أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سهى عودة - المدينة غير الفاضلة !














المزيد.....


المدينة غير الفاضلة !


سهى عودة

الحوار المتمدن-العدد: 4090 - 2013 / 5 / 12 - 13:55
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


أجريت محادثة هاتفية مسائية مع صديق لي للنقاش حول حضور مؤتمر ما وبينما كنا نتناول الكلام عن مكان وموعد المؤتمر أخبرني بأنه يتمشى قليلا للقاء صديق له والتسامر معه, كانت الساعة تقارب عقاربها الثامنة مساءاً هذا يعني في هذه المدينة الموحشة وبدءاً من هذا الوقت لايمكن لجنس حواء الخروج لوحدهن ليلاً ولو خرجن فهناك فقط أماكن عائلية محددة جداً للذهاب اليها. فجأة أذا بذلك الصديق يقطع الحديث ويقول
- لو تعرفين ماأرى الان, أمعقول ماترى عيناي؟ هنا يقف عاشقان وهما يتبادلان الحب والغرام بنظراته ولمساته
جننت من هول ماسمعت فطلبت منه تكرار الكلام
- أصح ماتقول؟
- صدقيني هما يقفان في الشارع الذي أسكنه ويتبادلان نظرات العشق ولمسات الهيام
أصابني كلامه بصعقة ولم أكد أصدق فأهل مكة أدرى بشعابها وأنا أدرى بهذه المدينة التي تنام منذ أن يدخل الدجاج قنه, فأنا التي تربيت بها وقد دُرتُ في أزقتها وشوارعها ودربوناتها الضيقة قبل الفسيحة
هذه المدينة تحكمها العادات والتقاليد التي تُحرم الحب والهوى فأنت فيها مهيأ طوال أيام السنة لسماع طرقات بابك من قبل النسوة الغريبات اللاتي يبحثن ويسألن عما أذا كان هذا البيت فيه فتيات للزواج وسن الزواج يبدأ في الثانية عشر سنة.
أغلب الشباب هنا يلجأون لطلب الخطبة بواسطة أمهاتهم وأخواتهم فتقوم النسوة بجولة البحث والتقصي بطرق الأبواب وطلب الخطيبة وشريكة الحياة على الطريقة التقليدية المتعارف عليها في المجتمع الموصلي, حيث يجب أن ترى الأم الفتاة وتعجب بشكلها عندها تنقل مارأته لأبنها ويحدد موعد لرؤية الشاب للفتاة أذا ماوافق الأهل على ذلك ويتم اللقاء تحت أنظار الأهل لكلا الطرفين بعدها يتم العقد والخطبة ثم الزواج
سابقاً كانت الناس تعتقد أن الزواج يؤدي الى الحب أما الان فأن المتعارف عليه من رغبة شباب وبنات اليوم أن الحب يؤدي الى الزواج وهذا يعني حدوث تغيراً وأنقلاباً فكرياً حدث على مدى تعاقب الأجيال منذ أربعينات وخمسينات القرن الماضي لكن مايجعل أمر الزواج التقليدي مستمر والى الان هو المجتمع ونظرته التي تضيق الخناق على الشباب في أمر الحب والأختيار ففي مجتعنا, وحتى أن حصل الأعجاب بين الطرفين قد لاينمو ليتحول لحب حقيقي يفضي بالتالي إلى الرباط المقدس, هنا فقط ترى الحب يمارس في الظلمة والخفاء!
ولو تجولت في المدينة فأنت لاتجد أماكن عامة ومريحة توفر اللقاء بين الجنسين سواء لمن هم في مرحلة الخطبة أو بداية الزواج أو حتى الأحباب . هنا لاتجد إلا المطاعم والتي يلتقي بها عامة الناس فقط لوقت محدد لايتجاوز فترة ملء الكروش بالطعام العراقي الدسم وأحياناً كثيرة لو وقع أختيارك لمطعم معروف في المدينة بلذة طعامه فان صاحب المطعم لايصدق متى تنتهي من أكلك لتفرغ الطاولة لغيرك ممن يلتهمون الطعام بشراهة, ناهيك عن النظرات التي ترمقك من العائلات وأصحاب وعمال المطعم نفسه خاصة ممن يقتلهم فضولهم لمعرفة أصل العلاقة التي تربط هذين المسكينين؟
أغلب المدن العراقية التي يسودها الحكم العشائري والتقاليد تتوفر فيها المقاهي والكافتيريات فقط للشباب الذكور والتي لو جربت أن تدخلها ماتلبث أن تجد نفسك قد غرقت في سحابات من دخان النركيلة والسكائر حتى لكأنك تحتاج الى تنفس صناعي وأنت تدخلها,أتذكر أنني أضطررت لدخول مقهى مخصص للشباب في ساعات النهار الواضح لأجراء لقاء صحفي مع رئيس أتحاد رياضي فدخلت لأجد المكان جميل وواسع ويطل على الشارع الرئيسي الا أنه يضج بفوضى عارمة بأصوات الأغاني السمجة والدخان وهذا كله في الساعة الحادية عشر صباحاً فقط ووجدت أن الأغلب بات يرمقني بنظرات أستغراب وعتاب قائلة لماذا أنتِ هنا!؟
هم لايعرفون أنني مجبرة على الدخول هنا ففي المدينة لايوجد مكان لي الأمكنة فقط لهم!

شاهدت أحدى المرات طالبات للجامعة يدخلن خلسة لكافتيريا ضيقة كانت قد فتحت حديثاً ليقمن بلقاء زميل لهن ليشرح المحاضرات والدروس وكن يقمن دائماً بالتلفت والنظر حول جميع من كان في المكان الذي لايتسع لأكثر من عشرين شخصاً .
عندما يزداد المنع تتولد الرغبة وهذه الرغبة لاتفرق الحلال عن الحرام ولاتعرف المشروع عن غيره. الرغبة هي ثورة تريد أن تخرج من هذا الجسد الذي لم تعد حدوده تكفي لأحتوائها وعمر الشباب يكاد يتفجر بالرغبة لذا تمارس هذه الرغبة بصورة خاطئة فتجر الويلات والثبور على الشباب من أهاليهم ومجتمعهم وغالباً ماتكون المرأة هي الخاسر الوحيد فالمجتمع لايتقبل أن تقدم المرأة على بناء علاقة حب مع رجل حتى لو كانت غايتها الزواج وتكوين الأسرة . فالمجتمع والنظرة الدينية ترى المرأة ضعيفة أزاء أغراءات الرجل وحيله بسبب عاطفتها المتزايدة عن عاطفة الرجل لذا لاتخلو جلستهما من الشيطان أبداً! فهذا مجتمع يقبل أن تمارس العهر في الخفاء لا أن تمارس الحب تحت أنظار العيون
قبل سنوات طويلة عندما كنت طالبة في الكلية جاءت زميلتي تصرخ وتقول ياويلي تعالوا أنظرن فأذا بنا نهرع الى الشباك وأذ بعاشق يسرق قبلة من حبيبته ويهرب مسرعاً خوفاً من العيون والمتلصصين أشفقت على هذين الحبيبين الذين كانا متوهمان أن لا عيون تراهما وهما لايعرفان أن كل مافي هذه المدينة عبارة عن عيون فالطرق لها عيون والأشارات المرورية لها عيون والشوارع والناس بل حتى السيارات لها عيون وكيف لهما أن يهربا من عيوننا التي باتت ترمقهما شزراً كلما رأيناهما صدفة!
ووسط صمتي الذي أمتد للحظات عبر الأثير التلفوني بيني وبين ذاك الصديق قال سأذهب لهما فذهب وأنا أستمع لوقع خطاه فأذا به يقول للأسف ياسهى هربا مني. قلت كيف؟ قال مابك ِ؟ هل صدقتِ؟ هذين العاشقين لم يكونا إلا كلب يمارس الحب مع كلبته!
الم أقل هناك عيون حتى في وسط الظلام.



#سهى_عودة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحرشوا بها فأجابتهم بالصمت
- حروب الوسائد ...طريقة تُلقن للحكام العرب


المزيد.....




- تفاصيل مهمة لازم تعرفيها.. منحة المرأة الماكثة في البيت 2025 ...
- سوريا.. مقتل امرأة وإصابة أمنيين بإطلاق نار وقنابل باللاذقية ...
- مراسلتنا: الجيش الإسرائيلي يقتل امرأة ويأسر مواطنين حاولوا ا ...
- الكويت تسقط جنسيتها عن أكثر من 9400 امرأة دفعة واحدة
- استغلى الفرصة وسجلى.. التسجيل في منحة المرأة الماكثة في الجز ...
- إدارة بايدن خططت لإنفاق 32 مليون دولار على الختان في موزمبيق ...
- كاميرا ترصد لحظة مذهلة.. غرباء يساعدون امرأة في الولادة في م ...
- كيفية التسجيل في برنامج منحة المرأة الماكثة في البيت بالجزائ ...
- امرأة متحولة جنسيا تحول حياة صبي عمره 14 عاما إلى كابوس في م ...
- “هتقبضي 8000 دينار شهرياً”.. التسجيل في منحة المرأة الماكثة ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سهى عودة - المدينة غير الفاضلة !