صالح حمّاية
الحوار المتمدن-العدد: 4074 - 2013 / 4 / 26 - 18:13
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بمناسبة المهزلة التي يقودها الإسلاميون حاليا لقمع حرية الرأي بإسم الإساءة للإسلام ، سواء كما نرى الآن مع خليدة تومي في الجزائر أو كما رأينا سابقا مع إبراهيم عيسى و ألبير صابر ، باسم يوسف ، عادل إمام نادية الفاني غازي الباجي الخ ... في كل من تونس ومصر، بمناسبة هذه المهزلة وددت أن اطرح السؤال التالي على هؤلاء الذين يدعون نصرة الإسلام بالقصاص من منتقديه ، وعلى من يصدقوهم ....
هل كان الإسلام عظيما إلا بالإساءة له ؟ .
إن عظمة الإسلام و إذا نظرنا للتاريخ لم تكن في أي يوم من الأيام إلا لكونه كان دينا يقبل بوجود بالمختلفين عنه فآيات كـ " لكم دينكم ولي ديني "، و "لا إكراه في الدين" هي ما جعلت الإسلام دينا عظيما ، و نفس الأمر يمكن قوله حول الحضارة الإسلامية ، فهذا الحضارة لم يعلو شأنها زمن بغداد و قرطبة إلا لكونها تسامحت مع المختلفين و المعارضين ، فقد كانت حضارة جامعة ساهم في بناءها مسيحيون ويهود وحتى ملحدون ، ولم يكن هذا سبيلا لقمعهم آو منعهم ، فقد قبلوا واحتضنوا و وظفوا في سيبل الصالح العام ، وهذه هي سمات أي حضارة راقية .
(حتى بالنسبة للإسلاميين الذين يمارسون القمع اليوم فهم أيضا لا ينفكون يكررون هذا الكلام حين يهاجمون المسيحية بداعي أنها هي من عرفت التعصب الديني على عكس الإسلام مع أنها هذا يناقض مع يقومون به من تعصب )
في مقابل لو نظرنا لعصور انحطاط الإسلام وحضارته لوجدنا أنها لم تقترن سوى بأوقات الجنوح نحو الإرهاب والقمع كتكفير الفلاسفة أو حرق الكتب كما حصل مع ابن رشد ، أو صلب المخالفين كما حدث مع الحلاج ، أو اضطهاد المسيحيين كما في مصر اليوم وقبلها في العراق ، وهو ما أنتهي بالإسلام في أسوء لحظاته كما نراها الآن بحيث وفي ما كان يعرف بقرطبة و بغداد حيث الفنون والعلوم والمعرفة ، باتت يعرف اليوم بتورا بورا و قندهار و موقاديشو ..حيث الإرهاب والقمع والخراب .
بالمختصر يمكن القول أن عظمة الإسلام كانت دائما وستظل ما داما الإسلام دينا يقبل بالاختلاف معه ويسامح مع منتقديه ، في المقابل فإن انحطاطه و وضاعته كانت قرينة تعصبه و قمعه ، لهذا فيمكنا القول بكل ثقة أن الإسلام أو بالأحرى المسلمين وفي أي مرحة يفكرون في التخلي عن التسامح مع من يختلفون معهم.. بل وحتى من يسيئون لهم فهم يحكمون على أنفسهم ودينهم بالانحطاط و الوضاعة، وحينها طبعا لن يكون هذا إساءة من الآخرين لهم ، بل هي إساءة المسلمين لأنفسهم ودينهم .
#صالح_حمّاية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟