|
حتى لا يصبح هذا -الرَّقَم- حقيقة واقعة
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 4069 - 2013 / 4 / 21 - 21:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
جواد البشيتي مليونا لاجئ سوري في الأردن حتى نهاية 2013، إذا ما استمر السبب الذي حَمَل، ويَحْمل، المدنيين السوريين على اللجوء إلى الأراضي الأردنية؛ وهذا "الرَّقم"، والذي هو "تَوقُّع رسمي" أردني، قد يَقِل، إذا ما ضَعُف السبب نفسه؛ لكنَّه قد يزيد، إذا ما قَوِيَ. والأردن، لأسباب شَتَّى، بعضها إنسانيِّ، لا يستطيع مَنْع هؤلاء المدنيين، وجُلُّهم من الأطفال والنساء والشيوخ، ومن الفقراء، دخول أراضيه؛ ومِنْ قَبْل بزمن طويل، لم يستطع مَنْع اللاجئين الفلسطينيين من دخول أراضيه؛ ولن أَذْكُر لاجئين عرب آخرين، في مقدَّمهم العراقيين؛ لأنَّ خصائص لجوئهم مختلفة. وإنَّ أشد ما يُقْلِق الأردن (ويُقْلِق كثيراً من الأردنيين) هو أنْ يستمر ويعنف الصراع الدموي في سورية، وأنْ يطول زمنه، وأنْ تتغيَّر به، وفيه، "الوقائع" بما يَجْعَل من الصعوبة بمكان عودة هؤلاء اللاجئين إلى بلادهم؛ وثمَّة شباب من هؤلاء اللاجئين يتَّسِمون بـ "مرونة مهنية" مَكَّنَتْهُم، سريعاً، من أنْ يشغلوا حيِّزاً من سوق العمل في الأردن. ومن الأهمية بمكان أنْ نشير إلى أنَّ اللاجئين السوريين في الأردن (وفي غيره) يُجْمِعون على تحميل حُكْم بشار الأسد مسؤولية مأساتهم الإنسانية؛ فإنَّ أحداً منهم لم يُحَمِّل "المعارَضَة"، أو بعض جماعاتها، مسؤولية ذلك. الآن، هُمْ "لاجئون"، أيْ "حالة إنسانية" في المقام الأوَّل؛ لكن ليس ثمَّة ما يَضْمَن بقاءهم على هذه الحال زمناً طويلاً؛ وإذا ما زاد عددهم، واشتدت معاناتهم؛ فإنَّ تورُّط الشباب منهم في الصراع الدَّموي في سورية، ليس بالتوقُّع غير الواقعي. ولا شكَّ في أنَّ الأمم المتحدة تتحمَّل، في عجزها وتقصيرها، جزءاً كبيراً من المسؤولية؛ فإنَّ كثيراً من أوجه وأبعاد الأزمة (أزمة اللاجئين السوريين في الأردن، وفي غيره) كان يمكن احتواؤه، والتغلُّب عليه، لو مُكِّنَت المنظمة الدولية من الاضطِّلاع بمسؤولياتها الإنسانية والإغاثية والسياسية والأمنية؛ فإنَّ إقامة منطقة آمنة للاجئين السوريين في داخل الأراضي السورية هي مسؤولية الأمم المتحدة؛ فليس من حقِّ أيِّ حكومة أنْ تُصارِع معارضيها بما يتسبَّب بإرغام جزء كبير من مواطنيها (المدنيين العُزَّل، والذين معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ) على اللجوء إلى أراضي دولٍ مجاورة. وأحسب أنَّ هذه الحالة هي من الحالات التي تَكْتَسِب فيها الأمم المتحدة الحق في هذا الانتهاك للحقِّ السيادي للدول، والذي فيه (أيْ "الانتهاك") من "الشَّرعية الدولية (والأخلاقية والإنسانية)" ما ينبغي له ألاَّ يجعله مدار خلاف ونزاع بين أعضاء مجلس الأمن الكبار. الأمم المتحدة يجب ألاَّ تسمح بلجوء مئات الآلاف والملايين من المدنيين السوريين إلى الأردن، وإلى غيره من الدول المجاورة؛ فهذا اللجوء يُرتِّب على الأمم المتحدة (وعلى مجلس الأمن على وجه الخصوص) مسؤولية القضاء على أسبابه مهما كانت؛ وهذا "الدور الطبيعي" للأمم المتحدة يبدأ، ويجب أنْ يبدأ، بإقامة منطقة (أو مناطِق) آمنة في داخل الأراضي السورية، تتولَّى هي مباشَرَةً مسؤولية رعاية وحماية وإغاثة ومساعدة اللاجئين فيها، أو إليها؛ وعلى حُكْم بشار الأسد أنْ يلتزم، أو يُلْزَم، بعدم التَّعَرُّض للدور (المتعدِّد الوجه) للأمم المتحدة في هذه المنطقة، ولو خَرَج منها مقاتلون لقتاله في مناطق أخرى؛ لأنَّه هو الذي تسبَّب بهذا اللجوء، وبقيام تلك المنطقة (أو المناطق) الدولية الآمنة (للاجئين). مليونا لاجئ سوري في الأردن إنَّما يعني (وهذا ما ينبغي لكل الحريصين على منع أقْلَمة الحريق السوري أنْ يَعْلموه) أنَّ أحداً لا يستطيع منع تورُّط جزء منهم، مستقبلاً، وفي طريقة ما، في الصِّراع الدَّموي في سورية؛ وهذا التورُّط لن يبقى زمناً طويلاً بلا عاقبته الإقليمية الحتمية. ونحن يكفي أنْ نَقِف على المعاني السياسية والأمنية (والاقتصادية) لهذا "الرَّقم" حتى نتبيَّن أهمية وضرورة أنْ تُسْرِع الأمم المتحدة في إقامة "منطقة دولية آمنة (للاجئين السوريين)" في داخل الأراضي السورية، أيْ في جنوب سورية، وفي أنْ تتولَّى هي مباشَرَة مسؤولية رعاية وإغاثة ومساعدة اللاجئين، في هذه المنطقة، والحفاظ على أمنهم الشخصي، وأمن هذه المنطقة، ميسِّرةً ومُسهِّلةً، من ثمَّ، عودة اللاجئين في الأردن إليها. وأحسب أنْ ليس في هذا الذي قُلْت ما يَعْدِل الدَّعوة إلى تدخُّل عسكري خارجي في الصِّراع السوري؛ فالأمر كله لا يتعدَّى اضطِّلاع الأمم المتحدة بـ "دورها الطبيعي" في رعاية وإغاثة ومساعدة وحماية اللاجئين السوريين في مناطق أمنة (لهم) في داخل الأراصي السورية؛ فهي، أيْ الأمم المتحدة، لا تَمْنَع حُكْم بشار الأسد من التسبُّب بتهجير وتشريد مزيدٍ من المدنيين السوريين؛ لكنَّها تمنعه من تهجيرهم وتشريدهم إلى خارج وطنهم، ومن التعرُّض لهم في مناطقهم الدولية الآمنة، ولدورها في هذه المناطق؛ وهذا أمْرٌ يجب، كما قُلْنا من قَبْل، ألاَّ يكون مدار خلاف ونزاع بين الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي.
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصر التي تحتاج إلى استئناف ثورتها!
-
مواطِنة أردنية تصرخ وتستغيث.. و-الدولة- صَمَّاء!
-
أهو النسور أم فوكوياما؟!
-
أوهام جماعات -الإسلام هو الحل-!
-
-جلالة الإعلان- و-صاحبة الجلالة-!
-
كيري الذي يبني -الثقة- ب -التنمية-!
-
تجربة آينشتاين مع -الحقيقة-
-
اللاجئون السوريون.. مأساة -مهاجرين بلا أنصار-!
-
جوابي عن سؤال -مَنْ هو اليهودي؟-
-
-جريدة- لم تَرَ النور بَعْد!
-
ما معنى تلك الاتفاقية التاريخية؟
-
و-الودائع- إذا -تبخَّرت- في -جزيرة الشمس-!
-
تذكير جديد بالمخاطِر النووية
-
الزعماء العرب قرَّروا -عدم تسليح- المعارَضَة السورية!
-
حقيقة -النقود-
-
في الجغرافيا السياسية للصراع السوري
-
لقد -تكلَّم- أوباما.. فهل رأيتموه؟!
-
الأهمية الديمقراطية لتجربة -النَّشْر الإلكتروني-
-
السَّرِقَة
-
أوباما إذْ جاء سائحاً!
المزيد.....
-
-جزيرة إنستغرام-.. أكثر من 200 زلزال يضرب سانتوريني في اليون
...
-
-لم أتوقف عن البكاء-.. رصاصة تخترق جدار منزل وتصيب طفلًا نائ
...
-
تشييع جثمان حسن نصرالله وهاشم صفي الدين في 23 فبراير.. وهذا
...
-
-9 آلاف مجزرة وأكثر من 60 ألف قتيل- في غزة.. أرقام مرعبة يكش
...
-
الرئيس الكولومبي يصعّد انتقاداته لسياسات الهجرة الأمريكية وي
...
-
الجيش الإسرائيلي يفجر 23 مبنى سكنيا في مخيم جنين
-
كيف نطق الإنسان؟ أهم الفرضيات حول أصل لغة البشر
-
ملك الأردن يلتقي ترامب بواشنطن في 11 فبراير
-
نائبة أيرلندية: إسرائيل دولة فصل عنصري والعالم بدأ يدرك ذلك
...
-
دفعة ثانية من الجرحى والمرضى تغادر قطاع غزة عبر معبر رفح
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|