أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فرانسوا باسيلي - شم النسيم عيد ميلاد الكون!














المزيد.....


شم النسيم عيد ميلاد الكون!


فرانسوا باسيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4084 - 2013 / 5 / 6 - 05:40
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


منذ سنوات قليلة، ارتقت معارف ومشاعر البشر في الدول المتقدمة حضاريا إلى الحد الذي صاروا يحتفلون فيه بيوم الأرض Earth Day ويوم الشجرة، وهذا جميل. ولكن الأجمل هو أن قدماء المصريين كانوا يحتفلون بالطبيعة قبل خمسة آلاف سنة! وذلك في اليوم الذي ما زال المصريون يحتفلون فيه إلى الآن بشم النسيم. وهكذا يستمر قدماء المصريين في تحقيق الفرائد والافتتاحات الحضارية. إذ نكتشف كل يوم كم كان هؤلاء في حالة سبق باهر لكل معاصريهم وما زالوا يقدمون للبشرية القدوة في كثير من مجالات الحياة والمعرفة والعلوم والفنون والمعتقدات.

ومن فرائدهم كما هو معروف أنهم أول من ابتكر الأبدية وأبدع فكرة الخلود عبر إيمانهم الجميل المثير بوجود الروح وعودتها مرة أخرى للجسد بعد الوفاة لتحقيق البعث والحياة مرة أخرى. وهي الفكرة التي جاءت بها الأديان السماوية بعد ذلك. ولا أدري كيف يستطيع أي إنسان مؤمن بأي من الأديان السماوية أن يتجاهل تلك العبقرية المصرية القديمة التي أبدعت وآمنت بالحياة الأخرى وبالثواب والعقاب قبل نزول الرسالات وقدوم الرسل. لولا التعصب الديني والانغلاق الذهني وضيق الأفق المعرفي الذي يمنع الكثيرين من القدرة على التفكير الحر والتقييم الحيّ لعرف كافة المؤمنين بكافة الأديان قدر المصريين القدماء، واعترف لهم بأنههم أول من قدم رؤية كونية متكاملة تفسر الحياة والموت والطبيعة والكون والخالق والمخلوق، رؤية تتمحور حول شغف بالغ بالحياة والمحبة والطبيعة والفرح والجمال.

والمؤسف حقا أننا نجد اليوم في أدبيات التزمت والانغلاق الديني لدى بعض المصريين المسملين - وليس كلهم - نجد مشاعر عدائية رافضة للحضارة المصرية القديمة - حضارة أجدادهم - على أساس أن أجدادهم كانوا كفارا من عبدة الأصنام! ووصل الجهل ببعضهم إلى حد المناداة العلنية في كتيباتهم بتحطيم الآثار المصرية التي ليست سوى "أصناما"! هذا ما يفعله الشطط الديني الذي يصل إلى حد تحريض الإنسان المصري ضد أعظم الإنجازات الحضارية في تاريخه، فيصبح عدو نفسه، وهذا دائما هو قدر الجاهل!

لم تعد مصر تحتفل بشم النسيم بالشكل الذي كانت تحتفل به في أيام طفولتي وصباي، قبل سقوط العقل المصري في دوامة الهوس الديني الذي اقنع بعض ضحاياه بأن كل ما هو غير ديني فهو حرام، الأعياد والأفراح وتقاليد البهجة والمتعة والمسرّة والفنون كلها حرام، بل رأي بعضهم أن الضحك - وخاصة للمرأة - حرام! العيد الحضاري القديم لم يعد بنفس بهجته وبهائه، لقد تشوه كما تشوهت أشياء كثيرة أخرى في مصر نتيجة للتشوه الفكري الذي أصاب جيلين أو ثلاثة أجيال، منذ السبعينيات من القرن الماضي، لهبوب الرياح الوهابية من الصحراء على الأراضي المصرية، فإذا بالمصريين يتنكرون لحضارتهم العتيدة ويحاكون ثقافات لم تعرف الحضارة في مظاهر اللبس والشكل والسلوك والعادات.

أما شم النسيم، ذلك العيد البهي، فقد كان يرمز عند قدماء المصريين إلى بعث الحياة، إذ تنهض فيه الأرض من موتها الشتوي وتنتفض ناثرة من جسدها الفائر ألوان الزهر والطير والعطر، فتشب الزهور وتندلع ألوانها الحمراء والصفراء كالحرائق البراقة فتخلب لب الفراشات التي تهيم بها وترشف من شفاهها شهد الحياة وعصير الفرح والمرح والمحبة.
ولذلك اعتقد المصريون القدماء أن هذا اليوم هو أول الزمان، هو بداية عمر الكون، هو طفولة الطبيعة، فياله من اعتقاد باهر وإيمان بديع!



#فرانسوا_باسيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مزامير لشم النسيم
- مصر وحدها بلادي
- سعاد يا وطني الأخير
- نبيذ المحبة
- تعلمت منك القيامة
- ابتهالات مريض علي شفا الموت
- لمن ستكون مصر؟
- لك السلام يا جميلة
- العبادة المشتركة بين المسلمين والأقباط
- مصالحة
- الفرار من قبضة ساندي
- ليلة القبض علي أبونا بولس باسيلي
- الحكم علي عادل إمام، وعجائب أخري
- البكاء فى عرس العالم
- في الطريق إلي مصر البدوية
- قال لي: أمريكا هي الشيطان الأكبر
- حادث أليم
- من أجل مصر الجديدة
- قال لي: أنت متحامل علي الاخوان
- القاعدة بلا بن لادن: من غزوة مانهاتن إلى غزوة الصناديق


المزيد.....




- شركتا هوندا ونيسان تجريان محادثات اندماج.. ماذا نعلم للآن؟
- تطورات هوية السجين الذي شهد فريق CNN إطلاق سراحه بسوريا.. مر ...
- -إسرائيل تريد إقامة مستوطنات في مصر-.. الإعلام العبري يهاجم ...
- كيف ستتغير الهجرة حول العالم في 2025؟
- الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي في عملية إطلاق ن ...
- قاض أمريكي يرفض طلب ترامب إلغاء إدانته بتهمة الرشوة.. -ليس ك ...
- الحرب بيومها الـ439: اشتعال النار في مستشفى كمال عدوان وسمو ...
- زيلينسكي يشتكي من ضعف المساعدات الغربية وتأثيرها على نفسية ج ...
- زاخاروفا: هناك أدلة على استخدام أوكرانيا ذخائر الفسفور الأبي ...
- علييف: بوريل كان يمكن أن يكون وزير خارجية جيد في عهد الديكتا ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فرانسوا باسيلي - شم النسيم عيد ميلاد الكون!