أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - إلى من يهمه الأمر














المزيد.....

إلى من يهمه الأمر


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 1171 - 2005 / 4 / 18 - 10:17
المحور: كتابات ساخرة
    



حوالي الساعة العاشرة ليلاً وبينما كنت أتابع مسلسلاً تلفزيونياً وأنا في غاية الاسترخاء, وإذ بجرس الهاتف يقصف مسمعي برنين, ظننته للوهلة الأولى بوق إسرافيل! أجفلتُ ونهضتُ متوجساً إلى (الكاشف) كعادتي مذ أصبح بإمكاني معرفة المتصل, وفي الحال تضاعف توجسي عندما قرأت رقم هاتف أمي العجوز في القرية! أسرعْتُ بالردّ مستوضحاً بكلماتٍ متلاحقة عن وضعها الصحي؟ فأنا أعرفها تنام مع غياب الشمس, واتصالها بي في هذا الوقت لا يمكن أن يعني إلا ما يعنيه نعيب البوم لقرويّ يركن في بيتٍ طينيّ لم تصله الكهرباء بعد! إلا أنها سرعان ما طمأنتني وبشائر الفرح تتراقص في كلماتها بأنها ليست فقط بخير, بل هي فرِحة وسعيدة جداً! فقد سأل عني في القرية أحد فروع المخابرات... وهذا يعني برأيها أنني مرشح لمنصب مهم في الدولة, وخاصة بعد اعتزالي العمل السياسي!
بلعْتُ ريقي وسط انهمار أطنان من التوتر والقلق والهلع على رأسي... وبصعوبة بالغة خرجتْ مني بعض العبارات على عجل: ( يامو... هل أصابك مكروه؟! هل تهذين؟! ما بهم المخابرات؟!)
أجابت وهي بمنتهى السعادة مؤكدة بأن عدداً من عناصر المخابرات قد زاروا القرية لجمع ما تيسّر من معلومات عني وبالتفصيل المملّ! وإن دعاءها وصلواتها لم تذهب سدىً... وبأنني أستحق ليس منصب مدير عام أو وزير فحسب, بل إنني جدير برئاسة الوزارة أيضاً. ولولا خوفها وإدراكها من أن لأسلاك الهاتف آذان, لكانت وصلت في مدحها وإطنابها لي, إلى جدارتي بمنافسة حتى كوفي أنان! فبرأيها ماذا ينقصني؟ شهادة وعلم وأخلاق وسيرة حميدة... وغير ذلك مما تراه أيّ أمّ في ابنها...
لم يكن أمامي إلا أن أتمالك نفسي, شاكراً لها تفاؤلها. طالباً إليها المواظبة في دعائها لي. وختمْتُ حديثي معها بأن طلبْتُ منها أن تنذر دجاجةً بلدية قرباناً لوجه الله تعالى, تسفح دمها أمام عتبة الفرع الذي يسأل عني.
عندما أغلقتُ الهاتف, تداعت إلى مخيّلتي وقائع وظروف اعتقالي السابق, حينما قُبِض عليّ في مقرّ عملي دونما سابق إنذار... مما سبّب لي الكثير من المتاعب والإرباكات.
أما وقد شممْتُ الآن رائحة الاعتقال تقترب مني.. فيجب عليّ اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لذلك.
فوراً قمْتُ بإخبار زوجتي بعناوين كافة المنظمات والهيئات التي تُعنى بحقوق الإنسان. وأوصيتها بضرورة إخبارهم باعتقالي حال غيابي عن البيت مدة يومين متتاليين.
وكحنفية معطوبة على الآخر تدفقت تعليقاتها المتشفية صوبي واصفةً إيّاي بأنني (غاوي مشاكل ولا أتعظ أبداً وبأنني لا أنفخ اللبن بالرغم من احتراقي بالحليب وبأن مقالاتي في جريدة ((قاسيون)) هي السبب في بلاوينا الزرقا...)
حاولتُ تهدئتها بكل ما أوتيت من براعة الإقناع ... ولكن عبثاً!
سلّمتُ أمري لله وللساهرين على أمن الوطن وانتظرْتُ مترقباً!
يوم, اثنان, ثلاثة... لم يحدث أي شيء يعكّر صفو الحياة...
في اليوم الرابع, همس بإذني زميلي في الشركة التي أعمل بها وأعلمني بأن الأمن يسأل عني!!
يا إلهي! يبدو أن الشباب جادّون فعلاً!
يا جماعة على مهلكم! أنا إنسان بسيط لا أحبّ المناصب إطلاقاً!
الله وكيلكم لم يخطر على بالي في يومٍ من الأيام أن أكون رئيساً أو وزيراً أو حتى رئيس دائرة...!
فأنا لا أعرف قيادة السيارات!
وأكره اللباس الرسمي, وخاصة منه ربطة العنق!
ولا أحب المجاملات الدبلوماسية!
وأجهل تقاليد تناول الطعام في المآدب الرسمية!
ولم أعتلِ منبراً في حياتي... وبالتالي فإنني لا أجيد التحدث مع الفضائيات! ولا عقد مؤتمرات صحفية! وخاصة – يا ربّي سترك - عندما يكون قبالة رأسي أكثر من عشرة ميكروفونات لمحطات إذاعية ومرئية مختلفة!
ولا أخفيكم سراً من أنني سأذوب خجلاً من السير على البساط الأحمر لدى استعراضي حرس الشرف!
والطامّة الكبرى عندما تطلق المدفعية إحدى وعشرين طلقة! يا ويلاه!!! يا لطيف تلطف يا ربّ!
وأكثر ما أمقته المصافحة أمام عدسات الصحفيين! ولطالما أبديتُ دهشتي من قدرة السياسيين على إخفاء مشاعرهم المنافقة أمام خصومهم!
ثم ليش الكذب؟ بصراحة يا شباب! أنا جبان منذ طفولتي؛ مذ ضبطني والدي متلبساً بـ( الجرم المشهود) وأنا أعبث بـ(حمامتي) تحت السرير بمنتهى البراءة!
ومرّت الأيام ولم أجرؤ على التطلع بوجه أبي عندما يحدثني..
وحتى في المدرسة عندما كان يطلب مني أستاذي مغادرة مقعدي والتوجه إلى السبورة لتسميع الدرس, أو كتابة بيت من الشعر, أو حتى تنظيف السبورة... كنت أرتعش خوفاً وأصاب بإسهال. وكبرْتُ, وبقيتْ هذه السوسة ترافقني حتى الآن بفضل مفاعيل قانون الطوارئ والأحكام العرفية..
لدرجة أنني أتهيّب من مقابلة أيّ مسؤولٍ حكومي ومهما تدنّى شأنه! تصوّروا أنني أحسب حساب التحدث مع الآذن في أيّة جهة عامة! أليس هو ابن حكومة؟
باختصارٍ شديد, أنا غير صالح إطلاقاً لتولّي أيّ منصب في الدولة ومهما صغر!
لذلك اعذروني أيها الأخوة الأمنيين! أرجوكم حلّو عنّي, ولا تتعبوا أنفسكم معي!
شوفو غيري منشان مُحمّد!



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا أسعد منه
- جمهورية الفرح الشعبية
- عزاء مُعتبر
- - عيسى وخديجة -
- ..!تنفيس مسؤول
- الفحل
- تدشين
- عتاب رفاقي
- حرائق وغنائم
- ليلة رأس السنة
- !...سيناريو
- شكراً سيادة الرئيس
- تحرّي وانتقام
- - ... وإلاّ ! -
- مداخلة
- أمسية ...
- الموافقة الأمنية
- تحت التصرّف
- إعلانات
- شرشحة مدير عام


المزيد.....




- -المواسم الروسية- إلى ريو دي جانيرو
- تامر حسني.. -سوبرمان- خلال حفله في عيد الأضحى
- أديل بفستان لمصمم الزي العسكري الروسي
- في المغرب.. فنان يوثق بقايا استعمارية -منسية- بين الأراضي ال ...
- تركي آل الشيخ يعلن عن مفاجأة بين عمرو دياب ونانسي عجرم
- أدب النهايات العبري.. إسرائيل وهاجس الزوال العنيد
- -مصافحة وأحضان-.. تركي آل الشيخ يستقبل عمرو دياب في الرياض و ...
- -بيكاسو السعودية-..فنان يلفت الأنظار برسومات ذات طابع ثقافي ...
- كتبت الشاعرة العراقية (مسار الياسري) . : - حكايتُنا كأحزان ا ...
- غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم ((2))


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - إلى من يهمه الأمر