|
عجز
حسيبة هرّابي
الحوار المتمدن-العدد: 4072 - 2013 / 4 / 24 - 15:04
المحور:
الادب والفن
لست الجنّة الضائعة و لست من أهل النعيم و ليست الأحلام هبتي...لكنني أعرف كيف أعجن من الأمنيات طيفا من وله...أجيد بذر السحاب بألف توق و فرح ...أعرف كيف أسوي من النسائم وسادة ينام عليها ليلي و أسهر أرعاه...أحتاج بحرا صاخبا يشتاق السنديانة و يجلو الجرح بموجه و ملحه...أحتاج خرم ذاكرة بحجم الوجع يئد انكساراتي على حافة الفرح...احتاج ممحاة بلون النسيان أمحو بها بداياتي..أحتاج راويا أقل غباء يكتبني من جديد بإنصاف أجزل و ببعض عدل... أحتاج أن تجتاحني عاصفة أو ينتابني اعصار...أحتاج ان تضع اسمي على طاولتك كقطرة قهوة...هجرت الفنجان سهوا...تتأمل حروفه..تتساءل عن مكامن الموت فيه... تتذوق طعمه لتدرك سادية المرارة فيه...و أحتاج خطوط جبينك...منها أخيط شروخ وجهي...و منها أشد أوتار قيثارتي...و منها أضفر أنشوطة مشنقتي... و منها أنسج لحاف كفني..و أحتاجك... أحتاجك لينسى الرسام خلطة الألوان فيميد الأرجواني على القرمزي...أحتاجك ليسهو المرتّل عن مخارج الحروف في الركعة قبل الأخيرة...أحتاجك لتتلكأ تفعيلات الشاعر على سفح القصيدة....أحتاجك لأبيع الله بالمزاد في سوق المرابين و لا أعبد إلا حروفك أصلي لقبلتها...أحتاجك لأخوض بقدمين حافيتن في مياه الأمطار و أرقص عارية و ألعنك واحدة و ألعنني ألفا...و أحتاجك لأسير حافية على شفرات المجاز الحادة نكاية بدم قدمي...أحتاجك لأقفز من حروفك إلى يديك كأيل جبلي ...و أحتاج حاجتي إليك لأنني أحتاج أن أحيا....كما أحتاج احتياجك لي... و هذا كبدي على سندان حرفك ينوء بعطب المجاز و هذه خصلات شعري تراهن على خيبة أصابعك جذّتها شرفة حلم....ما جدوى القافية حين يصيب الارتباك محنة السماء.... و هذه السماء تكابر لكنها لا تجيد الرقص...و لا الغيبوبة و لا الانحناء...و هذا الطين اللاّزب و هذه المشانق و بعض الكبرياء... مرآتي خسفت و عافتني احتمالات أغنية خضراء... الآن كيف لي بفقه البدايات و قد قلّدتني مفرداتك وصمة الخسارات....أبجديّة مبعوجة بقنوط و شرخ متراس يستوطن برعم موتي في الانتظارات... لا شيء غير مجد لعنة أو خطرفة نبض يليق بالخسارات.... و أحفظ وجيب الصّور المجترّة .... تعييني صورة أنثى تغسل ضفائرها في ضوء القمر...أو أنثى عيناها الواحة ... و أنتبذ لي مكانا قصيّا... أهزّ اليّ بجذع المجاز...فيتساقط عليّ غريبا حوشيّا... و أراني طائرة ورقية تسكن صحوها البكر بعد ثمالة فرح على سفح حبّة حلوى...و أنسى ملامح الصّور المكرّرة...و ألعنك من جديد طوق حتف ... و صدى صمت...هذا أنت و هذه أنا... لا جدار أعتليه الآن لأرى القادم أقرب... لا حرف أصلبه قربانا لثمالتي المبكرة... وبر على هوس الانتظارات...و الغبار يستوطن الخرائط... أشرعة من أحراش تصحو في الروح... أنت هذا المساء لي...تلقن ثرثرتي كيف تقترف الأسرار... هذا المساء أنت لي... كالنشوة ... كالامتلاء... كقبس من رؤيا...هذا المساء أنت لي رغم زحمة عند بابك...رغم زبد على كفك... هذا المساء أنت لي نكاية بجنّتك الضائعة و بكتبي التي بعتها على رصيف مطر ذات غباء.... نكاية بحرف الياء و كل البدايات...هذا المساء أنت لي... رغما عن عتمة الركح و عن فشل الأدوار... أنت لي و لتنتحر شمس آخر الشتاء أو لتحترف العهر... أنت لي و إن اعترف قلمي بمجاملة الألم لم يعد في حبل السنوات ما يحتمل الشّدّ و الجذب...هرمت روحي علي كفّي و شاخت....عندما كنت صغيرة...كنت أصدّق الخرافة و يغريني سجع العرّافات... كنت أقتنع بخاتمات الحكايات و أطرب لكلّ الأغنيات ... و كنت أيضا أحلم... كنت أثق بالعود اليابس و أتفاءل بالبرق و ببعض الكذبات... عندما كنت صغيرة... كنت أغترّ حين تثب الى شفتي كلمات منشقّة... كنت أنتشي حين يتمطّى على وسادتي كتاب أنهيته .. كنت صغيرة و كنت أترك أناملي تلهو بخد وردة... كنت أصنع ولائم فرح بايقاع المطر على نافذتي... كنت اندسّ كلّ ليلة في حلم أمتطي صهوته و أرحل...كنت أراقب بفخر اكتمال البعد الثالث لجغرافيا جسدي... كنت أغنّي للنّار و أشتهي الرّجال... كنت أخدش بصوتي صفحة الصّمت... كنت أسخر من المنصّات... كنت أذيب الملح على كفّي و أبذر اللحظات... كنت أجيد الزّهو في حضرة الخسارات...و الآن لم أعد صغيرة و لم أعد أجيد شيئا غير شوق و بعض انتظارات...أشتاق بعض ارتباكي أمام الألوان... أشتاق دهشتي أمام أغنيات لا تكتمل...أشتاق شتات البوح على حافة فنجان قهوة... أشتاق تحرري من النسيان لأتذكرك أكثر... أشتاقك جدا. و أتذكّر أنّ للوطن المذبوح على أنقاض الخيانة لهاث... و أنّ لبعض الأفواه رائحة نتنة.... و أنّ للخبز اليوم في وطني رماحه... و لليل حوافره... للساعات ألغامها... للصمت فخاخه ... للخطابات عهرها... للأعشاش المحروقة في وطني حقدها... كل ظلام في وطني ينبت عواء كلب مسعور يسلبني ماء روحي... يخرب ملامح وجهي... و يعبث بحبل الوريد...يمشي عليه و لا يسقط...فأنساني و أنساك و أذكر وطني
#حسيبة_هرّابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
-
الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا
...
-
“تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش
...
-
بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو
...
-
سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|