جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 4079 - 2013 / 5 / 1 - 21:59
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ذكاء الخوف
عندما كنت صغيرا كنت احلم بعالم هاديء مسالم عادل نظيف جميل مؤدب خال من السيارات و تقنية تمكن لنا السفر السريع الى جميع مناطق كرتنا الارضية بدقائق و دون جواز سفر او الى القمر بكوكبات تعمل على الطاقة الشمسية و .. و لكن ماذا تحقق؟
بدل هذه الاحلام الوردية انتصرت قلة الاخلاق و الاداب و المصيبة هي تعويدنا على قلة الاخلاق هذه. نعم تحولت احلام المستقبل الى ساحة عامة تلعب فيها ناس تثرثر و تبوح باعلى صوتها على جهاز اسمه الهاتف النقال باسرار شخصية تثير الاشمئزاز تعادل الشرب و الاكل في الشوارع. نعم تحولت جميع الاماكن اليوم الى امكان الاكل و الشرب و المخابرات الهاتفية و البصق و تصدير الميكروبات الى خارج افواهها.
لقد ساهم شيطان الجيب الهاتف النقال على القضاء على آدابنا و اخلاقنا و القضاء ايضا على احلام المستقبل القادم لان احلامي توقفت و حلت محلها الخوف من المستقبل. و لكن زوجتي و رغم انها تكره الهاتف النقال تقول ان الانسان القديم و بفضل الخوف كان اذكى من الانسان الحالي في قابلياته الذهنية و هي تستمر في حديثها و تقول ان الخوف هو مصدر الذكاء و لان الانسان الحاضر لا يخشى من شيء تهدد حياته تحول الى انسان غبي مدمن على الهاتف النقال.
عندما سمعتها تتكلم عن العلاقة بين الخوف و الذكاء بهذه الطريقة سرح ذهني الى الجزيرة العربية و بدأت افهم لاول مرة كيف استطاعت قبائل بدوية بسيطة تعيش في خوف و غزو دائمي على القضاء على امبراطوريات متطورة كالارامية و الساسانية التي ضيعت غريزة الخوف بسبب حياتها المريحة المتطورة و لربما لم تبق شيء تخاف منها مما ادى الى انحطاط ذكائها و اصبحت بذلك فريسة سهلة لذكاء قبائل الخوف و الا لبقيت محتارا اتساءل: كيف يمكن ان يحصل شيء من هذا القبيل؟
www.jamshid-ibrahim.net
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟