|
المخرج والديكور
حمزة الكرعاوي
الحوار المتمدن-العدد: 4079 - 2013 / 5 / 1 - 22:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المفيد في لحظتنا المظلمة والمشرقة في آن واحد ، وفي هذا المتاه ، أن نتعرف على أقل تقدير على وقائع تأريخنا المعاصر . المحتل المركب بإستمرار يحاول أن يعيد إنتاج المناطق المظلمة في تأريخنا المعاصر ، وهذا الاظلام ليس صناعة محلية ، وفي نفس اللحظة يحاول ( المحتل المركب ) أن يغلق الباب تماما على كل ماهو مضيء في تأريخنا المعاصر على أقل تقدير . كل التجارب في العالم ( حسب إطلاعنا المتواضع ) أن المحتل أينما كان ، وفي أي زمن يلجأ الى المناطق الرخوة في تأريخ الشعوب ، يذهب الى ماهو هش ورخو في المنظومة الاخلاقية للشعوب ، يتلاعب عليها ، ويتلاعب على طائفية المجتمع ، وقد لايخلوا اي مجتمع في العالم من طائفية ، ويدخل من أبواب كثيرة منها باب التنوع للمجتمعات لتفرقتها ، وماحدث ويحدث في العراق ليس غريبا على محتل له تأريخ دموي طويل ، فإشتغل على تصفير الدولة العراقية والقضاء على منظومة القيم والاخلاق ، أداوات المحتل هي أحزاب الخراب والتخلف والظلام ( الاسلام السياسي الامريكي ) ولم ولن يجد أفضل من هذه الادوات لتخريب الاوطان ، وتجهيل الامة ، فتح أبواب الجحيم على العراقين عندما أعطى الضوء الاخضر للجماعات ( الاسلامية ) لتصفير كل شيء في العراق ، وفتح باب الهجرة للعراقين ، تدفعهم الجرائم وعدم الاستقرار للهرب لاجل إفراغ العراق من أهله ، وسياسة امريكا اليوم في العراق المحتل هي التضحية بالاخر ، التضحية بالشعوب ، وإستبدال شعب مكان اخر ، وثقافة مكان أخرى ، وبراميل النفط تتدفق الى خارج العراق ، ومن بقي من العراقين داخل بلده فهو رقم بدون هوية . السبب معروف وواضح حتى لانكون على سكة الدولة الوطنية ، دولة المؤوسسات ، وشجع المحتل على تأسيس دولة المليشيات ، وجعل العراق إستحقاقا طائفيا ، والابتعاد عن مفهوم الدولة ، والتبشير بدولة اللامواطنة ( زحزحة مفهوم الدولة ) . شجع المحتل الامريكي دولة رجال الدين ، ودولة الدكاكين ودولة الطوائف ، وهذه الادوات ورافعات المحتل جعلت هجرة العراقين مستمرة حتى اللحظة ، حتى يهرب الناس من العراق من جحيم دولة المافيات ، ودولة الوقف السني والشيعي ، كل ذلك لافراغ العراق من أهله ، والعنوان عملية ( سياسية ) يرعاها الامريكي والايراني . السؤال : كيف يكون شكل الدولة التي فيها أكثر من 40 مليشيا دينية ، وفيها صحوات ؟. الى جانب ذلك شرع المحتل مع شريكه الايراني الى الصناعة المحلية من مرحعيات دينية مستوردة منذ اكثر من 7 عقود من الزمن ، بارك لها ، للسيطرة على سلاح الفتوى ( التقليد ) وبهذا الاخير جهلوا الامة ، وخدروها ، ومنعوها حتى من قول كلمة ، الا بالرجوع الى ( الامام المستورد ) الغير ناطق بلغة البلد ، وضع عقول الناس في الثلاجات . دفعنا ثمنا باهضا من جراء تسلط رجالات الغرب المستوردين سواء كانوا رجال دين ، تنصبهم أجهزة المخابرات الدولية ، او ملوكا غير عراقين أو قادة ومشرعين لاحزاب ( من اليزدي 1914 م و محسن الحكيم ومشيل عفلق وانتهاء بالاربعة الذين سماهم جورج بوش الابن اربعة ) . الاحتلال المركب اليوم في العراق كان تنتظره اطراف من مئات السنين ، ينتظرون هذه اللحظة منذ قرون من الزمن ، انه إحتلال غريب من نوعه يختلف عن كل الاحتلالات في التأريخ ، إحتلال يشترك فيه أكثر من طرف وبأجندة مختلفة . إحتلال يقدم خدمات سياسية لاحتلال اخر ( ايران تقدم سرفس سياسي لامريكا ) وهذا لم يحصل في كل تأريخ الاحتلالات ولاول مرة نجد دولة تتخادم مع اخرى لاحتلال بلد اخر . احتلال يتعلق بما فوق الارض وماتحتها ، ترافقه حرب إبادة لجعل العراق دولة نفط ويورانيوم فقط . أدوات ورافعات الاحتلال الامريكي في العراق مابعد 2003 م ، هي نفسها الادوات التي إستخدمت أثناء الحرب الباردة ، في صراع الروس والغرب على الكنز في المنطقة العربية ، وكلما تقدم المد اليساري في المنقطة العربية ، تخرج فتوى لصده خدمة لمصالح الغرب ، من فتوى ( الشيوعية كفر وإلحاد ) الى الوقوف في وجه تحرير العراقين من الاقطاع ، و( الجهاد ) في أفغانستان ضد الاتحاد السوفيتي ، وإنتهاء بلا تقاتلوا قوات ( أصدقاء الامام المفدى الذي تحميه بالامس دبابات صدام حسين ، واليوم تحت الحماية الامريكية ) . من أجل الوصول الى ماتحت الارض ، تم تصحير العراق ، وليس صدفة أو براءة أن تركيا تبني السدود لتصحير العراق ، وبتمويل عربي ( خليجي ) وليس صدفة أن تبني ايران السدود على الانهار التي تصب في العراق في نفس الوقت ، إنه مشروع الابادة الجماعية للعراقين ، لاجل الوصول الى ماتحت الارض . إشتغلوا على تصفير تاريخ العراق ، قتلوا شعبه ، هجروه ، أبدوا غربة من هرب من العراق قبل وبعد الحصار ، ومازالوا يشتغلون على إنهاء كل ماهو متعلق بتأريخ العراق وإرثه الحضاري ، والحديث اليوم المرعب أن كل اثار العراق في متاحفه هي مستنسخة وليس الاصلية . إشتغل المحتل الامريكي وغلمانه في الخضراء المحمية امريكيا ايرانيا ، على تصفير الدولة العراقية ، وقضى على منظومة القيم والاخلاق ، ووصلوا الى تجريح البنية العميقة للعراقين ، مهما فعلوا فإنهم غير قادرين على تصفير البنية العميقة للعراقين ، لانها إسلوب عيش وحياة ، ولقد إستيقظ الشعب العراقي وأدار ظهرة لعمليتهم ( السياسية ) ولم يذهب لمسرحية الانتخابات الاخيرة ، وإرتفع صوت الشعب عاليا ، أن المشكلة في في المحتل وغلمانه ، صوت إرتفع ليشق ضجيج وضوضاء الاعلام الذي يشتغل ليل نهار بماكنته الضخمة لتلميع صورة الاحتلالين والغلمان ، وإرتفع الى عنان السماء ، بالرغم من التعتيم الذي يمارسه الطابور الخامس ، ليقول العراقيون ايها القوم : أنتم العملاء والخونة . البنية العميقة للعراقين ليست صناعة اليوم ، بل هي نتاج عشرات القرون من الزمن ، وهذا مانراهن عليه ، وقد قال الشعب كلمته في مواقف كثيرة ، منها ثورة ( مسجد إمام اعظم ) المسماة بثورة النعل ، وأخرها مافعله العراقيون في الانبار الذين طاردوا ( المنتخب ) صالح المطلق . الحالة الشاذة لم ولن تستمر ، ومن إيجابيات المحتل ، هو سقوط قناع الاسلامين ، في مشهد كارثي ، جميع الانبياء والرسل جاءوا ينادون بالعدل والمساواة ، والدول الديمقراطية الحقيقية نفس الشيء ، إذن لماذا في العراق ( الديمقراطية ) تقام على شكل عنصري وطائفي وتفريق الناس ؟. المصد الاخير لاي شعب هو بنيته العميقة ، المحتل يستطيع أن يهشم الطارئ ، لكنه غير قادر أن يمحو تراكما عمره قرون من الزمن ، ومهما تلاعب إعلاميا وعبر ادواته ( الاسلام السياسي ) فإن الانسان لابد وان يكتشف الاعيبهم في ويوم ما . المحتل غير قادر أن يمحو إسلوب عيش ، واسلوب حياة ، فمهما إختلفنا في الايدلوجيا والمذاهب يبقى إسلوب الحياة يؤشر أننا عراقيون وبشر . الذي يجعل الامر غير قابل للمحو هو البنية العميقة التي تحركنا كعراقين. نعم نجحوا بواسطة ادواتهم ورافعاتهم أن يتركوا جروحا على هويتنا الوطنية ، وجروحا على إنسانيتنا ، ونجحوا في خلخلة المنظومة الاخلاقية ، لكنهم في النهاية لن يفلحوا في زحزحة سرانية اننا عراقيون ، السر العظيم أننا عراقيون ، والطارئ والعارض سيزول ، سواء كان مرجعا مستوردا أو سياسيا تغلف بالجنسية العراقية ، واخفى جنسيته الحقيقية ونسبه واصله ، وسيتغير قريبا ( حامد البياتي ) ممثل العراق في الامم المتحدة الى إسمه الحقيقي ( طالب الاصفهاني ) . ما نتحدث به ليس تصعيدا لغويا ، ولا هو إشتغال في اللغة ، وإنما هي الحقيقية المرة التي لايجرأ على قولها أحد الا القليل خوفا من مسدسات الكواتم في ( زمن الديمقراطية ) . المحتل المركب قدم لنا في صدارة المشهد ، بعد أن صفر الدولة العراقية ، وخلخل منظومة القيم والاخلاق ، قدم لنا ديكور دولة ، وديكور منظومة أخلاقية ، وإشتغل علينا عبر ماكنة إعلامية وابواق وطابور خامس ، لنكون ضمن هذا الديكور ، ويكيفنا لنقبل بالديكور المقدم على أنه دولة ، وأراد لنا أن نكون داخل الديكور . الذي وفر وهيأ الديكور والغلمان في ( الخضراء ) هو المحتل المركب . والسؤال : هل المخرج الذي وفر الديكور والمسرحية وممثليها ، عاجز على أن يضحي بكل الديكور زوعماء الحرب ، ويأتي بديكورات جديدة ؟. كيف نستطيع كعراقين ان نخلخل الديكور ، ونشتغل ضد المخرج ، ونخرب المسرحية الامريكية الايرانية في العراق المستباح ؟. من يريد العمل على إنهاك مايسمى العملية ( السياسية ) ودستورها وفضح من دخل فيها ، عليه أن ينهك المخرج والممثلين ( أحزاب الطوائف والمحاصصة ) التي جعلت من العراقي مجرد ذبيحة يتقاسمها من قدمهم الغريب في صدارة المشهد . بدون إنهاك المخرج والمنتج ، نظن أنه لافائدة من ذلك ، نعم هناك أكثر من مخرج ومنتج ، لان الاحتلال في العراق مركب ، ويستطيع ان ينتج ديكورات جديدة . السؤال الاهم : كيف ننهك المخرج حتى وان تعدد ، ونتعبه لانقاذ ماتبقى من العراق ؟. تهشيم ادوات ورافعات المحتل ( المخرج ) المحلية والاقليمية ، المستوردة والداخلية ، لايقاف المحتل من نهب وسلب ماتحت الارض وفوقها ، استعادة الارض المسروقة ، وإبعاد اليد التي التي حاصروها في مكان وأطلقوها في العراق وهي ايران دولة ولي الفقيه ، هذا الشريك الاكبر للمحتل الامريكي في العراق . لابد من مقابلة الخطاب ( الثقافي المؤدلج ) بخطاب حقيقي ثقافي وطني حضاري ، لاجل صده ، لان مهمته هي تجريح الخطاب الثقافي الذي يجمع عليه العراقيون ، وبالتالي انهكوا الاقتصاد العراقي ، وجعلوا البلد دولة منهكة شكلية . مايهم الامريكي هو التحكم بالسياسات النفطية ، ويهمه ان يفرغ العراق من شعبه ، وما تحت الارض ومافوقها هو لشركاته العابرات القارات ، بمساعدة شرطي المنطقة الجديد ايران . يجب تأميم كل ثروات العراق بما فيها الثروات الشرعية ( الخمس والزكاة والتبرعات والنذور واموال السياحة الدينية ) لبناء المؤوسسات وايواء الايتام والارامل وبناء المؤوسسة التعلمية ، بدلا من تهريبها الى رجل دين طفيلي في اوربا او في كشمير او سيستان ( سجستان ) .
#حمزة_الكرعاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الخيول الاسلامية
-
هيبة الجيش
-
تجريح وتهشيم الهوية الوطنية العراقية
المزيد.....
-
قرية زراعية عمرها 300 سنة.. لِمَ يعود إليها سكانها بعد هجرها
...
-
فيديو حصري من زاوية جديدة يوثق لحظة تصادم الطائرتين في واشنط
...
-
حزب -القوات اللبنانية- يطالب الحكومة بالتوضيح بعد مسيّرة -حز
...
-
قنبلة داعش الموقوتة تهدد بالفوضى في الشرق الأوسط - التلغراف
...
-
أبو عبيدة يعلن أسماء الرهائن الإسرائيليين المتوقع الإفراج عن
...
-
اتفاق الهدنة: إسرائيل وحماس تتبادلان قوائم المقرر إطلاق سراح
...
-
بعد تمرير خطة اللجوء.. هل انكسر -الجدار الناري- عن اليمين ال
...
-
أيقونة معمارية شاهدة على التاريخ.. العزبة القيصرية -إيزمائيل
...
-
بالفيديو والصور.. موجة ثلوج غير مسبوقة تشهدها بعض المدن الجز
...
-
الرئيس الجورجي: دول غربية ضغطت علينا للوقوف ضد روسيا في نزاع
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|