أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - مصر- بلد .....














المزيد.....

مصر- بلد .....


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4090 - 2013 / 5 / 12 - 18:12
المحور: كتابات ساخرة
    


في الماضي القديم كان الحكام في مصر يسوقون الفلاحين المصريين إلى بناء صروح صخرية ضخمة تستنفد طاقات آلاف الرجال يومياً ونفقت بسببها ربما ملايين الأرواح حتى اكتملت دون أن يعرف هؤلاء المصريون ما هذا الذي يبنون أو من أجل ماذا يبنون؛ وقد ذهب هؤلاء الرجال لكن بقيت الحجارة شاهدة على مدى ما نالهم من الجهل والسلبية وقسوة الاستغلال. بعد هذه المعاملة السخرة الاستعبادية للفلاحين المصريين لزمن طويل على يد فراعنة مصريين منهم، أصبحت "الجبلة المصرية" مفطورة على الاستكانة والطاعة لدرجة العبيد إلى سيدهم، أو البهائم إلى ربهم. فكان طبيعياً مع ضعف الدولة وانهزام الجيش المصري أن لا يفكر المصريون ثانية في حشد جيشاً منهم بدلاً من الاستسلام في ذل وخنوع- ومرات عديدة في بهجة وسعادة- لموجات متعاقبة من الغزاة والمستعمرين الأجانب من الهكسوس واليونان والرومان والعرب والأتراك والفرنسيين والإنجليز- قرابة 3 آلاف عام تحت الحكم الأجنبي.

قد تجلت هذه الجبلة البهيمية الموروثة في المصريين مؤخراً مع مطلع القرن التاسع عشر لما بدئوا أخيراً يدركون نفسهم ويشعرون بكيانهم المنفصل ويثورون على الحاكم الأجنبي، لكن للمفارقة هدأت ثورتهم بإيفاد زعيمهم عمر مكرم (1750-1822) لكي يستعطف أجنبياً آخر في ذلك الوقت حتى يقبل الحكم عليهم، في حين لم تخطر حتى على بالهم أي فكرة عن "حق تقرير المصير" أو أن هم ربما يكونون الأولى والأجدر بحكم أنفسهم في بلدهم. ثم كان استخدامهم بالسخرة سواء في الخدمة بالجيش العلوي بعد انقطاع العبيد أو في الزراعة الإقطاعية والري والأشغال العامة، أو حفر قنال السويس صورة مكررة طبق الأصل لما قد ظل يحدث لهم طوال آلاف السنين الماضية منذ الفراعنة- بهائم بشرية تساق مستذلة مستسلمة إلى ما لا تعلم.

أخيراً تحرر المصريون بالصدفة من دون تحضير جيد على يد جماعة "الضباط الأحرار" العسكرية فيما أسميت لاحقاً ثورة 23 يوليو 1952. لكن حتى الزعيم المصري جمال عبد الناصر لم تخفى عليه يوماً هذه الجبلة البهيمية الضاربة في أعماق المصريين منذ القدم، ليسوقهم بها سوقاً ليس أقل قسوة أو مهلكة من سابقيه الأغراب. كما جرت العادة، ساق ناصر المصريين إلى تصفية النظام الملكي وإلغاء الدستور وإنهاء الحكم البرلماني وحل الأحزاب وذبح القضاء والاستيلاء على الأملاك الخاصة من دون يسألوه لماذا، ومن دون أن يتبرع هو من نفسه ويشرح لهم الغاية. كما ساقهم على نفس جهلهم وسلبيتهم وبهيميتهم إلى تأميم القنال والعدوان الثلاثي والسد العالي، ثم إلى حتفهم في نكسة 1967 وهم كعادتهم لا يزالون لا يسألون ولا يعلمون شيئاً من أمرهم: شمال، شمال؛ يمين، يمين.

في النهاية، رفع الستار عن مشهد مهيب بميدان التحرير في قلب مصر- لأول مرة يثور مصريون من تلقاء أنفسهم دون أن يساقون عن جهل كالبهائم من أحد؛ لأول مرة كان المصريون في الميدان يعلمون ماذا يريدون إسقاطه ومن أجل ماذا؛ لأول مرة يخرج المصريون عن جهلهم وخرسهم واستكانتهم وسلبيتهم البهيمية وينزلون من أنفسهم إلى الشوارع ناقمين ثائرين صارخين زاعقين مطالبين بالحرية والعيش الكريم. لكن، للأسف، هذه الصحوة غير المسبوقة لم تعمر كثيراً، إذ سرعان ما بدأت تتدفق على الميدان قادمة من جميع أقاليم المحروسة قوافل من الحافلات المحملة بالجهلة والمعوزين والطيبين وحسني النية والسذج والمأجورين المنساقين عمياناً إلى حيث لا يعلمون، تماماً مثلما سيقوا ونقلوا على ظهور العربات من قبل إلى حيث تجري أشغال بناء الأهرامات وحفر قنال السويس وخوض النكسة وهم لا يعلمون. البهائم تغلب- والخرفان من البهائم.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صناعة العبيد
- عودة عمرو
- صناعة الأديان
- السيسي بونابرت
- عبدة الشياطين
- في البحث عن صهيوني عربي
- أنا بكره إسرائيل وبحب الدولة الوطنية
- في حب إسرائيل
- إيران القنبلة النووية
- مصر تحت الاحتلال
- للزوجة نصف ثروة الرجل
- الإسلام السياسي في ميزان السياسة الدولية (4- تركيا)
- بين القانون والقرآن والسلطان
- الإسلام السياسي في ميزان السياسة الدولية (3- قطر)
- الإسلام السياسي في ميزان السياسة الدولية (2- طائر النار)
- الإسلام السياسي في ميزان السياسة الدولية
- الدولة العربية في خطر
- أفاعي إسلامية تبكي الدولة!
- السياسة بين الطائفية والعلمانية
- بين العري والنقاب


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - مصر- بلد .....