أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - نضال نعيسة - العجـوزالشمطـاء














المزيد.....

العجـوزالشمطـاء


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1169 - 2005 / 4 / 16 - 09:23
المحور: العلاقات الجنسية والاسرية
    


يحكى أنه في إحدى القرى الجميلة الخلابة الخضراء, ياسادة ياكرام , كان هناك فتاة على قدركبير من الحسن والجمال ,وتتمتع بكثير من الغنج والدلع والدلال , و حين كانت تسير في شوارع القرية ,كانت تتمايل معها قلوب صناديد الرجال ,وكانت الأنوثة الطاغية والبارزة تلهب مشاعر وعواطف المصارعين ورافعي الأثقال,وتجعلهم يتصرفون كالأطفال والجهال,والعيون الحور الواسعة الجميلة تصرع الميامين الغر الأبطال ,وكان الوجهاء والأعيان يطلبون منها الرضا والقبول والوصال.وكثر طلاب الود والمريدون كما هو الحال عند وجود حورية رائعة البهاء ,غير أن الرفض كان مصير كل العرسان الذين تقدموا لدخول هذا القفص الذهبي . وكل مشاريع الزواج ,وتطليق العزوبية كن مآلها الفشل والإخفاق. وكلما تقدم أحدهم بمبادرة لطلب الزواج كانت تقابله باستهجان ورفض واستنكار, وأنه ليس على قدر المقام.وكثرت المبادرات, وكثر الطلاب المدحورون,والضحايا أمام غطرسة وعنجهية هذه الفتاة التي كانت ترفض لمجرد الرفض ولم يكن لديها تصورات واضحة عن طبيعة الحياة ,وما ستؤول إليه الأمور في القادمات من الأيام ,وأن الزمن لن يمر عليها,وسيدوم الحال لها كما تشتهي وتتمنى وتحلم به في المنام.

وكان أهلها الرافضون أيضا لكل الناس والذين كانوا يدّعون الرفعة والنبل والحسب والنسب والعصمة ,والتعالي على خلق الله سببا آخر في المحنة التي وصلت إليها الفتاة فيما بعد.وكانت تزدري الجميع ,وتنظر إليهم من علياء,وتدعي أنها سترفع من اسمهم ومركزهم في الحياة لو اقترنت بهم وأصبحت زوجة لهم ,وكانت تعيّر الناس بأصولهم ومنبتهم.ووضعت المعايير الصارمة ,والبنود التعجيزية, والشروط المستحيلة التي لا يمكن لإنسان أن يلبيها ومهما أوتي من قوة وجبروت ومال وفتوة وعنفوان.لا بل كانت تتهم المتقدمين لها بكل الصفات والنعوت السيئة التي جعلت الجميع يعدون للألف قبل التوجه لطلب ودها والاقتران بها.واستمرت بالرفض حتى أصبحت لغزا ,وأحجية ولم يعد أحد يدري كيف يرضي هذه الغانية والغادة الهيفاء,وماهو السر والدافع وراء هذا السلوك الذي جعلها تصبح أكبر العوانس وأكثرهن شهرة في المحيط وبين الجيران .

ومرت الأيام ,وتبدلت الأحوال ,وكبرت فتيات صغيرات كن يتزوجن ,وكانت الأفراح والليالي الملاح تضيء أجواء القرى الأخرى ,وتمضي الحياة والسنون عليهن بسهولة ويسر ,فيما تعقدت أحوالها وصارت وحيدة ومعزولة وهجرها أهلها وصديقاتها ,ولم يعد أحد يعبأ بها,أو يعيرها اهتمام ومع ذلك لم تتخل عن شروطها ,ولم تغير موالها الذي أصبح رمزا للنكبة والحزن . وتغير الزمن والأيام والظروف والمعطيات وظلت تلعلع بنفس الشروط وترفع نفس اليافطات ,وتزغرد بنفس الشعارات مما حدا بالجميع بالابتعاد عنها وتحاشيها كما يتحاشون الوباء.وما كانت ترفضه بعناد وكبرياء بالأمس صار حلما ومطلبا بالنسبة لها في هذه الأيام. وبدأت الشعيرات البيض تغزو المفرق الناصع البياض,وبدأ الترهل يغزو الوجه الرائع الفتان ,وخبت البسمة على المحيا الباسم , وتثاقلت حركتها ,وأصابها العجز والوهن,وذبلت العيون الحور المتلالئة , وصارت تنتظر من يقرع الأبواب في أي وقت وتنتظر الساعات على الشرفة علّها تجد من يبادلها الغزل ونظرات الإعجاب,وأعرض عنها كل الشبان, بعد أن ذاع صيتها واشتهرت بين الجميع برفض كل العرسان ,والتنازل ولو قليلا عن شروط الزواج.وصارت تبعث بالمزيد من الأخبار لكل من طلب ودها ذات يوم ,وتتنازل في كل مرة عن شرط من الشروط التي وضعتها ذات يوم لعريس الغفلة البائس السهيان,ولكن يأتيها الجواب بالرفض من نفس الناس الذين رفضتهم وتكبرت وتعالت عليهم في سالف الأيام ,ولم تقبل مجرد مقابلتهم والظهور أمامهم.وكل يوم ترمي بأحد شروطها جانبا وتتخلى عن أحد مطالبها ,وصارت تسير في شوارع القرية وحيدة دون أن تثير انتباه أحد من الشبان ,أوالرجال والكهول الشيّاب.وتقدم بها العمر ,وسار الزمن بها بعيدا وهي على هذه الحال ,وأصبحت الآن عجوزا شمطاء وحيدة ومعزولة تتمنى الوصال والتحية من أي كان.لقد تغير الزمن كثيرا وولت أيام الحسن والشباب.وتبعث بالرسل وتمد الأيادي للغير ,وتبحث عن أي كان بدون شروط أومواصفات ,وتوسط الجميع لكن من دون فائدة أو تحقيق أي إنجاز.

العانس اليوم ,عجوز شمطاء ذات وجه كدر,متجهم ملطخ بالبقع السوداء, وأصابته التجاعيد والأخاديد,والترهل والعقم والتثاقل ,ووصلت سن اليأس القاتل الذي لا عودة منه إلى الوراء, ولم يعد لها القدرة على التأقلم والتكيف مع أي نوع من الحياة, وأصابتها كل أنواع الأمراض والفيروسات والجراثيم وأصيبت بالشلل والعجز التام,وتنتظر, بفارغ الصبر, ذلك اليوم الذي تودع فيه هذه الحياة.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمـن الأمريــكان
- على من تقرأ مزاميرك ياشالوم؟
- صبـرًا آل دليـلــة
- تكريساَ لمبدأ المواطنـة
- المرحـلة التاريخيـة
- ما أروعـك أيتها العروبـة
- المفســدون في الأرض
- على القـوائم السـوداء
- الحصـاد المُـــر
- المـوت الرحيــم
- كـذبة نيسـان الكبرى
- موسـم إغـلاق الملفـات
- مجــــرد فكــرة
- شُكـر على تعزيـــة
- الـــراعي والــذئب
- اكتشافات عظيمــة
- أغبيــاء بلا حــدود
- عندمــا يتأدب الجنرالات
- خلايـــا نائمـــة
- قمــة الهــــاويات


المزيد.....




- تحديد عيب وراثي رئيسي مرتبط بالعقم عند النساء
- فوز ترامب يهيمن على نقاشات قمة المرأة العالمية بواشنطن
- قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش ...
- إعلامية كوميدية شهيرة مثلية الجنس وزوجتها تقرران مغادرة الول ...
- اتهامات بغسيل رياضي وتمييز ضد النساء تطارد طموحات السعودية
- جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
- رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر … ...
- دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
- السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و ...
- دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف ...


المزيد.....

- الجندر والجنسانية - جوديث بتلر / حسين القطان
- بول ريكور: الجنس والمقدّس / فتحي المسكيني
- المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم / رشيد جرموني
- الحب والزواج.. / ايما جولدمان
- جدلية الجنس - (الفصل الأوّل) / شولاميث فايرستون
- حول الاجهاض / منصور حكمت
- حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية / صفاء طميش
- ملوك الدعارة / إدريس ولد القابلة
- الجنس الحضاري / المنصور جعفر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - نضال نعيسة - العجـوزالشمطـاء