أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - هويدا طه - دور المصريين في الخارج في الحركة المصرية للتغيير















المزيد.....

دور المصريين في الخارج في الحركة المصرية للتغيير


هويدا طه

الحوار المتمدن-العدد: 1168 - 2005 / 4 / 15 - 10:41
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


لا زال معظمنا يذكر تلك الصورة البائسة.. التي جمعت ذات يوم بين مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة.. وبضعة عراقيين يعيشون خارج العراق.. في زمن صدام حسين، والأخبار التي توالت حينها عن تسلمهم بضعة ملايين من الدولارات من الولايات المتحدة.. باعتبارهم(المعارضة العراقية)، ولا زلنا نذكر اشمئزاز الكثير من العراقيين خاصة.. والعرب عامة.. من(دورهم المشبوه)، والذي أثبتت الأحداث فيما بعد أنه كان بالفعل مشبوها، فإسقاط نظام صدام حسين كان مطلبا عراقيا خالصا، لكنهم حاولوا(ركوبه)من الباطن أو من الظاهر، لصالح مطالب الولايات المتحدة في العراق، وليس لصالح شعبهم وأمتهم، ورضوا لأنفسهم بدور أشبه بدور(حمار طروادة)! لهذا احتقرهم القطاع الأكبر من شعبهم وأمتهم، وركلتهم الولايات المتحدة بعد أن استعملتهم في ضرب بلدهم.
لكن شعب العراق.. ليس الشعب العربي الوحيد الذي أراد التخلص من نظامه الديكتاتوري.. طلبا للحرية، بما تقدمه للناس من احترام الكرامة الإنسانية، وخلق المناخ الموائم للتقدم والازدهار، وليس شعب العراق وحده.. من هاجر- طوعاً أو كرهاً- عددٌ كبير من أبناءه المتعلمين الواعين.. إلى منفى اختياري أو إجباري، طلبا للرزق أو طلبا للنجاة من القمع، أو بحثا عن الحرية أو هربا من الاضطهاد، وإنما معظم الشعوب العربية يتواجد عددٌ كبير من أبناءها خارج وطنهم الأم.. فإلى جانب الفلسطينيين.. الأشهر عربيا في المنفى الاضطراري.. هناك السوريون والليبيون والسودانيون والتونسيون والسعوديون والمصريون وغيرهم، وهؤلاء ينقسمون إلى عدة فئات.. القاسم المشترك بينها يظل دائما.. متابعة الأوضاع في الوطن الأم.. سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا.. الغالبية الساحقة منهم متعلمون.. وكثير منهم يزيدون على ذلك.. ثقافة وإدراكا لمحنة شعوبهم.. ويتابعون بوعي قضايا الشأن العام في بلادهم.. حتى من كان منهم مهاجرا فقط لأجل العمل.. بغرض تحسين ظروفه المعيشية.. التي استعصت على التحسن في وطنه، وحتى من كان منهم مهاجرا للأبد، ولا نية لديه للعودة مرة أخرى.. إلى بلاد الكبت، وتختلف هذه الفئات إما في مدى نشاطها السياسي والثقافي المتعلق بالوطن الأصلي، أو في رؤيتها للطريق الأمثل لخلاص شعوبهم من تلك المحنة.. أو حتى في مدى استعدادها للمساهمة في عملية(التغيير)في بلادهم، والتي تثبت الأحداث المتتالية مؤخرا.. أنها ستحدث لا محال.. والنقاش هو حول.. كيف تحدث وعلى يد من.. وليس حول احتمال حدوثها.
من هذه الشعوب التي لها أبناء كثر في الخارج.. نتحدث هنا عن المصريين.. ومن هؤلاء المصريين في المنفى.. نتحدث هنا عن هؤلاء الواعين بضرورة التغيير في مصر.. ومن بين هؤلاء.. نتحدث عن المستعدين للمساهمة في تلك العملية الحتمية، لكن من نتحدث عنهم من هؤلاء المستعدين للمساهمة .. هم هؤلاء الذين لا يشبهون تلك الفئة من عراقيي المنفى.. الذين نبذهم شعبهم.. وركلهم مشغلهم ومستعملهم الأمريكي.. نتحدث هنا عن هؤلاء الذين تتوفر في(مساهمتهم)شروط ضرورية.. على رأسها التطلع إلى الوطن لا إلى البيت الأبيض، والعمل على دفع التغيير في الاتجاه الوطني.. لا العمل على دفعه في اتجاه تابع صهيو أميركي، والعمل على تحقيق تماسك مصري.. في اللحظة الراهنة من لحظات مقاومة الديكتاتورية وطلب الحرية.. لا العمل على تفكيك التحرك المصري الوليد.. الذي ولد ويتطور على ضفاف النيل.. وليس في ساحات وغرف البيت الأبيض أو الاتحاد الأوروبي.. وهذه الشروط لا يضعها شخص ولا يخترعها كاتب مقال، وإنما وضعها التاريخ من خلاصة تجارب الشعوب.
أمام المصريين المقيمين في الخارج الآن.. فرصة لدعم التغيير الذي حلموا به طويلا.. مثلهم في ذلك مثل حلم شعبهم كله به، أمامهم فرصة للمساهمة فيه.. كحق ٍ لهم وحق عليهم.. وهي مساهمة يتوجب عليهم في بدايتها.. إظهار موقفهم الوطني في اتجاهات ثلاث:
أولا: التطلع إلى الداخل
عندما كان المصريون- في السنوات الماضية- يخرجون في تظاهراتٍ حاشدة.. إبداءً للدعم المعنوي للشعب الفلسطيني في محنته، أو الشعب العراقي في كربه، ورغم أن ذلك كان ضروريا لاستمرار شعور المواطن المصري أنه- إن لم يكن على الأقل جزءً من أمة مقهورة- فهو جزء من ذلك الذي يسمى(العالم الثالث)المقهور، كان كثير من الناشطين المصريين يشعر بألمٍ وحسرة، لا بسبب حماس المصريين لمساندة فلسطين والعراق- فهذا ضروري كما قلنا- وإنما لأنهم وهم المصريون الذين يعانون من القمع والفقر المنظم في بلدهم.. لا يظهرون.. أو لا يستطيعون أن يظهروا.. تمردا.. أو حتى ضيقا وتبرما.. من معاناتهم الداخلية مصرية الهوى، ولم يكن ذلك يثير فقط ضيق المصري الناشط.. وإنما حتى كان يثير سخرية المراقبين في أنحاء العالم، حتى أن صحفيا في محطة سكاي نيوز عندما سئل عن مظاهرات مصرية.. كانت لدعم الانتفاضة الفلسطينية، قال باستهزاء(who cares about Egypt)، فمن بالفعل يهتم.. بمواطن ٍ في بلدٍ ما.. يتحمس لإزالة الظلم عن غيره، بينما يتعرض هو في بيته للاغتصاب.. بكل أشكاله السياسية والاجتماعية والاقتصادية، هذه ليست دعوة للعزلة.. فمن الضروري للمصريين أن يربطوا نضالهم بنضال شعوب العالم الثالث.. والشعوب العربية منها على وجه التحديد.. سواء ضد الديكتاتورية المحلية في بلدهم، أو ضد مشاريع الولايات المتحدة التوسعية.. الساعية لقهر شعوب الأرض، لكن هناك شيئا اسمه(ترتيب الأولويات)، أهُمل- اضطرارا أو اختيارا- طوال العقود الماضية.. فتبدى عجزٌ مصري عن إظهار- مجرد إظهار- التمرد أو حتى التذمر.. من القمع والفشل المهين الذي حاق بمصر.. على يد نظام مبارك وحاشيته وعائلته، إلى أن.. ولدت حركة في القاهرة سمت نفسها(الحركة المصرية للتغيير)، وأظهرت للمرة الأولى عبر عقود من القهر.. رفضا مباشرا صريحا لهذا النظام البوليسي الذي أهان مصر.. في مطلبٍ مصري ٍ صرف.. وتظاهر عدد قليل.. هم ربما كل أعضائها في ذلك الوقت.. لا يتجاوزون بضع مئات.. أمام دار القضاء العالي.. رافعين شعار(كفاية)الذي اشتهر لاحقا، حتى صارت وكالات الأنباء فيما بعد تنسى اسم(الحركة المصرية للتغيير)وتسميها حركة كفاية، تأتي قيمة هذه الحركة من كونها أولا- وقبل كل شيء- ولدت في شوارع القاهرة، في مصر، لا في دولة أخرى، وأعضاؤها الذين يحركونها.. هم من ذلك الجيل المصري الوسيط .. الذي أغلقت في وجهه.. كل سبل التعبير عن نفسه سياسيا طوال فترة حكم مبارك، وهم خليط من تيارات فكرية وسياسية مختلفة، فمن بينهم الناصريون والليبراليون والإسلاميون المعتدلون وغيرهم، يجمعهم هدف واحد هو إسقاط ذلك النظام البوليسي، وهم معروفون كلهم بنشاطهم الداخلي المخلص.. ولا تحوم حول أي ٍ منهم.. أي شبهة تبعية لدولة أخرى في الخارج، حركة مصرية صميمة إذن.. تتبنى حلم المصريين.. من كان منهم داخل مصر أو خارجها، لكنها تنشط داخل مصر.. وأعضاؤها بالداخل يتحملون عواقب الخروج إلى الشارع ومواجهة النظام وبوليسه.. لتحقيق حلم الجميع.. هنا يأتي دور المصريين في الخارج وهم جزء من ذلك(الجميع)، ويمكن لهم أن يساهموا في تقوية تلك الحركة سياسيا وإعلاميا وماديا، بما يتوفر لهم من انتشار في أنحاء العالم، مساهمة ندية.. فالوطن للجميع، والمصري في الخارج ليس أقل درجة من أخيه في الداخل، وهم الذين راقبوا باهتمام- خلال متابعتهم لأخبار وطنهم الأم- مولد تلك الحركة في الداخل، منذ كانت خبرا صغيرا يثير الدهشة، حتى صارت حركة ينتظر المراقبون خطوتها التالية، وبدأت أعداد المنضمين إليها تزداد.. الآن وحركتهم تنمو.. فإنها تحتاج بالتأكيد إلى دعم ٍ تتعدد أشكاله، سياسيا.. يمكن لكل مصري في الخارج أن يتوجه إليها.. ينتمي إليها لتوسعتها وتقويتها، بغض النظر عن انتمائه الفكري والحزبي.. فهذه جبهة وطنية وليست حزبا.. وإعلاميا.. يمكن لكل مصري في الخارج تتوفر له فرصة إعلامية.. أن يعمل على نشرها وتعريف المصريين الآخرين والعالم كله بها، أما ماليا .. فكلنا نعرف- في الداخل والخارج- أن معظم- إن لم يكن كل- القيادات الشابة المحركة لهذه الحركة، ليسوا أغنياء وليسوا رجال أعمال.. إنهم ناشطون من الطبقة الوسطى.. صحفيون ومهندسون وأطباء ومحامون وغيرهم.. يكدحون من أجل توفير احتياجات أسرهم كباقي قطاعات الشعب المصري، لكنهم مهمومون ببلدهم.. الآن والحركة تنمو في مواجهة النظام.. سوف تحتاج بالتأكيد إلى الدعم المالي، وهي تلك النقطة الحساسة.. فصاحب المال يكون دائما هو صاحب القرار، ولن تقبل تلك الحركة تمويلا من جهات أجنبية.. حتى لا تملي تلك الجهات قراراتها على حساب استقلاليتها.. وإن لجأت حركة كفاية لذلك فسوف تسقط شعبيا ووطنيا.. فإذا ساهم المصريون- في الداخل والخارج- في دعمها ماليا- مساهمة مصرية خالصة- يمكن للحركة الصمود والاستمرار، فيكون المصريون هم أصحاب المال.. وبالتالي أصحاب القرار، والحركة المصرية للتغيير نفسها.. هي من يجب أن تعلن بشكل(علني واضح لا لبس فيه)عن الطريقة المناسبة لها.. لجمع تبرعات المصريين، وإشهار طرق إنفاقها على وسائل التظاهر السلمي والمطبوعات والتكلفة الإعلامية وغير ذلك.. والمصريون في الخارج يجب أن يكونوا سباقين في هذا المجال.. فكما أن ثمرات التغيير ستفيد الجميع.. فإن الجميع أيضا.. مطالبٌ بالمشاركة في.. حرث الأرض.
ثانيا: الموقف من المشروع الأمريكي
في ندوة عقدها تليفزيون بي بي سي.. على هامش مؤتمر الديمقراطية والتجارة الحرة في الدوحة، الأسبوع الماضي، بل وفي كل حديث ٍ إعلامي لمسئولٍ أمريكي.. ذكرت وتذكر دوما.. نظرية مؤداها أن التدخل الأمريكي الاستعماري في العراق.. هو ما(خلق)رغبة الشعوب العربية في التحرر، ودليل تلك النظرية على ذلك هو الانتخابات العراقية، والإصلاح في السعودية(أي الانتخابات البلدية المضحكة التي جرت في السعودية مؤخرا!)والانتفاضة اللبنانية في بيروت ضد التدخل السوري في لبنان، وبدء تحرك الشعب المصري.. إلخ، أي يعتبرون محاولات الشعوب العربية للتحرر.. دليلا على صحة خطط بوش الاستعمارية.. فإذا كان ذلك الرأي متوقعا من الأمريكيين.. فإنه يستحق استهجانا عندما يأتي من ناشطين ومثقفين عرب.. فليس سرا تاريخيا أن الولايات المتحدة هي التي دعمت تلك النظم الديكتاتورية ضد شعوبها طوال العقود السابقة، لكن رغبة الشعوب العربية في التحرر من الاستبداد.. سابقة حتى على وجود الولايات المتحدة نفسها كقوة إمبراطورية عظمى، وهي رغبة ناضل من أجلها مفكرون ومثقفون عرب على اختلاف توجهاتهم وعقائدهم الفكرية طوال القرن الماضي، وها هو عبد الرحمن الكواكبي الذي توفي في القاهرة عام 1902، في كتابيه الرائعين(أم القرى)و(طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد)يستثير أمته للثورة على النظم الاستبدادية، ففي كتاب أم القرى تخيل الكواكبي مؤتمرا ليعرض فيه آراءه الإصلاحية! أي قبل مؤتمرات الإصلاح التي تعقد الآن بمظلة أمريكية بأكثر من قرن! وفي كتابه طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد، قال:(الاستبداد صفة للحكومة المطلقة العنان، التي تتصرف في شؤون الرعية كما تشاء؛ بلا خشية حساب ولا عقاب... إن المستبدين من السياسيين... يرهبون الناس بالتعالي الشخصي والتشامخ الحسي، ويذلونهم بالقهر والقوة وسلب الأموال حتى يجعلونهم خاضعين لهم عاملين لأجلهم، كأنما خلقوا من جملة الأنعام ونصيبهم من الحياة هو ما يقتضيه حفظ النوع فقط) وغير الكواكبي كثيرون تضيق المساحة عن ذكرهم، الرغبة في التحرر ليست منتجا أمريكيا في عصر التكنولوجيا، إنها طبيعة إنسانية، والمحاولات العربية التي قمعت طوال العقود الماضية بسبب الولايات المتحدة، تتجدد الآن وتتفجر.. لا لأن أمريكا(تعلمنا الحرية)وإنما لأنها كلت من عملاءها فرفعت غطائها عنهم، وهي فرصة لشعوبهم كي تنقض عليهم، لذلك وبالعودة إلى مسألة دور المصريين في الخارج في دعمهم لحركة التغيير في الداخل، يجب أن يتضح موقفهم بشكل ٍ لا لبس فيه تجاه المشروع الأمريكي في المنطقة عموما.. والمحاولة الأمريكية خصوصا لركوب حركة كفاية المصرية الخالصة، فعدم مقاومة تلك المحاولة الأمريكية.. ليس فقط يتيح للأمريكان ركوب كفاح المصريين للتحرر، وإنما سوف(يحرق)حركة كفاية شعبيا، إذا(استعملت)الولايات المتحدة مصريين من الخارج، كما فعلت بأحمد شلبي وأمثاله من العراقيين، لذلك من المهم لكل مصري يساهم من الخارج في جبهة التحرر المصرية الداخلية تلك، أن يكون موقفه من المشروع الأمريكي واضحا لا التباس فيه ولا مواربة للأبواب، حتى يكون داعما للتغيير في بلاده.. لا حارقا له.
ثالثا: نشر الدعوة إلى العصيان المدني
كأي مصري يريد لبلده الخلاص، اهتممنا بدراسة تلك(الوسيلة السلمية)المبدعة، التي اتبعتها شعوب كثيرة قبلنا.. للتخلص من(الاستبداد)، ويمكن العودة لمقالاتٍ كتبناها خلال العامين الماضيين عن(أولويات الشارع المصري)وعن(ضرورة تكوين جبهة مصرية من أجل التغيير)وكذلك عن(العصيان المدني كمبادرة شعبية بديلة للمشروع الأمريكي)ومؤخرا ما كتبناه عن(الثاني من مايو يومٌ لبدء العصيان المدني في مصر)، وذكرنا فيه أن مواطنا مصريا يعمل صحفيا ويعيش في النرويج، أعد بحثا مفصلا عن(تفاصيل وآلية وإمكانية تنفيذ عصيان مدني في مصر)، وتوصل في بحثه إلى أن الثاني من مايو يناسب بدء العصيان المدني، لملائمته للظروف المحلية المصرية.. مثل مواعيد امتحانات الطلاب وبدء الصيف وغير ذلك، وبدأ بنشر بحثه على مواقع إلكترونية على الإنترنت، وحاول الوصول إلى أي قناة فضائية عربية للحديث عنها، لكن كل قناة لها بالطبع حساباتها مع الحكومة المصرية، وأرسل بحثه إلى حزب الكرامة الذي يتزعمه حمدين صباحي، وإلى أحزاب أخرى وصحف أخرى في مصر، لكن هذه الدعوة استقبلها مثقفون مصريون كثيرون باستهجان وسخرية.. بدت غير منطقية لأسباب عديدة.. أولها تلك النظرة ضيقة الأفق السائدة في مصر تجاه(المصريين المغتربين)وكأنهم خونة أو عملاء- هكذا في جملتهم- أو لا يحق لهم(النضال)وكأنه.. ذلك النضال بكل مخاطره.. كعكة ليس لهم فيها نصيب! والنظر إليهم على أنهم(المرفهون في الخارج)الذين يريدون إضافة إلى تلك الرفاهية مزاحمة(الزعامة)في الداخل! هذا القصور في فهم(فرصة)وجود مصريين بالخارج.. يتوفر لهم هامش حركة أوسع بعيدا عن قمع البوليس، هو ما يعطل الاستفادة منهم.. في حركة هي ضرورية(للجميع)، وردود الأفعال تجاه دعوة ذلك المواطن المغترب لبدء عصيان مدني في مايو المقبل، قابلته بعداءٍ لا لشيء إلا لأنه(خارج مصر)، والتي مثلتها تعليقات مثل(لماذا تقبع خارج مصر وتريد منا نحن أن نعصى مدنيا.. لتشاهدنا في التليفزيون بينما تداعب كلبك المدلل!)وهو رد فعل ربما يكون محقا أو على شيء من الصواب إذا أراد بعضهم إدارة العصيان المدني من خارج مصر، لكن تلك الدعوة المصرية الصميمة.. يمكن قبولها إذا كانت موجهة للداخل.. إذا كان الإعلان عنها- أول مرة على الأقل- سيبدأ من الداخل، ثم تدعمها القوى المصرية في الخارج، فهي دعوة تدرك جيدا أن أهم عوامل نجاحها أن تكون داخلية، وتدار داخليا وتوجه داخليا ويخطط لها داخليا، والقيادة المرشحة لها هي حركة كفاية، وهي من يجب أن يتبنى الدعوة ويقودها، لا يهم الموعد، يمكن تأجيله أو تحديده بناء على معايير أخرى، لكن العصيان المدني كوسيلة سلمية لهز أركان نظام ديكتاتوري.. هو فعل يستحق التفكير فيه، وبغض النظر عن موقف المصري تجاه نفسه بأنه(لم يثبت تاريخيا)أنه قادر على الثورة والتمرد، فإن العالم يتغير والمصريون جزء من العالم بل في قلبه، وها هم تحدوا- وإن ببطء- النظام البوليسي المتوحش، وليس بالضرورة أن تسري علينا(صفات)أجدادنا وكأنها قدر محتوم، أو كأنها(جينات)لا يمكن لنا الفرار منها، فشابٌ مصري عمره الآن عشرون عاما، ويتعامل مع الإنترنت وتصله بسرعة مدهشة أخبار انتفاضات جورجيا وأوكرانيا وقرغيزيا، لا يمكن أن يكون سلوكه- حتى تحت تأثير الجينات- مشابها لسلوك شابٍ في مثل عمره.. عاش تحت كرباج باشوات أوائل القرن العشرين، دعونا نتخلص من فكرتنا السلبية عن أنفسنا، فالقابلية للإذلال ليست قدرا سرمديا على المصريين! وإذا أقرت حركة كفاية- علنيا- تبنيها لحركة عصيان مدني، فإن المصريين في الخارج يمكنهم دعمها إعلاميا، ونشرها وتوزيعها على كل وكالات الأنباء، واستخدام كل السبل المتاحة.. من قنوات فضائية ومؤتمرات صحفية بعيدة عن قبضة الأمن المصري، والانترنت والإذاعة والصحف ورسائل التليفونات المحمولة وغير ذلك.. بتنسيق ٍ كامل مع(الحركة الأم)في مصر، فلن يكون التغيير مشروعا(وطنيا)حقاً.. إلا إذا كانت قيادته.. مصرية داخلية خالصة.
إن اللحظة مواتية لتحقيق أكبر قدرٍ من النجاح لحركة التغيير في مصر، باستغلال كل الإمكانيات المتاحة، داخل وخارج مصر، ولعل المصريين في الخارج الذين يمثلون بلا شك قوة مضافة.. لا يجب أن يتقاعسوا عن خدمة حركة التغيير في بلدهم.. في تلك اللحظة الحرجة.. كما لا يجب كذلك أن يبعدهم الناشطون في الداخل، لأسبابٍ شوفينية أو أنانية أو تنبع من ضيق أفق، فالمواجهة المباشرة القاسية مع النظام تقترب، ومن كان بيده خيرا فليفعله.. أو ليصمت، والصمت كما تعلمون.. موت.. فلا تموتوا الآن!!



#هويدا_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو حصار القصر الجمهوري في مصر
- هل أنهى الظهور على التليفزيون مكانة هيكل
- حل آخر يقدمه النموذج القرغيزي: هروب الريس وعياله
- البرلمان المصري: نواب لكن ظرفاء
- امرأة أمريكية تؤم المصلين، ليه يزعل ذكور العرب!
- هل تلقى حركة كفاية التأييد من الشارع والمؤسسات المصرية؟
- تفتيش في أوراق القمم العربية.. من المواجهة والتصدي إلى استجد ...
- إدوارد سعيد والرسالة الأخيرة
- عمرو موسى : شاهد مقالش حاجة!
- الثاني من مايو يوم العصيان المدني في مصر
- الأفلام الوثائقية العربية: عقلية ثنائية ترى العالم شرا مطلقا ...
- بعد الأرز في بيروت، النسر المصري يستعد للإقلاع: استغلال الفض ...
- الذهنية العربية الإسلامية تكره الأنثى المتمردة النشطة عقليا ...
- مبارك: تعدّل.. متعدّلش... برضه كفاية
- الحسين كان رجل سياسة وليس رجل دين، فلماذا القداسة؟
- إصلاح الشرق الأوسط يبدأ بالتغيير حول ضفتي البحر الأحمر
- من لا يربيه شعبه.. كونداليزا تعرف تؤدبه!
- صفوت الشريف: الريس مقبل على-ضبط إيقاع-المعارضة المصرية!
- الرئيس مات قبل التمديد: اللي خلف مماتش، المثل من مصر والريس ...
- مآخذ على التيارات السياسية المصرية في ظل نظام يحتضر


المزيد.....




- التهمت النيران كل شيء.. شاهد لحظة اشتعال بلدة بأكملها في الف ...
- جزيرة خاصة في نهر النيل.. ملاذ معزول عن العالم لتجربة أقصى ا ...
- قلق في لبنان.. قلعة بعلبك الرومانية مهددة بالضربات الإسرائيل ...
- مصر.. غرق لانش سياحي على متنه 45 شخصًا ومحافظ البحر الأحمر ي ...
- مصدر يعلن موافقة نتنياهو -مبدئيًا- على اتفاق وقف إطلاق النار ...
- السيسي يعين رئيسا جديدا للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام
- ثلاثة متهمين من أوزبكستان.. الإمارات تكشف عن قتلة الحاخام ال ...
- واشنطن تخطط لإنشاء قواعد عسكرية ونشر وحدات صاروخية في الفلبي ...
- هايتي: الأطفال في قبضة العصابات مع زيادة 70% في تجنيدهم
- تحطّم طائرة شحن في ليتوانيا ومقتل شخص واحد على الأقل


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - هويدا طه - دور المصريين في الخارج في الحركة المصرية للتغيير