|
سنظل أوفياء للشعب الفلسطيني حتى لو كنا في السجون
حسن العاصي
باحث وكاتب
(Hassan Assi)
الحوار المتمدن-العدد: 4073 - 2013 / 4 / 25 - 09:10
المحور:
القضية الفلسطينية
يبدو موقف الاتحاد الأوروبي اليوم من القضية الفلسطينية معقداً للغاية، ما يفتح المجال أمام ردود فعل متفاوتة تجاهه. فالبعض يعتبره «قاصراً» أو «عاجزاً»، بالنظر إلى طبيعة العلاقات التي تحكم عمل الاتحاد الأوروبي والتنافس بين مراكز القوى فيه، فيما يذهب البعض الآخر إلى اعتباره «تابعاً» للموقف الأميركي أو حتى «متواطئاً» معه.
وفي الحديث عن السياسة الأوروبية تجاه فلسطين، لا بد من الإشارة إلى تأثير اللوبي الإسرائيلي على الرأي العام الأوروبي ، وفي هذا الإطار يمكن ملاحظة أن اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة حوّل اهتمامه مؤخراً إلى أوروبا، وهو ما تبدّى في تأسيس ما يعرف بمبادرة «أصدقاء إسرائيل»، التي أطلقها رئيس الوزراء الإسباني السابق خوسيه ماريا أثنار قبل سنوات قليلة. وتأثير اللوبي الإسرائيلي يتجلى بشكل بالغ بالوضوح في السياسات الجماعية للاتحاد الأوروبي ، ويمكن ملاحظة أنّ جماعات الضغط تلك تسعى لربط إسرائيل بالاستراتيجيات الكبرى للدول الأوروبية وتسخيرها لأغراض الاستراتيجية الإسرائيلية الكبرى.
لعلّ كثيرون يرون أن موقف الاتحاد الأوروبي تجاه فلسطين يبدو أكثر اعتدالاً مقارنة بالموقف الأميركي. لكننا نعتقد أن الاتحاد الأوروبي اختار مسك عصا الصراع العربي ـ الإسرائيلي من طرفيها، بما يلبي مصالح الدول الأعضاء فيه، تحت شعار يجري تعميمه، وهو أن هذا الاتحاد «عملاق اقتصادي وقزم سياسي.
فلا يمكن فهم الموقف الأوروبي من القضية الفلسطينية ما لم تتم الإحاطة بمختلف العوامل التاريخية والسياسية والاقتصادية التي تلت ذلك الوعد المشؤوم الذي قدّمه وزير الخارجية البريطاني الأسبق آرثر جيمس بلفور للورد ليونيل وولتر دي روتشيلد في مثل هذه الأيام قبل حوالي مائة عام ، والذي أعرب فيه عن تأييد حكومته لإقامة «وطن قومي» لليهود على الأرض الفلسطينية
وبالرغم من أنّ هذا الإعلان، الذي يمكن وصفه بالنكبة الأولى التي مهّدت لسلسلة نكبات عربية لاحقة، قد شكل الأداة الفعلية التي استخدمتها الحركة الصهيونية لتثبيت مشروعها الاستعماري في منطقتنا العربية، عبر ارتكاب واحدة من أشنع الجرائم بحق الانسانية، وهي تشريد شعب بكامله وطرده من أرضه، فإنّ عقدة الذنب الأوروبية ما زالت مقتصرة حتى اليوم على تحمّل المسؤولية التاريخية عمّا تعرّض له يهود أوروبا من اضطهاد خلال القرون الوسطى، وما ارتكب بحقهم لاحقاً على أيدي النازية، التي هزمها الأوروبيون انفسهم. وفي مقابل هذه السياسة الأوروبية الرسمية ، يظهر التضامن الأوروبي الشعبي مع الشعب الفلسطيني، من خلال المتضامنين الذين يتوافدون إلى فلسطين لنصرة شعبها ودعم نضالهم من أجل الحرية والإستقلال ، وهم يشكلون تجسيدًا إنسانيًا واضحًا لوقوف المواطنين الأوروبيين مع الشعب الفلسطيني، وتفهمهم لمعاناته ، كما شارك هؤلاء بقوافل وأساطيل بحرية وبرية رعاها ناشطون وسياسيون وبرلمانيون أوروبيون بارزون لفك الحصار عن غزة، وشارك هؤلاء المتضامنون أهل فلسطين زراعة الزيتون وبناء المنازل التي هدمتها الجرافات الإسرائيلية وشاركوا الصيادين الفلسطينيين معاناتهم في البحر ، ونقلوا معاناتهم للعالم . ومن الناشطين من أصيب واستشهد بفعل قرصنة الاحتلال ومنهم من اعتقلته سلطات الإحتلال الإسرائيلية وزجتهم بالسجون وتعرض العديد منهم للضرب المبرٌح وللإهانات ، وكل هذا لم يحول بينهم وبين إصرارهم على معاودة القدوم مرة تلو المرة إلى المدن والقرى الفلسطينية يحملون حقائبهم الصغيرة وقلوبهم الكبيرة الممتلئة تضامناً وحباً لفلسطين .
في الدنمرك ، البلد الهادئ الذي يقع في شمال أوروبا ، حركة تضامنية نشطة وقديمة مع الشعب الفلسطيني ونضاله التحرري ، إن الأحزاب والقوى اليسارية الدنمركية كانت من أشد المناصرين والداعمين للقضية الفلسطينية خلال سنوات السبعينيات وثمانينيات القرن الماضي ، ورغم انحسار هذا الدعم لأسباب متعددة ، إلا أنه مازال الدنمركيون في طليعة حركة التضامن الأوروبية .
نجري هذا اللقاء مع شخصية دنمركية مثيرة للجدل ، تحدى السلطات الدنمركية ، وتحدى قوانين الإرهاب ، ووقف في وجه المحكمة معلناً أنه سيستمر في دعم الفلسطينيون ، وأنه سيظل وفياً للمبادئ وللقيم التي يحملها ، وأن قوانين الإرهاب لن تخيفه ، ولن يتراجع عن موقفه حتى لو ظل في السجن
، فقد والده في معسكرات النازية الألمانية وهو مازال طفلاً ، وخاض غمار العمل السياسي في مقتبل العمر ، وتبوأ مناصب متعددة سياسية وصحفية متعددة ، ورغم تقدمه في العمر إلا أنه مازال مشاركاً تضامنياً نشطاً ، التقينا به فكان هذا الحوار الممتع .
السؤال الأول : نرحب بك ، ونريد منك أن تقدم نفسك لقراء المجلة ؟
أنا كاتب ومناضل يساري ، ورئيس منظمة مناهضة الفاشية في الدنمرك ، أمضيت حياتي في مواجهة الأفكار الفاشية ، ومحاربة السلوك الفاشي أينما وجد . ولدت عام 1939 وابلغ الآن 74 عام كان والدي رئيس تحرير صحيفة العمل اليسارية في الدنمرك قبل الحرب العالمية الثانية ، وكان عضواً في البرلمان الدنمركي عن الحزب الشيوعي . كان والدي أول عضو برلماني دنمركي تعتقله الشرطة السرية الألمانية المعروفة " الجستابو " وذلك بعد الهجوم النازي على الاتحاد السوفييتي ، وبعد حظر الحزب الشيوعي في الدنمرك ، وكان ذلك في تاريخ 22 حزيران عام 1941 . وانتهى المطاف بوالدي سجين في معتقل " تشوتهوف " بالقرب من الحدود الألمانية البولندية ، ولم يخرج والدي حياً من المعتقل إذ تم إعدامه على ايدي الجستابو ، لهذا السبب أنا أترأس اليوم منظمة مناهضة الفاشية في الدنمرك ، التي تضم بعض الناجين من معسكرات الإعتقال النازية في عهد هتلر ، ومن هم من أمثالي مما فقدوا أحد أفراد عائلاتهم في تلك المعتقلات ، والذين تم اعتقالهم أثناء الإحتلال الألماني للدنمرك . نحن مازلنا نحمل حكاياتنا وألمنا ونرويها للجميع ، ونرى أنه من الضروري أن يعلم الجميع عن المجازر الفظيعة التي ارتكبتها الفاشية بحق العالم ، وحجم الآلام التي سببتها للكثيرين ، لذلك نجد أنه من واجبنا فضح وتعرية أية أفكار أو ممارسات فاشية في أي مكان في هذا العالم ، ونسعى إلى بلورة مفهوم جديد للفاشية يستند إلى تاريخها المظلم . في تلك الأثناء كنا نعيش في جزيرة " يولاند " لذلك قامت والدتي وأخفتني عن الأعين من عام 1942 لغاية عام 1945 اي إلى فترة إنتهاء الحرب العالمية الثانية . في العام 1954 أصبحت عضواً في عصبة الشبيبة الشيوعية في الدنمرك ، وكانت لي مساهمات ونشاطات متعددة ومتنوعة مع الحزب ،وكنت ناشطاً نقابياً إذ كنت في تلك المرحلة أعمل في وظيفة بناء المدرسين ، وتقلدت مناصب كرئيس تحرير للعديد من الصحف والمجلات اليسارية والنقابية وكذلك تلك المناهضة للفاشية ، ومازلت للآن المحرر السياسي لمجلة " مندى مناهضة الفاشية " أنا متزوج من " أنجر " زوجتي مشرفة اجتماعية ، لدينا ثلاث أولاد وجميعهم من الناشطون السياسيون .
السؤال الثاني : نحن نعلم أنك تعرضت للإعتقال والسجن من قبل السلطات الدنمركية بسبب مواقفك الداعمة لنضال الشعب الفلسطيني ، هل لك أن تشرح لنا ما الذي حصل معك ، وماهي أسباب اعتقالك ؟
لقد ألقت السلطات الفبض علي وأودعتني السجن وقدٌمتني للمحاكمة لأنني وحسب القوانين الدنمركية قمت بإرسال أموال إلى منظمات إرهابية . المحاكمة كانت لجمعية مناهضة الفاشية كشخصية اعتبارية ، ولي أنا شخصياً كرئيس لهذه الجمعية ، وكان هذا الأمر مثار احتجاج واستنكار العديد من الناس هنا في الدنمرك ومن المنظمات والأحزاب . نحن في المنظمة تربطنا علاقات إنسانية ونضالية مع العديد من المنظمات في العالم التي نجتمع معها على مناهضة الفاشية ومن بينهم أخواننا وأخواتنا الفلسطينيون في فلسطين ، الذين يقاومون الفكر الفاشي الجديد التي تمثله اسرائيل . فقبل عدة سنوات وضعت الولايات المتحدة الأمريكية ومن بعدها الدول الأوروبية بما في ذلك الدنمرك ، لائحة تحدد أسماء المنظمات الإرهابية ، ونصت القوانين على عدم التعاون مع هذه المنظمات والحركات وعدم تقديم اي نوع من الدعم لها ، ومن بين هذه المنظمات أدرج اسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، التي تربطنا معها علاقة قوية ووثيقة منذ سنوات عديدة ، ولذلك اصبحت العلاقة التي تربطنا مع الجبهة علاقة غير قانونية وتندرج تحت قانون الإرهاب الدنمركي ، لكننا في منظمة مناهضة الفاشية في الدنمرك قمنا بتحدي هذه القوانين الجائرة من خلال استمرار علاقتنا مع الجبهة وتواصل تقديم الدعم لها ،الأمر الذي عرٌضنا للمحاكمة . وهنا اقتبس من لائحة الإتهام : "دعوى من النائب العام ضد منظمة مناهضة الفاشية والسيد أنتون نيلسن ، استناداً لقانون العقوبات رقم 114 / الفقرة رقم 1 و2 من قانون الإرهاب . خلال الفترة الواقعة مابين 2009 لغلية عام 2010 قامت جمعية مناهضة الفاشية ورئيسها بشكل مباشر أو غير مباشر بجمع أموال وإرسالها إلى منظمات ترتكب أو تنوي ارتكاب أعمال إرهابية بموجب القانون الدنمركي رقم 114 ، فقد قامت الجمعية بإرسال مبلغ 17680 كرونة دنمركية إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين " ،
السؤال الثالث : هناك متضامنون دنمركيون دفعوا حياتهم ثمناً لتضامنهم مع الشعب الفلسطيني ، كيف تنظر إلى تجربة المتضامنين الدنمركيين والدوليين مع القضية الفلسطينية ؟
إنني أرى أن التضامن مع الشعب الفلسطيني في تزايد في الدنمرك وفي الدول الإسكندنافية وأيضاً في بقية الدول الأوروبية ، فعلى سبيل المثال إن حملة مقاطعة إسرائيل فعٌالة جداً ، إضافة إلى وجود العديد من الفعاليات التضامنية والأنشطة المستمرة مع نضال الشعب الفلسطيني في مواجهة القمع الإسرائيلي ، ونحن أيضاً نقوم بتقديم المعلومات المهمة عن الصراع في تلك المنطقة من العالم إلى المواطن الدنمركي والأوروبي ، ونوضح عدالة القضية الفلسطينية ، ونقوم بالعديد من المبادرات التي تهدف إلى توحيد جهود التضامن وجعلها أكثر فاعلية ، ونصدر عدة مطبوعات ومواد إعلانية وإعلامية لنصرة القضية الفلسطينية التي نرى أنها قضية عادلة لشعب يتعرض للإضطهاد والظلم من قبل اسرائيل . ويساهم الدنمركيون في حملات التضامن الدولية مع الفلسطينيين ويعتبرون أنفسهم جزء مهم وفاعل من هذه الحركة الأممية ، وسبق أن قتل أحد المتضامنين الدنمركيين من قبل الجيش الإسرائيلي ، وتعرض العديد منهم إلى الإعتقال والضرب من قبل الجيش والشرطة الإسرائيلية ، نحن متأكدون من أننا جاهزون دوماً لدعم أية مبادرة تساعد الشعب الفلسطيني في معركته من أجل الحرية .
السؤال الرابع : كيف تؤثر قوانين الإرهاب التي صدرت خلال السنوات الأخيرة في الدنمرك على نشاطكم التضامني ودعمكم للشعب الفلسطيني ؟
إن القوانين التي تمت محاكمتنا طبقاً لبنودها هي قوانين الإرهاب للأسف ، وتمت إدانتنا أيضاً وفق هذه القوانين التي كانت جزء من الحرب التي تخوضها الدول الأوروبية ضد الإرهاب ، هذا الواقع يضع الديمقراطية في الدنمرك موضع تساؤل ،وتلك القوانين لم تميز بين المنظمات التي تناضل من اجل حرية شعوبها ، وتلك التي تمارس الإرهاب . معركتنا مع هذه القوانين مستمرة ، ولن نصمت وسنظل نناضل من أجل إلغاء هذه القوانين الجائرة ، وسنستمر في حمل رسالتنا ضد الفاشية ، وكذلك في تقديم الدعم للشعب الفلسطيني ، حتى لو كان ذلك يعني بقاء بعض الرفاق في السجن . ونحن لسنا وحدنا في هذه المعركة ضد هذه القوانين ، لكننا نناضل جنباً إلى جنب مع الكثير من المنظمات والأحزاب والمجموعات المناهضة للعنصرية في الدنمرك وفي الدول الأوروبية وفي العالم . لقد وصلتني عشرات آلاف الرسائل التضامنية حين كنت في السجن ، من الدنمرك ومن غرينلاند ومن دول في منطقة الشرق الأوسط ومن جميع بلدان شرق وغرب أوروبا ، وكذلك من تسعة دول افريقية ، ومن فلسطين بطبيعة الحال . وأود أن أغتنم هذه الفرصة لأتوجه بالتحية الشخصية الحارة إلى المناضلة الفلسطينية التي لاتقهر ليلى خالد ، هذه المناضلة من أجل الحرية التي كانت قد أرسلت لي رسالة تضامنية حين كنت مسجوناً ، وكذلك أتوجه بالشكر إلى جميع الأصدقاء والمتضامنين في العالم الذين عبروا عن تضامنهم معي .
السؤال الخامس : برأيكم ماهو أسباب تراجع دور وفاعلية ألاحزاب والقوى اليسارية في الدول الأوروبية وانحسار شعبيتها خلال السنوات الماضية ؟
الأسباب كثيرة ومتنوعة ، وأعتقد أن معظمها هي أسباب تاريخية ، تعود إلى فترة انهيار الإتحاد السوفييتي السابق وانهيار المنظومة الإشتراكية العالمية ،الأمر الذي نتج عنه ضعف للأحزاب والقوى اليسارية العالمية ومنها الأحزاب الأوروبية ، وتراجع شعبية هذه الأحزاب ، ورغم أن هذا التغيير التاريخي كان له وقع مختلف على كل دولة على حدا وتباينت الأحزاب اليسارية الأوروبية في مستوى وعمق تأثرها بهذا الإنهيار ، إلا أنه من المؤكد أن ذلك التحول ساعد الأحزاب اليمينية على طرح مشروعها كبديل ، وبطبيعة الحال فإن هذه الأحزاب استطاعت أن تؤثر على الناخب ، الأمر الذي أوصل حكومات يمينة في معظم الدول الأوروبية كما نعلم . إلا أنه وخلال السنوات القليلة الماضية بدأت الأحزاب اليسارية تستعيد بعضا من عافيتها وجماهيرها بعد أن عانت من سياسات الحكومات اليمينية في كثير من الدول الأوروبية ، وكما تعلم فإن تحالف أحزاب اليسار قد فاز بالإنتخابات التشريعية الأخيرة التي حصلت في الدنمرك في أيلول العام 2011 . وهناك أيضاً أسباب داخلية متعلقة بكل دولة وبكل حزب بشكل منفرد ، على سبيل المثال يجد الناخب الدنمركي بعض الصعوبة في الإختيار بين سياسات أحزاب يمين الوسط وبين الأحزاب اليسارية الإشتراكية بسبب تقارب وتشابه برامج هذه الأحزاب ، وفي هذا الإطار فقد شعر الناخب الدنمركي ببعض خيبة الأمل نتيجة تراجع تحالف اليسار عن كثير من الوعود الإنتخابية التي كان قد التزم بها قبل فوزه بالإنتخابات الأخيرة ، ففي آخر استطلاعات الرأي حصلت الأحزاب الإشتراكية " يمين الوسط " على15,6 من الأصوات ، في حسن حصل تحالف اليسار على 3,6 فقط .
السؤال السادس : فيما مضى كان مستوى ونوعية التضامن الرسمي والشعبي الأوروبي واضحا في دعم القضية الفلسطينية ، فيما أصبح الدعم الآن خجولاً ويقتصر على دعم قطاعات ومنظمات غير حكومية في كثير من الدول ،فما السبب في ذلك ؟
ربما جزء من الإجابة مرتبط بالتشريعات التي أصدرتها الدول الأوروبية المتعلقة بالإرهاب كما سبق وأخبرتك ، فلاشك في أن هذه القوانين قد أثرت كثيراً على عطاء ونشاط كثير من المنظمات ، حيث أن جزء من هذه المنظمات قد تراجع دورها بسبب خشيتها من التبعات القانونية ومن المحاسبة ، ولاننسى الضغوطات الأمريكية على الدول الأوروبية من أجل وقف كافة أشكال الدعم والتعاون بين الجهات المانحة وبين بعض المنظمات التي تم إدراجها في قائمة الإرهاب . هناك سبب أخر مرتبط بالأزمة المالية والإقتصادية التي عصفت بالعالم أجمع خلال السنوات الأخيرة ، هذه الأزمة ومانتج عنها من ازدياد أعداد العاطلين عن العمل في أوروبا والعالم ، وزيادة الفقر ، جعلت الكثيرون من الناس في أوروبا ينشغلون في مشاكلهم الخاصة كأولوية على تقديم المساعدات للآخر . لاننسى أيضا دور عنصر الإعلام المنحاز لإسرائيل التي يقدمها كدولة مظلومة يتم الإعتداء عليها من قبل الإرهابيين . وعلى الرغم من كل ذلك مازال التضامن والدعم الأوروبي للشعب الفلسطيني قائماَ ومستمراً وأعتقد أنه تضامن يتزايد في أوروبا وفي بلدنا أيضاً لإيمان الكثيرون من الناس بأن القضية الفلسطينية قضية عادلة وأن الشعب الفلسطيني شعب يستحق أن ينال حريته .
السؤال السابع : كيف يمكن برأيك زيادة فاعلية دور منظمات المجتمع المدني في الدنمرك واوروبا لدعم نضال الشعب الفلسطيني ؟
لابد لنا من إنشاء جبهة موحدة وعريضة تضم كافة الأحزاب والقوى والمنظمات والجمعيات اليسارية والديمقراطية ، ليس فقط من أجل دعم ومناصرة الشعب الفلسطيني ، إنما من أجل دعم نضال كافة الشعوب التي تسعى إلى حريتها ، ومن اجل النضال بشكل مشترك ضد سياسات الهيمينة وضد الظلم والإضطهاد في العالم ، وكذلك من أجل نصرة كافة الأحرار ودعم كافة الشعوب في نضالها ضد سياسات اليمين الإمبريالي على المستوى السياسي والعسكري والإقتصادي ، هذه السياسات التي أدت إلى قتل العديد من الناس الأبرياء في العالم ، وكذلك كانت نتائجها الإقتصادية كارئية على كافة الشعوب ، وأرسلت كثير من الناس إلى المقابر الإجتماعية . علينا أن نوحد جهودنا ونجمع طاقاتنا ونوسع قاعدتنا الشعبية في مواجهة الأفكار الفاشية ، مهمتنا أن نقوم بما يشبه وضع الرمل في آلة المجتمع الرأسمالي لتعطيلها ، وكذلك انتشال الناس من أزماتها المتعددة ، وقلب الكراسي على راس المسؤولين في هذه المجتمعات ، وكذلك أيضاً التوجه نحو الناس الذين يقولون لا وكفى في المجتمعات الرأسمالية من أجل الإستماع إلى معاناتهم العمل على انضمامهم لهذه الجبهة الواسعة . على عاتقنا تقع مسؤولية كبيرة في أن يفهم الناس أن الأزمة الإقتصادية والسياسية ليست خطأهم ، بل هي نتيجة السياسات التي تنتهجها الحكومات اليمينية بالتواطئ مع الرأسمالية العالمية ، حيث يتم تحويل المجتمعات إلى دول بوليسية ، وينظر إلى المواطنين الذين يقومون بدعم نضال الشعوب المضطهدة لنيل حريتها على أنهم إرهابيين وأنهم خطر على الأمن القومي وبالتالي ينبغي محاكمتهم ، بينما الشركات الكبرى والمؤسسات الدولية الكبرى مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي تمارس أبشع السياسات بحق الشعوب وتقوم بسرقة ونهب ثروات البلدان ، والإتحاد الأوروبي شريكها في ذلك ولا تجد أحدا من الدول يعترض على هذا الإرهاب الفظيع على الشعوب الفقيرة . يمكن قول الكثير في هذا السياق ، لكن دعنا نتوقف عند هذا الحد .
السؤال الثامن : كثير من حركات التحرر العالمية استلهمت الدروس والتجارب من نضال الشعب الفلسطيني في بداية سبعينيات القرن الماضي ، هل تعتقد أن القضية الفلسطينية مازالت في هذه المكانة ؟
في الحقيقة لا أعلم إن كنت أستطيع أن أعطيك الإجابة الأفضل ، لكن مادمت قد سألتني هذا السؤال أريد أن أقول رأيي . نستطيع جميعنا أن نقول أننا نتعلم من التاريخ ، لكن السؤال المهم عن اي تاريخ نتحدث ، ومن قام بكتابة هذا التاريخ ، وكيف ننظر إليه . هنا في الدنمرك على سبيل المثال لدينا خليط من السياسيين والصحفيين وامفكرين الذين يرون أن مهمتهم إعادة كتابة التاريخ بما يتناسب مع أهدافهم السياسية الرجعية ، وجزء منهم تعلم واستلهم الخبرة من وزير الدعاية النازي ( غوبلز) المعروف بأنه رجل المصالح الكبيرة وأنه رجل مخادع . نعم من الضروري جدا للحركة النضالية العالمية أن نستلهم دروس وتجارب الشعوب الأخرى والحركات الأخرى التي سبقتها في النضال واختزنت تجربة كقاحية تستطيع أن تقدمها كخبرة للحركات الأخرى . وأريد أن أقول أن لكل شيء وقته وظروفه وخصائصه . لا شك أن القضية الفلسطينية ونضال الشعب الفلسطيني على مدى سنوات متعددة قد جعل منها قضية أحرار العالم ، وجعلها موضع متابعة ، والتضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني في معركته من أجل حريته ، جعلت منه موضع تقدير واحترام كل شعوب العالم . هناك الكثير حصل في فلسطين منذ العام 1970 ، والكثير الذي تغير على مستويات مختلفة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ، إن كان على مستوى الفلسطينيين أنفسهم ، أو على صعيد تغير الظروف الإقليمية والدولية التي تؤثر على نضالهم . نحن لدينا استراتيجية الآن تعتمد على الوضع في فلسطين في المرحلة الراهنة ، ولدينا مشاريع وخطط للدنمرك اليوم ،ولكن مما لا شك فيه أننا نتعلم من تاريخنا ومن تاريخ الآخرين ، أما بالنسبة لأولئك الذين لايتعلمون من التاريخ فإنه محكوم عليهم بتكرار تجارب الآخرين وتكرار التاريخ نفسه .
السؤال الأخير : نريد منك توجيه كلمة لقراء المجلة ، فماذا تقول ؟
أريد أن أصافح أصدقائي الفلسطينييين جميعهم وأشد على أياديهم ، وأقول لهم أن نضالكم نضال نزيه وعادل ، وهو نضال ضروري لكم ولبقية أحرار العالم ، ,اريد أن أقول لكم أنه سوف يأتي اليوم الذي ستتمكنون فيه من رفع العلم الفلسطيني فوق دولة فلسطين الحرة والمستقلة . لكل اصدقائي الفلسطينيون أوجه تحياتي الرفاقية والنضالية ، واسمحوا لي أن أهديكم مقطع من قصيدة كتبتها حين احتلت ألمانيا النازية الدنمرك والنروج ، حيث عانينا من العنف والاضطهاد النازي ، تماماً كما يحصل معكم الآن ، حيث تعانون الإضطهاد والعنف والقتل من قبل اسرائيل
يمكن للإنفجار أن يهدم جبلاً يمكن له أن يغير مجرى النهر لكن لايمكنه إزالة شعب إن لم تسمح له بذلك
#حسن_العاصي (هاشتاغ)
Hassan_Assi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سقط اليقين
-
أهوى النساء
-
الطفح الأصفر
-
زفرات الهوى
-
إمرأة من زعفران
-
شهب عرجاء
-
الوطن العابر
-
تراتيل حزينة
-
قاطعوا إسرائيل ... وفلسطين دولة رغم أنف الإحتلال
-
أغلال الغرام
-
متاريس الملح
-
موجة بكماء
-
زهرة غجرية
-
مفتاح الأسفار
-
وجه الأضرحة
-
الصراخ المشنوق
-
الرغيف الجائع
-
خلف البياض
-
أجنحة الظلال
-
تخوم الجوع
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|