أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نوري المرادي - الماركسية ووجود الله!!















المزيد.....



الماركسية ووجود الله!!


نوري المرادي

الحوار المتمدن-العدد: 286 - 2002 / 10 / 24 - 15:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


على مواقع (الحوار المتمدن) و (كتابات) و (العراق المهاجر) وفي مقال له بعنوان (( فقهاء الزمن الأغبر )) كتب السيد إبن الغراف ما يلي: (( إن الناس أصبحوا أكثر وعيا فلم يعودوا يبعثروا أموالهم ذات اليمين وذات الشمال وأدركوا أن مسؤوليتهم الشرعية والأخلاقية هي التأكد من حامل الأمانة قبل تسليمه أموال الصدقات والأخماس والزكوات والنذور ،، وقد إبتدع يعض الفقهاء طريقة جديدة في هذا الشأن بزيادة التنازل عن جزء من الحق الشرعي في أموال الله مقابل أن يستولوا على الجزء الآخر ويعطوا في ذلك صكّا عن براءة الذمة شريطة أن يعمل مستلم الصك دعاية عن ورع هؤلاء الفقهاء وإخلاصهم للملة)) وإبن الغراف هنا يعني قلة بعينها من الفهاء ولا يعني فقهاء المذهب ككل أو فقهاء الدين عموما.

وعلى المواقع ذاتها وبالأخص (كتابات) وفي مقاله (( السلفية اليسارية وداء الشيخوخة )) يقول علاء اللامي ما نصه (( إن عدم التفريق في الفكر والممارسة بين التراث الروحي والمشاعر الدينية لملايين الناس من جهة وبين عصابات سلفية معزولة من جهة أخرى، هو السبيل السالك والمجرب في الإنتحار السياسي والحكم على النفس بالعزلة والتلاشي )) وعلاء هنا يشير إلى حالة بعينها ضمن التيار الماركسي تمارس النهلستية على أي شيء إسمه دين.

وفي مقاله ((العراق لماذا يسقط في يد الأمريكان)) كتب السد قاسم سرحان ما يلي: (( إن معاناة الشعب العراقي في الداخل يتحملها صدام وتمزيق الشعب العراقي والوطن تتحمله المعارضة العراقية فهم إنشغلوا أمام الأمريكان بالطائفية والقومية والزعامات ونسوا قضية الشعب العراقي )) وقاسم أيضا يعني فئة من المعارضة بعينها ولا يعمم.

وفي مقاله بعنوان (( إنهم يزحفون نحو قبر علي إبن أبي طالب )) قال حمزة الحسن: (( إن المدينة العربية لم تكن تحتل المكانة ذاتها التي إحتلتها المدينة الغربية في النظام الثقافي العربي، أين ذهبت قصائد المديح بتمثال بوشكين ولينين،،، لم نتغن بحمام الساحة الحمراء وليس حمام الكاظم ،، ويوم كانت الجيوش النازية على أبواب موسكو صرخ ستالين في الشعب قائلا إنهم يقتربون من تمثال بوشكين فإندفعت الجماهير إلى ميادين القتال لأن بوشكين ليس تمثالا من رخام وإنما رمز للكبرياء الوطني ،، وها هم يزحفون نحو قبر الإمام علي )) وهو نداء تنبيه للمعنيين من دعاة التمسك بجغرافية الأيديولجيا وليس بروحها. وحين يصرخ هاهم يزحفون نحو قبر علي، فهو يعلم موقع علي فينا عسى ولعل المفتونين بامريكا يرعوون.

وفي مقاله (( عرب كالمستشرقين )) قال عبدالأمير الركابي (( إن أيديولوجيا الحداثة والدولة والأمة أرفع بكثير من حضيض الإيديولوجيا العقائدية والحزبية الضيقة )) وفي مقاله (( شاي سمير عبيد )) قال سلام عادل: (( إن واحدة من أعراض تضخم الذات المرضي هو أن يصبح المريض غير قادر على رؤية حجمه بصورة صحيحة ولا هو قادر على تقييم نفسه أو وزنه المعرفي والسياسي ))

والركابي وعادل إذا، هو وجوهر ما قاله السادة أعلاه، والذين يمثلون التيارات الفكرية الأساسية في العراق، مثلما يمكن أخذهم كعينة عن الفكر العربي في هذه المرحلة.

وما قالوه أعلاه وإن إختلفت نصوصه، فهو رفض لحالة جارية، وهو في الوقت نفسه لحظة مراجعة للذات وإعادة للنظر في المسلمات الفكرية أو ما أصبح مسلمات تحت تأثير قناعات ثقافة النصف الثاني من القرن الماضي.

ومعلوم أن المعرفة تراكمية، والفكر يسير عمليا في حركة حلزونية. حيث يبدأ من نقطة معرفية ما ثم يتخطاها وبعد فترة يعود إلى النقطة ذاتها لكن مشبعا بإضافات أو حذوف نتيجة تلاقحه مع الأفكار الأخرى.

وتراكمية المعرفة، تلزمنا بعدم الوقوف عند مرحلة فكرية ما وإتخاذ مسلماتها كثوابت كونية لا تقبل الجدل. وقد علمنا مرة أن مجموع زوايا المثالث هي 180 درجة لا غير، وأن الخطين المتوازيين لا يلتقيان، وأنه لا حرارة تحت الصفر المطلق،،الخ. وكل هذا تبين عدم صحته وإن كان بجكم المسلمات.

والقول بالثوابت الكونية مغلوط هو الآخر. ذلك لأنه لا ثوابت. فحتى الخليقة تمت في ستة أيام كما تقول الأسطورة السومرية، ولا يتم الخلق التالي إلا حين يرى الرب أن ما خلقه حسن. إضافة إلى أن جميع الديانات والمذاهب تقول بالبداء وإن أنكرته لفظا. والبداء هو مذهب سومري قديم، مقرون مع الفعل الخلاق الذي كانوا هم أيضا أول من قال به وهو ((كن)).

والبِداء، هو أن يستجد أمر لدى الله سبحانه وتعالى فيغير القدر المكتوب بناءً عليه. والبداء بالمعنى المادي هو جدلية الخلق وتطوريته. والمذاهب التي تنكر البداء لفظا (المذاهب الجبرية) لا تكف تسأل الرب أن يغير ما كتبه عليها، حين تصلي له وتنشد التراتيل والأدعية. فإذا كان الأمر جبرا، وقد كتب الله عليها ما كتب وجفت الأقلام وطويت الصحف كما ورد في الحديث النبوي الشريف، فعلام تدعو الرب الغفران والرحمة؟ أي لم تدعوه أن يغير قدره ويبدي فيه؟! ولم قال الرب ذاته (إدعني أستجب) إذا كان ما قرره ثابت لا بداء فيه؟

و الثوابت غير القوانين. فالقانون يدرس حالة الشيء وعلاقته بالمحيط. والشيء كما قلنا عرضة للتغيير بينما القانون لا يتغير لأنه صيغة للعلاقة الجوهرية لهذا الشيء مع محيطه. ولنقل بصورة أكثر عمومية وهي أن القانون إذا تغير فببطئ شديد جدا بحيث يمكن إعتباره معدوما، نسبة إلى تغير حالة الشيء.

إذن فالمعرفة تتراكم والإستنتاجات المستحصلة منها حتما ستكون على تغير دائم. هذا ما تقوله الماركسية. وهذا ما تصر الماركسية عليه، وتتباهى أنها هي التي إكتشفته.

فهل يعصمها هذا الإكتشاف من حتمية تغير مسلماتها؟

لا طبعا.

لأنه ليس للتراكم المعرفي (لحية مسرّحة) وهو لا يجامل حتى أبوه(!) وقد جربنا تعليب الماركسية في قالب من حديد، فكسرته وكسرت معه دولتها التي مثلت في لحظة ما واحدة من ألمع تجارب البشرية.

والماركسية إذن بحاجة إلى وقفة مع الذات تماما كتلك التي وقفها السادة المفكرون أعلاه وهم يجادلون الحال الجارية.

وفي مقال لنا سابق عالجنا أحد مسلمات فكرنا الماركسي - دكتاتورية البروليتاريا والتي فيها إعتنقنا التسمية الأكثر شمولا لها وهي سلطة المستضعفين.

وفي هذا المقال نعالج مسلمة الماركسية التالية وهي: الوجود الإلهي.

ماذا تقول قوانين الماركسية: هل الله موجود أم لا؟!

للإجابة على هذا السؤال، لابد من المرور أولا بمقولة (الدين أفيون الشعوب) التي أثارت جدلا واسعا في حينها.

إن شخصا مثل ماركس أو إنجلس، وقد حيّد التابو المقدس الذي رسمته الكنيسة عن الدين في النفوس، سينظر إلى الدين كفلسفة غيبية، لم يتأكد لا هو ولا نحن إلى اليوم من مصدريتها عينا. وهكذا شخص سيتعامل مع الدين حسب همومه. وهمه الأساس هو إنهاض الطبقة العاملة لتثور وتأخذ السلطة. وكل ما يعوق ذلك فهو تخدير لا ضرورة له. خصوصا والطبقة العاملة عادة ما تكون محدودة الثقافة، لذا ستأخذ الدين لا كقناعة روحية، إنما كمسلمات غير قابلة للجدل. أو كلاهوت يستبدل المعرفة بالإيمان الأعمى المبني على الإختلاقات الأسطورية. والكنيسة ذاته غير معنية أن يأخذ هؤلاء المسحوقين الدين كقناعة روحية، بلها تدخلت بين الفرد وربه وصارت تمنح صكوك الغفران بإسم الرب، تلك الصكوك التي يتحدث عن مثيلاتها السيد إبن الغراف أعلاه.

وفي العام الماضي وضع أحد المتدينين قنبلة في سوق الشورجة، وهو يعتقد أنه جاهد في سبيل الله. كما يدفع قائد هذا المتدين تعريفة هي 200 دولار لقتل الضابط العراقي فما فوق و100 لقتل المراتب التي دونه. وهذا القائد هو عينه الذي وبإسم الدين تجسس على وطنه وتعامل مع أعدى أعداء دينه أيضا، وهو لم يكف ينشر الأخبار عن الأسلحة مسوغا بذلك لعدوه غزو بلده. وهو الذي بدأ يتاجر حتى بذكريات موتاه، مستجديا به الجاه والسلطة.

ومن هنا، وحيث يستغل الدين لإغباء أو لتعمية المستضعفين، أو يستعمل مطية لكرسي أو مبررا للتجسس لصالح العدو، فهو ليس أفيون وحسب بل وسلفية مقيتة أيضا.

لكن، الدين عموما يحتوي عنصري الممارسة الطقسية والإيمان. والإيمان هو التصديق المقرون بالثقة والإطمئنان. ومن هذا الجانب، فللدين وجهه المشرق. ذلك أن الإيمان لا يكون إلا عن وعي، وبالأخص الوعي المعرفي الذي سيولد القناعة الروحية. وكما قال السيد علاء اللامي أعلاه فالقناعة الروحية والسلفية شيئان مختلفان كليا. ولولا القناعة الروحية العميقة، لما أصبح الدين من عوامل النهضة الوطنية، ولا أمكن إقحامه في النضال الوطني. ولولا القناعة الروحية لما تجرأ فتية بعمر الورود ووجهوا صفعة إلى عدوة العالم أمريكا وفي عقر دارها. ولولا القناعة الروحية العميقة لما حدثت العمليات الإستشهادية في لبنان والتي تحملت العبء الأكبر بطرد الغزاة، وهكذا ستفعل العمليات الإستشهادية في فلسطين.

إذن فمصداقية مقولة (الدين أفيون الشعوب) مرهونة بنوع هذا الدين، هل هو سلفية عمياء  ووسيلة تبرر غاية أنانية فتكون صحيحة، أم هو قناعة روحية وعلاقة صافية بين المرء ومحيطه وكونه، فتكون مغلوطة.

على أن القناعة الروحية لا تعنبي بالضرورة الإيمان بإله بعينه، أو لا تعني توحيد هذا الإله، أو  تفريده على غيره. فللهندوسي المؤمن بالبقرة قناعته الروحية وهو مستعد للإستشهاد، مثله مثل السيني (اليزيدي) المؤمن بقدرة الشيطان، والمستعد للإستشهاد أيضا. ونوع الإله ليس موضوعة البحث. فهذه قناعات لا يمكن تسفيهها ولا نقضها بسهولة.

إنما السؤال الذي على الماركسية أن تجيبه، وبلا مواربة، هو: هل الخالق موجود أم لا؟!

سابقا، وحتى اللحظة، تجيب الماركسية أن (( لا! لا يوجد خالق ))

أما الآن، ومنذ اللحظة، وبصفتي كشيوعي ماركسي لينيني، أقول: (( نعم إن الخالق موجود، وتنص على وجوده قوانين الماركسية ذاتها! ))

ولأجل البرهنة أرجوا القارئ الصبور أن يرحل معي عبر المحطات التالية:

 

أولا:

إن قوانين الجدل الثلاثة (وحدة وصراع المتناقضات، نفي النفي، التراكم الكمي يؤدي إلى تغيير نوعي) تتحدث عن الكون في حالته المادية المعروفة (الحالية) الواقعة تحت جهد قليل جدا. مثلما تتحدث عن حركية هذه المادة (الموضعية، الحرارية، الذرية، الكمية،،الخ). أو حركية حالتها. وحالا المادة الثلاثة بنظري هي ليست السائلة والصلبة والغازية، وإنما البلازما، الكتلة، الطاقة.

وبدون حركة لا يحدث التناقض ومن ثم لا يحدث التراكم ولا التضاد. والحركة تشمل كل أجزاء الكون.

لكن هذا الكون قبل الإنفجار الكبير كان بحالة الصفر الحجمي والحد الأقصى للكثافة. وفي هكذا حالة وبسبب الجاذبية الهائلة إلى مركز الكتلة، تبطل جميع قوانين الحركة النيوتنية والكمية أيضا بما فيها حركة الضوء التي تدخل كعامل إساسي في معادلة إينشتين (الطاقة = الكتلة × مربع سرعة الضوء) للتحول ما بين الكتلة والطاقة. وسرعة الضوء ستتناقص أو تلتوي لترتد إلى مصدرها أو تتوقف كليا. فلا ضوء يفلت حين تبلغ الكتلة أقصاها ولا إشارات من أي نوع. ولهذا لا نعرف ما يحدث داخل الثقوب السوداء مع إننا نعلم بوجودها ومواقعها.

أي إننا نعلم قوانين الكون الظاهري الحالي فقط. وقوانين الماركسية التي تعتمد على مادية (شيئية) هذا الكون وإن كانت صحيحة جدا، فهي ليست نهاية المطاف وليس عليها فقط يتركب جوهر هذا العالم. أي إننا عرفنا من عمومية قوانين الكون جزءً  يسير فقط، لا يؤهلنا للحكم المطلق.

 

ثانيا:

ولو عدنا إلى اللحظة التكوينية التي تبدأ منها قوانين الجدل بالفعل، وهي حالة الهيولي أو الغبار الكوني الذي نشأت منه الكواكب والأشياء عموما. فهذا العماء هو أكثر حالات المادة إسترخاءً. والإسترخاء التام هو النظام الأقل جهدا، وبالتالي الأقل إمكانية للتفاعل. وقانون السببية الماركسي يحتم سبب ما يؤهل هذا الهيولي للتفاعل المنتج للأشياء. ولكي ندفع جسيمات الهيولي للتصادم والتفاعل فلابد من سبب ولو على شكل طاقة مهما إختلف مقدارها على الأقل تهيء التصادم الأول. أي إن نظرية المحرك الأول ليست مغلوطة قطعا.

 

ثالثا:

إن لكل جسيم في الكون مضاد له، يدور بعكس إتجاهه، ولا يوجد الجسيم ما لم يوجد مضاده. وإن تصادما بتلك القوة التي تحدث التفاعل فسيفنيان بعضهما ويتحولان إلى طاقة. والطاقة موجية الطابع. مثلما ولكل جسيم موجة ترافقه. ويتناسبان كميا بشكل عكسي. إذا كبرت الحالة الموجية قل المحسوس والعكس. وفي لحظة معينة أما أن تكون الحالة الموجية أو تكون الحالة الجسيمية حسب فرضية هايزنبيرج. وهو ما يعني أن الحالة الموجية هي حالة موضوعية قائمة فعلا خارج الجسم. وهذه الموجة تحتوي المعلومات ذاتها التي يحتويها الجسم، بحيث يمكن القول بأنها عاقلة، بدليل ذاكرتها، بحيث لو تحولت إلى الجسيم، فلن تغلط بشكله أي ستعيده إلى شكله القديم الذي نشأت هي عنه.

ما نعنيه أن الموجة والجسيم متقارنان، مثلما الجسيم ومضاده متقارنان.

وما يشمل الجزء لابد يشمل الكل. وما يشمل الجسيم يشمل الكون الأعم.

ولابد وللكون ككل، كون مضاد موجود لا نعلم مكانه وحجمه. لولاه ما تواجد كوننا أصلا.

ولابد ولكوننا موجة قرينة، إن كان لها الدور بالإحلال فلابدها تحتوي كل معلومات هذا الكون منذ نشأته حتى مماته.

ومن هذين العاملين نستنتج أن كوننا لأجل أن يفعل ويستمر، لابد ويوجد كون، أو جسيم، أو موجة، أو شيء ما خارجه.

أو بصورة أدق، فكوننا هذا أسير شيء ما قرين، لولاه، لما فعل.

 

رابعا:

إن كثافة هذا الكون بسبب سعة حجمه قليلة جدا بحيث تبلغ أقل من جزء من 10 وأمامها 23 صفرا. لكن مع ذلك يحدث داخله إحتكاك، سواءً أثيري أو ذري أو كتلي إبتداءً من الشهب والنيازك إلى إصطدام المجرات. والإحتكاك هو قوة مقاومة تعاكس الحركة. وعموما فالسرعة تتناقص بجذر تربيعي مع مقدار الإحتكاك. ولكي يبقى الكون على إستمرارية حركته وسرعته الثابتة، لابد من طاقة إضافية تعادل مقاومة الإحتكاك. هذا من جانب،

ومن جانب آخر، فحركة الكون ليست بخط مستقيم وحسب، وإنما هي دورانية أيضا. والحركة الدورانية هي حركة معجلة وإن بدت ثابتة. ذلك أن التعجيل يستهلك في التغيير الدائم لإتجاه الحركة (الدوران). والتعجيل يحتاج إلى طاقة. أي ولكي نبقي أجزاء الكون على حركتها الدورانية الثابتة، لابد من طاقة نستوفي بها التعجيل الذي تستهلكه الحركة الدورانية.

أي إننا عموما بحاجة إلى طاقتين واحدة للتغلب على مقاومة الإحتكاك الداخلي والأخرى لإستيفاء تعجيل الحركة الدورانية.

فإن كان الكون نظاما معزولا ومغلقا على ذاته، لإستمر فترة يدور بعد الإنفجار الكبير، ثم لا يلبث وستهلك طاقته الداخلية ويهفت. وهفوت الكون غير وارد لأنه بعد أقصى تمدد له يعود ويتقلص، ليتكتل إلى حجم الصفر من جديد ليحدث الإنفجار اللاحق. وفي كتابنا (التراجيديا الإلهية) سنتحدث عن هذه الحال بالتفصيل.

المهم إن الكون وليستمر في حركته ودورانه الثابت لابد ويحتاج إلى طاقة يستمدها حتما من مصدر خارجي عنه.

 

خامسا:

تقول المسلمة الماركسية إن الوعي هو خاصية المادة الرفيعة التنظيم. والمادة الرفيعة التنظيم هي الأحياء، وأرفعها طبعا الفقريات العليا والأرقى فيها هو الإنسان. وأن الوعي هو إنعكاس للواقع الموضوعي.

وأنا كإمسان لا أستطيع أن أكون صورة عن الجبل لو كان الجبل غير موجود في الكون إطلاقا. وقد لا أراه أنا، لكن الوعي الجمعي والتواتري كفيل بأن ينقل صورته إلي. وبشار بن برد، مثلا، قال: (كأن مثار النقع فوق رؤوسنا  وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه) وهو ولد أعمى ولم ير السيف ولا خاض معركة ولا شاهد كواكب الليل ولا غبار النهار. ومع ذلك وصفها بهذه الدقة والشاعرية مستندا إلى الوعي الجمعي. المهم إن الكواكب والليل والسيوف هي حقائق موضوعية، شاهدها بشار أم لا. ولولا كونها حقيقة موضوعية لما عرفها لا الأعمى ولا المبصر.

وإحصائيا، فالنتيجة المعتمدة هي تلك التي تتجاوز مصداقيتها النصف أو الثلثين من مجموع العينات المحصاة. ولو راجعنا وعي البشرية فرادا وجماعات وعلى مر التاريخ، نجده وبنسبة لا تقلل عن 90% يحتوي على قناعة ثابتة بوجد الإله. وهي نسبة أكثر من المعدل الطبيعي للمصداقية. ومن هنا فلابد أن يكون وعيهم هذا هو إنعكاس لإله موجود موضوعيا. ووجوده هو الذي يفسر الطاقة الهائلة التي تسير هذا الكون.

 

أما شكل هذا الإله وهيئته أو زمكان تواجده فتخيله مرهون بالبيئة والثقافة والمرحلة التي قطعها التطور العرافاني لهذه الأمة أو تلك.

وحين نقول التطور العرفاني فنعني به مجمل التراكم المعرفي بما فيه التجارب الوجدية. ولنا مع هذا حديث آخر، في موضوعة العرفان والفرق بن الديانة والفلسفة ومن هو النبي ومن هو الرسول!




#نوري_المرادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كشمير الشرق الأوسط - فدرالية كردستان
- ومضة اليأس
- شـَمـَاتـــة
- دكتاتورية البروليتاريا
- الى السيد عمرو موسى رئيس الجامعة العربية!!
- موت في المِهجر!!،،،
- سلاما آل البيت!!،،
- الدمع المراق لِما رسمته كُندليزا للعراق!!،،
- ما هي خلفيات هؤلاء حقيقة؟
- ديدن الجاهل!!
- الرد على تشبيه المدلسين
- السيد الفاضل إبرهيم عبد الفتاح المحترم
- الإعتراف بالجرم!!
- تبدِّل الأفعى جلدها وليس دخيلتها!!،، هل ثابوا أم هو وازع الط ...
- التحالف مع اليسار حرام والتحالف مع أمريكا وإسرائيل حلال!!
- ثوابت الحزب الشيوعي العراقي (( الكادر الحزبي )) الوطنية!،،
- السيد مرشد الجمهورية الإسلامية آية الله روح الله على خامنآي ...
- ما نؤآخذ الحكيم عليه


المزيد.....




- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...
- 40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نوري المرادي - الماركسية ووجود الله!!