سيبقى "11 ايلول" علامة بارزة في تاريخ البشرية المعاصرة. سيترك آثاراً كبيرة على الاوضاع والمسارات السياسية العالمية وعلى حياة البشر. لهذا، لاندحة له من تحوله الى حديث كل تجمع: من اقصى اليمين الى اقصى اليسار، من غلاة القوميين، الى الاسلاميين، الليبراليين، الاشتراكيين. ان هدف هذا المقال هو تسليط الضوء على احد هذه الفصائل، فصيل الاحزاب الشيوعية العربية، وموقفه من هذه المسالة وتصوره لاسبابها وحلوله لها. ان الوثيقة التي استند لها هنا هي بيانهم الصادر في (20 ايلول ) تحت عنوان "بيان من الاحزاب الشيوعية والعمالية العربية" ووقعه كل من الحزب الشيوعي الاردني، السوري، العراقي، اللبناني، السوداني، المصري، وحزب الشعب الفلسطيني.
يستهل البيان حديثه عن ما قابلت به البشرية من "استنكار بالغ" ل " الهجمات الانتحارية" في نيويورك وواشنطن، وان هذا الاستنكار "بسبب الاف الابرياء الذين سقطوا ضحية هذا العدوان". بيد ان "الاستنكار لا يعني عدم النظر الى العمل الارهابي على حقيقته، باعتباره في جانب اساسي منه ثمرة مرة للسياسات الامريكية نفسها، وباعتباره في الجانب الاخر نتاجاً للسخط والنقمة العارمين المتصاعدة على الظلم والعسف والاستغلال والاستهتار بالبشر والشعوب، وعلى الفقر والبؤس المتعاظمين على امتداد المعمورة" فيما ينتقد بعدها ردة الفعل الامريكية وتصرفاتها التالية على انه "نوع من الارتباك والغطرسة والبعد عن العقلانية"، وانها تقوم ب "كل ذلك دون ان تصل الى تحديد المسؤوليات"، "فيصبح تصرفها اقرب الى تصفية حسابات مع كل خصومها".
وبعدها يورد ان امريكا "تتجاهل اذاً عن عمد العوامل الفعلية التي ادت الى هذه الكارثة، وفي مقدمتها سياسة افقار الشعوب ونهب ثرواتها ، وتعطيل مؤسسات الشرعية الدولية ودعم الباطل الاسرائيلي على حساب الحق الفلسطيني، ودعم سياسات ارهاب الدولة وغطرسة القوة ومحاولات الهيمنة والتفرد. وفي هذا مكمن الشر ومولد ردود الافعال عليه".
ان اول سؤال يطرحه المرء: لماذا لانجد في هذا البيان ادانة صريحة وواضحة للارهاب؟ لماذا لانجد ادانة صريحة للمحرقة الاسلامية هذه والتي تذكرنا بمحرقات النازيين والتي ان لم تكن اسوأ منها، فمن المحتم انها ليست باقل سوء منها؟ لماذا يكتفي البيان بتبيان السخط العالمي فقط دون اي كلمة محددة وواضحة لالبس فيها حول ادانته لهذا العمل؟ لماذا يكتفي باطلاق كلمات مثل "هجمات انتحارية"، "كارثة" على هذا العمل الارهابي الموغل بالبشاعة؟ الا يستحق وصفه بصفات اخرى تكشف وتدلل بالضبط على حجمه ودلالاته وماهيته البربرية المناهضة لابسط حقوق الانسان بحياة امنة بعيدة عن الخوف والقلق ممايتربص به، مما يتوقعه ومما لا يتوقعه يوماً ما؟ ولماذا حين يتحدث في احسن الاحوال عن "عمل ارهابي" يشير اليه بكلمة سريعة وعابرة في سياق اخر الا وهو القاء مسؤولية ماجرى على انه "ثمرة مرة للسياسات الامريكية"؟ لماذا لا يتحدث البيان عن من قام بهذا العمل الشنيع؟ وعن ماهي القوى التي تقف ورائه؟ وعن ماتريده هذه القوى؟ وعن طبيعة المجتمع المنشود الذي تتوخاه هذه القوى؟ وهل ان هذا اسلوب سياسي و"نضالي"!! مناسب للرد على سياسات الظلم بحق الشعوب؟ و....الخ من الاسئلة.
ان البيان قد غض الطرف عن كل هذه الاسئلة. لقد غض الطرف عن ان من قام بهذا العمل هي تيارات اسلامية رجعية وارهابية ملطخة اياديها بدماء مئات الاف من البشر العزل والابرياء في اصقاع العالم المختلفة. انه ليس عمل قامت به حفنة "اشقياء"، "مهووسين" او"متمردين" على الحياة والواقع ممن تعج بهم الدنيا في عصرنا الراهن الذي يعصف به الاغتراب. انه عنف الاسلام السياسي الذي ليس له ادنى صلة ب"تحرير القدس" و"تطهير ارض محمد من الكفرة الانجاس" و"ظلم الصليبيين لاطفال العراق". انه عنف تيارات سياسية تتطلع الى حصتها من السلطة والمكانة السياسية في العالم الراسمالي الراهن. انه عنف ليس موجها ل"امريكا والغرب" ، بل انه وجه قبلها لملايين الابرياء في الجزائر والسودان وايران وافغانستان ومصر وكردستان العراق. اذ لايحتاج المرء لان يعصر ذاكرته ليتذكر كم ذبحت قوى وفصائل الاسلام السياسي من الاطفال، النساء، التحررين والمنادين بحياة اكثر انسانية. ولااحد يضمن من ان من سودت اصابعه البيان لا يعتصر الهلع قلبه من هذه العصابات. ان لفي غض الطرف هذا سر سياسي.
أن البيان يسعى لاضفاء صفة انسانية كاذبة على بيانه عبر تبيان ان سخط البشرية على هذا الحدث "بسبب الاف الابرياء الذين سقطوا" ضحيته والذي هو امر مدان بدون قيد وشرط بوصفه حملة ابادة جماعية. ان البيان، ولشدة قصر نظره، يتناسى كل الاثار السياسية والاجتماعية والفكرية والثقافية والروحية والمعنوية الهائلة على البشرية وعلى مجمل الاوضاع العالمية والاثار المدمرة على حياة اجيال من البشر. انه يتناسى ان هذا العمل اعطى فرصة ذهبية لامريكا المخنوقة جراء كثرة الضغوطات الدولية عليها لتصبح مرة اخرى صاحبة اليد الطولى وتكنس بلحظة واحدة كل الاعتراضات القائمة عليها فيما يخص العراق، فلسطين، البيئة، الدرع الصاروخي...الخ. انه يتناسى اعطاء الفرصة لتشديد نزعة الهيمنة والحروب والقتل وماتتركه من خسائر بشرية مقبلة لااحد يتكهن بها، لتشديد النزعات العنصرية والشوفينية والدينية و مجمل التعصبات والاحاسيس والمشاعر المنحطة من قومية ودينية، لتشديد نزعات خرق الحريات والحقوق المدنية والشخصية لجعلها في متناول رجالات الشرطة السرية وتفرض التراجع عليها ( على سبيل المثال لا الحصر، تصريح المسؤولين الامريكيين على اعادة النظر بكثير من القوانين ، ومنها قانون الاغتيالات خارج امريكا والذي تم فرضه على الهيئات الحاكمة طيلة عقود، تضييق الخناق على اللاجئين في بريطانيا واوربا )، لتشديد الاعتقالات التعسفية وعمليات التنصت والمراقبة وغيرها، لتشديد الحملة على اللاجئين وعلى العرب الشرق اوسطيين في اوربا ونزعة معاداة الغربيين و"الاجانب"، اعطى الفرصة لفرض التراجع على مطاليب الجماهير ونضالتها من اجل حياة افضل في اغلب بقاع العالم، ناهيك عن تغليف القلق والرعب اليومي لحياة الناس في ارجاء العالم وصياغة المعالم المعنوية والروحية والاخلاقية للبشر بما يتناقض مع تامين حياة امنة والاقرار بسمو مكانة وكرامة الانسان وقيمته. للاسف، انظر لعالمنا الراهن، تراه وقد تحول الى كتلة من الاوضاع المناهضة للانسان.
ان ذبح الاف في هذا العمل القذر ليس هو فقط مجمل تبعات هذا الحدث المدان. ان اثاره ليست لها حدود ان لم يتم لجمها على ايدي قوى التحرر والمساواة على الصعيد العالمي.
ان البيان يلقي بكل ثقله، حين يتحث عن العوامل الفعلية التي ادت الى الكارثة، على امريكا وسياساتها. ولكنه لايوجه اصابع الاتهام لامريكا بوصفها هي نفسها من دعم هذه التيارات ومولها بالمال والسلاح سواء لمقتضيات الحرب الباردة واقامة حزام امني اخضر حول الكتلة السوفيتية أو الوقوف بوجه اليسار والشيوعية والطبقة العاملة الساخطة على اوضاعهاالمزرية، لا على دعمها للحكومات الرجعية والاستبدادية في المنطقة مثل السعودية والاردن ومصر، لا على توظيف تيارات الاسلام السياسي للوقوف بوجه مجمل اشكال التحرر والعلمانية، بل بسبب افقار الشعوب ودعم اسرائيل وتعطيل الشرعية الدولية!!
هل ان هذه التيارات ممثلة سخط الجماهير من اجل حياة افضل خالية من الفقر والعوز والظلم؟! هل ان هذه التيارات حاملة لواء انهاء الظلم القومي على جماهير فلسطين او حملة راية ارساء مجتمع يرفل بالمساواة بين الاسرائيليين والفلسطينيين؟ هل انها حملة لواء ارساء مجتمع ليس للهويات الدينية والقومية والعرقية اية قيمة اومكانة؟! هل ان هذه التيارات هي ممثلة نداء المراة الفلسطينية من اجل التحرر والمساواة ام ان جزء اساسي من نضال المراة في فلسطين هو ضد قهر وعنف وظلم هذه التيارات الرجعية؟! وهل ان الارهاب رد فعل مشروع على هذه المظالم؟! هل ان فلسطين، الحصار على جماهير العراق وغيرها من مآسي تبرر هذه الاعمال؟! (لاشيء اطلاقاً يبرر هذه الممارسات). اليس ثمة سبل اخرى لنيل الحقوق ولارساء عالم افضل؟! هل اتت هذه التيارات رداً على غياب الحقوق العادلة للجماهير في المنطقة ام اتت تعكزاً على هذه الاوضاع المريرة من اجل ارساء مجتمع اشد مرارة وحلكة؟!.
ان البيان، وبعمله هذا، يخلي، عملياً، كاهل التيارات الاسلامية من وزر هذه الجريمة، و في الواقع يبث الاوهام في اذهان الجماهير ويشوشها عبر خلق نوع من التعاطف مع الممارسات الارهابية لتيارات الاسلام السياسي والتبرير لها. انه يتخذ جانب هذه التيارات وجرائمها. انه يدافع عنها. ان لم يكن بالاشادة الصريحة والتفاخر ( بيد ان هذا العمل ولشدة بشاعته لايجرؤ اناس من امثال صدام وخامنئي على التفاخر والغبطة به )، فعبر غض الطرف عنها. ان لفي ذلك حكمة اعود لها لاحقاً.
ويناشد البيان جميع الشرفاء في العالم العمل الجاد من اجل رفض الاهداف الامريكية والى " دعم فكرة عقد مؤتمر دولي في اطار الامم المتحدة اكنت دعت اليه سوريا وتتبناه حاليا مصر". وان بوسع هذا المؤتمر "وضع تعريف شامل للارهاب الدولي يميز بينه وبين افعال المقاومة المشروعة".
لو اتفقنا على ذلك المفهوم العام والملموس للارهاب " قتل المدنيين"، لما نجت الا دول قلائل من هذه السمة. ان عالم اليوم، دول اليوم لهي نموذج سافر للارهاب. الارهاب جزء لايمكن فصله عن العالم الراسمالي الراهن ودوله. ان نفس نموذج سوريا ومصر اللتان دعيتا الى هذا المؤتمر الدولي، ويستشهد بهما البيان، ليسا سوى دول وحكومات بوليسية مخضبة اياديهما بالاف الابرياء والتحرريين. الايعد هذا ارهاباً؟! ان اغلاق الطرق بوجه الهاربين من جهنم العراق وافغانستان وغرقهم في البحار والمحيطات العميقة سعياً وراء ملجأ امن في اوربا واستراليا، الايسمى ارهاباً؟! الا يعد قتل اكثر من مليونين انسان جراء الحصار على ايدي امريكا والامم المتحدة نفسها ارهاباً؟! الا يعد قتل اكثر من مليون تحرري على ايدي سوهارتو عملاً ارهابياً؟! الايعد القتل اليومي للفلسطينيين على ايدي قوات الشوفينية الدينية الاسرائيلية امراً ارهابياً؟! الاتعد العمليات الانتحارية الاسلامية وقتل المدنيين الابرياء في المقاهي والمطاعم والحافلات في فلسطين امراً انتحارياً ( على الرغم من يقيني ان دعاة البيان يعتبروه امراً مشروعاً، بل وبطولياً !!)؟! ان اردت عد البلدان الارهابية في عالمنا المعاصر، عليك ان تبدأ وفق التسلسل الابجدي لانه من النادر ان تفلت دولة رقبتها من هذه الصفة. اينتظر دعاة هذا البيان ان تجد صيغة لتعريف الارهاب ومحاربته؟! اذن عليها ان تزيل احد اركان عالم الرأسمال الراهن، العنف الجماعي والمنظم، باشكاله المختلفة، بحق الجماهير في اصقاع العالم المختلفة.
ان البيان يمضي بصورة ساذجة هي جزء من الخصال السياسية للاحزاب الشيوعية الملتفة حول الكتلة الشرقية السابقة للتصريح بان على ضوء هذا التعريف يمكن "انشاء تحالف دولي ضد الارهاب المتفق على تحديده وعلى قواه وادواته" وليضفي شرعية اكبر يستدرك البيان بالتاكيد على ان ذلك يتم " بالتأكيد تحت اشراف الامم المتحدة ومسؤوليتها الحصرية" دون ان يتسائل اصحاب هذا البيان: اية شرعية ومؤسسات دولية؟! واية امم متحدة؟! واية قانون؟! اليس هو نفسه قانون الغاب الذي يرهن حياة 20 مليون انسان عراقي رهينة الفيتو الامريكي؟! اهي قليلة تلك الحالات التي ديس فيها على نفس قرارات الامم المتحدة نفسها؟! ان اسرائيل نموذج قريب منا.
ان السادة هنا يتناسون ان المقولات تغلفها المصالح السياسية والاقتصادية والاستراتيجية للبلدان. ان وأد اكثر من مليون ونصف عراقي جراء الحصار المفروض باسم الامم المتحدة عملاً مشروعاً طالما تبرره الضرورات الامريكية! ان قتل الفلسطينيين امراً مشروعاً طالما يستأصل الارهاب الفلسطيني ( هذا ما قاله احد مجرمي القرن العشرين، ارييل شارون )! ان ذبح الاكراد وسحق حقوقهم امراً مشروعاً طالما يصون سيادة العراق وتركيا! ان ذبح المعارضيين السياسيين في ايران امراً ليس ارهابياً لانه يحفظ عمر الاسلام! ان ذبح الشيشان امراً مشروعاً ولاتعتبره روسيا ارهاباً لانه يحفظ السيادة والهيبة المتداعية الروسية! وكذلك الحال مع السودان في ظلمها للجنوب، والمغاربة فيما يتعلق بالصحراء الغربية، واوربا فيما يخص اللاجئين الذين ماتوا بالاف غرقاً بالبحار نشداناً لقلعة اوربا!
كذلك ان الخلافات بين دول العالم من الضخامة جداً بحيث يصعب الاتفاق على عشرات القضايا السياسية والاجتماعية في العالم ( مجرد الاتفاق لا التقيد به اوتطبيقه!)! ذلك ان كل دولة تتعقب مصالحها الخاصة وتقيس مدى نجاحها وتقدمها بحجم تحقق هذه المصالح التي من الطبيعي ان تكون في تناقض مع الاطراف الاخرى. ان هذه هي سر الصراعات والخلافات. ان نماذج ذلك من السعة بحيث يعجز ايرادها جميعاً. ولكن على سبيل المثال: قضايا الالغام البشرية، الحصار، فلسطين، امتلاك الاسلحة النووية، الدرع الصاروخي، البيئة، العنصرية ...الخ. فكيف الحال حول مفهوم الارهاب. هل ان امريكا مثلاً مستعدة على التخلي عن النزعة العسكرتارية والحربية التي هي جزء لا ينفصل من سلطتها الحاكمة العنجهية لتجلس مع السادة حول تحديد مفهوم الارهاب وتتخلى بجرة قلم عن الركن الاساسي في سلطتها الحاكمة لانها تمت نتيجة اقرار دولي!! انها سذاجة سياسية! والادهى من هذا من قال ان امريكا تهدف الى استئصال الارهاب!
ويحذر البيان من مخاطر التوسع الامريكي في التحرك بما يتخطى الرد على منفذي الهجمات مما "يطرح ضرورة اعتماد اقصى الحذر على المستوى العربي، دفاعاً عن المصالح العربية عموماً وعن شعب فلسطين على وجه الخصوص". لماذا يؤرق اصحاب البيان مخاطر هذا التحرك على المصالح العربية دون مصالح البشرية جمعاء؟! ان المعنى الواقعي لهذه العبارة: مصالحنا كعرب هو مايهمنا "ومن بعدنا الطوفان" لااكثر. انه نموذج صارخ على النزعة القومية لهذه الاحزاب التي كتبت، ولعقود، على راياتها كذباً وزوراً "ياعمال العالم اتحدوا!" واوهمت اجيال بشيوعيتها.
وفي الختام، يهدد البيان بذكر "ان الولايات المتحدة ومعها العالم سيبقيان معرضان للارهاب" اذا مابقيت قائمة السياسات الراهنة لامريكا ومادام ان العدوان والظلم والاغتصاب باقٍ، "وحتى قيام نظام عالمي جديد تسوده العدالة والوئام والمساواة بين الشعوب". ان هذه رسالة تهديد للجماهير في امريكا والعالم! انها تطابق، شكلاً ومحتوىً، نفس التوصية الرجعية لبن لادن والظواهري للمسلمين القاطنين في امريكا وبريطانيا بعدم السكن في العمارات الشاهقة. انها رسالة للبشرية بانها ستدفع ثمن باهظ عن سياسات حكوماتها!! انها تبرير صارخ للمجازر الانتقامية المقبلة التي سيقوم بها الاسلاميون.
اي مهزلة ان يتحدث البيان عن "وئام ومساواة بين الشعوب". ومن متى كان صراع شعوب اللهم الا في اذهان اصحابه الشعبويين!! انه يصور الصراع على انه صراع الشعوب المضطهدة الذي تمثلة القوى التي قامت بالعمليات الانتحارية مع شعوب امريكا التي يمثلها السيد بوش!! انه يلقي اللامساواة والعدواة على كاهل الشعوب! انه يحملها مسؤولية ذلك وعواقب ذلك! ان الشعوب الساعية لحياة امينة ومرفهة ومفعمة بالسعادة والتي هي اول ضحايا مثل هذه الاوضاع هي من يلقي البيان على كاهلها وزر هذه الاعمال وعواقبها. فأي حكمة في ذلك!!
لكي يسود العدل والوئام والمساواة على البشرية (وليس بين الشعوب!)، يجب استئصال القوى المسببة لهذه المآسي والتي لها مصلحة في خلق هذه الاوضاع. يجب قلع انياب سياسات امريكا،اسرائيل بوصفها دولة دينية شوفينية قومية، السعودية، باكستان، وطالبان والجهاد، ايران وغيرها. انه يستحيل دون استئصال الدين والقومية العنصريتان من حياة البشرية. انه امر غير واقعي دون استئصال نفس النظام الرأسمالي الذي يولد الارهاب بشكل يومي ويغذيه لسبب بسيط انه يحتاجه لادامة امد عمره المشؤوم.
كلمة اخيرة:
لا يمكن فصل هذا البيان ولهجته عن الطبيعة السياسية لهذه الاحزاب، عن اهدافها وافاقها السياسية- الاجتماعية. انها نزعة معاداة الامبريالية للبرجوازية الصغيرة في بلدان مايسمى بالعالم الثالث. انها نزعة قومية- شعبوية رمت بكل مآسي "شعوبها" وحرماناتها على كاهل "شعوب" اخرى، على كاهل آخرين، "امريكا مصدر كل الشرور". انها نزعة قومية شعبوية وظفتها الطبقات الحاكمة دوماً من اجل اخلاء كاهلها من مسؤولية معاناة الجماهير، من تنصلها عن حقوقهم ومطاليبهم وحرياتهم والقت بهذه الحرمانات على عاتق الاستعمار يوما، وبعد انجلاء الاخير على عاتق الاستعمار الحديث الاقتصادي، والان على عاتق الامبريالية وامريكا. انها ستار ايديولوجي مهم هدفه ذر الرماد في عيون الجماهير عن علة مصائبها. انها، ولشعبويتها، قسمت الاسلام الى اسلام ثوري – شعبي معادي للامبريالية واسلام مساوم رجعي مناهض للشعوب. انها تغض الطرف عن الاسلام السياسي ودوره في ماساة الجماهير على الصعيد العالمي لانه "اسلام شعبنا يتصدى للظلم". ليس هذا فحسب، بل غالى اخرون ليعدوا اسامة بن لادن جيفارا القرن الحادي والعشرين!
ان هذا هو السر الذي يقف وراء السكوت المطبق لاصحاب هذا البيان عن عصابات الاسلام السياسي.