|
يمعود هي خربانة
رباح حسن الزيدان
الحوار المتمدن-العدد: 4082 - 2013 / 5 / 4 - 11:34
المحور:
كتابات ساخرة
وصلت للمدينة التي فيها مركز أيواء اللاجئين متأخراً ، خائفاً من المجهول ، لا أعلم ماذا سيحدث لي ، أسئلة كثيرة تدور في ذهني دون أن أجد لها جواباً . ما أن نزلت من القطار حتى وجدت سيارة تحمل أسم مركز أيواء اللاجئين ، ذهبت أليها وسلمت السائق كل ما أحمله من اوراق ثبوتية وكتاب التحويل لهذا المركز ، طلب مني السائق ان أركب السيارة ولم أتردد فوجدت داخل السيارة لاجئين عرفت فيما بعد أنهما من دول شرق أوروبا ، أنطلقت السيارة مسرعة بنا لأن الوقت قد تأخر ، لم تمض سوى عدة دقائق حتى توقفت السيارة عند الباب الخارجي للمركز وطلب منا السائق أن ننزل فقد وصلنا للمكان المحدد ، وجدنا بأنتظارنا شابة في منتصف العشرين ، شقراء ، فاتنة لها عينان بلون البحر كادت أن تسلبنا عقولنا أو على عالاقل كنت أظن ذلك فأنا لا أعلم شيئاً عن زميليَّ . - هاي أنا كاترين المسؤولة عن أستقبال طالبي اللجوء الجدد . - هاي أنا رباح من العراق . - أووو ، أهلاً وسهلاً بك غباء ( هكذا لفظت أسمي ) ، هل انت متعب ؟ - لا لست متعباً شكراً لك . أثارت أستيائي طريقتها في لفظ أسمي حتى تبين لي لاحقاً أنهم يستبدلون حرف الراء بالغين والحاء بالهاء ولكون الحاء في اخر الجملة فهي تلفظ كالهمزة . كان الشباب يضحكون لغبائهم كما أعتقدت فهم لا يتحدثون سوى لغتهم الأم ، الامر الذي جعلهم ينتظرون في قاعة أستقبال اللاجئين بينما يتم استدعاء المترجم . سحبتني كاترين من يدي وهي تقول : غباء تعال معي . الان وبعيداً عن القلق والأرتباك والخوف من المجهول ، أبتسمت وأنا أقول لنفسي : نعم الاوروبيات يعشقن الشاب الاسمر !! قبل أن أدرك خطأ أعتقادي وحجم هذه الكذبة لاحقاً . فتحت كاترين باب أحدى الغرف في المركز وسحبت كيساً ابيضاً كبيراً وأعطتني اياه ، قلت لها : ما هذا يا كاترين ( بدون لقب أنسة أو سيدة لأنها تورطت وسحبتني من يدي ) ، قالت أغراض ستحتاجها . حملت الكيس وأنا أتبع وقع خطواتها وأقول لنفسي : سأبيت هذه الليلة معها !!! فتحت كاترين باب آخر من الابواب الكثيرة المنتشرة في المركز وهي تقول : هذه غرفتك يا غباء . أعترتني الصدمة وأنا انظر لغرفتي الاوربية التي تركت بلدي من أجلها ، غرفة صغيرة جداً لا يوجد فيها سوى اربع اسرّة واربع خزانات للملابس وثلاثة لاجئين وجوههم شاحبة ، منذ هذه اللحظة تبددت آمالي بمعانقة كاترين والمبيت معها تحت سقف واحد وأدركت حجم الكذبات التي أمطرنا بها من سبقنا الى أوروبا من العراقيين . قدمتتي كاترين للشباب الموجودين وهي تبتسم : هذا غباء من العراق شريككم الجديد في الغرفة ، ثم ألتفتت ألي وهي تقول : هؤلاء هم ، صادق ومأمون من بنغلاديش ، روكي من الهند ، أغلقت كاترين الباب وخرجت بعد أن تمنت لنا ليلية سعيدة . وكبادرة لحسن النية تجاهي قام الشباب بآخذ الكيس من يدي وبدأوا يفرغون محتواه ، شراشف وأغطية ، كوب شاي وقدح ماء ، معجون أسنان وفرشة . تكفل صادق ومأمون بعملية الفرش وتهيئة السرير بينما أخذ روكي يحدثني عن المركز ويمزح معي محاولاً أن يخفف عني هول هذه الليلة التي مر بها سابقاً ، تعجبت لطيبتهم وكمحاولة مني لرد الترحيب فتحت حقيبتي وأخرجت ثلاثة أكياس شيبس لكي أعطيها لهم ، ما أن نظر الشباب الى أكياس الشيبس حتى صرخ مأمون وصادق بصوت واحد : - هرررررررام !! - لماذا هرام ؟ قلت ذلك وأنا مستغرب . - أنها بنكهة لحم الخنزير ، هرام هرام . قال صادق ذلك . عندها أمعنت النظر في أكياس الشيبس فوجدت كلامهم صحيحاً ولكني لم أنتبه لذلك عندما أشتريتها وعزوت ذلك لتعودي على أسواقنا العربية التي تخلو من هكذا منتجات أو لشدة أرتباكي عندما أشتريتها ، شعرت بالاحراج لذلك وبدأت أبرر لهم الأمر وقبل أن أكمل تبريراتي نهض روكي وأخذ اكياس الشيبس من يدي وبدأ بفتحها وأكلها وهو يشكرني لكرمي ، حينها أدركت أن روكي ليس مسلماً فقلت له ذلك ، ضحك روكي كثيراً وهو يقول : - لا أنا لست مسلم ، أنا هندوسي . - أهلاً وسهلاً ... قلت له هذه الجملة الغبية وأنا لا أعرف لها بديلاً وليست لدي اي خبرة في التعامل مع الاخر المختلف وأنا لم اسمع بالهندوس ولم أرهم الا عن طريق الأفلام الهندية وتلافياً للاحراجات المتتابعة قلت : - أنت هندوسي يا روكي ، ولذلك أكلت منتجاً من مشتقات لحم الخنزير ؟؟! - لا طبعاً فديانتي تحرم أكل جميع أنواع اللحوم ، ولذلك اكلت منتجاً من مشتقات الخنزير !!! ما أن أكمل روكي جملته الاخيرة حتى أنفجرنا ضاحكين وادركت أن روكي حاول أن يقول لي وباللهجة العراقية " يمعود هي خربانة " .
دمتم على حب العراق ...
#رباح_حسن_الزيدان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
توليفة
-
موجز تاريخ العراق
-
لم نخسر سوى ذواتنا
-
السماء تمطر مدنية
-
زائد صوتك
-
صرخة وطن
-
هن بنات الله
-
ما اعرف وين شايفك
-
وجوب ازالة النصب التذكارية في العراق
-
تشعة باب عليك
-
سيبقى العراق يا وجيه عباس
-
المسلسل الكويتي ساهر الليل ..... نظرة ورأي
-
أمة تكره الناس لمزاياهم لا لعيوبهم
-
حجاب يصون أو تنهش عيون
-
اللعنة على من حكم العراق من ألف عام الى اليوم
-
أبكاني قحطان العطار
-
من هالمال حمل جمال
-
روحين بجسد وحدة
-
أمة الأحلام المقدسة
-
مأساة عراقي مغترب
المزيد.....
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|