|
أخبار الشارع المصري تفاجأ وكالات الأنباء: القضاة في الشارع ومطار شرم الشيخ يتأهب
هويدا طه
الحوار المتمدن-العدد: 1174 - 2005 / 4 / 21 - 11:26
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
خلال ربع قرن مضى كانت أخبار مصر هامشية باردة.. في وكالات الأنباء وسائر وسائل الإعلام غير المصرية، فلم يكن هناك شيء مثيرا للجدل مما يحدث في بر مصر، كان هناك صوت واحد يخرج من هذا البلد.. هو صوت مبارك ونظامه.. الذي لم يصدر طوال تلك السنوات إلا طنينا، لا يثير اهتمام أحدٍ في العالم، وضعفت قيمة مصر الدولية بسبب ضعف نظامها الحاكم.. حتى لم يعد المجتمع الدولي يقيم لها وزنا، فتجرأت عليها- ليس فقط دول صغرى- وإنما حتى منظمات وجمعيات خيرية مجهولة! وظن الجميع بمن فيهم كثير من المصريين أنفسهم.. ألا حياة هناك.. وأن هذا الشعب لا يشبه الشعوب الأخرى.. التي تغضب وتثور في غرب العالم وشرقه، ثم تأسست الحركة المصرية للتغيير.. فلم تعرها وكالات الأنباء- كالعادة- اهتماما، وعندما خرج بضع مئات من مؤسسي الحركة إلى الشارع.. رافعين شعار كفاية ضد هذا النظام البوليسي.. فوجئت وكالات الأنباء، لكنها نقلت الخبر على آية حال.. وكأنه(حادثة طريفة)! ثم تكرر(الخروج).. فبدأت وسائل الإعلام في الانتباه، لكن- وبتحفظٍ إعلامي- راحت الأخبار تُنقل بترقبٍ من نوع ٍ ما، ثم تسارعت وتيرة نقل الأخبار.. وبدأت التحليلات تتوالى- وإن ظلت متحفظة- حول تلك(الحركة الوليدة)في القاهرة، وشرعت قنوات التليفزيون الغربية في فتح الملف المصري بجرأة أكثر.. بينما استمر تحفظ الفضائيات العربية، ربما لحساباتها مع الحكومة المصرية.. تحفظ لا يتناسب وحجم حدثٍ جلل يحدث في قلب العالم العربي! لكن مع توالي التظاهر السلمي المنظم الذي تدعو إليه الحركة.. صار شعار كفاية.. أكبر من أن يتم تجاهله! وذاع صيته في أرجاء العالم عموما.. والوطن العربي خصوصا، وتحول إلى(مفهوم جديد)يضاف إلى مفاهيم التغيير في المنطقة، وبدأ أخيرا الاهتمام بالمتابعة الدقيقة لما يجرى على أرض مصر، ليجيء الأسبوع الأخير.. حاملا ما لا يمكن تمريره.. كأخبار عادية! ذلك أن حركة الشارع المصري فاجأت وكالات الأنباء بمواقف ثلاث تثير الانتباه، موقف القضاة وأساتذة الجامعة- بما لهم من مكانة كبيرة في المجتمع- حيث بدأوا بالانضمام إلى(الخارجين)على النظام، وموقف الإخوان المسلمين.. إذ بدأوا(يغدرون)كعادتهم التاريخية في طعن الحركات الوطنية، وموقف الموالين للنظام.. فقد بدأوا يظهرون ارتباكا.. ثم صمتا حائرا.. فبعضا من تراجع!.. لعلهم أدركوا أن النظام الذي نافقوه على حساب نداء الشارع.. ينكشف ظهره رويدا رويدا.. حتى يكاد يتركهم وراءه.. عراة! أما القضاة.. فقد أعلنوا رفضهم لدور ٍ صوري في الانتخابات المقبلة.. ويطالبون بحسم.. وبعندٍ جميل تفتقده مصر من أبناءها منذ زمنٍ بعيد.. بأن تترك لهم بالكامل.. مهمة مراقبة الانتخابات، بدءً بإعداد كشوف وجداول الناخبين وحتى مراقبة كل صندوق اقتراع وكل مركز تصويت، حتى عندما طالبهم المجلس الأعلى للقضاء(الذي يعينه الرئيس)بعدم إقحام القضاء في السياسة.. كان رد مجموعة القضاة السكندريين الذين يتصدون لهذا الخروج القضائي الجميل.. أنهم جزء من هذا الشعب.. وواجبهم من موقعهم كقضاة.. المساهمة بل الإشراف.. على أهم لحظة في تاريخه.. يتوقف عليها مستقبل الشعب والوطن، أما أساتذة الجامعة.. فقد نقلت وكالات الأنباء خبر نيتهم الاعتصام جماعيا، مساندة لمطالب التغيير(الحقيقي)التي انطلقت في الشارع المصري.. ثم يأتي موقف جماعة الإخوان المسلمين، هؤلاء الذين كانوا على مدى عقود.. يحركون الشارع المصري البائس للتظاهر من أجل تيمور الشرقية! وزرعوا في نفوس كثير من الشباب.. أن الجنة ستفتح لهم أبوابها إن هم ماتوا فداء لأفغانستان! ولم يحركوا ساكنا ذات يوم لأجل مطالب المصريين، وعندما تجرأت حركة كفاية وخرجت إلى الشارع حاملة هموم المصريين لا هموم التيموريين، تقدمت الجماعة المذكورة كي(تختطف)الجرأة الوطنية، ونزلت إلى الشارع تحمل العلم المصري، هذا في حد ذاته لا يدان.. فالوطن للجميع.. لكن المتابعة الإعلامية لجماعة الإخوان المسلمين، تظهر أنها بدأت تغازل النظام، عندما بدأت تدين تظاهرات حركة كفاية مدعية- كما النظام تماما- أن تظاهر أعضاء الحركة يثير الفوضى في الشارع! هذا الغدر بالحركة الوطنية ليس الأول في تاريخ تلك الجماعة التي ابتليت بها مصر، فقد فعلوها من قبل عندما غدروا(بلجنة العمال والطلبة)عام 1946، وساندوا القصر الملكي ضد تلك الحركة الوطنية، وإذا كانت وسائل الإعلام تهتم بهذا التغير النوعي في موقفهم تجاه المطالب الشعبية والمطالبين بها.. فإن مغازلة الولايات المتحدة لن تغيب عنهم في المرحلة الإعلامية المقبلة.. والأيام بيننا! الموقف الأكثر طرافة هو ذلك التغير في لهجة(بعض)الموالاة! باستعارة هذا المصطلح مؤقتا من الحياة السياسية اللبنانية.. فالموالين للنظام عودونا على سماع صراخهم.. في الفضائيات والجرائد.. ضد كل مطلب شعبي بالتغيير.. ومنذ أيام قالوا عن حركة كفاية أنها تابعة لأمريكا، لكن أحد أبطالهم، والمشهور على الفضائيات بالحماس سبا وشتما في أمريكا بينما وفي نفس الوقت يقول- بلا خجل- إن مبارك يتصدى لها(عجبي!)ما لبث أن بدأ يستقرأ نمو الحركة الوطنية في مصر.. ويستشرف ملامح مستقبل.. سيكون فيه من(العراة)إذا استمر في مهاجمة حركة الشارع، فراح يحاول مسك العصا من وسطها.. وقال على إحدى الفضائيات:"إن الشارع المصري يغلي مطالبا بالتغيير.. وآمل أن يستجيب الرئيس"! ربما قصد أن يضمن لنفسه أحد الحسنيين! لكن اللحظة الحالية لا تحتمل ذلك النوع المائع من الرهان.. ففي ظل تواتر الأنباء بأن الريس أمام ضجيج الشارع.. يبتعد شيئا فشيئا عن القاهرة!.. لا تحتمل اللحظة من المصري إلا أن يكون في واحدٍ من موقعين.. إما الشارع.. مع المطالبين بالتغيير.. أو.. حواف مطار شرم الشيخ!.. ليراقب نادما.. الطائرة المصرية رقم واحد.. تلفظه خارجها لتتركه وحيدا بلا أجنحة.. بينما هي في انتظار(لحظة ما)على أهب الاستعداد.... للطيران!
#هويدا_طه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أحمد ذكي جسّد اغتراب المصري بين الفقر والاستغناء
-
دور المصريين في الخارج في الحركة المصرية للتغيير
-
نحو حصار القصر الجمهوري في مصر
-
هل أنهى الظهور على التليفزيون مكانة هيكل
-
حل آخر يقدمه النموذج القرغيزي: هروب الريس وعياله
-
البرلمان المصري: نواب لكن ظرفاء
-
امرأة أمريكية تؤم المصلين، ليه يزعل ذكور العرب!
-
هل تلقى حركة كفاية التأييد من الشارع والمؤسسات المصرية؟
-
تفتيش في أوراق القمم العربية.. من المواجهة والتصدي إلى استجد
...
-
إدوارد سعيد والرسالة الأخيرة
-
عمرو موسى : شاهد مقالش حاجة!
-
الثاني من مايو يوم العصيان المدني في مصر
-
الأفلام الوثائقية العربية: عقلية ثنائية ترى العالم شرا مطلقا
...
-
بعد الأرز في بيروت، النسر المصري يستعد للإقلاع: استغلال الفض
...
-
الذهنية العربية الإسلامية تكره الأنثى المتمردة النشطة عقليا
...
-
مبارك: تعدّل.. متعدّلش... برضه كفاية
-
الحسين كان رجل سياسة وليس رجل دين، فلماذا القداسة؟
-
إصلاح الشرق الأوسط يبدأ بالتغيير حول ضفتي البحر الأحمر
-
من لا يربيه شعبه.. كونداليزا تعرف تؤدبه!
-
صفوت الشريف: الريس مقبل على-ضبط إيقاع-المعارضة المصرية!
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|