|
يا يهوذا أبقبلة تسلم ابن الإنسان؟
سامي المصري
الحوار المتمدن-العدد: 4067 - 2013 / 4 / 19 - 10:51
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
لقد استمرأ كل مغامر باحث عن الشهرة السريعة لعبة الإساءة للتاريخ المصري والقبطي العظيم، مستغلين للوضع السياسي السيئ الذي يمر به المجتمع القبطي بسبب سطو الإخوان المسلمين على السلطة في مصر. ومن ناحية أخرى مرت الكنيسة القبطية بعصر أهمل فيه التعليم تماما لمدة أربعين عاما حتى صار المواطن القبطي لأول مرة منفصلا عن تاريخه المصري الحضاري الأصيل بشكل ما. كل ذلك بالإضافة إلى أن التعليم المصري في المدارس المصرية مع أنه يقدم للطالب التاريخ العربي والتاريخ الأوروبي فإنه يتجاهل متعمدا تاريخ سبعة قرون من التاريخ المصري، هي العصر القبطي بكل أمجاده العلمية والحضارية. ولقد تعمد الاستعمار البريطاني إسقاط العصر القبطي من المناهج التعليمية حيث كان يري في ذلك خطرا على استمراره جاثما فوق مصر. بل كم من الكتب البريطانية التي صدرت أيام الاستعمار والتي تعمدت تشويه الشكل الحضاري للمصري وخصوصا العصر القبطي. ولقد سارت المناهج التعليمية على نفس النهج الاستعماري حتى بعد جلاء القوات البريطانية عن مصر وحتى اليوم، بل وزادت في التجني على التاريخ المصري العظيم. رغم أن الحضارة القبطية تركت بصمات غائرة على الحضارة الإنسانية أثْرَت التراث العلمي بزخم يردده العلماء في المحافل والمؤتمرات الدولية. وحتى اليوم فغن تلك الحضارة العظيمة موضعا لدراسة واهتمام جامعات العالم التي تكرس الأبحاث والدراسات العملاقة التي تثري بها المعرفة الإنسانية بإضافات جديدة. إن مكتبات العالم تزدحم بألوف الكتب والمخطوطات القبطية الثمينة التي تزهو بها أكبر المتاحف والمكتبات في العالم. فكم تشعر بالزهو عندما تدخل المتحف البريطاني فتجد المخطوطات القبطية موضوعة بعناية في أهم موقع بالمدخل الرئيسي للمكتبة، بينما التاريخ القبطي ممنوع تدريسه أو تداوله في مصر.
ومع كل تلك الحقائق نجد اليوم كم من العابثين الباحثين عن الشهرة الذين يحاولون أن يضعوا سُتُرا لعلهم يستطيعون أن يخفوا نور الشمس، في تصور أحمق بمقدرتهم على الكذب والمغالطة لتشويه تلك الحضارة العظيمة. شخصيات من أمثال يوسف زيدان الذي يحتل منصبا ثقافيا رفيعا في مكتبة الإسكندرية، حيث يجد فرصته الكبري لتشويه التاريخ المصري عامدا متعمدا، لنشر الثقافة الوهابية. لقد سبق أن كتبت أربع مقالات في عام 2009 شارحا حجم التخريب الثقافي والحضاري للمجتمع المصري الذي يقوم به وهو يجلس في واحد من أهم مواقع المسئولية الثقافية، ليقوم بعمل تخريبي للعقول. كان يوسف زيدان هو المقدمة للغزو العربي لمصر بغزو ثقافي كما تنبأت بذلك قبل أربعة سنوات من الأحداث الجسام التي نمُر بها اليوم فكان عمله إعدادا ثقافيا لغزوة الهكسوس الجدد. رسالة الدكتور أثناسيوس حنين - مطرانية بيرية، اليونان - المرسلة للكنيسة القبطية بدون مناسبة بادعاء الحديث المشفق عما تعرض له أبونا المحبوب المتنيح الدكتور صموئيل وهبة من تعنت وقسوة وفساد الأنبا شنودة في عصره الأسود. القس أثناسيوس الذي ترك الكنيسة القبطية إلى الكنيسة اليونانية يستخدم ذلك الأسلوب لا ليتعاطف مع الأب المظلوم ولا لإعلان الحقيقة بل هو يقتنص الفرص لتشويه التاريخ القبطي الذي لا يدانيه تاريخ آخر لشعب من الشعوب، ولمهاجمة الكنيسة القبطية وإيمانها غير المشوب، كوسيلة هدم لا لأي هدف بنائي. الذئب البيزنطي الذي استعمر مصر وأذل شعبها يتلصص على الحظيرة القبطية فيجد الباب مكسورا فيقترب منها لعله يخطف الخراف كما يفعل ثعالب كثيرة أخرى اليوم. مستغلا فرصة ما فيه الأقباط من محن بسبب ضربات الإخوان الإرهابية.
الشعب القبطي بعد أكثر من 40 سنة من عدم التعليم الكنسي فقد فيها الشعب هويته القبطية الأصيلة ونسي تاريخه العظيم واهتز إيمانه القويم تحت هرطقات أشاعها الأنبا شنودة ورجاله الأشرار في الكنيسة وفسادا غير مسبوق في تاريخ الكنيسة العملاق. فأصبح الأقباط لقمة سائغة وفرصة للنهب والضياع ما بين الإسلام السياسي والإلحاد والبروتستانتية والعروبية، فلماذا لا يلقي الذئب البيزنطي القديم للروم الأرثوذكس بدلوه لعله يخطف فريسة جديدة. المصيبة والبلوى المحرقة أن القس أثناسيوس عالم لاهوتي متمكن جدا كما أنه عالم في التاريخ وكان قسا قبطيا متحمسا عارفا بكل الحقائق بكل عمق. لذلك كل ما يقوله مؤثرا جدا على شعب لم يُعلَّم ولم يتعلم فحجبت عنه حقائق تاريخه القبطي كما أنه غير عارف بإيمانه. فكم يكون مخيفا ومحبطا أن يكون ما يقدمه ذلك القس من تعليم كاذب ومغرض ومضلل ومزيِّف للحق لإرضاء وخدمة أسياده حتى يسدد لهم أجر قبوله عندهم بعد أن ظلم في الكنيسة القبطية وطرد منها.
يا جناب القس مَن مِن العلماء العظام والمعلمين الكبار في الكنيسة القبطية لم يتعرض للاضطهاد والتجريح والطرد والمذلة في عصر الأنبا شنودة ؟؟؟ بدءا من الأب متى المسكين والأنبا غريغوريوس والأساتذة الكبار بمعهد الدراسات القبطية من علماء التاريخ واللغات السامية الذين طردوا جميعا ومنعوا من التعليم فاحتضنتهم واختطفتهم أكبر جامعات العالم في أوروبا وأمريكا. وكذلك معلمي الكلية الإكليريكية، وكل المكرسين الذين كرسوا حياتهم للعلم والدراسة فدرسوا في الخارج وحصلوا على الدكتوراه في تخصصات متنوعة ثم حضروا لخدمة المجتمع القبطي كما تقول. واحد من هؤلاء الأب الروحاني المتنيح العظيم الدكتور صموئيل وهبة، ذلك الإنسان الرقيق الحس والجميل النفس والعالم النابغة الذي تلقى كل تجريح من الكنيسة مثل باقي العلماء حتى يوم نياحته. ومثل حضرتك حيث كنت أوفر حظا من الجميع، حيث استطعت بالتسلق والتملق أن تسام قسا قبطيا في اليونان الأمر الذي لم ينله أحد غيرك إذ كنت من أهل الحظوة والثقة كما تقول حتى عند الأنبا بيشوي الأسقف الشرير نفسه. فكنت مستشاره في كل معارفه اللاهوتية. وبترديك في دهاليز الكنيسة خنت من منحوك الفرصة للتعلم في اليونان والحصول على الدكتوراه. يا جناب القس من غيرك من كل هؤلاء المعلمين الذين تعرضوا للاضطهاد أكثر منك خان كنيسته وتاريخها الوطني مثلك ليبث الأكاذيب ضد معتقداتها ويشوه تاريخها غيرك؟؟؟ من غيرك مِن الأقباط النابهين استخدم أساليب المستعمر البيزنطي القذرة وتشوهات المستعمر العربي العفنة ليسيء ويشوه تاريخ كنيسته بالافتئات على الحق... الدكتور جورج بباوي بعد أن تعرض لكل ما تعرض له من تجريح وتشويه أكثر منك عشرات المرات أخرج كل كنوز معرفته ليثري التعليم في خدمة الوطنية القبطية المصرية مستمسكا بكل قيمها العملاقة، وسار في درب الآب متى المسكين الذي مجد الكنيسة القبطية أمام التاريخ بكل ما سجله من كتابات قبطية أصيلة عملاقة شهد لها العالم كله بما في ذلك العلماء البيزنطيين الذين احتضنوك وتنتمي إليهم اليوم. إن كل معلمي الكنيسة الذين تعرضوا للاضطهاد في عصر الأنبا شنودة المظلم ساروا في درب تلاميذ المسيح فعندما اضطهدوا وسرقت أموالهم وطردوا من بيوتهم يقول عنهم الكتاب، "فالذين تشتتوا جالوا مبشرين بالكلمة" (اع 4:8). فلماذا أنت تخاذلت عن ذلك الطريق وخنت العهد وحدك؟ إن الضيقات تظهر حقيقة الإنسان وتخرج ما فيه من طبيعة وتجلو عنه الزيف ليظهر بريق معدنه الحقيقي.
يا جناب القس يا من تسميت على اسم أثناسيوس المصري الوطني العظيم وأنت تخون الأمانة والحق أولا على الجانب العلمي لتعكس كل الحقائق التاريخية وأنت على دراية كاملة بالحقيقة. ثانيا أنت منذ أن قبلوك الروم الأرثوذكس عندهم وأنت تنشر مقالاتك في مظهرها الروحي الفخيم، بينما في كل مقال كتبته يحوي من الغش والخبث الذي يتجاوز كثيرا الدعاية المقبولة للكنيسة التي قبلتك بل يحوي سما وغشا مدسوسا في العسل لا يكشفه أبعاده سوى من له معرفة ، فيه تتعمد الكذب لإهانة الكنيسة والمجتمع القبطي العظيم الذي تربيت فيها فلم يصيب حتى أنك تخونه بزرع الأكاذيب بحنكة عن دراية وقصد لتغش التعليم الصحيح بزيف أضاليلك. هل بذلك تدفع أجرا زهيدا، أجر يهوذا الخائن؟.. لترد أفضال من قبلوك عندهم، بعار يصم اسمك وعلمك وعملك حتى نهاية الزمان.
وأمام رسالتك الخطرة ذات الأسلوب الفخيم التي لا أرى لها أي مبرر سوى تعمد الإساءة للتاريخ القومي للشعب القبطي وكنيسته المجيدة، بل بهدف تشويه التاريخ المصري العملاق كله الذي يقيم له العالم المؤتمرات الدولية العلمية متيمين بعظمته. وبينما أنت تعلم تماما كل الحقيقة، كما أنك على دراية كاملة بمدى الجهل المجتمعي بتاريخ سبعة قرون كاملة هي العصر القبطي الذي حجب تاريخه ومنع من التدريس والتعليم في المدارس أو الإشارة له في الإعلام، حتى يقوم الخونة بالعبث ما شاء لهم العبث، لإهدار قيم وكرامة الشعب العظيم، بل وإهدار القومية المصرية كلها.
وحتى لا يظن أحدا أني أتجني عليك في ادعاءاتك المفسدة للحقيقة العلمية التاريخية، وجدت أن هناك ضرورة الرد على كل ما ذكرته في رسالتك حتى لا يعثر الأقباط في تاريخهم المضيء أكثر من الشمس. وكفى ما هم فيه من مرارة وحسرة سواء من الوضع السياسي المخيف في ظل حكم الإخوان المسلمين الإرهابي أم من المشاكل الداخلية الرهيبة، حيث ترك الأنبا شنودة الكنيسة في حالة مذرية من الفساد. بل وأجد نفسي مدينا للمجتمع المصري بحقهم في نشر كل ما وعيته من التاريخ القبطي والمصري العظيم بالدليل والمراجع التاريخية. لذلك سأكرس مقالاتي على موقعي بالحوار المتمدن في المستقبل لشرح ذلك التاريخ العظيم الذي لا يرقأ لعلوه الشاهق إي تاريخ آخر. وحيث يقف التاريخ القزمي الاستعماري سواء العربي الدموي أم البيزنطي والأنطاكي المليء بالهراطقة مع كل عظماء إنطاكيا الذين يقفون مشدوهين أمام عظمة التاريخ السكندري الذي لا يماثله تاريخ آخر على الأرض.
#سامي_المصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الثورة المصرية والمتأمركون المتصهيونون
-
فيلم «الراعي» بين الجمال والقبح
-
أنا الشعب ... أنا الشعب «لا أعرف المستحيل» (2)
-
أنا الشعب .. أنا الشعب 1- «لا أعرف المستحيل»
-
«ديمقراطية أولاد السفلة» تسحق مصر
-
الفصل الثاني من السيرة الذاتية للأنبا شنودة الثالث
-
«الشرف العسكري» كما يراه العوا والإخوان
-
«عام جديد 2012»... آه لو يعود.. ليعود الفرح والحب وحرية الرو
...
-
«العدوان الثلاثي» الجديد على مصر
-
شرف مصر المُهدَر بين عسكريين أشرار وتجار دين فجار
-
«الانتخابات» مهزلة
-
ارحل ... لقد انتهى وقتك... رصيدك نفذ
-
للشعب القبطي البطل أهدي كتابي في يوم احتفاله التاريخي
-
«مصر دي بلدنا» ولن نفرط فيها يا خونة
-
«السفاح» ومصر التي لم نعرفها أبدا
-
بين الأنبا شنودة وعمرو بن العاص و«موقعة الكلب»
-
حكومة أخرى في مصر برئاسة شرف
-
وللحريةِ الحمراءِ بابٌ بكل يدٍ مضرَّجَةٍ يُدقُّ
-
ماذا يحدث في مصر من بعد الثورة
-
من يحرق مصر؛ شعبها وثورتها «يا سيادة المشير»
المزيد.....
-
الجيش الأوكراني يتهم روسيا بشن هجوم بصاروخ باليستي عابر للقا
...
-
شاهد.. رجل يربط مئات العناكب والحشرات حول جسده لتهريبها
-
استبعاد نجم منتخب فرنسا ستالوارت ألدرت من الاختبار أمام الأر
...
-
لبنان يريد -دولة عربية-.. لماذا تشكّل -آلية المراقبة- عقبة أ
...
-
ملك وملكة إسبانيا يعودان إلى تشيفا: من الغضب إلى الترحيب
-
قصف إسرائيلي في شمال غزة يسفر عن عشرات القتلى بينهم نساء وأط
...
-
رشوة بملايين الدولارات.. ماذا تكشف الاتهامات الأمريكية ضد مج
...
-
-حزب الله- يعلن استهداف تجمعات للجيش الإسرائيلي
-
قائد الجيش اللبناني: لا نزال منتشرين في الجنوب ولن نتركه
-
استخبارات كييف وأجهزتها العسكرية تتدرب على جمع -أدلة الهجوم
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|