أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - هويدا طه - أحمد ذكي جسّد اغتراب المصري بين الفقر والاستغناء














المزيد.....

أحمد ذكي جسّد اغتراب المصري بين الفقر والاستغناء


هويدا طه

الحوار المتمدن-العدد: 1169 - 2005 / 4 / 16 - 11:31
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


لم تَرق تغطية التليفزيون المصري لحدث رحيل أحمد زكي إلى مستوى ذلك(النوع الخاص من الرحيل)، فالاكتفاء بعرض بعض أفلامه لعدة أيام بعد وفاته لا يكفي، لو أن التليفزيون المصري لم ينحدر إلى تلك الدرجة من السطحية في معالجة(قضايا المصريين).. لكان رحيل أحمد زكي.. حدثا يثير الثورة على فقر المصريين وأمراضهم! وإذا كان موت فنان مشهور.. يثير بلا شك(الفضول)بين الجماهير، قليل أو كثير من الفضول- حسب درجة شهرته- في كل مجتمع بلا استثناء، وربما في أغلب مجتمعات العالم.. عندما يكون مثلا فنانا بحجم أنطوني كوين أو مارلين مونرو.. ممن جابت شهرتهم آفاق العالم، وإذا كان من الفنانين من يثير عند موته بعض شفقة، كما حدث في مصر والعالم العربي حين رحلت سعاد حسني، وإذا كان هناك فنانون حين يموتون.. يبدو موتهم عظيما.. تماما كما حياتهم، مثل أم كلثوم مثلا، وإذا كان فنانون آخرون- مثل ذكي رستم- يبدأ الناس في اكتشافهم.. بعد رحيلهم! فإن فنانين قلائل جدا- ربما في كل مجتمعات العالم- هم من يثيرون(الحزن)عندما يرحلون! رحيل أحمد زكي أثار لدى المصريين بالذات.. وهو الذي كاد أن يصبح الممثل الشرعي الوحيد لآلامهم.. ذلك النوع من الحزن والأسى الدفين، لتسأل نفسك ألف سؤال.. هل لدى المصري استعداد(فطري)للحزن.. مهيأ باستمرار للتعبير عن نفسه بقوة.. منتهزا أي فرصة تثيره؟ لماذا هذه الرغبة الدفينة في أعماق المصريين للحزن والأسى والبكاء.. بل والنحيب؟! حتى أنهم يبدون وكأنهم.. يبحثون عنه.. يطاردونه.. لا كما سائر البشر يتحاشونه؟! لكن لماذا لم نبك فنانين آخرين عند رحيلهم رغم شهرتهم.. كما بكينا أحمد زكي؟ كثيرون كتبوا وحللوا وأدلوا بدلوهم- فصدقوا ولمسوا الحقيقة بدرجة أو بأخرى- حول ذلك(الحب)الذي ملك قلوب المصريين تجاه ذلك الفنان.. شديد السمرة مجعد الشعر غليظ الشفاه! هل قتله السرطان- المرض الخبيث- كما نسميه؟ أم قتله- في ريعان شبابه- شيء آخر.. يعرفه من نشأوا مثلي.. في أحياءٍ فقيرة مهمشة بائسة.. تقبع في قاع المدينة.. أو في أقاصي الريف وعلى هامش البلاد.. وفي ذيل الحياة والحضارة.. وبعيدا عن فعل الزمن.. الذي يتقدم إلى الأمام عند سائر البشر.. ويتأخر فقط عندهم؟! لا يخفى على أحدٍ أبدا أن أحمد زكي كان فلاحا فقيرا معدما من محافظة الشرقية.. ثم وعبر كفاح ٍ طويل كتب عنه الكثيرون تفصيلا، صار نجما مشهورا ميسور الحال، إلى أن خرج له قدره.. الذي اختبأ في جسده، منتظرا وصوله إلى ذروة النجاح.. كي ينقض عليه من حيث لم يحتسب- تماما كما يقول الفلاحون في مصر(كان لابد في الدرة)أي كان مختفيا مختبئا في حقول الذرة، كي ينقض على من يسير على جانب الحقل آمنا.. لا يتوقع هذا(الانقضاض)المفاجئ من وراء عيدان الذرة الخضراء! هذا(الشيء الآخر)الذي قتله، والذي يعرفه أمثالنا.. والذي(تنكر)في جسد أحمد زكي في صورة سرطان خبيث.. ربما يكون ذلك الذي يسمونه.. الاغتراب! الاغتراب الذي يستشعره أحدهم.. عندما يجرب خلال رحلة عمره ذلك الانتقال الدرامي.. من الفقر والتهميش إلى.. يُسر الحال، لن يسعد من هو مثله أبدا- سعادة تصل إلى العمق- بذلك اليُسر(الطارئ)عليه، فتجربة الفقر المريرة الشريرة.. خدشت مبكرا استعداده الطبيعي البكر.. لاستقبال السعادة بالشهرة ويُسر الحال، سيظل دائما وأبدا.. خائفا مذعورا من شبح عودة(الشرير)، الفقر شر.. الفقر شرير.. يخيف الناس ويدمي كرامتهم ويخطف آدميتهم ويمرغها في التراب.. حتى عندما يهزمه يُسر الحال في معركة الكفاح الشرسة.. فهو يختبئ في ظلام نفس الفقير الذي استغنى.. عاجزا صحيح عن إذلاله.. كما كان يفعل سابقا.. لكن عينه الشريرة تظل تلمع في الظلام.. لتخيف الفقير الذي استغنى.. حتى(تتورم خلاياه)من الخوف.. وتقضي علي حياته.. هكذا قضى أحمد زكي.. خوفا من فقر لم يبرح نفسه منذ أيام الحرمان المبكرة.. كما يقضي وسيقضي مصريون كثر... سواء بسبب فقر عَجَز.. لكن عينه الشريرة بقيت تلمع في الظلام.. أو بسبب فقر دائم.. لا يعجز ولا يزول.. ولا يأتيه أبدا فارس اليُسر... رجاءً..... لا تكونوا فقراء....



#هويدا_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور المصريين في الخارج في الحركة المصرية للتغيير
- نحو حصار القصر الجمهوري في مصر
- هل أنهى الظهور على التليفزيون مكانة هيكل
- حل آخر يقدمه النموذج القرغيزي: هروب الريس وعياله
- البرلمان المصري: نواب لكن ظرفاء
- امرأة أمريكية تؤم المصلين، ليه يزعل ذكور العرب!
- هل تلقى حركة كفاية التأييد من الشارع والمؤسسات المصرية؟
- تفتيش في أوراق القمم العربية.. من المواجهة والتصدي إلى استجد ...
- إدوارد سعيد والرسالة الأخيرة
- عمرو موسى : شاهد مقالش حاجة!
- الثاني من مايو يوم العصيان المدني في مصر
- الأفلام الوثائقية العربية: عقلية ثنائية ترى العالم شرا مطلقا ...
- بعد الأرز في بيروت، النسر المصري يستعد للإقلاع: استغلال الفض ...
- الذهنية العربية الإسلامية تكره الأنثى المتمردة النشطة عقليا ...
- مبارك: تعدّل.. متعدّلش... برضه كفاية
- الحسين كان رجل سياسة وليس رجل دين، فلماذا القداسة؟
- إصلاح الشرق الأوسط يبدأ بالتغيير حول ضفتي البحر الأحمر
- من لا يربيه شعبه.. كونداليزا تعرف تؤدبه!
- صفوت الشريف: الريس مقبل على-ضبط إيقاع-المعارضة المصرية!
- الرئيس مات قبل التمديد: اللي خلف مماتش، المثل من مصر والريس ...


المزيد.....




- مزارع يجد نفسه بمواجهة نمر سيبيري عدائي.. شاهد مصيره وما فعل ...
- متأثرا وحابسا دموعه.. السيسي يرد على نصيحة -هون على نفسك- بح ...
- الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف على أطراف م ...
- السيسي يطلب نصيحة من متحدث الجيش المصري
- مذكرات الجنائية الدولية: -حضيض أخلاقي لإسرائيل- – هآرتس
- فرض طوق أمني حول السفارة الأمريكية في لندن والشرطة تنفذ تفجي ...
- الكرملين: رسالة بوتين للغرب الليلة الماضية مفادها أن أي قرار ...
- لندن وباريس تتعهدان بمواصلة دعم أوكرانيا رغم ضربة -أوريشنيك- ...
- -الذعر- يخيم على الصفحات الأولى للصحف الغربية
- بيان تضامني: من أجل إطلاق سراح الناشط إسماعيل الغزاوي


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - هويدا طه - أحمد ذكي جسّد اغتراب المصري بين الفقر والاستغناء