|
ملاحظات حول ما نصت عليه التشريعات من التمييز ضد المرأة
فالح مكطوف
الحوار المتمدن-العدد: 1174 - 2005 / 4 / 21 - 11:28
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
تقييم عام يوجد في الاحوال الشخصية وقانون العقوبات الكثير من النصوص التي تتعارض مع الاعلان العالمي لحقوق الانسان واتفاقية الغاء جميع اشكال التمييز ضد المرأه الصادر من الأمم المتحدة. حيث يوجد فيهما الكثير من الفقرات والمواد التي بنيت على اساس التميير الجنسي والانتماء الديني.
من خلال نظره أولى يتضح ان هنالك قانون للأحوال الشخصية للمسلمين والمواد الشخصية لغير المسلمين. ومن هذه النظره العامة يتبين التمييز على اساس الدين.
وفي الولوج الى قانون الاحوال الشخصية يتضح أثر الدين الاسلامي على أساس تشريع هذا القانون،فمثلا ورد في الفقرة الثانية من المادة الاولى بأنه ( اذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه فيحكم بمقتضى مبادئ الشريعة الاسلامية الاكثر ملائمة لنصوص هذا القانون) علما بأن الشريعة هي المصدر الرئيسي للقانون نفسه. وهذا بطبيعة الحال يتعارض مع مبادئ حقوق الانسان القائمة على عدم التمييز على أساس الدين.
ما هو الدليل على ان الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع؟
يمكننا ملاحظة ذلك بسهولة فعلى سبيل المثال، يمكن للزوج ان يتزوج بأكثر من واحدة بالرغم من اشتراط القانون موافقة القاضي كما جاء ذلك في المادة الثانية – الفقرة الرابعة حيث اشترط لذلك شرطين وهما الكفاية المالية للزوج والمصلحة المشروعة[1]. وهنا يبرز التساؤل حول ماهية تلك المصلحة المشروعة ومدى موافقة القاضي والحدود التي يتقيد بها، وبما ان الشريعة أباحت الزواج من أربعة نساء فلا شك ان القاضي يأخذ نصب عينيه ما شرّع في القرآن، وانه من الصعوبة عدم اباحة الزواج من ثانية أو ثالثة. وقد ترك للقاضي أيضاً تقدير ما عرف بالعدل بين الزوجات كنص مجاملة أو مغازلة لحقوق الانسان. والمهم في الامر بأن تعدد الزوجات أمر مرفوض كونه يحط من انسانية المرأة.
لو تأملنا القوانين المبنية على أساس المساواة، لاتضح جلياً مدى تمتع المرأة بحقوق افضل حيث لا يمكن للزوج البتة الزواج بأكثر من واحدة. وهذا ينسجم تماما مع الطبيعة الانسانية للأفراد. فلا ينبغي ان يبنى المجتمع على أساس ترجيح كفة الرجل على حساب المرأة.
ومن الحجج التي يمكن سوقها ايضا ما جاء في المادة 13 الخاصة بالحرمة المؤقتة[2] حيث ذكر القانون ان من اسباب الحرمة المؤقتة ( عدم الدين السماوي) . وهذا يؤكد على مدى نفوذ الشريعة في تشريع هذا القانون. فمن لم يكن له (دين سماوي) فانه إزاء حرمة مؤقتة لحين اعتناق الدين الاسلامي.
وجاء في الماده السابعة عشر بأنه يصح للمسلم الزواج بالكتابيه في حين لا يصح للمسلمه الزواج بالكتابي وليس أدل من هذا النص على التمييز والتدخل بالامور الشخصية للأفراد وعلاقاتهم الانسانية التي يختارونها بغض النظر عن الأطر الدينية. وهذا النص يعتبر نصاً يبرز الدين كفيصل لتحديد العلاقات وليس الارادة الحرة في الاختيار للافراد كونهم متساوون. ولا يفترض ان ينص على هذه المواد التمييزية ولا بد من إلغائها من هذا القانون. فالدين وحده لا يمنح الاشخاص سر التفوق على الآخرين المخالفين له في الدين.
هل من أمثلة للتمييز على أساس الجنس في قانون الاحوال الشخصية المستند الى الشريعة الاسلامية؟
هناك العديد من الامثلة التي يعج بها قانون الاحوال الشخصية حيث بنيت كانعكاس يؤكد التمييز المقر أصلاً بالشريعة الاسلامية. فالطلاق مثلاً حق مباح للرجل بشكل مطلق وهو البطاقة التي تشهر بوجه المرأة متى ما شاء الرجل ذلك. فما مطلوب منه هو مجرد حصوله على ورقة مؤيدة من أي رجل دين مأذون بالزواج والطلاق لينهي وبشكل تعسفي علاقة الزواج. في حين تعاني المرأة الأمرين للحصول على التفريق الذي يجب أن يصدر من المحكمة؛ فرجل الدين لا ينظر البتة الى المرأة وهي أزاءه ليست صاحبة حق بالانفصال ومهما يكون الضرر الذي تعرضت له. وان واقع الحال يدلل بأن دعاوى التفريق في المحاكم لا تحسم بنسبة كبيرة منها لصالح المرأة. وبهذا يتأكد الواقع التمييزي المقر في قانون الاحوال الشخصية. وان زيارة أية محكمة للأحوال الشخصية تبين مقدار الدعاوى التي تُرد بسبب عدم استجابة المحكمة الى طلبات الزوجة بالتفريق ولم ينظر الى الناحية الانسانية للمرأة ككائن مستقل.فان مزاج الرجل وحده هو المحدد الذي يتحكم بانهاء العلاقة الزوجية في حين ان مصائب ومعاناة المرأة، وان كانت واضحة للعيان كالضرب مثلاً فإنها تحتاج الى ألف دليل ودليل لكي تحكم المحكمة لها بالتفريق.
وقد نص القانون صراحة على أن للرجل حق الطلاق بإرادته الفردية وكذلك حق طلب التفريق من المحكمة في حين منح المرأة حق التفريق فقط وبشروط. وهذا يؤكد التمييز على أساس الجنس.
ما هي تلك الفقرات التمييزية ضد المرأة التي يستوجب إلغاؤها وعدم إعادة كتابتها ضمن التشريعات؟
قبل أن يتم التطرق لقانون ألاحوال الشخصيه لابد من التعريج على ما جاء في قانون العقوبات النافذ الذي يتضمن نصا صريحا للتمييز ضد المرأة.
جاء ضمن الفصل الرابع في المادة الحاديه والأربعون وتحت عنوان استعمال الحق بانه ( لا جريمة إذا وقع الفعل استعمالا لحق مقرر بمقتضى القانون ويعتبر استعمالا للحق تأديب الزوج زوجته[3]...) وهذا النص فيه من الوضوح بما لايجعل مجالاً للشك بأن السلطة والسطوة ممنوحة للرجل واعتباره مواطناً من الدرجة الأولى بحيث ان له حق ضرب زوجته. وانه متى ما فعل ذلك وجد القانون يسنده ابتداءً. ولا بد من إلغاء هذه الفقرة ولا بد من ابدالها بفقرة لتحديد العقوبة في حالة إهانة الزوج لزوجته ومن باب أولى إقرار عقوبة صارمة بحقه إذا ضربها.
كذلك جاء في المادة 398 من قانون العقوبات بان من اغتصب امرأة وتزوج منها بعد الاغتصاب يعد ذلك عذرا قانونيا مخففا للعقوبة. ويفترض في هذه الحالة ان يعاقب الجاني على جريمة الاغتصاب باعتبارها جريمة كاملة بغض النظر عما يتبع الفعل الجرمي.
كذلك جاء في المادة 409 بان الرجل يعاقب بالحبس اذا فاجأ زوجته أو أحد محارمه في حالة تلبسها بالزنى او وجودها في فراش واحد مع شريكها اذا قام بقتلهما معاً او قتل أحدهما. في الوقت الذي لم يتطرق فيه القانون (بالرغم من الاعتراض الشديد على جريمة القتل وفق هذه المادة) فيما اذا كان من حق الزوجة القيام بفعل القتل اذا وجدت زوجها في الحالة المذكورة آنفاً. ان عقوبة الزوجة هي الاعدام ولا تتمتع وفق هذا القانون بأي ظرف مخفف كما يتمتع الرجل.
اما بالنسبة لتخفيف العقوبة عما اصطلح عليه بغسل العار فانه أصبح مبررا لارتكاب آلاف الجرائم ضد النساء فمن المعروف ان محاكم التحقيق لا تولي الاهتمام الكافي لجرائم القتل التي يلجأ فيها المجرم الى التستر.
اما بالنسبه لقانون الأحوال الشخصيه فان هنالك عديد من الفقرات والمواد المتعلقه بالتمييزومن
هذه الفقرات التمييزية ضد المرأة ما جاء في المادة 83 فقرة (1) والتي تنص صراحة على إنه ((للذكر مثل حظ الانثيين)) وهنا باعتبار ان المرأة نفقتها على زوجها. ولكن ماذا لو تتزوج الفتاة سيما وان هنالك عشرات الآلاف من النساء غير المتزوجات؟ وماذا لو طلقت المرأة المتزوجةبعد سنوات قليلة من زواجها، ان هذه المادة تحتاج الى تعديل إذ أنها لا تنسجم مع حقوق الإنسان واتفاقية الغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة الصادرة من الأمم المتحدة، كما انها غير ملائمة لروح العصر.
أما فيما يخص ما سمي بالعدة، فما زال القانون بعيداً عن التطورات العلمية في مجال الطب حيث اشترطت المادة (48) الفقرة (1) على ان عدة الطلاق هي ثلاثة قروء[4]. ويمكن ابدال هذه المادة بان يصدر تقرير طبي يؤكد ان المرأة غير حامل ولها حق الزواج حالاً. وكذلك لها حق الزواج وهي حامل، فالمسألة شخصية بحتة طالما هنالك توافق بين الطرفين. كما انه لا موجب لما جاء في المادة (47) الفقرة (2) حيث يجب ان تلغى. فليس من المعقول ان تعتد الزوجة حتى قبل الدخول بها.
وقد اعتبرت المادة (37) فقرة (1) بأن الطلاق ملك للرجل حيث جاء فيها بأنه (يملك الزوج على زوجته ثلاث طلقات) بينما تلجأ الزوجة الى المحكمة للتفريق ولأسباب مبينة أصلاً في القانون بينما لا يتحتم وجود أي سبب لإيقاع الطلاقبالنسبة للرجل والأمر خاضع لإرادته البحتة.
وكما ان المادة (52) الفقرة الثانية علقت الاقرار بالنسب بتصديق الزوج فحينها تقول المراة بان هذا ولدي من ابيه فلان فلا يثبت نسب ذلك الولد الا بتصديق اقوال المراة من قبل الزوج او تقدم البينة على ذلك ولا يعتد باقوالها خارج تصديق الزوج لها او تقديمها البينة وهذه المادة تعتبر طعن واضح بكرامة المراة وصدقها وهي تمثل نظرة دونيه اليها .
المادة (26) الفقرتان 2,3 تؤكدان على عدم اعتراض الزوجة في حالة قيام الزوج باسكان ولديه او ابنه وليس من حق الزوجة الاعتراض على ذلك .
اما بالنسبه لما اصطلح عليه بعبارة ( النشوز) والذي يعني عدم مطاوعة الزوجة لوزجها بدون بدون اسباب فهنا لا يعتد برغبة الزوجه التي لا تريد العودة الى زوجها التي يطلب مطاوعتها له وحينها لا تقدم الزوجه الى سبب لعدم العودة الى زوجها تحكم المحكمة عليها ب( المنشوز) وهذا الحكم يبيح للزوج طلب التفريق بمجرد اكتساب قرار الحكم الدرجة اقطعيه في حين تنتظر الزوجة سنتين كعقوبه لها لعدم المطاوعه , بعدها يعطي القانون لها هق طلب التفريق . وهنا لا بد ان تكون الفترة متساوية بين الزوج والزوجه فلا بد ان يكون لها الحق التفريق بمجرد اكتساب الحكم الدرجة القطعية وقبل هذا لا بد من الاخذ بارادة المراة التي لا ترغب في العودة الى زوجها دون التمحيص بالاسباب ودون اللجوءالى هذا الحكم التميزي .
اخيرا لا بد من التاكيد بان الاعلان العالمي لحقوق الانسان واتفاقيه الغاء جميع اشكال التميز ضد المراة لا بد ان يكون هما المرجع الرئيسي للتشريع حيث لابد من الاقرار بالمساواة الكاملة بين المراة و الرجل والغاء النظرة الدونيه للمراة من جميع التشريعات فالبشريه ارتقت الى مرحله يكون معها التميز ضد المراة عمل غير مقبول بتاتا ولا بد من ايجاد قانون عصري يستجيب الى متطلبات التحضر والتمدن في المجتمع ولترتفع الاصوات الداعية الى المساواة الكامله بين المراة والرجل .
--------------------------------------------------------------------------------
[2] تحريم الزواج بحرمة مؤقتة ومؤبدة، فالمؤبدة القرابة والمصاهرة والرضاعة. اما الحرمة المؤقتة حسب ما جاء في قانون الاحوال الشخصية الزواج باكثر من أربعة على سبيل المثال.
[3] المادة 41 الفقرة الأولى في قانون العقوبات النافذ.
[4] القروء يعني الدورة الشهرية. إعداد المحامي فالح مكطوف
#فالح_مكطوف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وزيرة الخارجية الألمانية: روسيا جزء من الأسرة الأوروبية لكنه
...
-
الوكالة الوطنية توضح حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في المن
...
-
ما حقيقة اعتقال 5 متهمين باغتصاب موظف تعداد في بابل؟
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الاسري على الفتيات 73% والذكور 27%
-
بعد أكثر من عام على قبلة روبياليس -المسيئة-.. الآثار السلبية
...
-
استشهاد الصحافية الفلسطينية فاطمة الكريري بعد منعها من العلا
...
-
الطفولة في لبنان تحت رعب العدوان
-
ما هي شروط التقديم على منحة المرأة الماكثة في البيت + كيفية
...
-
الوكالة الوطنية تكشف حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في البي
...
-
تحديد عيب وراثي رئيسي مرتبط بالعقم عند النساء
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|