أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون جاويد - هل لشاعر معمم أن يتغزل ؟ وان يتماشى مع التطور ؟ ويؤمن بالديموقراطية ؟















المزيد.....

هل لشاعر معمم أن يتغزل ؟ وان يتماشى مع التطور ؟ ويؤمن بالديموقراطية ؟


خلدون جاويد

الحوار المتمدن-العدد: 1168 - 2005 / 4 / 15 - 10:10
المحور: الادب والفن
    


قال شاعرنا أجمل قصيدة ... ولو نحجب اسمه في هذا المستهل عن عمد وتقصد ، فلأننا سنشكك في كون القصيدة التالية هي لنزار قباني او السياب او فؤاد الخشن او الياس أبو شبكة وربما هي لعلي محمود طه وابراهيم ناجي أو لأي شاعر رقيق آخر ... لقد قال شاعرنا قصيدة بعنوان تساؤلات أدناه نصها :

" سيدتي ماذا أرى
عريش كرمٍ أم مقل ؟
أم زورقان سابحان
في غدير من عسل
طافا بنا فصفق
الحب وعربد الغزل
وجمرتان تسرجان
الليل والبدر أفل
أم وجنتاك الغضتان
احمرّ فيهما الخجل
وغصن بانٍ هزه
الربيع في أبهى حلل
أم شعرك الحرير قد
ماج بكتفيك خصل
وهمهمات الريح في
الغصن تلوى واعتدل
أم شفتاك غمغمت
من رعشاتها الجُمل
وارنبان حوصرا !
فارتعدا من الوجل
أم ناهداك الراقصان
في خفارة ودل
وضحكة تلك التي
أسمع أم صدى قُبل

ان النموذج الشعري أعلاه هو لأسم متميز من رجال الأدب والفكر ، وهو رجل حر وملتزم في ذات الوقت . وفضلا عن موقفه الفكري والفلسفي من الحياة والمجتمع والكون ، فهو ( دكتور) متخصص ومطلع دؤوب في مجالات الفكر المتنوعة ، ولعل مايثير اهتمامه في جانب من تنقيباته الشعرية والادبية ان يتلقّط بعض الشذرات الساحرة من الغزل في التاريخ الاسلامي واتيانه بنماذج فاتنة وكثيرة منه بل أخذ شاعرنا يثبته ويدافع عن طبيعة ظهوره ، ها هو يقول :
" ولو كان هذا الحب للمرأة، وافرازاته الوجدانية ، مكروها في الدين لما قال سيد شباب اهل الجنة الحسين بن علي (ع) لمن لامه في حبه امرأته :

" لعمرك انني لأحبُ دارا
تحل به سكينة والربابُ
احبهما وابذل جل مالي
وليس للائمي عندي جوابُ"

ينوه هذا الشاعر الفخم بأسماء عديدين من الفقهاء كالشريفين الرضي والمرتضى والسيدين الحبوبي والطباطبائي وعروة بن أُذينة والفقيه العتبي عبد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود . ويضيف أيضا بأن أظرف ماقرأه في هذا الصدد بأن " رجلا سأل محمد بن سيرين ، وهو في المسجد ، عن رواية الشعر في شهر رمضان ، وماقيل من أنها تنقض الوضوء !!! فما كان من جواب ابن سيرين له وهو يتهيأ للصلاة – الاّ أن أنشده :

" نبئت أن فتاة كنت أخطبها ... عرقوبها مثل شهر الصوم في الطولِ" .

ان شاعرنا المعمم هو مصطفى جمال الدين ... انه ليس شاعرا ألمعيا فحسب بل وميض تطور في حركة الشعر اضافة الى كونه داعية لتجاوز المنهج والقاعدة واسلوب الفكر السائد بما يضيف عليه ويغنيه وينعشه ، ولا أدل على ذلك من موقفه الايجابي اتجاه قضية الشعر الحر ومناقشته الموضوعية له في ضوء اصالة انتمائه الأدبي والديني ، اضافة الى نظرته المتميزة الى الاسلام والعروبة والديموقراطية ، وايضا الموقف من تجاوز الحزبوية والسلطوية في التعامل وانطلاقا منها الى حق الحياة الكريمة في مجتمع العدالة وحق الاختلاف .
ان مصطفى جمال الدين لايُقرأ في ضوء شاعريته المرموقة بل في كونه داعية من دعاة الحرية الانسانية والديموقراطية ، وعدا اليقين من أصالة منبته التكويني ، فا ن للباحث ان يرى ميله الى الجديد والمتطور شريطة ان يكون منطلقا من ارضية حقيقية ، ان يكون نابعا من خميرة الأصالة ، وأن يرى الى شاعرنا الجليل هذا كنصير لحق الحرية الفكرية بالتواجد وتبادل الرأي والاستئناس بوجهات النظر المختلفة . يقول الشاعر في جانب من ذكرياته : - " كنا نستمع ونكتب من نتاج هذه الحفلات ، التي تحدثت عنها ، افكارا لاتتناسب مع التحفظ ، ففي النظرات الفلسفية للكون والحياة كنا نسمع للشيخ علي الشرقي مايعتبره البعض تشكيكا في أهم عقائد هذه المدينة ( النجف ) :

فيا جانب البحر الذي انا غارق
بلُجته هل ثم من جانب ثاني

أو أن يقول بنظرة اعتداد ، عن خروجه على هذا المجتمع المتزمت :

أقول وقد سألتني الرفاق
أأنت على وضعنا خارج ُ
أبى الثمر الفج عن جذعه
فصالا ، وينفصل الناضج ُ

يضرب مصطفى جمال الدين أكثر من مثال في معرض القصائد الرقيقة والجريئة ، فالجمال والجرأة هما مناران مغريان بالنسبة للشاعر ، وان الابحار باتجاههما قد كلفاه مشقة تكييف النص الجيد والجديد تحت ظل المستهلك والقديم . الأمثلة التي اوردها ، وهو يكتب المقدمة لديوانه ، هي لعبد الرزاق محيي الدين مع الاشارة الى صالح الجعفري ، اضافة الى ماترجم على يد احمد الصافي النجفي من رباعيات الخيام ، وايضا طبع ديوان الجداول لأليا أبي ماضي في النجف والذي فيه تشكيك واضح .
كما ان الآراء التي اثارتها قصيدة الطلاسم قد اجترحت تحديا مضادا ، فقد كتب الشيخ محمد جواد الجزائري ، حسب مايشار في المقدمة ، ردا شعريا فلسفي الطابع ، وكتب الشيخ عبد الحميد السماوي قصيدة شعر منها مساجلة ابداعية هي توثيق أكيد لسمة دينية نجفية الطابع ألا وهي حق المناقشة واجتراح القيم الراقية لثمار الحوار بدلالاته العقلية ، ولسان حال تلك الأزمنة يقول : مهما بلغ المرء من اتيان غرابة في الرأي او زوغان يفضي الى التشكيك فان باب الحوار مفتوح على مصراعيه ، ان الحوار ومقارعة الحجة بالحجة مدرسة بحد ذاتها . حلبة لنبل القراع على حد تعبير الجواهري ، وبرلمان لايقوى على تكميم فمه طاغية وبالتالي فهو امتحان لأخلاقية الآخرين .. ان أزمنة النجف وأجواءها حسب مايبدو من الاشارة الى حلباتها الأدبية ومدوّنات التنوع الفكري ، هذه الأزمنة هي تعبير عن تعددية ، والتعددية توفر الابتهاج ، والفكر الاحادي الجانب يفترض السكون ضمنا ويقود اليه ، بل انه يخشى التناقض ويحاول قمعه سلميا واذا اتيح له ان يغتاله فان التاريخ السياسي المحلي والعالمي مشهود له بمثالب القمع ، وفي كل وادٍ بنو ثعلبة ! .
ينوه مصطفى جمال الدين بالتأثر بعوالم خارجة عن حياة النجف : " هذان العاملان : القراءآت المتنوعة وثقافات الوافدين هما اللذان فتحا في المجتمع الديني المنغلق نوافذ المعرفة في مختلف اتجاهاتها ، وطبعا مضمون الشعر النجفي بطابع غريب على مجتمعه المحافظ " .
ولا بد ان يكون شاعرنا قد تأثر بالابداع الجديد فراح يضطلع هو الآخر في الدعوة الى تجديد المناهج الدراسية في المدارس الدينية النجفية على الرغم من رفض البعض لدعواته الاّ انه يقول :

" هذي المناهج أطمار مهلهلة
مرت على نسجها الأحداث والعصُرُ
وسوف يأتي زمانٌ لاترون بها
الاّ خيوطا لهمس الريح تنتثر "

ويشير أيضا ( ص 32 من الديوان ) الى نشاطاته قائلا : " وتصاعدت حملاتي في الاحتفالات الدينية .... فتحدثت في احدى مراثي رجال الدين سنة 1952 عن المحنة التي يعيشها الشباب الديني في النجف ، ختمتها في خطاب لشيوخ المجتمع الديني في الاستماع لوجهة نظر الشباب في قصيدة جاء فيها :
"ياقوم حسبكم الخمول فقد مضى
زمن بفطرتها تشب الرضع
والعصر عصر لايشب وليده
الا ليعجبه المفن المبدع "

الى آخر القصيدة الهادفة الى ضرورة التماشي مع العصر الحديث بالحدود الممكنة وبما لايضر الثوابت الاساسية للقناعات والعقائد .
وكذلك هي قصيدة الفتنة الكبرى العنيفة في نقدها ، وغيرها من المواقف الأثيرة والجمّة ، التي أفضت ، مع جهوده واسهامات كبيرة لأساتذة وطلاب ومعنيين ، الى غرس أول نواة للتغيير هي ( كلية الفقه ) التي اشتمل منهجها على مختلف الآداب والعلوم .
ان المطلع على سيرة حياة مصطفى جمال الدين يجد ان الرجل العالم – الشاعر هو شعلة وهّاجة في طريق العلم والأدب ، انه ذهن دؤوب لايكف عن المشاركة في اعلاء ذراهما ومراقيهما وذلك عبركل سني توليه مناصب الاستاذية في كلية الفقه والآداب واصول الدين .
انه هو ذاته الذي تحدى الاسلوب السائد والمنهج البالي ، وأعاد بناءهما من الكتاتيب التي أكل الدهر عليها وشرب الى حالات راقية ورفيعة تتصل بالدراسات الجامعية العليا .
انه هو الذي وقف رغم شاعريته الأصيلة وتمكنه من العمود الشعري العربي الذي يقاس بميزان الذهب ، وقف الى جانب بدر شاكر السياب وشدّ من أزره وعضّد حركة الشعر الحر .
صحيح انه ضد هوس الحداثة لكن له مايبرره في وقوفه المشجع لتلك الحركة . وصحيح أيضا ان ( ت .. اليوت ) يقول في محاضرة له عن الموسيقى والشعر : " ان الشاعر الردئ هو الذي يرحب بالشعر الحر كوسيلة للخلاص من الشكل " . وعلى الرغم من ذلك يقف مصطفى جمال الدين مع الحياة لبديهة ساطعة هي ان التطور هو احدى سماتها . لكنه في كل أحوال ميوله للتطور ظل منشدا الى اصالة ثوابته ، ونشدانه الحق باختيار اساليب ومناهج العلم المتجددة خدمة للحياة والانسان .
ان الشاعر – العالم – والسياسي مصطفى جمال الدين حالة متميزة على من سواه ، انه يصلح ان يكون رائدا كما السياب لا في مجال الشعر الحر بل في مجال مجتمع العدالة والحرية ، يقول الشاعر شارحا ميله الى الحرية في حالة من التعايش الاجتماعي : " لذلك فضلت ان اكون حيث أنا ، شاعرا لامنتميا ، أقف مع الجميع واختلف مع الجميع ، في حدود تسمح لي بالاحتفاظ بما يمليه عليّ وجداني الشعري من جهة ، والتزامي السياسي والفكري من جهة اخرى ، لذلك تجد في قصائد هذا الديوان السياسية مشاعر الوطنية والعروبة والاسلام مسكوبة في اناء من الديموقراطية التي اؤمن بها لانها الاطار العام لهذه المشاعر . "
هذا هو اذن الأكمة المنيفة المطلة على حاجاتنا اليوم بل مسيس حاجاتنا الى التنوع والاختلاف في اطار من التوافق او اناء من الديمقراطية . ان ذهنا عالما وشاعرا مرموقا واستاذا عالما بمستوى مصطفى جمال الدين هو بوصلة عمل وهو بفكره امثولة نتحلى بها من اجل بناء العراق الجديد الطالع من اتون النار الى حيث ضرورة السلام والوئام بين اتجاهاته الفكرية ومواقفه السياسية . ان الحفاظ على نهج مصطفى جمال الدين في واقعنا الحالي لهو معبر للسلام . وان كل من يسير في هدي من طموحاته الفكرية بالعدالة والحرية والتجدد والديموقراطية ، لهو في طريق النور . وان محبة العراقيين المظلومين والدفاع عنهم وعن سلامتهم هي من أبهى مصابيح الحياة لونا وسحرا. طوبى للشاعر والمفكر والانسان ، الدكتور مصطفى جمال الدين ، ابن أجمل المدن وأغلى رافدين .



#خلدون_جاويد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جاك بريفير وقصيدة الشعب
- تذكّر الأشجان في حضرة غانم بابان
- ادعاء دين واداء مُشين
- النظرية السامية والواقعية الدامية
- كونانبايف شاعر التراث الطليعي
- الحب وفقا لماركس
- العراقيون وأدب الرسائل العاشقة - عبد الغني الخليلي نموذجا
- هل ستبقى ليلى بلا ذئب ؟
- اللآقاعدة الفكرية في العراق ستكون هي القاعدة الذهبية
- الشاعربدر شاكر السياب .... هل هو من جماعة القاعدة ؟!
- الجواهري روح العراق وعنفوانه الفكري والعاطفي ...هل سيعمم شعر ...
- الموسيقى باعتبارها نوعا من السجن
- كتابات في الحرية ألمعية الأديب في كسر القاعدة والمسلّمات
- اوروك والتاو الصيني والآخرون
- قوس الفلسفة في قزح الشعر
- أُمهات البلاد الحبيبة
- الذباب بين الفكر الفلسفي والواقع المحسوس
- على هامش الفلسفة الوجودية


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون جاويد - هل لشاعر معمم أن يتغزل ؟ وان يتماشى مع التطور ؟ ويؤمن بالديموقراطية ؟