|
اقليم دارفور تعبيرعن عجز الدولة في السودان
سليمان عبد المنعم
الحوار المتمدن-العدد: 1170 - 2005 / 4 / 17 - 14:32
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
دارفور تعبيرعن عجز الدولة ظاهرة النهب المسلح التي فشت في اقليم دارفور غرب السودان سابقا وثيقة الارتباط بعجز الدولة في القيام بواجباتها نحو مواطنيها . وهكذا تأتي مأساة التمرد كلها لتأكيد فشل الجلابة الشماليين الذين أداروا الدولة السودانية منذ خروج الإنكليز بتخبط وازدراء لحياة المواطنين السودانيين. ثلاث من هم صفاتهم الفشل والأنانية والحقد. الذي ينهب يقوم بذلك العمل – مع اعتقاده انه مذنب- من اجل إشباع متطلباته الاقتصادية فيسطو– حسبما يعي – على ممتلكات من يعتقد انه يملك وفرة اقتصادية - المنهوب منه- اكبر منه، والذي ينهب للتسلية فانه ينطلق من فرضية أن الدولة واقعة تحت رحمة الفوضى أصلا وليس هناك قانون يردعه. ويستخدم كلاهما أدوات تحرم القانون في الدول الراشدة امتلاكها لعلى تستخدم في عمل إجرامي ، أو في تعريض حياة الرعية للخطر والهلاك كالنهب والسلب - مثلا . فالدولة التي تعجز في توفير المتطلبات الضرورية لمواطنيه تكون فاشلة ، وليس ذلك نعت يلحق بالسودان الدولة الغنية بالشعب الغني بالإباء والأرض العطية الخصبة بالموارد الطبيعية ، لكن العجز والفشل صفتان ملاصقتان للهيئة الحاكمة فيها . تتحول الدولة في يد المديرين الفاشلين الأنانيين إلى ملبية لرغبات حاكميه المحدودة . وتتزايد معدلات عجز الدولة حين لا تجد وسيلة لإشباع طلبات مواطنيه الجياع أو في حماية المواطنين بتوفير الكلأ و بسط الأمن . تلك من أوجب مهامها الواردة في معنى تضاعيف الآية الكريمة (أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف). من أين يستمد النهبي سلاحه في اقليم دارفور النائي من مركز السلطة في الخرطوم ؟؟ وكيف يستمر النهبيون يهددون السكان بالقتل وبسلب أموالهم ؟؟ . أسئلة تدور بخلد الفاضلين وفي داخل حدود الدولة !!!! فإما من وراء الحدود ترد آلات النهب و السلب إلى الإقليم أو من مخازن مؤسسات الدولة التي هي صاحبة الحق الأوحد في امتلاك السلاح . ولكن الدولة العاجزة عن تامين حدودها هي ذاتها التي تعجز في ضبط تسرب الأسلحة والذخائر من مخازن المؤسسات الأمنية عبر موظفين فاسدين ويفتقرون إلى الكفاءة المهنية ايضا. وهي ذاتها المداومة على استمرارية عدم قدرتها في حماية المواطنين. ظاهرة النهب المسلح في إقليم دار فور غربي السودان أخذت رقما قياسيا بين الأرقام التي سجلتها الدولة السودانية المدارة بيد فاشليين (جلابة) تميزوا . فالمؤسسات الرسمية المناطة بحفظ الأمن غير مؤهلة تربويا وماديا ومعنويا للقيام بواجبها ، وتشكو خللا منهجيا في تراكيبها : 1- مؤسسة الشرطة : فيها لا يعرف الشرطي مهامه الأساسي والهدف من تجنيده . وتجهل المؤسسة نفسها غاية وجودها، إذا كانت القوات المسلحة تقوم بدور الشرطة الرادعة في داخل الدولة . فيتحول الشرطي إلى أعمال تضعه هو نفسه تحت طائلة القانون الذي يدعي حمايته. وزير الداخلية ومدير عام الشرطي ومديري الأقسام بالضرورة من الإقليم الشمالي يتقلدون المناصب طوال نصف قرن لمرجعية التوازن القبلي في شمال السودان، وليست لميزة الكفاءة الادارية. 2- الأجهزة الأمنية التي تعاني علة منهجية بلا قياس في عالم الأمن والمخابرات ، تظهر دوما وحشية الدولة في ابادة الحريات العامة وعنصريتها في سحق المواطنيين وأنانيتها في سرقة أموال الدولة وقوت الفقراء. وهي – الأجهزة الأمنية والمخابراتية - انعكاس طبيعي لسيطرة الأقلية الجلابية المنحدرة من الإقليم الشمالي ونهجها المعمر في الاضطهاد السياسي والتفرقة العنصرية والاستحقار الثقافي ، ومثل لا حصر استئجار المجرمين لسفك الدماء وإباحة الأعراض . وهي الموجودة بوجود صنف حكامه والغائبة بغيابهم. 18 رئيسا لجهاز الأمن العام في السودان منذ خروج الانكليز حتى اليوم بالضرورة يأتون من الاقليم الشمالي. 3- القوات المسلحة المتخصصة في قتل مواطني الدولة السودانية منذ تأسيسها بلا نظير بين دول العالمين ،وقد فشلت أيضا في أبادتهم كليا بدا بسحق الأفارقة السود الكفرة في جنوب السودان انتهاء بالقرويين العزل في غرب السودان ز وأجدر بهذه المؤسسة العسكرية أن لا تكون قادرة في سد أي هجوما خارجي. النسبة الكبرى من مديري هيئة الظباط العسكري ، ووزراء الدفاع ونوابه من الإقليم الشمالي بالضرورة منذ خروج الإنكليز. الدولة التي يديرها فاشلون لا تعجز في معالج خلل امني تمثلها ظاهرة النهب المسلح في إقليم واحد نائي عن المركز فحسب بل تعجز في معالجة كل الإشكاليات الأمنية في الدولة فيتقذم مساحة سيطرة مديريها ( الهيئة الحاكمة ) الرسمية إلى ما مساحة تقدر بأربعمائة ألف ميل مربع من أصل مليون ميل مربع المساحة الكاملة لجمهورية السودان . مع اعتبار سيطرة الصحراء على 50 % من تلك الأراضي تحت السيطرة الرسمية . و يتبقى ما مقداره ثلاثمائة ألف ميل تحت سيطرة المتمردين على الدولة باختلافاتهم الجغرافية من الحدود مع الدولة الاريترية في الشرق إلى الحدود مع الجماهيرية الليبية في أقصى الشمال ، والباقي خارج السيطرة الكلية أرضا وشعبا . إن كان ثمة من يقول أن مجموعات مسلحة كانت تمارس النهب في إقليم دار فور فتطورت إلى تمرد ضد الدولة فهذا يعني تدحرج من عمل منكر إلى مهام فاضل وهو تقدم ايجابي محمود في الفهم والأداء. إلا أن الذي سبق أن مارس النهب والسلب لا يؤمن أن يكون فاضل في حفظ الأمن وذلك شعور ينتاب الكثيرين من أهل السودان الذين يشعرون بعدم الآمن السرمدي وهم في دولتهم . الدولة يتبلور عجزها في قيادة المسيرة الحالية إذ علمنا أن رئيسها وبقية مديريها يتصفون بالجراءة في الحمق و تعمد عدم الاعتراف بحرج المرحلة الراهن.
#سليمان_عبد_المنعم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
روسيا أخطرت أمريكا -قبل 30 دقيقة- بإطلاق صاروخ MIRV على أوكر
...
-
تسبح فيه التماسيح.. شاهد مغامرًا سعوديًا يُجدّف في رابع أطول
...
-
ما هو الصاروخ الباليستي العابر للقارات وما هو أقصى مدى يمكن
...
-
ظل يصرخ طلبًا للمساعدة.. لحظة رصد وإنقاذ مروحية لرجل متشبث ب
...
-
-الغارديان-: استخدام روسيا صاروخ -أوريشنيك- تهديد مباشر من ب
...
-
أغلى موزة في العالم.. بيعت بأكثر من ستة ملايين دولار في مزاد
...
-
البنتاغون: صاروخ -أوريشنيك- صنف جديد من القدرات القاتلة التي
...
-
موسكو.. -رحلات في المترو- يطلق مسارات جديدة
-
-شجيرة البندق-.. ما مواصفات أحدث صاروخ باليستي روسي؟ (فيديو)
...
-
ماذا قال العرب في صاروخ بوتين الجديد؟
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|