|
ستالين ارتكب مجزرة كاتين، وبوتين رفض الاعتذار للشعب رسمياً
خليل البدوي
الحوار المتمدن-العدد: 4082 - 2013 / 5 / 4 - 11:35
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
ستالين ارتكب مجزرة كاتين، وبوتين رفض الاعتذار للشعب رسمياً
وقعت مجزرة كاتين التي قتل فيها الآلاف من البولنديين بينهم ضباط وفنانون وسياسيون عام 1940 قام بها أعضاء المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية السوفيتية بأوامر مباشرة من الزعيم السوفياتي السابق جوزيف ستالين، بعد أشهر فقط من تقسيم بولندا حيث قام الجنود الروس بإعدام نحو 22 ألف بولندي، من النخبة السياسية والثقافية والضباط، بإطلاق النار على رؤوسهم قبل أن يلقوا بجثثهم في مقابر جماعية، وتم تصفية قسم آخر في السجون الروسية، ونسبوا تلك المجزرة لقوات الجيش الألماني الهتلري، قبل أن تتبين الحقيقة أخيراً. ورغم أن عمليات القتل قد وقعت في عدة مواقع فإن غابة كاتين الواقعة غرب روسيا أصبحت هي الرمز الرئيس للمذبحة، وظل الروس يحملون النازيين مسؤولية المذبحة حتى عام 1990 عندما اعترف الزعيم السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف بمسؤولية بلاده عنها. ورغم اعتراف روسيا، فإنها لا زالت ترفض فتح أرشيفها وتقديم الوثائق لبولندا، بل إن بعض المعلقين الروس لا زالوا يحاولون حتى اليوم الترويج لرواية مسؤولية الألمان عن المذبحة. وقد تركت هذه المجزرة جرحا غائرا في العلاقات البولندية الروسية، بذلت موسكو مؤخرا جهودا واضحة لمداواته، حيث أحييت وللمرة الأولى في 7/4/2010 ذكرى هذه المجزرة في غابة كاتين وبحضور رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين ونظيره البولندي دونالد تاسك، في أجواء خيمت عليها الكآبة والحزن. ودعا بوتين البولنديين بألا ينحوا باللائمة على الشعب الروسي في هذه المجزرة، التي ارتكبها جهاز الشرطة السرية لستالين، وأن ينظروا إلى المستقبل لا إلى الماضي فحسب، دون أن يقدم أي اعتذار رسمي. مجزرة كَاتِين (بالبولندية: zbrodnia katyńska، أي جريمة كاتين) كانت عملية قتل جماعية لآلاف البولنديين، من أسيري حرب (أساساً ضباط عسكريين) ومثقفين وضباط شرطة وغيرهم من الموظفين العموميين، قام بها أعضاء المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية السوفيتية ("إن كا في دي"، بالروسية: НКВД)، بناءً على اقتراح من لافرينتي بيريا لإعدام جميع أعضاء جهاز الضباط البولنديين. قام المكتب السياسي السوفيتي، بما في ذلك جوزيف ستالين ولافرينتي بيريا، بالموافقة والتوقيع على الوثيقة الرسمية في 5 مارس 1940. تراوح عدد الضحايا بين 21.948 و23.289، تم إعدامهم في غابة كاتين الروسية وفي سجون كالينين وخاركوف. فما بين 3 أبريل و13 مايو 1940، نُقل 4.421 سجيناً من كوجيلسك (بولندا) إلى غابة كاتين قرب سمولينسك، التي تقع على بعد حوالي 50 كم من الحدود البيلاروسية، حيث تم إطلاق النار عليهم في الرقبة، ثم دفنوا في مقابر جماعية. كما أُعدم 3.896 سجيناً من ستاروبلسك (أكرانيا) في مقر المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية السوفيتية بخاركوف و 6.311 سجيناً من أوستاشكوف (روسيا) في كالينين (تفير حالياًً) و7.305 سجيناً من السجون البيلاروسية والأكرانية. وتم بذلك قتل أكثر من 14.400 بولندي خلال تلك الأشهر الثلاثة وحدها. يُضاف إلى كل ذلك ما يقرب من 7.800 عضواً من شبكات المقاومة ومختلف المسؤولين غير العسكريين، الذين قتلوا من قبل المجلس الخاص للمفوضية الشعبية للشؤون الداخلية السوفييتية في إطار قرار 5 مارس 1940، منهم 3.400 في أكرانيا و3.880 في بيلاروسيا. وفي أغسطس 1941، وذلك بعد بضع أسابيع فقط من بدء غزو الجيش الألماني للاتحاد السوفيتي، اكتشفت القوات الألمانية مقبرة جماعية أولى، في غابة كاتين، احتوت على جثث مئات الضباط البولنديين. وقد نشرت صحيفة الجيش الألماني زيغنال (بالألمانية: Signal) الأسبوعية صور تظهر استخراج الجثث، حيث يمكن التعرف على زي الضباط وكانت الجثث في حالة تحلل ضعيفة. ثم سرعان ما استغلت الصحافة النازية على نطاق واسع ذلك الاكتشاف الشنيع. غير أن ذلك لم يكن سوى بداية الاكتشافات. ففي أواخر عام 1942، ذكر عمال السكك الحديدية البولندية، الذين كانوا يقودون القطارات الألمانية، أنهم سمعوا فلاحين بيلاروسيين يتحدثون عن جنود بولنديين مدفونين في غابة كاتين، وبذلك تم اكتشاف مقابر جماعية أخرى أكبر من تلك التي اكتشفت في صيف عام 1941. في ربيع عام 1943، استخرج الجيش الألماني أكثر من 4.500 جثة ضابط بولندي كانت مكدسة في عدة حُفَر. قام راديو برلين بإذاعة الاكتشاف في 13 أبريل 1943 متهماً بذلك السوفيت. وبعد ذلك بيومين، نفى السوفيت مسؤوليتهم على موجاتهم الإذاعية، متهمين بدورهم النازيين بارتكاب تلك الفظائع خلال تقدمهم عام 1941. وقد حافظ الاتحاد السوفيتي، خلال الحرب الباردة، على الغموض من خلال تسليط الضوء على قرية خاتين البيلاروسية الشهيدة، التي أحرق فيها النازيون 149 شخصاً في 22 مارس 1943. ووِفْقاً لبنيامين ب. فيشر عميل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وللمؤرخ نورمان ديفيز، وقع اختيار خاتين عام 1969 لبناء نصب تذكاري بها نظراً لتشابه الاسم مع قرية كاتين ولتوجيه المسؤولية للنازيين الذين قاموا بمجزرة في قرية خاتين. وحافظ السوفيت (والناطقون باسمهم في الغرب) على تعزيز الخلط بين مجزرتي كاتين وخاتين لعقود من الزمن. وذُكِرَت مسؤولية المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية السوفيتية لأول مرة في إطار الغلاسنوست (بالروسية: Гласность، أي الشفافية) من قبل المؤرخة السوفيتية ناتاليا ليبيديفا في صحيفة نيوز موسكو الأسبوعية في أغسطس 1989. وكان عدد الضحايا المقدم هو 15.131 شخصاً. وقد اعترف الرئيس السوفيتي ميخائيل غورباتشوف عام 1990 بمسؤولية المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية السوفيتية عن المجزرة، رغبةً منه في تحسين العلاقات مع بولندا، وقدم بذلك اعتذاراً رسمياً للشعب البولندي. وفتح الرئيس الروسي بوريس يلتسين عام 1992 أرشيف القيادة السوفيتية، وقدم لليخ فاوينسا، رئيس جمهورية بولندا في ذلك الوقت، عدة وثائق صادرة عن اللجنة المركزية السوفيتية، منها الوثيقة الرسمية لإعدام الضباط البولنديين. وفي أبريل 2006، قُدمت شكوى ضد روسيا للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان من أجل الاعتراف بجريمة كاتين كجريمة ضد الإنسانية. ونقلت شبكة "بي.بي.سي" ، 26/11/2010 أن مجلس النواب الروسي (دوما) اقر بمسؤولية الزعيم السوفييتي السابق جوزف ستالين وحملته مسؤولية مجزرة "كاتين" التي قتل فيها أكثر من 22 ألفا من الجنود والمدنيين البولنديين عام 1940 خلال الحرب العالمية الثانية. وقالت الدوما في النص الذي اقر أن ستالين أمر شخصياً بتنفيذ المجزرة واضعاً حداً لعقود من التردد الرسمي بالاعتراف بمسؤولية القيادة السوفيتية عن هذا الحادث. وجاء في الإعلان الذي صوت عليه مجلس النواب أن "الوقائع التي كانت لعقود سجينة الأرشيف السري والتي نشرت الآن تظهر حجم هذه الماسأة الفظيعة وتثبت أن جريمة "كاتين"ارتكبت بأوامر مباشرة من ستالين وعدد من القادة السوفييت. وفي سياق مشابه، نقلت وكالة "نوفوستي" الروسية، أنه من المنتظر أن تكون حقبة إزالة آثار الحقبة "الستالينية" (نسبة إلى ستالين) قد بدأت فعلاً في روسيا وذلك لرفع الغطاء عن الممارسات القاسية التي استعملها ستالين ونظامه الشمولي وكشف عن كافة الوثائق السرية لديكتاتور النظام السوفيتي البائد والبحث عن المقابر ضحاياه وإقامة لهم تماثيل لرد لهم الاعتبار وتوفير الحماية الاجتماعية لضحاياه الذين مازالوا على قيد الحياة، وتقول الناطقة باسم الرئاسة الروسية أنه من الغير جائز تبرير تلك لجرائم أو مواصلة التستر عليها.
#خليل_البدوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مجزرة سربرنيتشا نقطة سوداء في تاريخ الأمم المتحدة
-
مجرم الحرب الجنرال الكنغولي بوسكو نتاغاندا يمثل أمام المحكمة
...
-
وفاة رئيس الجمهورية جلال الطالباني وخلافات حول المرشح الجديد
...
-
الإعدام انتهاك حق الإنسان في الحياة!!
-
الدول الملغية لعقوبة الاعدام بالنسبة لجميع الجرائم
-
في اليوم العالمي لحرية الصحافة (الحگوك تريد حلوگ)!!
-
في العراق الكلاب البوليسية أغلى من البشر
-
وينك يا الما يندگ بوجودك بابي؟ وينك يا الچنت چرغد راسي وچلاب
...
-
المصبية ليست في ظلم الأشرار بل في صمت الأخيار
-
اتعضوا...النمرود المتجبر أذلته بعوضة!!
-
غوانتانامو يمثل همجية هذا العصر، وأبو عليفه على كيفه!!
-
مارتن كوبلر وجوده لا يعد وغيابه لا يفتقد!!
-
حرامي الهوش يعرف حرامي الغنم
-
الحكومة نست أو تناست تهنئة عمال العراق بعيدهم
-
قياس الذكاء يتم بالأفعال
-
الأسلحة الكيمياوية في سوريا
-
ملوك بابل
-
المحللون السياسيون، نخب أنتجتها الأزمات
-
أن إطاعة السلطة في العراق مشروطة بعدالتها
-
الأنبار تقف على شفا جحيم النار (الشعب يزول والحكومة باقية)
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|