أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - أمين أحمد ثابت - الواقع العربي . . انسداد بلا ضفاف اليمن أنموذج















المزيد.....


الواقع العربي . . انسداد بلا ضفاف اليمن أنموذج


أمين أحمد ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 4087 - 2013 / 5 / 9 - 03:32
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


الوعي العاطفي الشعبي بنخبه الاعتيادية ، الذي خرج كرد انفعالي غاضب ـ كان مكبوتا ـ تجاه انظمة الحكم الاستبدادية في بلدان ما سميت ببلدان ثورة الربيع العربي ، رفع سقف مطالبه بالتأثر النقلي لمصطلحات مفاهيمية تم ترويجها قبلا ، كالدولة المدنية الحديثة ، الحكم الرشيد ، التغيير ، التسامح ، الشراكة . . . الخ ـ حتى تكون مقبولة لاحقا ـ عند اندلاع الحدث بعد توفر كافة الشروط والعوامل لخروج الناس إلى الشارع والالتقاط السريع للمفردات التي سيتعاطاها بالهتاف خلال موجة غضبه ، والاصرار على انها ثورة ـ وهو ما لعبته جيدا الفضائيات المتحكم بها سعوديا وخليجيا ، والعالمية المتحكم بها اجهزة الاستخبارات الامريكية بالشراكة الاوروبية في التوجيه الاعلامي للذات العربية كوعي ـ سلوكي ونفسي ـ لم يستوعب ونخبه التي تم تطويعها لتكون تابعة بانتهازية أو بصمت مقموع ، أن الامر قد حدد سلفا لإنتاج حدث شعبي محلي ـ مسنودا بأجندة خارجية دون علم بحقيقة الامر ـ لإحداث تغيير قلعي محلي وطني لرؤوس تلك الانظمة الاستبدادية الفاسدة ـ المحمية خارجيا ـ التي قادت الاوضاع إلى مخنق الاندلاع المؤكد للحروب الداخلية ، والتي معها تتهدد المصالح الدولية لدول المركز الغربي القابض على المنطقة ، والتي لم تكن قادرة على اقناعهم بوأد الفساد وتخفيف الاستبداد ونهب بلدانها وانهاء مكون الدولة واستبدالها بسلطة حكم مافوية فيما يدعى بالدولة العميقة بدلا من شكل الدولة السابقة المعلمة بالدولة البسيطة وقطعا لضرورات موضوعية ووضعية بالتحول لإعادة بناء الدولة إلى طابعها المركب المعروفة بالدولة المركبة . وهنا لن ندخل بجدل فكري حول حقيقة وطبيعة ثورات الربيع العربي ، وكيف جاءت ، وكذلك متشابكات واقع الصراعات الداخلية وحضور الاجندات الخارجية المتعددة بأيدي محلية كوكلاء بالنيابة لصراعات التنافس الخارجي على المصالح في المنطقة في الميدان المحلي عبر اطراف الصراع الداخلي الممثلة بامتدادات النظام السابق كسلطة مقابل شعب وقوى سياسية معارضة تحت مظلة الثورة ، وكامتدادات لطابع وجوهر نظام تاريخي لمصالح تراكيب اجتماعية وممثلات قوى سياسية كالمشايخ والاتباع وكذلك قوى سياسية منها من هي تمثل امتدادات نظام الحكم السياسي السابق أو في داخل صفوف مسمى الثورة الشعبية ـ التي كانت جزءا من النظام السابق للحكم وخرجت عنه الى الثورة بعد توجهات رأس النظام إلى التوريث وتأسيس نظام الدولة العميقة بالمعنى الحرفي للاصطلاح ـ وهما أمران كشفناه في كتابات سابقة من وقت مبكر تم نشرها من قبلنا ، ولكننا سنطرح رؤيتنا للمستقبل القريب المنظور من خلال راهن اليوم المتجاوز لطابع فترة تلك الشحنات الانفعالية الشعبية السابقة المعممة بمسمى فترة ثورة الربيع العربي لهذا البلد أو ذاك .
اليمن نموذجا مخصصا في موضوعنا ، كان اكثر (بلدان الربيع العربي !) ضرورة لاستكمال النموذج المقبول خارجيا وفق المخطط التاريخي لإعادة توزيع العالم بين قوى مركز التحكم الدولي ، وهو النموذج المرصود باعادة انتاج الاوضاع وطابع السياسة ونظام الحكم والوجود الاجتماعي بعلائقه المختلفة ـ وهو ماكشفته وقائع حركة الاحداث في البلدان الاربع ، ولم تكن سوى سوريا تتخذ هذه الاهمية بل واكثر من اليمن ، ولكنها معادلة صعبة لكونها في مربع بلدان الممانعة ، مما جعل احداثها متأخرة ، وتأكد فشل المشروع الامريكي ـ الصهيوني الاوروبي بدعم رجعي من السعودية وقطر ، وبمساعدة معنوية اعلامية لما تبقى من انظمة الحكم الاستبدادي العربي ، بل وكان ذلك الفشل في سوريا واستحواذ الاسلاميين على سلطات الحكم في بلدان (الربيع العربي !) باسم الثورة ، وخاصة فضيحتها وفشلها في مصر ، كشف الماورائيات التي كنا نحذر منها ، وسخف تداول المفاهيم التي تم تدويلها في الفضائيات بزمن نوعي جديد لمفهوم الثورات ـ عصري ـ بأنها معلمة القيام دون مقدمات أو تراكمات لمد ثوري ووضع ثوري يسبقها ، وبالتالي فهي ثورات شعبية وشبابية بيولوجية فضفاضيه المعنى بحيث معها يتم استهداف النخبة الفكرية والعلمية بانهاء دورها ـ وهو الاستهداف السابق عبر عقدين من الزمن لدول المركز الغربي ، التي ذهبت لتصفية الطبقة الوسطى بكونها ثورية واكثر ادراكا للحقائق والواقع ، ولكونها راديكالية النفس ، وذات طبيعة خاصة بانها في صراعها الاجتماعي تلعب دورا في التوجيه الشعبي نحو الوطنية المعلمة بالسيادة والتحرر الاقتصادي والسياسي عن التبعية ، وهو المتكشف بتمييع جذوة الامل الشعبي بانتصار ثورته بفرض حقيقة الامر كأزمة سياسية ، وبفرض قبول المشاركة في اعادة بناء الدولة مع عناصر النظام السابق والابقاء على حمايتهم برافعة دولية ، ونشوء من التوهان الاجتماعي بلا منطقية الصراع والاحداث السياسية والتوازنات والانتقالات المرحلية ، بفعل تحقيق حضور واقع الاجندات الخارجية داخل الملعب السياسي اليمني كدعامة اساسية قوية تلعب عليها قوى المجتمع السياسية والاجتماعية والافراد من ذوي النفوذ والصنائع الجديدة للعمالة ، وذلك كضمانة لحجز موضعها السياسي في الاقتسام لنظام الحكم السياسي القادم ـ حتى وإن جرت كل انواع الطيف من الاشكال الديمقراطية للانتخاب الشعبي ـ أكان بالدائرة المغلقة أو القائمة النسبية .
إن اليمن قد وصل إلى توزيع الممثلين بالحوار إلى مجاميع عاملة بتسعة محاور من مرحلة الحوار الوطني (الشامل!) ، وسبقته وترافقت معه بعض اجراءات وقرارات للدولة الانتقالية المؤقتة (الوفاقية !) وفق الالية التنفيذية ـ المحلية المنبثقة وفق الاخراج الدولي المسمى بالمبادرة الخليجية ، وحتى هذه اللحظة الوعي الاجتماعي والنخبوي (العاطفي) يعيشان حالة اغتراب عن فهم حقائق القائم وما سينتج عنه ، فهناك عقل نخبوي مثل الغالبية من العامة يرى بأن الحوار بمخرجاته سيرسم القادم ويؤسس لقيامه ، والقادم بمعنى قيام دولة حكم مدني ـ وطني حديثة ، قيام تحويل للواقع لمجتمع مدني آمن ومستقر ، تحقق عدالة توزيع السلطة والثروات ، وأن الحوار هو الذي سيخلق فعل الشراكة والتوافق بين جميع المختلفين من اجل يمن حر حديث ، ورأي آخر نخبوي وعامة يرى بأن الثورة سرقت ، وأن لا شيء سيتغير سوى استبدال الوجوه ، خاصة وإن كانت هناك معرفة بتقاسم دول المركز الغربي في مهام اعادة بناء الدولة ، ففرنسا عليها اعداد الدستور والقوانين ، وامريكا اعادة بناء الجيش والقوات المسلحة والامن ، وعلى بريطانيا اعادة بناء الجهاز الاداري للدولة وتقاسم فعل السيطرة على مسميات إنويه المجتمع المدني التي فرخت عن النظام السابق ويفرخ عنها الان عبر تدخلات مراكز التحكم الخارجي باليمن ـ اقليميا (كالسعودية وقطر وحلف الاخوان المسلمين لسلطات انظمة بلدان الربيع العربي !) ، ودوليا(أمريكا ، بريطانيا ، فرنسا ، المانيا وايران ) ، أما الابعاد التحليلية العلمية الدقيقة المصوبة لهذا الطرح أو ذاك مفقود كليا بفعل استبعاد المفكرين والعلماء الحقيقيين من الحوار والقيادة الحزبية والادارية العليا لدولة الوفاق ، واستبدالهم بحملة الشهادات العليا من النقليين أو مشتريها وبمراهقين سياسيين بعمرها البيولوجي غير الناضج في الخبرات والمعارف لا نقول العلم والفكر والمنهج العلمي ، وهذان يمثلان (الحداثة !) في مقابل شراكة كل اطراف التورط السياسي والاجتماعي المتخلف الذي في جوهره لا يقبل سوى اعادة القديم ولكن بثوب جديد مخادع حتى تبقى مصالحه وتسيده على المجتمع ، حتى وإن قبل تمرير طروحات طرف معبر الحداثة ـ السطحيين ـ فهو يعرف بالمؤشرات الواقعية والدولية بلا إمكانية التفريط بهم وبإعادة تقويتهم على المجتمع .
إذن فإن واقع التحول مسدود وبدون ضفاف ، فالمطلب الشعبي دولة مدنية وطنية حديثة تمتلك السيادة الفعلية على اراضيها ومياهها وفضائها وقراراتها ، بينما حقيقة القادم بمؤشرات القائم تثبت حقيقة مجيء دولة مدنية شكلية ، يكون مفهوم الوطنية كما تراه قوى المركز الخارجي لا ابناء اليمن المحليين ، فالوطنية بتمكين الدولة القادمة من تهدئة الاوضاع وتحسين الظروف المعيشية للأفراد ، وتخفيف الفساد وتحسين الخدمات ، ولكنها لتقوم بكل ذلك من خلال الشركات الاجنبية التي ستستجلب الى اليمن ، وهو ما سيخفض نهب المال العام عبر الجهاز الاداري للدولة ، ولكن بتحسن المؤشرات سابقة الذكر على صعيد المجتمع سيكون على حساب ملكية الدولة المحلية لقراراتها وتحكمها باقتصاد البلد والحركة التجارية ، وهو ما سيظهر لاحقا بالطابع الجوهري لحقيقة الدولة المدنية الحديثة القادمة ليست سوى لإعادة بناء جهاز دولة كرتونية فاقدة للقرار داخليا وخارجيا ، والذي ينبئ بأن ثورة الربيع العربي بقدر ما كانت تمتلك مقدمات موضوعية تاريخية لقيام ثورة تغيير ولكن جانب الوعي متخلف اجتماعيا وزاد الامر سوءا بتطبع هذا الوعي الاجتماعي المتخلف عن الوجود بعبوديته الطوعية ـ أي الوعي المسلوب إرادته الحقة ـ وبالتبعية الطوعية للوعي الاجتماعي المسلوب ارادته الحرة المستقلة كان تحرك المجتمع والاحداث وفق مخططات الاجندة الخارجية الاقوى حضورا في واقع اليمن ـ امريكا والسعودية ـ وهو تحرك لو تجردنا قليلا عن تأثيرات الاعلام الفضائي الموجه ، سنرى أن الربيع اليمني والعربي ليس إلا تحايلا لإعادة انتاج النظام السابق بعناصر وقوى لم تهرم ولم تتساقط ، حتى تتم عملية استمرارية مصالحها وتقوية يدها القابضة على اليمن والمنطقة العربية ، كما وان هذه الثورات المصنعة وفق الاجندة الغربية لا تمثل سوى ترحيلا لفعل المواجهة الشعبية والقوى السياسية وسلطة الحكم في اتون حرب اهلية مفتوحة على كل اشد التوقعات سوءا ، وهي في نفس الوقت آلية وآقعية امبريالية غربية لحماية سيطرتها على اغنى منبع عالمي للثروة ، بتجنيبها رياح التفجر عبر الجوار ، كما وانها مخططا قبيحا لوأد بقايا امل الثورة وبحث العدالة عند الانسان العربي المقهور عبر قرون وحاجته للعيش في المعاصرة بما تحملها من حقوق ، فبشيوع انتصار مفهوم الازمة بسرقة الثورة يقود إلى انطفاء شعبي للعود إلى نزعات الثورة وعمل الثوار ـ بقولهم ما الفائدة يقتل الكثير وبصدق عاطفي مع القضية العادلة وحقيقة الامر أنه لم تكن هناك قضية بقدر ما هو استثمار لا اخلاقي لعواطف الناس بتوجيههم انقياديا لتحقيق مآرب ضد ما خرجوا من اجله الى الشوارع وهم لا يعلمون من الامر بشيء ولكنهم يكتشفون ذلك بعد فوات الاوان .
في ظل الراهن ماهية الاداة لصناعة التحول في اليمن ؟ ، بعيدا عن الوعي المنقاد بالأعلام الخبري المخادع ـ الشفاهي ، المنظور المسموع ، المسموع أو المقروء في الصحف السيارة ، فإن هناك اربعة مكونات مصدرية للمراهنة عليها لإخراج اليمن الى واقع جديد ، أهي الدولة المزمع انشاءها ، أم الاحزاب السياسية ، أم المجتمع بأنويته الاهلية المختلفة ، أم الجامعات ؟؟؟؟؟؟
وإذا ما تمعنا بحيادية علمية وموضوعية ، نجد اننا نستبعد دور المجتمع تماما ، لكونه يفتقر للمحرك التاريخي للعب الدور لكونه مجتمعا لا يقوم على الانتاج والعمل ولكنه يقوم على الخدمات من قبل الدولة بهيئة رعايا من قبل دولة الحكم ، ولذا لا يعول عليه .
أما الدولة القادمة فإنها واضحة تماما بطابعها الشكلي المدني الحديث المدارة بقوة التوجيه الخارجي ، فالعناصر المقدمين للحوار الوطني غير مؤهلين لإنتاج دولة وطنية حديثة قادمة ، فبقوام المؤتمر استبعد جبرا العقل الفكري المخطط الاستراتيجي ، وكذلك العقل العلمي التخصصي لبناء هياكل الدولة وتشريعاتها واقامة الوسائل والادوات المناسبة لتحويل المخيل الفكري لما يدعو اليه السياسي المدني السياسي إلى واقع مادي ملموس عبر اسقاطها مسبقا بخطط ذهنية وبحوث علمية استقرائية وتحليلية ، ومن هنا فإن دور الحوار تتحدد قيمته بتفكيك قضايا الاختلاف لا اكثر ، وتقيم معادلات الترحيل للمواجهة الداخلية لاحقا ، وبانقيادها لحلول خارجية تحملها دون أن تدري بأنها تلعب دور وكيل عن قوى مراكز التحكم الخارجي رغم اعتقادها أنها تلعب دورا عبقريا وطنيا ، وهو ما يجعل الحوار بمخرجاته سوى ذريعة خارجية وداخلية لدى المتورطين بخداع الشعب بأنه ـ أي الحوار ـ وطني ، ومخرجاته وطنية تعبر عن كل تلاوين الشعب ـ وذلك وفق التسويق السياسي والاعلامي المحلي والدولي ـ وحين يأتي زمن الفشل واكتشاف الخديعة شعبيا ، ستظهر التحججات بأن ما نتج كان من اختيار الشعب وليس غيره . وقد أوضحنا بورقة سابقة للحوار بفترة تقارب العام ، بأن الحوار مهما كان نوعيا بالعناصر الداخلة فيه فإنها لا تقوى على صناعة دولة نظام وطني كامل بالمعنى الجوهري والشامل للكلمة ، فبواقعية أن اليمن لم يكن يوما محكوما بسيادة وطنية اصيلة ، بقدر ما هو تابع بتبعية نظامه السياسي الحاكم ـ للسعودية قبلا ، ثم لأمريكا والسعودية معا ، وللسعودية وقطر اقليميا وامريكا دوليا . . لاحقا ، ولكون أن حقيقة الراهن اليمني تحت الاشراف الدولي المانح لأمريكا دور الشرطي المركزي والفرعي للسعودية على الملف اليمني وكيفية اخراجه إلى الهوية القادمة ، فوفقا لهذا الادراك غير المعلن ، فإن الحوار إذا ما كان ممثلا بحضور النخبة الوطنية الرفيعة من المفكرين والعلماء ، فإنه من الشرطية الاساسية حفض المصالح الخارجية وصناعة دولة تفاعلية مقبولة النهج خارجيا ـ على الاقل في مرحلة الانتقال الاول بعد رفع الامم المتحدة اشرافها على المسألة اليمنية ، ولكن تتجلى قدرتها وحنكتها الفكرية والعلمية أن تقود الحوار إلى رفع درجة الحضور الوطني للدولة القادمة بشكل يقنع الخارج ولا يقوى على معارضته ـ وهذا ما يفتقر إليه الحوار القائم ، الموسوم بلا اهليته بجر البلد لواقع ودولة ونظام مخطط لهم خارجيا . ومن هنا فإن (مؤتمر الحوار الوطني!) بائس ببؤس العناصر المشورة فيه من اجل الاستحقاقات المالية التي سيجنيها كل فرد حاضر فيه اكثر من كونه وسيلة للصراع الابداعي لحلحة الازمة التاريخية المركبة لنظام الحكم السياسي في اليمن وجمودية التراكيب الاجتماعية غير القابلة للتغير بفعل غياب قيمتي العمل والانتاج كمحركين لتاريخ التطور الاجتماعي لأي شعب كان من الشعوب ، كما وبحقيقة قوة الخارج على طبيعة وشكل دولة الوفاق المنتجة وآلية عملها وادارتها للأمور ، بينما قوى الداخل السياسية تحضر جسدا دون روح معلمة بها كل واحدة منها ، ومن جانب اخر جميع هذه القوى الداخلية تلعب على مفتاح قوى الخارج الفارضة نفسها على المسرح السياسي اليمني ، والتي تجد نفسها في معادلة توازن الضعفاء جميعها ، فيتشكل المشهد السياسي من فسيفساء باهته لدولة ـ وفاق أم قادمة ـ من شراكة بنهج دولة مصممة خارجيا تختلف رؤى وقناعات ونزعات سياسية فيما بينها ، وهو ما ينبئ اعادة انتاج نظام دولة كرتونية مجددا . وهنا يتكشف لنا أن الدولة لن تكون مفتاح التغيير المطلوب .
كما والاحزاب لا تقل سوءا عن الدولة الكرتونية ، بلا ديمقراطيتها وخلوها بل وعدائيتها للعقول العلمية والمفكرة ، وبالتالي لا يمكن المراهنة على الاحزاب السياسية .
أما النقابات فقد افرغت من محتواها النوعي الوطني ـ المهني ، وألحقت بالدولة البوليسية العميقة ، بينما (أنوية المجتمع المدني!) لم تكن اكثر من تفريخات جهازي الامن السياسي والامن القومي للدولة العميقة لنظام الحكم السابق . وكذلك الجامعات لم تكن اكثر من مخرجات لدولة اللادولة ، والضخ الامني لعناصر كثيرة تابعة له للعمل كأساتذة جامعة ، وبطبيعة الدولة العميقة طبع استاذ الجامعة بالفساد والوصولية والانتهازية وشعور الدونية والضعف لمن تبقى ولم يلتحق كخادم تابع لمافية الحكم السياسي ، وهو ما نلمسه بالخداع والانتهازية والوصولية للأستاذ الجامعي اليمني أكان تحت التابعية السابقة أو كذبة الثورية الراهنة .

من هنا كان عنوان موضوعتنا الانسداد دون ضفاف ، لكون أن البلدان العربية مثل اليمن وان اختلف بعضها عن بعض من حيث درجة التقدم المدني الشكلي بفعل الاستعمار والارث التاريخي المادي الملموس لحضارات سابقة ، إلا انها تجتمع بأن الدولة والعامة والنخب العصرية تعادي جوهرا العلم والفكر الحر والنقد العلمي ، وبالتالي تعادي بكراهية صريحة وباستهداف استبعادي صريح لحملة هذه السمات الثلاث ، وبهذه النزعات المؤصلة في مثل هذه الشعوب بأنظمتها وقواها السياسية لا يمكن لبلدان هذه الشعوب أن تتقدم أو تتطور أو تحل مشكلاتها أو ازماتها ، لكونها بفعل طبيعتها النزعاتية هذه تحل زائفي العلم من حملة الشهادات من انصاف المثقفين ، وتحل المتخلفين من ممثليات التسيد على المجتمع ، وتحل انصاف المتعلمين من صغار السن ، وتحل البيوتات السلطوية كخبراء تاريخيين في ادارة الدولة . . . وكلهم محل مالكي قوة التغيير الفعلية ، وهو ما ينتج على الدوام سلطات ودول متجددة شكلا متكررة مضمونا بأناس يطرحون الحلول بإدارتهم للدولة بما يخلق مشكلات وازمات جديدة اكثر تعقيد من الاولى وتنضاف اليها .
إن الضفاف لطريق غير مسدود لن يتحقق إلا بمعادلة التلاحم والترابط الحلقي العنقودي للعناصر الحقيقية المالكة مشروع التغيير كفكر وعلم اصيل داخل المكونات سابقة الذكر . فحملة المشروع السياسيين يعرفون انهم لا يقدرون على انتاج دولة وطنية حديثة كما يؤمنون بها ، وبقدر ما يلعبون دورهم السياسي عليهم تدعيم امثالهم من حملة المشروع النوعيين داخل احزابهم ليمنحونهم بعض القوة المعوضة لحقيقة وجودهم كأقلية ، وهؤلاء يلعبون دورهم الصراعي لتغيير واقع احزابهم ولكنهم لا يقوون على تغييرها وفق ما يرتأون ، بذا عليهم مساندتهم لأمثالهم من حملة المشروع النوعيين من العلماء والمفكرين في الجامعات الاكاديمية ، بما يحقق لهم تقوية تعويضية بفعل ما يعانونه من كونهم اقلية نادرة في الجامعات ، ولكون هؤلاء الاخيرين لا يقوون على تغيير واقع الجامعة ودورها وفاعليتها وبنيانها الداخلي وصور العلاقات السائدة فيها ، فيكون على هؤلاء بقدر قتالهم العلمي والاخلاقي لتغيير واقع الجامعة عليهم ومعهم امثالهم من الاحزاب ان يدعمون امثالهم في المهن التخصصية لإعادة بناء النقابات المهنية بأسس مستقلة متحررة من القيود والتبعية ، وتقوم على كونها رافد معرفي تنويري للمجتمع ومعلم اخلاقي قانوني صلب للدفاع عن الحقوق والمدنية والعدالة ، ومن كونها مصادر تخصصية علمية مهنية لرفد الدولة بتصحيح المفاهيم والاجراءات ، واخيرا من كونها بيت الخبرة العلمية التي ستخرج من احشائها المراكز التخصصية العلمية للاستشارات والتخطيط الاستراتيجي العلمي للمجالات المختلفة الموظفة للخدمة الاجتماعية والتنمية ، وهذه الاخيرة ستمثل المقوم الفعلي والمعدل لعمل الدولة ، دون هذا سنظل واقعا بلا ضفاف .



#أمين_أحمد_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جزء(2) ) مؤتمر الحوار (الوطني) – اليمني 18مارس2013م. – قراءة ...
- جزء (1) مؤتمر الحوار (الوطني) – اليمني 18مارس2013م. – قراءة ...
- الربيع العربي : ( ثورات . . تبتلع التغيير )
- الربيع الأمريكي بصناعة عربية
- مقترح نوعية المشاركة لحوار وطني . . صادق
- مقترحات محورية إضافية للحوار الوطني اليمني
- بيان ) أحذروا . . مثل هذه المنظمات (
- متشابكات حل الأزمة اليمنية المركبة عبر مدخل القضية الجنوبية
- ثلاثية المنتج القمعي
- مشروع حواري في تعز
- في حضرة التاريخ
- ألحمدي .. قيمة نهضوية لليمن الحديث
- بيان (2) التفكر . . قبل الهرولة
- بيان ( 1 ) الإرادة . . قبل الهرولة
- مخطط اتجاهات المشروع الإبداعي الفكري لعمل دائرة الفكر والثقا ...
- دراسة تعريفية واحصائية لسرطان الثدي - اليمن - 3
- دراسة تعريفية واحصائية لسرطان الثدي - اليمن - 2
- دراسة تعريفية واحصائية لسرطان الثدي - اليمن
- مؤتمر الحوار الوطني ( اليمني ) . . مفتاح الانتقال الاجتماعي ...
- أ . . أ قدرٌٌ . . ممكن له أن يأتي


المزيد.....




- الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
- عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و ...
- في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در ...
- حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
- تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا ...
- تيسير خالد : سلطات الاحتلال لم تمارس الاعتقال الإداري بحق ال ...
- الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - أمين أحمد ثابت - الواقع العربي . . انسداد بلا ضفاف اليمن أنموذج