؟
- قرأ عليه طه سورة الفاتحة ، ثم دفنه في حديقة الدار بين قبْرَي الأرنبة المسمومة و الحمامة المقتولة ببندقية الصيد الصينية ذات التصويب الليزري عن بُعد . أما أخوه ، فقد بقي يناديه مزقزقاً بلا انقطاع ، و هو يبحث عنه ليل نهار طوال أسبوع . و عندما يأس من عودة أخيه إليه ؛ لجأ للمكان الذي كان أخوه يجلس فيه ، و اضطجع عليه ، واضعاً رأسه بين جناحيه ، و راح يذرف الدمع بصمت مهيب . إن هذا الكتكوت يستحق كل رعاية ، و حلال عليه كل دينار أصرفه عليه !
- هاهاها ! العقل من الله !
- إن كلام أم طه هو عين العقل ! و الله يقول : إرحموا مَنْ في الأرض ، يرحمكم من في السماء ! عقّبت أميرة .
- و لماذا تضحكين و تستهزئين بالمقابل ، يا أم دعاء ؟ ها ؟ أليس للكتكوت روح مثل روحنا نحن البشر ؟
- نعم ، هو روح ، مثل كل المخلوقات : الإنسان و الحيوان و النبات . أمّنت أميرة .
- هاهاها ! للنباتات روح ! يشفيكم الله ! علّقت أم دعاء .
ردَّت أم طه بالقول - يسلم فوك ، يا أميرة ؛ يا بنت الأمراء . هل تعرفين ، يا أم دعاء ، أن النباتات هي أشرف من الإنسان بما لا يقاس ؟ إنها علة حياتنا على هذه الأرض ، و واهبة الخير للجميع ، و هي لا تؤذي غيرها من المخلوقات ، على العكس من بعض البشر الأشرار كالأمريكان الذين يتباهون بكون وجودهم قد عُمّد بدماء ملايين البشر الأبرياء المغدورين بفضل أسلحتهم و قنابلهم الفتاكة التي حصدت من أرواح البشر أكثر من عدد أرواح الحشرات التي تقتلها كل المبيدات في يومنا هذا . أما بقية المغدورين ، فإنهم ينتظرون مصيرهم المحتوم وقوفاً في الطابور - الذي له أول ، و ليس له آخر ؛ و بعضهم ما زالوا يسْبَحون في أرحام أمهاتهم اللائي لن يلدنهم إلا لكي تجد القنابل الأمريكية الذكية فيهم طعاماً هنيئاً مريئاً لها !
عندما عادت أم طه لدارها ، وجدت إبنها الأصغر ، طه ، يلعب مع كتكوته في حديقة الدار . يتخير طه أكبر حبّة رز مطبوخ من إناء الخزف الكائن إلى جانبه ، و يضعها وسط باطن كفه ، و ينادي على الكتكوت :
- كُتْ كُتْ كُتْ !
فيركض الكتكوت خافقاً بجناحيه نحوه ، ثم يقف عند كفه ، و يمدّ رأسه ، فيلتهم الحبَّة من مكانها بنقرة واحدة .
- إنتبه لئلا ينقر الكتكوت راحة يدك !
- أبداً ، يا ماما . أنه يصوِّب منقاره على الحبَّة فقط . لم ينقر يدي و لا مرة واحدة . إنه كتكوت حبّاب ، يا ماما !
- لقد اشتريت علفاً ممتازاً له !
- شكراً ، ماما !
بعد أن دخلت أم طه مطبخ الدار ، فتحت لأول مرة كيس طعام الكتكوت ؛ فوجدت أن قوامه كله من نخالة طحين الحنطة المؤذية لأمعاء الكتاكيت . لامت نفسها لكونها لم تتفحص محتويات الكيس حال جلبه لها . ثم ، اتصلت هاتفياً بابنها "أثير" – الذي يسكن مع عائلته داراً بعيداً في المدينة – و سألته عن موقع المحل الذي اشترى لها منه طعام الكتكوت قبل أسبوع ، فقال لها : في السوق العصري .
في اليوم التالي ، ذهبت أم طه بنفسها للسوق العصري ، و وقفت أمام محل تصطف على أرضيته الجرادل المفتوحة ، و المليئة بأنواع أعلاف الدواجن .
- عندك علف جيد للكتاكيت ؟
- عندي نوعان : هذه عليقة بالبروتين للكتكوت من البيضة ، و هذه عليقة بدون بروتين للكتاكيت الكبيرة .
تفحصت أم طه بأصابعها عيِّنة من العليقة بدون بروتين ، فوجدتها خشنة ؛ فقررت شراء العليقة بالبروتين .
- بكم سعر الكيلو الواحد من طحين البروتين هذا ؟
- بألف دينار .
- أريد كيلو ، لطفاً .
- كم من الكتاكيت لديكِ ؟
- كتكوت واحد فقط ، أربّيه رفيقاً لابني الصغير طه ! و هذه هي المرة الأولى التي أشتري له فيها العلف بنفسي ؛ فأن إستساغه الكتكوت ، فبها ؛ و إلا ، فسأعطيه لجارتنا "أم ود" التي تربّي ديكاً و دجاجتين .
- عفية عليك ، أخيتي ! أما أنا ، فأربِّي في داري ديكاً واحداً مع خمس دجاجات ذات فروخ ؛ و هو ديك نجيب : ما أن أطرق على باب الدار ، حتى يميز طرقاتي ، فيترك دجاجاته و بناتهن ، و يركض نحوي لاستقبالي فرحاً خلف الباب ؛ و يحييني بأجمل الأصوات فور دخولي الدار ؛ و يحرص على أن يشايعني بنفسه إلى غرفة الإستقبال . أنه أحفى بي من أولادي الصغار الذين لم يفكر أحد منهم باستقبالي عند باب الدار يوماً .
- لطيف !
- قبل أسبوع ، تحرك لاستقبالي عند عودتي عصراً من المحل ، و لكنه سقط أرضاً وسط الممر فجأةً . أسرعت إليه ، و حملته ، و تفحّصته ، فتصورت أن صحته ليست على ما يرام . و رغم تعبي الشديد ، فقد هرعت به حالاً للعيادة البيطرية لابن الفلوجي ، و الكائنة مقابل السجن من جهة مرقد الإمام "إبن طاووس" . كشف عليه الطبيب البيطري ، ثم تبسَّم ، و قال لي : " إن ديكك هذا بصحة جيدة ، و لكن ظِفرَي إصبعية الكبيرين معقوفان بسبب إبقاءك لهما بدون تقليم مدة طويلة ، الأمر الذي يؤثر في توازنه عند المشي " . ثم قلَّم الطبيب ألظفرين المعقوفين ، و عقّم ملتحمتيهما ، وضمّدهما ، و رجعت به للدار . و لا أستطيع التعبير لك عن مبلغ فرحتي و أنا أشاهده يتبختر بمشية ثابتة و هو يزقزق وسط دجاجاته حال وطئه لأرضية الدار ؛ كما لو كان أحد أطفالي قد توعك فجأة ، ثم تعافى فور أخذه للدواء مباشرة !
- صحيح . لقد سبق لي و أن جربت مثل هذا الشعور .
- هل تدرين – يا أخيتي – أنني أحس و كأنني عضوَ البرلمان الداخل لداره محفوفاً بعشرات الچِحِنْتيّة من أفراد حمايته في كل يوم أرى فيه ذلك الديك يخفّ عند باب الدار نحوي ، و خلفه الدجاجات و بناتهن ، لاستقبالي بأحلى سلام جمهوري ؟ إنه يسير بانتظام إلى جانبي متبختراً ، و خلفه طابور الدجاجات المزقزقات ، كما لو كان آمراً لحرس الشرف ! هل أضع لك العلف بكيس ورقي ، أم من النايلون ؟
- ورقي .
- نعم ، الورق أحسن ؛ إنه لا يلوث البيئة ! هل تعلمين أن هذا الديك أشرف عندي من أعضاء برلماننا الفضيحة ؟
- كيف ؟
- عندما أضع الحَبَّ للدجاج في معلفهن ، يشرف الديك على توزيعه على كل أفراد رعيته بالعدل و القسطاس ، و يحرص كل الحرص على عدم مدِّ منقاره لالتقاط و لا حتى حبّة واحدة لنفسه مطلقاً ، بل ينادي على دجاجاته و فروخهن أولاً ؛ و يكسِّر الحَبًّ الخشن بمنقاره القوي لهن ، و ينقر على الكتكوت الذي يريد الإستئثار لنفسه بحصة أكبر من غيره ، و ينتظر مزقزقاً حتى يشبع كل أفراد رعيته . بعدها ، فقط ، يلقط أقلَّ الحَبَّ لنفسه بترفّع أثير ، و عيناه و لسانه تحْدُبان على كل فرد من أفراد رعيته في كل صوب . أما أعضاء البرلمان عندنا ، فإنهم لا يستحون من منح أنفسهم المليارات من أموال الشعب بلا أي حساب ، و لا أدنى استحقاق ، و بلا ذرَّة من الغيرة ؛ فيما رعيتهم تتضور جوعاً وسط الظلام و انعدام الخدمات و الرعاية من كل نوع ، و تشبع يومياً حد التخمة من الإنطحان بتفجيرات المفخخات المبررة بـ "الخرق الأمني الطارئ" ، و من إعلان القنوات الفضائية التابعة للحزب الحاكم إلقاء القبض بنفس اليوم على الإنتحاريين الإرهابيين الذين فجّروا أنفسهم في المساجد و الكنائس و الأسواق و عمّال المسطر ، و من اشتغال و تغنّم المسؤولين عن مكافحة الإرهاب بالإرهاب .
- عندك حق ! إذا كنت لا تستحي ، فاعمل ما تشاء !
- رحم الله والديك . تفضلي : كيس العلف !
- شكراً . لو يصدر قانون يحدد رواتب و مخصصات عضو البرلمان بنصف مليون دينار شهرياً فقط ، لما جلس تحت قبة البرلمان غير الشرفاء من الحريصين على سمعتهم و سمعة شعبهم و مصالحه المصيرية المضيّعة و المهدورة ، بدلاً من أولئك الذين يبددون وقت الشعب الثمين بالتراشق فيما بينهم بالشتائم و العصي و المدس و الشحّاطات النتنة و ذلك أمام عدسات الفضائيات !
- رحم الله والديك ! لو جرى تطبيق مقترحك الممتاز هذا – و هذا ، طبعاً ، من رابع المستحيلات – لاستقال أغلب أعضاء البرلمان ، و لعادوا لوظيفتهم الأصلية !
- و ما هي وظيفتهم الأصلية ؟
- القوادة ، حاشا مقامك المحترم !

البصرة ، 10 / 5 / 2013



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (2)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحب الخريفي في ترجمة لقصيدتين عربيتين
- الماركسية و الأخلاق / 2
- ثلاثيات عتيقة
- معالي الوزير السيادي الخطير
- أحلام زنزانة الإعدام
- العبقريون الثلاثة
- الماركسية و الأخلاق
- قصة حبيبين
- الغربان و الحمير
- قطاع الخدمات في النظام الرأسمالي من وجهة نظر ماركس
- القرد و الجنّية و الغول
- رد على د. مجدي عز الدين حسن : الإعتباطية و القصدية في اللغة ...
- أبا الصّفا / مرثاة للشهيد الشيوعي الدكتور صفاء هاشم شبر ، أس ...
- الإمتحان
- الفيل و الضبع و البغل
- طرزان و ذريته
- رد على د. مجدي عز الدين حسن : الإعتباطية و القصدية في اللغة ...
- رد على د . مجدي عز الدين حسن : الإعتباطية و القصدية في اللغة
- شيخ المتقين و الخنازير
- شَعَبْ و أبو وطن : قصة قصيرة / 3-3


المزيد.....




- الشَّاعرُ - علاَّل الحجَّام- فِي ديوان - السَّاعَةِ العاشِق ...
- محمد الغزالي.. الداعية الشاعر
- تحقيق المخطوطات العربية.. بين إحجام العالم وإقدام الجاهل
- رواية -نيران وادي عيزر- لمحمد ساري.. سيمفونية النضال تعزفها ...
- فنانة تشكيلية إسرائيلية تنشر تفاصيل حوار خطير عن غزة دار بين ...
- مغني راب أمريكي يرتدي بيانو بحفل -ميت غالا- ويروج لموسيقى جد ...
- فنانو أوبرا لبنانيون يغنون أناشيد النصر
- 72 فنانا يطالبون باستبعاد إسرائيل من -يوروفيجن 2025- بسبب جر ...
- أسرار المدن السينمائية التي تفضلها هوليود
- في مئوية -الرواية العظيمة-.. الحلم الأميركي بين الموت والحيا ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - الديك و عضو البرلمان