|
الديك و عضو البرلمان
حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي
(Hussain Alwan Hussain)
الحوار المتمدن-العدد: 4090 - 2013 / 5 / 12 - 23:36
المحور:
الادب والفن
في حوالي الساعة العاشرة صباحاً من يوم شتوي قارص ، دخل الفرّاش "أبو عدنان" غرفة شعبة الذاتية - على عادته صباح كل يوم دوام رسمي حال إتمامه تنظيف أرضية و أثاث كل غرف و ممرات دائرته - و سأل الموظفات الأربع فيها : - هل سجّلتن احتياجاتكن لهذا اليوم ؟ إنني نازل للسوق . - سأعد لك ورقة المشتريات لهذا اليوم . تبرَّعت "أم طه" . تناولت أم طه ورقة من مِجَرِّها ، و دوَّنت عليها أولى طلبات موظفات شعبتها : كيلو علف لكتكوت إبنها "طه" . ثم أعطت الورقة لزميلتها ، "أميرة" ؛ فدوّنت عليها : صمّونتين بمائتين و خمسين ديناراً ( واحدة لها ، و الثانية تبقيها في كيسها ، تحسباً لاحتياج غيرها من موظفي الدائرة ممّن قد يلجئون إليها بطلب الصمّونة في الضحى حيثما تلجأ عصافير بطونهم إلى الزقزقة ؛ و بعكسه ، تعود بها للبيت و هي ما تزال بالكيس ) . أما "شيماء" ، فقد طلبت من أميرة تدوين : كيس شاميّة بخمسمائة ديناراً . و بالنسبة لـ "أم دعاء" ، فقد طلبت لفّتين مشكَّل ؛ مع عبوة "نستلة كيت كات مزدوجة" ، و علبة بارد بأربعة آلاف دينار – أين تذهب كل هذه الأطعمة الدسمة التي تزلطها في ستِّ وجبات يومياً ، وهي تزداد نحافة يوماً بعد يوم على نحافتها المزمنة كعود الخيزران ؟ لم تكن أم طه تعرف كم هو بالضبط سعر كيلو علف الكتاكيت كي تنقِّد الفرّاش ثمنه ، و ذلك لتعدد أنواعه ، و تباين أسعاره من محل لآخر حسبما سبق و أن أعلمها إبنها " أثير " بذلك . فسألت أبا عدنان : - بكم هو سعر كيلو علف الكتاكيت الجيد في السوق ؟ - غالي ، و هو غير متوفر في دكاكين السوق المجاورة . - هل يكفي ألف دينار ؟ لقد إبتاع لي إبني "أثير" نوعية جيدة من العلف بدينار ، قبل أسبوعين ، و إن كنت لا أعلم من أين اشتراها . - كلا ، لا توجد في السوق مثل هذا الأسعار للعلف الممتاز ؛ هذا السعر يعود إلى عشرة أعوام خلت ! - خُذ هذه الخمسة آلاف دينار - إبتع لي كيلو من العلف الممتاز ، و أحتفظ بالباقي لك . - صار ! هل شاهدتي ما حصل اليوم ، يا أم طه ؟ لقد هدَّموا حائط البناية ، و أعادوا بناءه ؛ و لكنهم نسوا إقامة شبّاك العلوية بنت الحسن و تكيتها ! - أي حائط هذا ؟ - الحائط الكائن على يسار باب الدائرة ؛ ألم تلاحظينه ؟ - هاهاهاها ! و مَنْ الذي لفّق لك قصة العلوية هذه ؟ - إنها قصّة صحيحة ؛ نعم ! فقد أطلعني عليها المدير بنفسه ! - مضبوط ! إذا قالت حَذامِ ، فصدِّقوها ! ألم تكتشف بعد أن مديرنا هو من فصيلة المسؤولين الجدد في العراق العظيم و الذين لا يعرفون للصدق أي معنى ؟ تساءلت أميرة . - هاهاهاهاها ! أؤكد لك إنها حكاية وهمية ! يا لك من رجل طيب مسكين ! أكّدت أم طه . كان الفرّاش أبو عدنان عاملاً يكدح ليل نهار لإعالة شقيقته ( التي طلقها زوجها كي يتزوج بالرابعة ، على سنة الله و رسوله ) مع طفلها الوحيد الذي يناديه بـ : "بابا" ، و زوجته الشابة - التي تعاني من مرض السكري و ارتفاع ضغط الدم - مع أطفاله الثلاثة : البنت الكبرى في الصف الرابع الابتدائي ، و الصغرى في الصف الأول الابتدائي ، و ابنه البكر – و عمره إحدى عشرة سنين – الذي طُرد من المدرسة الابتدائية لأنه واصل الرسوب في الصف الأول أربع سنين متتالية ، فنقله إلى مدرسة لتأهيل الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة . كما كان غارقاً في الديون المتراكمة حتى أعلى هامته ، و غالباً ما كانت مائدة الفطور و العشاء لعائلته لا تزيد أطباقها على الخبز و الشاي فقط . كانت ورقة طلبات غرفة الذاتية آخر ورقة يستلمها في ذلك اليوم من مجموع الغرف العشرة العائدة للدائرة التي يعمل فرّاشاً فيها . و لم يكن أبو عدنان يطلب لنفسه شيئاً لقاء مشاويره اليوميّة للتسوِّق لموظفي دائرته ، و لكنه كان لا يمانع من تسلّم هديّة نقدية بسيطة من هذا الموظف أو ذاك عند إستلامهم لمشترياتهم منه . و بعد إنتهاء ساعات الدوام الرسمي ، و فراغه من تناول وجبة غداء المرق و الخبز بلا زيادة في داره ، يُخرج أبو عدنان عربة الدفع الخاصة به ، ليشتغل حمّالاً في السوق ، على باب الله . عندما جلب أبو عدنان كيس العلف للكتكوت ، قال لأم طه : - لم أستطع الحصول على كيلو العلف الممتاز للكتكوت بأقل من ألفين و خمسمائة دينار ، و ذلك بعد أن طوّفت على كل محلات العلف ، و ساومتهم حتى تقطعت أنفاسي . منذ أول يوم تعيينه بالدائرة قبل ستة شهور – ببركات رشوة مقدارها ألف دولار أمريكي دفعها مقدماً لمدير الدائرة بعد أن إستدانها بالربا الفاحش بنسبة 25% شهرياً من إبن عمته صاحب شركة الصرّافة المجازة رسمياً – عَرِفَ الموظفون أبا عدنانَ عاملاً أمياً بسيطاً ؛ و مخلصاً ، يحبُّ خدمة موظفي دائرته ؛ و هو لا ينزعج من قيام بعض الموظفين بإستغلال بساطته و استغفاله عبر ترديد القصص المفبركة على أسماعه ، مثلما حصل عندما إكتشف المدير أن حائط ضلع الجدار الخارجي الأيسر للبناية الجديدة لدائرتهم العتيدة – المستلمة من المقاول تواً – قد بدأ يدلق كرشه بالتدريج المتفاقم – مثل حيتان أعضاء البرلمان و مجلس الوزراء – مهدداً المارّة بالإنهدام عليهم ؛ كما لو كان العراق تنقصه الأسباب الجديدة و المبتكرة للموت و الأذى . و لذلك ، فقد بات من الضروري هدمه على حساب الدائرة ، و إقامة حائط جديد سريع العطب مكانه ، بانتظار هدمه و إعادة بنائه مرة كل ستة شهور حسب القانون و الأصول . فَرِح رئيس الدائرة للرزق "الحلال" و غير المتوقع هذا النازل من السماء على جيوبه التي لا تشبع من التخمة ، فأنجز بسرعة البرق الإجراءات الرسمية باستحصال الموافقات و التخصيصات المطلوبة للهدم و إعادة البناء . و كل ذلك بسبب ضميره الحي ، و حرصه المتجرد على إبعاد المخاطر عن أرواح المارة ؛ و ليس لزيادة إنتفاخ جيوبه الفضفاضة بالملايين الخمسة التي تقاضاها مقدماً من المقاول حسبما أثبته على نحو قاطع أحد مدقّقي الدائرة ، و الذي تم نقله بعقوبة إلى دائرة أخرى حال تقديمه للمدير العام تقريره المنقَّط و المدعم بالأقراص المصورة و التي تفضح تسلكات المدير ، و ذلك بحجة كونه من "العلمانيين الكفرة" الذين يشكلون خطراً على طهارة و سلام الدائرة المشهود لمديرها بالنزاهة و التقوى . و عندما إستفسر أبو عدنان من مدير الدائرة - البعثي و وكيل الأمن سابقاً ، و أحد أشرس قطيع الكواسج الذي يتسنّم كراسي الحكم حالياً بفضل الغيرة الأمريكية الزائدة على مستقبل البلد و ازدهار شعبه - عن السبب في هدم جدار بناية الدائرة الجديد ، أجابه المدير بإلهام أحباب الله المكشوف عنهم الحجاب ، و هو يسبِّح بمسبحته الفسيفائية الطويلة : - ألم تسمع بالحكاية ، بعد ؟ بالأمس ، زارنا سيد معمم ، نوراني الوجه ، جليل المقام ، و أفادنا بأن جدّه الإمام الحسن بن علي - عليهما أفضل الصلاة السلام - قد زاره فجر اليوم السابق في المنام ، و أبلغه بأن إحدى بناته العلويّات مدفونة تحت أساس هذا الجدار الدالق البطن بسبب تجاوز السابلة بالمشي قربه دون خلع أحذيتهم ؛ و الذي يجب هدمه ، و بناء شبّاك للتبرك عليه . لذا ، فقد قررنا النزول عند رغبة الإمام عليه السلام ؛ و هدم الجدار ، و بناء شبّاك ، مع تكية للعلوية ، و كل ذلك قربة إلى الله تعالى ! و الله و لي التوفيق لعباده المؤمنين الصالحين من الملتزمين بمبادئ القانون ، و أصول و أركان الدين الحنيف ! - لو أنّكِ إشتريتِ لابنك طه ديكاً كبيراً بسبعة آلاف دينار بدلاً من الكتكوت ، لتفاديت دفع كل هذه التكاليف المتفاقمة ! - و ما ذا أعمل ، يا أم دعاء ؟ لقد أصرَّ طه باكياً على شراء كتكوت صغير له بعد أن سمم الجيران أرنبته ، و ماتت ؛ فإشتريت له كتكوتين أخوين بدينارين ، و لكن أحدهما مات بعد يومين ، و بقي واحد فقط . - و لماذا مات ؟ - سقط صباحاً في حوض حديقة الدار الذي إمتلأ بمياه المطر الهاطل ليلاً ، فعوّش ، و راح يرتجف ؛ ثم مات في الليل ، رغم أنني حرصت على تدفئة مكانه جيداً . عندها ، بكي عليه طه كثيراً ، و طالبني بإقامة مجلس الفاتحة على روحه الطاهرة أسوة ببنت الجيران المراهقة التي إنتحرت بحرق نفسها بالبنزين بسبب سوء معاملة زوجة أبيها المتواصلة لها ، و رفضها البات أن تتزوج من حبيبها لوجود علاقة حب شريف بينهما ! - هاهاها ! و هل أقمتم مجلس الفاتحة على روح الكتكوت المرحوم ؟ - قرأ عليه طه سورة الفاتحة ، ثم دفنه في حديقة الدار بين قبْرَي الأرنبة المسمومة و الحمامة المقتولة ببندقية الصيد الصينية ذات التصويب الليزري عن بُعد . أما أخوه ، فقد بقي يناديه مزقزقاً بلا انقطاع ، و هو يبحث عنه ليل نهار طوال أسبوع . و عندما يأس من عودة أخيه إليه ؛ لجأ للمكان الذي كان أخوه يجلس فيه ، و اضطجع عليه ، واضعاً رأسه بين جناحيه ، و راح يذرف الدمع بصمت مهيب . إن هذا الكتكوت يستحق كل رعاية ، و حلال عليه كل دينار أصرفه عليه ! - هاهاها ! العقل من الله ! - إن كلام أم طه هو عين العقل ! و الله يقول : إرحموا مَنْ في الأرض ، يرحمكم من في السماء ! عقّبت أميرة . - و لماذا تضحكين و تستهزئين بالمقابل ، يا أم دعاء ؟ ها ؟ أليس للكتكوت روح مثل روحنا نحن البشر ؟ - نعم ، هو روح ، مثل كل المخلوقات : الإنسان و الحيوان و النبات . أمّنت أميرة . - هاهاها ! للنباتات روح ! يشفيكم الله ! علّقت أم دعاء . ردَّت أم طه بالقول - يسلم فوك ، يا أميرة ؛ يا بنت الأمراء . هل تعرفين ، يا أم دعاء ، أن النباتات هي أشرف من الإنسان بما لا يقاس ؟ إنها علة حياتنا على هذه الأرض ، و واهبة الخير للجميع ، و هي لا تؤذي غيرها من المخلوقات ، على العكس من بعض البشر الأشرار كالأمريكان الذين يتباهون بكون وجودهم قد عُمّد بدماء ملايين البشر الأبرياء المغدورين بفضل أسلحتهم و قنابلهم الفتاكة التي حصدت من أرواح البشر أكثر من عدد أرواح الحشرات التي تقتلها كل المبيدات في يومنا هذا . أما بقية المغدورين ، فإنهم ينتظرون مصيرهم المحتوم وقوفاً في الطابور - الذي له أول ، و ليس له آخر ؛ و بعضهم ما زالوا يسْبَحون في أرحام أمهاتهم اللائي لن يلدنهم إلا لكي تجد القنابل الأمريكية الذكية فيهم طعاماً هنيئاً مريئاً لها ! عندما عادت أم طه لدارها ، وجدت إبنها الأصغر ، طه ، يلعب مع كتكوته في حديقة الدار . يتخير طه أكبر حبّة رز مطبوخ من إناء الخزف الكائن إلى جانبه ، و يضعها وسط باطن كفه ، و ينادي على الكتكوت : - كُتْ كُتْ كُتْ ! فيركض الكتكوت خافقاً بجناحيه نحوه ، ثم يقف عند كفه ، و يمدّ رأسه ، فيلتهم الحبَّة من مكانها بنقرة واحدة . - إنتبه لئلا ينقر الكتكوت راحة يدك ! - أبداً ، يا ماما . أنه يصوِّب منقاره على الحبَّة فقط . لم ينقر يدي و لا مرة واحدة . إنه كتكوت حبّاب ، يا ماما ! - لقد اشتريت علفاً ممتازاً له ! - شكراً ، ماما ! بعد أن دخلت أم طه مطبخ الدار ، فتحت لأول مرة كيس طعام الكتكوت ؛ فوجدت أن قوامه كله من نخالة طحين الحنطة المؤذية لأمعاء الكتاكيت . لامت نفسها لكونها لم تتفحص محتويات الكيس حال جلبه لها . ثم ، اتصلت هاتفياً بابنها "أثير" – الذي يسكن مع عائلته داراً بعيداً في المدينة – و سألته عن موقع المحل الذي اشترى لها منه طعام الكتكوت قبل أسبوع ، فقال لها : في السوق العصري . في اليوم التالي ، ذهبت أم طه بنفسها للسوق العصري ، و وقفت أمام محل تصطف على أرضيته الجرادل المفتوحة ، و المليئة بأنواع أعلاف الدواجن . - عندك علف جيد للكتاكيت ؟ - عندي نوعان : هذه عليقة بالبروتين للكتكوت من البيضة ، و هذه عليقة بدون بروتين للكتاكيت الكبيرة . تفحصت أم طه بأصابعها عيِّنة من العليقة بدون بروتين ، فوجدتها خشنة ؛ فقررت شراء العليقة بالبروتين . - بكم سعر الكيلو الواحد من طحين البروتين هذا ؟ - بألف دينار . - أريد كيلو ، لطفاً . - كم من الكتاكيت لديكِ ؟ - كتكوت واحد فقط ، أربّيه رفيقاً لابني الصغير طه ! و هذه هي المرة الأولى التي أشتري له فيها العلف بنفسي ؛ فأن إستساغه الكتكوت ، فبها ؛ و إلا ، فسأعطيه لجارتنا "أم ود" التي تربّي ديكاً و دجاجتين . - عفية عليك ، أخيتي ! أما أنا ، فأربِّي في داري ديكاً واحداً مع خمس دجاجات ذات فروخ ؛ و هو ديك نجيب : ما أن أطرق على باب الدار ، حتى يميز طرقاتي ، فيترك دجاجاته و بناتهن ، و يركض نحوي لاستقبالي فرحاً خلف الباب ؛ و يحييني بأجمل الأصوات فور دخولي الدار ؛ و يحرص على أن يشايعني بنفسه إلى غرفة الإستقبال . أنه أحفى بي من أولادي الصغار الذين لم يفكر أحد منهم باستقبالي عند باب الدار يوماً . - لطيف ! - قبل أسبوع ، تحرك لاستقبالي عند عودتي عصراً من المحل ، و لكنه سقط أرضاً وسط الممر فجأةً . أسرعت إليه ، و حملته ، و تفحّصته ، فتصورت أن صحته ليست على ما يرام . و رغم تعبي الشديد ، فقد هرعت به حالاً للعيادة البيطرية لابن الفلوجي ، و الكائنة مقابل السجن من جهة مرقد الإمام "إبن طاووس" . كشف عليه الطبيب البيطري ، ثم تبسَّم ، و قال لي : " إن ديكك هذا بصحة جيدة ، و لكن ظِفرَي إصبعية الكبيرين معقوفان بسبب إبقاءك لهما بدون تقليم مدة طويلة ، الأمر الذي يؤثر في توازنه عند المشي " . ثم قلَّم الطبيب ألظفرين المعقوفين ، و عقّم ملتحمتيهما ، وضمّدهما ، و رجعت به للدار . و لا أستطيع التعبير لك عن مبلغ فرحتي و أنا أشاهده يتبختر بمشية ثابتة و هو يزقزق وسط دجاجاته حال وطئه لأرضية الدار ؛ كما لو كان أحد أطفالي قد توعك فجأة ، ثم تعافى فور أخذه للدواء مباشرة ! - صحيح . لقد سبق لي و أن جربت مثل هذا الشعور . - هل تدرين – يا أخيتي – أنني أحس و كأنني عضوَ البرلمان الداخل لداره محفوفاً بعشرات الچِحِنْتيّة من أفراد حمايته في كل يوم أرى فيه ذلك الديك يخفّ عند باب الدار نحوي ، و خلفه الدجاجات و بناتهن ، لاستقبالي بأحلى سلام جمهوري ؟ إنه يسير بانتظام إلى جانبي متبختراً ، و خلفه طابور الدجاجات المزقزقات ، كما لو كان آمراً لحرس الشرف ! هل أضع لك العلف بكيس ورقي ، أم من النايلون ؟ - ورقي . - نعم ، الورق أحسن ؛ إنه لا يلوث البيئة ! هل تعلمين أن هذا الديك أشرف عندي من أعضاء برلماننا الفضيحة ؟ - كيف ؟ - عندما أضع الحَبَّ للدجاج في معلفهن ، يشرف الديك على توزيعه على كل أفراد رعيته بالعدل و القسطاس ، و يحرص كل الحرص على عدم مدِّ منقاره لالتقاط و لا حتى حبّة واحدة لنفسه مطلقاً ، بل ينادي على دجاجاته و فروخهن أولاً ؛ و يكسِّر الحَبًّ الخشن بمنقاره القوي لهن ، و ينقر على الكتكوت الذي يريد الإستئثار لنفسه بحصة أكبر من غيره ، و ينتظر مزقزقاً حتى يشبع كل أفراد رعيته . بعدها ، فقط ، يلقط أقلَّ الحَبَّ لنفسه بترفّع أثير ، و عيناه و لسانه تحْدُبان على كل فرد من أفراد رعيته في كل صوب . أما أعضاء البرلمان عندنا ، فإنهم لا يستحون من منح أنفسهم المليارات من أموال الشعب بلا أي حساب ، و لا أدنى استحقاق ، و بلا ذرَّة من الغيرة ؛ فيما رعيتهم تتضور جوعاً وسط الظلام و انعدام الخدمات و الرعاية من كل نوع ، و تشبع يومياً حد التخمة من الإنطحان بتفجيرات المفخخات المبررة بـ "الخرق الأمني الطارئ" ، و من إعلان القنوات الفضائية التابعة للحزب الحاكم إلقاء القبض بنفس اليوم على الإنتحاريين الإرهابيين الذين فجّروا أنفسهم في المساجد و الكنائس و الأسواق و عمّال المسطر ، و من اشتغال و تغنّم المسؤولين عن مكافحة الإرهاب بالإرهاب . - عندك حق ! إذا كنت لا تستحي ، فاعمل ما تشاء ! - رحم الله والديك . تفضلي : كيس العلف ! - شكراً . لو يصدر قانون يحدد رواتب و مخصصات عضو البرلمان بنصف مليون دينار شهرياً فقط ، لما جلس تحت قبة البرلمان غير الشرفاء من الحريصين على سمعتهم و سمعة شعبهم و مصالحه المصيرية المضيّعة و المهدورة ، بدلاً من أولئك الذين يبددون وقت الشعب الثمين بالتراشق فيما بينهم بالشتائم و العصي و المدس و الشحّاطات النتنة و ذلك أمام عدسات الفضائيات ! - رحم الله والديك ! لو جرى تطبيق مقترحك الممتاز هذا – و هذا ، طبعاً ، من رابع المستحيلات – لاستقال أغلب أعضاء البرلمان ، و لعادوا لوظيفتهم الأصلية ! - و ما هي وظيفتهم الأصلية ؟ - القوادة ، حاشا مقامك المحترم !
البصرة ، 10 / 5 / 2013
#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)
Hussain_Alwan_Hussain#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحب الخريفي في ترجمة لقصيدتين عربيتين
-
الماركسية و الأخلاق / 2
-
ثلاثيات عتيقة
-
معالي الوزير السيادي الخطير
-
أحلام زنزانة الإعدام
-
العبقريون الثلاثة
-
الماركسية و الأخلاق
-
قصة حبيبين
-
الغربان و الحمير
-
قطاع الخدمات في النظام الرأسمالي من وجهة نظر ماركس
-
القرد و الجنّية و الغول
-
رد على د. مجدي عز الدين حسن : الإعتباطية و القصدية في اللغة
...
-
أبا الصّفا / مرثاة للشهيد الشيوعي الدكتور صفاء هاشم شبر ، أس
...
-
الإمتحان
-
الفيل و الضبع و البغل
-
طرزان و ذريته
-
رد على د. مجدي عز الدين حسن : الإعتباطية و القصدية في اللغة
...
-
رد على د . مجدي عز الدين حسن : الإعتباطية و القصدية في اللغة
-
شيخ المتقين و الخنازير
-
شَعَبْ و أبو وطن : قصة قصيرة / 3-3
المزيد.....
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|