أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سعيد الكحل - العنف ضد النساء ثقافة قبل أن يكون ممارسة















المزيد.....

العنف ضد النساء ثقافة قبل أن يكون ممارسة


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 1170 - 2005 / 4 / 17 - 14:31
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


ـ مناهضة العنف ضد النساء واجب إنساني : تؤكد التقارير الصادرة عن المنظمات النسائية والحقوقية أن العنف ضد النساء ، بكل أشكاله ، ظاهرة مستفحلة في مجتمعنا ، وهي في تزايد ، وقد بلغت مستويات خطيرة . إذ كشفت الدراسة التي أجرتها مديرية الإحصاء أن النساء في المغرب يعانين أكثر من العنف داخل المنازل التي يُفترض فيها أن تكون المكان الأكثر أمنا ، بينما هي شر الأماكن حيث بلغت نسبة المعنفات 73 % . يضاف إلى هذه الفئة النساء ضحايا العنف الزوجي بنسبة عالية بلغت 63 % . بل إن هذه الدراسة أبانت عن مفارقة اجتماعية خطيرة وهي أن النساء أكثر عرضة للاعتداء من طرف الأقرباء والأشخاص الأكثر قربا والذين تربطهم علاقات حميمية بالنساء ، إذ يمثل الأزواج المعنِّفون لزوجاتهم سبعة (7) حالات من أصل عشرة (10) . كما كشفت نفس الدراسة عن الجهات التي تمارس العنف على النساء كالتالي : تمثل نسبة العنف المرتكب من طرف الأزواج 32.3 % ، ومن الطليق 15.7 % ، ومن قبل الغرباء 33.9 % . أما أشكال العنف ، فقد بينت الدراسة تعددها حيث يمثل العنف الجسدي 61.8 % ، والجنسي 13.6 % ، والنفسي 24 % ، علما أن حالات عديدة لا يتم التبليغ عنها لأسباب اجتماعية . كما كشفت الدراسة عن اختلاف أشكال العنف تبعا لسن الضحايا ، إذ يمثل العنف الجسدي 54 % وسط النساء اللائي تتراوح أعمارهن بين 16 و 30 سنة . بينما الفتيات الأقل من 16 سنة يتعرضن للعنف الجنسي بنسبة 60 %، في حين تتعرض النساء في سن 60 سنة للعنف الاقتصادي بنسبة 49.5% ، والعنف الجسدي بنسبة 33.7 % . أما ما يتعلق بالعنف المعنوي ، فلا زالت المرأة تمثل الفئة الأكثر معاناة مثلا من الأمية بنسبة 65 % في المدن و 89 %في القرى . لكن العنف الذي يستهدف النساء لا ينتهي عند الضرب والإهانة والتهميش ، بل يتعداه إلى ما هو أفظع ، ويتعلق الأمر بتشويه الأعضاء التناسلية للإناث خوفا من أن يمارسن الجنس قبل الزواج . وتدخل هذه الممارسة الخطيرة ضمن العادات والأعراف التي تعرفها كثير من المجتمعات العربية على وجه الخصوص . وقد تناولت العديد من المنظمات الدولية هذه الظاهرة ضمن تقاريرها ، حيث كشفت عن المآسي التالية : في سنة 2000 ، بلغت نسبة النساء المتزوجات في مصر اللائي تعرضن لتشويه الأعضاء التناسلية 97 % . ورغم الجهود التي تبذلها الدولة لمحاصرة هذه الظاهرة ، إذ صدر سنة 1996 حكم قضائي يمنع ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث ، لا زالت هذه الممارسة منتشرة وإن ظهر بعض الانخفاض في نسبها التي انتقلت من 82 % إلى 78% وسط الفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 11 و 19 سنة . أما في السودان فإن الظاهرة تأخذ أبعادا خطيرة حيث يتم اللجوء إلى خياطة المهبل . وتقدر نسبة النساء والفتيات اللائي تعرضن لهذه الممارسة الوحشية وترتبت عنها مشاكل بولية خطيرة والتهابات حادة تؤدي في أحايين كثيرة إلى الوفاة ، تبلغ النسبة 90 % . لكن الأسوأ من ذلك أن القوانين السودانية لا تعتبر تشويه الأعضاء التناسلية للإناث عملا يخرج عن القانون ، وبالتالي لا يستدعي العقاب . بينما المجتمع الموريتاني يتميز بتوسيع هذه الممارسة لتشمل الإناث الرضع ابتداء من اليوم السابع وقبل متم الشهر السادس . وتشير إحدى الدراسات الصادرة سنة 2001 إلى أن ثلاثة أرباع الإناث المتراوحة أعمارهن بين 15 و 49 سنة تعرضن لعملية تشويه أعضائهن الجنسية . ولا تختلف دولتي جيبوتي وإرتريا عن السودان ، إذ تبلغ نسبة الإناث اللائي خضعن لهذه العملية 91 % . بينما في الأردن واليمن وليبيا ، فإن هذه العادة تختلف من منطقة إلى أخرى ، وإن كانت الظاهرة في حد ذاتها أقل انتشارا .
لهذا كان للأمم المتحدة دور مركزي في موجهة ظاهرة العنف بكل أشكاله ، وذلك من خلال المواثيق والمؤتمرات الدولية غير أن معظم الدول العربية لازالت تتحفظ على الفقرات التي تعتبرها مخالفة لدساتيرها المحلية أو للشريعة الإسلامية وفق منظور معين . فقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بتاريخ 18 دجنبر 1979 ، ودخلت حيز التطبيق في 3 شتنبر 1981 ، ورغم المصادقة المتأخرة على الاتفاقية من طرف 16 دولة عربية ، من ضمنها المغرب الذي كان تصديقه سنة 1993 ، فإن تلك الدول أبدت تحفظاتها على عدة مواد (2 ، 7 ، 9 ،15 ، 16، 29 ) . مما يجعل النضال من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين ورفع كل أشكال التمييز والعنف عن النساء مسئولية دينية ووطنية وإنسانية .
2 ـ المرأة العربية ضحية ثقافة وأعراف تلبست بالدين : لا شك أن وضعية المرأة العربية أشد تعقيدا من وضعية غيرها من نساء العالم ، بما فيها الدول النامية . ذلك أن نساء البلدان غير الإسلامية يواجهن أوضاعا مترتبة عن الفقر وغياب الديمقراطية . أما نساء العالم الإسلامي ، فهن ضحايا الثقافة والأعراف التي تتحكم في تحديد التصورات السائدة حول المرأة ، وتسبغ عليها مشروعية دينية حتى لا يبقى من سبيل إلى تغييرها . وبهذا غدت التعاليم الإسلامية سندا شرعيا لكل أصناف العنف والتهميش التي تتعرض لها النساء . بل صارت تلك الممارسات المشينة جزءا من الدين بفعل الاجتهادات الخاطئة والتوظيفات الأيديولوجية للدين . وإذا كانت الآراء الفقهية التي أنتجتها عصور خلت قد اتسمت بالانغلاق والتشدد تبعا لمستوى الوعي والتطور المجتمعي ، فإن الآراء والمواقف التي تتبناها الجماعات الإسلامية حاليا ليس لها من مبرر غير السعي إلى كبح عملية التطور التي تعرفها مجتمعاتنا . وهذا يضعنا أمام سخرية التاريخ والقدر . إذ في الوقت الذي تتفاعل الأنظمة العربية الحاكمة إيجابيا مع المواثيق الدولية وتسعى إلى تبيئة الحقوق النسائية كما هي متعارف عليها دوليا ، نجد أن الاتجاهات الإسلامية تتصدى بشراسة لكل محاولات التغيير التي تهم أساسا أوضاع المرأة وحقوقها . ويمكن أن ندرج نماذج من تلك المواقف على سبيل المثال :
أ ـ موقف الإسلاميين في الكويت الرافض تمتيع المرأة بحقوقها السياسية وعلى رأسها الحق في التصويت والترشيح ، رغم المرسوم الأميري الذي يضمن للمرأة تلك الحقوق . وحتى يشرعنوا موقف الرفض هذا لجأوا إلى الاحتماء بالدين عبر نحت فتاوى فقهية تحرِّم على المرأة الترشيح والتصويت وهذا ما أكده الدكتور محمد الطبطبائي عميد كلية الشريعة في قوله ( أن هيئة الإفتاء بالكويت أصدرت فتواها بتحريم المشاركة البرلمانية للمرأة سواء بالترشيح أو الانتخاب وهو ما أرجحه في هذه المسألة) . وحجتهم في ذلك أن الانتخابات تفتح أمام المرأة باب الولاية العامة التي يُحرِّمونها عليها ، مهما كانت مستوياتها : بلدية ، برلمانية ، وزارية . ولكأنهم بهذا الموقف شرعوا لهم من الدين ما ليس منه وما لم يشرعه مثلا الإيرانيون الذين أقروا للمرأة بحقها في التنافس على رئاسة الجمهورية وليس فقط العضوية في المجالس المحلية .
ب ـ موقف الإسلاميين في المغرب الذين تشبثوا بالمواقف الأشد بداوة ليناهضوا مطالب النساء في الحد من الحيف القانوني الذي يطالهن في قضايا مثل الطلاق ، اقتسام الممتلكات الزوجية ، تعدد الزوجات ، الولاية في الزواج ، سن الزواج ،وغيرها من القضايا التي جاء بها مشروع خطة إدماج المرأة في التنمية . وهم كذلك وجدوا في الدين مرتعا وملجأ ليتحصنوا خلف التأويلات الأيديولوجية للنصوص الدينية . ورغم الخطوات الهامة التي تجسدت في بنود مدونة الأسرة بمبادرة وتزكية من الملك محمد السادس ، بوصفه أميرا للمؤمنين ، فإن أشياء من حتى لازالت في نفوس الإسلاميين .
ج ـ موقف التيار الوهابي بإسلامييه ومحافظيه المناهض للتعديلات ـ على بساطتها ـ التي تريد السلطات السعودية إقرارها على مستوى القوانين التي تمنع السياقة على المرأة ، وتقصيها من المشاركة في الانتخابات عبر التصويت والترشيح . بل إن تشدد هذا التيار بلغ حد الفصل الكلي بين الرجال والنساء حتى أثناء المؤتمرات حيث يجري الحوار بين الطرفين من داخل دوائر مغلقة . وللأسف هذه الأعراف البدوية الحاطة من كرامة المرأة ، هي التي تعمل الدوائر المالية والأيديولوجية في السعودية على نشرها في كل العالم الإسلامي وحتى الغربي .
إذن ما جاءت به الاتجاهات الإسلامية ، فيما يتعلق بالمرأة ، لا يختلف عما يتشبع به التيار المحافظ داخل المجتمع . فكلاهما يحملان نفس التصورات السلبية عن المرأة ، بل إن التيار الإسلامي أشد غلوا ، في حق المرأة ،من نظيره المحافظ . ذلك أن صورة المرأة "العورة" و"الناقص" و "مصدر الفساد والإفساد" التي شكلها المجتمع المحافظ منذ ما قبل مجيء الإسلام ، هي نفس الصورة التي أعاد صياغتها التيار الإسلامي ، بل وتفنن في تشويهها وتَبْشِيعها عبر سيل من الكتب والأشرطة التي تتمحور حول "كبائر النساء" ،لا تضاهيها العناوين التي ترصد بالتحليل باقي مجالات الحياة ، كما لو أن همَّ هؤلاء منحصر في المرأة دون غيرها . ولو أن اهتمامهم بالمرأة كان من باب الإقرار لها بكرامتها واحترام إنسانيتها لكانوا مشكورين عليه دينا ودنيا . لكنهم ابتدعوا وجعلوا من الدين أغلالا لاستعباد النساء كقولهم للمرأة ( هل علمت أن طاعة الزوج هي جنتك ، وسعادتك وإن عصيانه يُجلب غضب الله عليك ) ( كبائر وذنوب النساء ) . وفي هذا الإطار العبودي عُدَّت "طالبة الطلاق ملعونة " ، على اعتبار أن المرأة خُلقت لتحقيق المتعة والخدمة وإشباع الغرائز في الجنس والنسل . لهذا حرَّموا عليها أي تطلع إلى المساواة في الحقوق والكرامة والمنزلة بدعوى أن المرأة "ناقصة عقل ودين" وأنه "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" . فصارت ، بالتالي ، "زينة" و "عورة" وشماعة تُعلق عليها كل مشاكل الرجال ومفاسد المجتمع . إذن ليس غريبا أن تظل النزوعات قائمة للتخلص من المرأة كجسد أو ككيان ، ومواراتها التراب أو الجدران ، كان من الإسمنت أو القماش أو القانون . فالغاية واحدة كما صيغت شعرا :
ومن غاية المجد والمكرمات /// بقاء البنين وموت البنات .
تهوى حياتي وأهوى موتها شفقا /// والموت أكرم نزَّال على الحرم .
فالمرأة ، حسب هذه الأعراف والتصورات قديمها وحديثها ، "عورة" لا يسترها إلا القبر ، إن لم يكن قبر الممات فقبر المسكن ، على اعتبار أن القتل المادي جريمة تعاقب عليها القوانين ، بينما باقي أشكال القتل جعلها الموروث الثقافي دينا وفريضة تحقق رضا الله ونعمه . والممارستان معا تهدفان إلى تحقيق نفس الغرض الذي أُفصح عنه شعرا :
ولم أر نعمة شملت كريما /// كنعمة عورة سُتِرت بقبر .
أمام هذه الوضعية المفجعة التي تعانيها المرأة ، ومعها المجتمع ، يكون من الواجب شرعا وقانونا وإنسانيا التصدي لمنابع البدونة والتشدد عبر نشر ثقافة المساواة وتطهير المناهج التعليمية والبرامج الإعلامية والتشريعات القانونية من كل ما يخل بقيم الإنسانية التي تشيعها التعاليم السماوية وتكرسها المواثيق الدولية .



#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الاعتداءات الجنسية ضد النساء في العراق تسجل أرقاما مرعبة
- الشباب.. مفتاح مكافحة العنف ضد النساء
- الحياة الواقعية تحت وطأة الصراعات.. المرأة اليمنية في أدب وج ...
- سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024 الجريدة الرسمية بعد أخر ال ...
- المجلس الوطني يدين جرائم الاحتلال ضد المرأة الفلسطينية ويطال ...
- وزارة المالية : تعديل سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024.. تع ...
- المرأة السعودية في سوق العمل.. تطور كبير ولكن
- #لا_عذر: كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء ...
- المؤتمر الختامي لمكاتب مساندة المرأة الجديدة “فرص وتحديات تف ...
- جز رؤوس واغتصاب وتعذيب.. خبير أممي يتهم سلطات ميانمار باقترا ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سعيد الكحل - العنف ضد النساء ثقافة قبل أن يكون ممارسة