|
العلاقة الزوجية ..اللذة وعبث الخلاص
اسعد الامارة
الحوار المتمدن-العدد: 1173 - 2005 / 4 / 20 - 10:39
المحور:
العلاقات الجنسية والاسرية
حينما ترتبط المرأة برابطة الزواج مع رجل غريبا كان او قريبا لها تنتقل كل مشاعرها واحاسيسها ووجدانها الى ذلك المخلوق حتى تمتزج هويتها الذاتية بهويته وتصبح حينها الزوجة والام معا ، انها علاقة لامثيل لها في هذه الحياة وهو الحال ايضا عند الرجل السوي حيث تلتقي الاهداف والمشاعر من اجل بناء عش هادئ يضمهما معا ويحصل التناسل والنماء والتكاثر حتى عُد الزواج سكن النفس ، فهو تفريغ للمشاعر وشعور بالامان واستبعاد للخوف والغربة في الذات مع الزوجة ، والزوجة مع الزوج ، انها علاقة حميمة بعيدة الاماد والمعاني ، علاقة عقل وعاطفة، علاقة لذة ولذة ، عقل يسّير امور الحياة بحكمة وعاطفة تخفف لهيب وطأة ضغوط الحياة وقساوتها، يحكمها الاحترام المتبادل ، انها علاقة تفصح عن نفسها بالغاء كامل للانانية عند كليهما، سيما ان ثمرة هذا الوجود الابناء . اننا امام زوجة تكتم انفعالاتها احتراما لمشاعر الزوج الذي يكد ويكدح حتى وان كان متمكنا مادياً ، تخزن اشجانها وتكتم مشاعرها السلبية خوفا من ان تنعكس على افراد الاسرة والزوج اولا.. ولا نغالي كثيرا حينما نقول ان الطرف الآخر في ميزان الاسرة يبادل الزوجة نفس الاحاسيس وربما كان اكثر شقاءاً في مواجهة متطلبات الحياة وكسب الحاضر لضمان المستقبل واذا ما فاض شيئا من المال ، كانت الزوجة هي الاحق به دائماً .. ان السعادة الزوجية لا مثيل لها اطلاقا ولا شبيه لها في تجارب الرجل السابقة او اللاحقة ، وهو الحال نفسه لدى المرأة ، لذا فان السعادة المتأتية من علاقة الزواج يبررها المجتمع ويشرعها الدين وتمنحها العادات والقيم الانسانية احقية استمرارها وانجاب الاطفال وتربيتهم على وفق ما يؤمن به الزوجان من ثقافة سائدة وقيم اجتماعية تفرض على المجتمع احترامها ، فالزواج اذن بمفهومه الاول وهو الانساني – الاجتماعي – السيكولوجي يتناسب مع الجوانب الدينية الشرعية والقانونية والاخلاقية ، وسيان الامر ايضا في مفهومه الثاني المتمثل في الجانب البيولوجي البحت الذي يشترك به الانسان مع الكائنات الحية الاخرى التي خلقها الله من الحيوانات الاليفة والكاسرة الى البحرية الى النباتات والاشجار . فالزواج اذن نظام عام حتى في تلك المجتمعات التي تبيح العلاقات الجنسية خارج نطاقه ، كما ان الزواج هو النظام الاوفر جزاء بالنسبة لمعظم الرجال والنساء خلال الجزء الاكبر من حياتهم ، ونظرا لاهمية الزواج في الحياة الانسانية فأنه ينظر اليه كظاهرة مقدسة اوجدها الله واكدتها الشرائع والاديان السماوية وهذا ما تناوله د. الرشيدي ود. الخليفي في كتابهما سيكولوجية الاسرة والوالدية ، وازاء ذلك يقول عالم النفس الشهير " الفرد ادلر " ان الزواج من المنظور النفسي ، انه احد الموضوعات الاساسية في الحياة ويضيف "ادلر" ان الحب وما ينتهي اليه من سكن الى زوج هو اقوى واعمق عاطفة تدفع بالمرء الى الارتباط بشريك في الحياة من الجنس الآخر قربته الجاذبية الجنسية وحب الصحبة والرغبة في انجاب النسل ، ومن السهل ان ترى الحب والزواج جانباً من التعاون لا يعود بجزيل النفع على اثنين من الناس فحسب ، بل على الناس اجمعين ، بذلك فأن مبدأ اللذة المتمثل بالاتصال الجنسي او الاشباع الجنسي هو احد الوظائف الاساسية للاسرة وهو ليس المحرك الاساس او الوحيد لقيام الاسرة كما يقول "ادلر" ففي هذه الحالة الاخيرة تكون الاسرة قائمة على اساس ضعيف فضلا عن ان الاشباع الجنسي امر ممكن خارج الاطار الزواجي والاسري خاصة في بلدان عديدة من العالم التي تقر بالعديد من المنافذ غير الشرعية في الاتصال الجنسي . اذا مبدأ اللذة لا يمكن ان يكون المحرك والدافع الاساس بقدر ما هو عامل على استمرار الحياة الزوجية وازاء ذلك يقول عالم النفس الشهير " سيجموند فرويد " ان الجنس الذي ينحى عن الانسال هو انحراف . اما الجزء الاخر من موضوعنا وهو متغير الخلاص ، اي بمعنى ادق الالم ، فكم من امرأة متزوجة فقدت اللذة بصورتها الشرعية مع الزوج ؟ وكم من امرأة لم تجد ادنى لذة مع الزوج الذي حول حياتها الى تابع ذليل ؟ كيف تستطيع المرأة ان تقف ضد القهر وما سلاحها المتاح بأقل الخسائر ؟ ان الكثير من النساء صمتن ازاء الانتهاكات والقهر ، واعطت جسدها للزوج واحتفظت باحلامها ورجاء الغد من اجل ابناءها ولم تجد الخلاص من هذا الالم ، انها عاشت الارتجاج النفسي والهوان الانفعالي بذاتها المكسورة وظلت قابعة في الظل من اجل مستقبل ابناءها حتى بات هذا التحمل الى صراع مقلوب ، من المواجهة مع الزوج الى الخنوع ، والصراع ضد النفس لكي لا تنفرط قواها وتضيع جهود الصبر والتحمل ، ونتائج هذا الصراع هو غالبا ما يكون فشل الطموحات الذاتية في اقامة علاقات متوازنة مع المجتمع من نفس الجيل ، ومن الاقران او الزملا ء ، ومن منا لا يعرف انطفاء جذوة طالبة الجامعة التي تحولت الى شمعة بلا ضياء مع زوج اقل ما يقال عنه انه بليد المشاعر ، متعجرف ، فاقد احترامه لذاته ، فكيف نأمل منه ان يعطي احتراماً لزوجته (فاقد الشئ لا يعطيه ) ، كم موظفة كانت شعلة في العمل والابداع والمثابرة وقدرة متميزة على الادارة ، انطفأت وانزوت ، كم مدرسة ارتبكت حياتها العملية في منح العلم الذي تعلمته وتقهقرت من مواكبة التواصل مع الاقران في ابداء الرأي ومنح العلم للاجيال وهم بحاجة لها كأم ومربية ومعلمة فاضلة،انزوت الى قبو الزوجية المظلم .. انها اشكالية حقيقية في تهميش نصفنا الاخر في مجتمع يريد من الطاقات التي تسير دفته في الامومة وفي الحياة الزوجية وفي العمل وفي ابداء الرأي والمشاركة الفعالة في شؤون الحياة جميعها ان تكون معطلة .. لنتسائل قليلا ونسترجع مواصفات الفتاة –المرأة وهي في ريعان شبابها ، سوف نجدها حتما في حالتها المثالية اقرب ، بل هي : الرقة ، النعومة ، الطموح ، الرغبة في ممارسة دورها في الحياة كانسان خلقها الله صنوا للرجل في ازماته وافراحه لا نداً له ، فتحولت الى الضعف ، التنازل ، الانسحابية ، الطاعة ، التملق ، الغموض في ابداء الرأي لكي لا تواجه بعنف اقوى ، الابتعاد عن ميادين العمل والانتاج والابداع ، لا في التدريس او الطب او الادارة ، بل عن مجالات الحياة الاجتماعية كلها عدا الخدمة في البيت والاستظلال بظل الرجل لغرض الحماية حتى امنت وايقنت تماما ان تكون موضعا لكرم الرجل وشهامته ، ان يكون الرجل موطنها الآمن ومحط طموحها بغض النظر عما يكيله لها من اساءة وامتهان وتحقير وقبح في التعامل والسلوك ، حتى انعكست هذه التظرة لا شعوريا على ابنائها الذين نشأوا على قاعدة تحقير الأم واذلالها ، فانتقل الاذلال بالنمذجة "تكون الام نموذجا سيئا" وبالمحاكاة من البنات لإمهم وبتوجيه من الاب – الزوج .. اذن كيف تستقيم حياة زوجية بها من الالم اكثر من اللذة ؟ وبها من عبث الخلاص المفقود اكثر من الاستقرار الدائم ، انها في تحدي مع الزمن ومع الزوج ، انها فقدت المسرات الشرعية مع شريكها وعاشت مع هادم اللذات في حياتها ، سارق الحاضر والمستقبل ، ناهب الضحكة والامل وربما قسوته فرقت الاحباب عنها ، ويظل تساؤلنا .. كيف هو الخلاص مع اللذة الشرعية المستباحة ؟
#اسعد_الامارة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشخصية الهستيرية
-
الشخصية الانبساطية
-
الدماغ وسيكولوجية الادراك والتفكير
-
الاطفال والتشتت الذهني
-
الشخصية الناقصة -الضئيلة-
-
خطوات نحو التوافق النفسي
-
الشخصية الشيزية -الفصامية-
-
الشخصية القلقة
-
الكبت والقمع هل هما عوامل قوة ام ضعف في الشخصية؟
-
الشخصية الشكاكة
-
التعصب ..اشكالية في التفكير، اشكالية في السلوك
-
الشخصية العدوانيةالمضادة للمجتمع - السيكوباتية-
-
اللاعنف قمة التوافق النفسي
-
الارهاب ..نزاع ضد الابرياء
-
المعقول واللامعقول في العنف
-
لِمَ العنف في العراق
-
المرأة ..مدورة* الاحزان
-
كيف يعالج الدماغ المعلومات
-
الاحباط والضغوط النفسية
-
انفعالات العنف
المزيد.....
-
كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء على العن
...
-
مقتل 85 ألف امرأة وفتاة على الأقل عن سابق تصميم في مختلف أنح
...
-
أولى جلسات توجيه لائحة الاتهام بحق المتهمين في قضية الاغتصاب
...
-
تقرير أممي: جرائم العنف الأسري تقتل امرأة كل 10 دقائق في الع
...
-
ابتكارات لمكافحة العنف ضد النساء في مناطق النزاع والحروب
-
بيان حملة 16 يوم لإنهاء العنف ضد النساء: ثلاثون عامًا على مت
...
-
اعتقال دعاء الأسدي…وملاحقة نساء الانتفاضة
-
الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال
...
-
الاعتداءات الجنسية ضد النساء في العراق تسجل أرقاما مرعبة
-
الشباب.. مفتاح مكافحة العنف ضد النساء
المزيد.....
-
الجندر والجنسانية - جوديث بتلر
/ حسين القطان
-
بول ريكور: الجنس والمقدّس
/ فتحي المسكيني
-
المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم
/ رشيد جرموني
-
الحب والزواج..
/ ايما جولدمان
-
جدلية الجنس - (الفصل الأوّل)
/ شولاميث فايرستون
-
حول الاجهاض
/ منصور حكمت
-
حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية
/ صفاء طميش
-
ملوك الدعارة
/ إدريس ولد القابلة
-
الجنس الحضاري
/ المنصور جعفر
المزيد.....
|