سين التسويف وبروتس في العراق

خليل البدوي

الحوار المتمدن-العدد: 4066 - 2013 / 4 / 18 - 17:19
المحور: كتابات ساخرة
    

السين حرف تنفيس للمستقبل القريب، وسميت كذلك لأنها تنفس في الزمان فيصير الفعل المضارع مستقبلاً بعد احتماله للحال والاستقبال وذلك نحو قولك: ستخرج، وستذهب، والمعنى أنك تفعل ذلك فيما يستقبل من الزمان.
قالت لي سين التسويف أتعرف لماذا يستخدم لفظي (سـ) من قبل السياسيين في العراق؟
سين التي صدحت وتصدح بها حناجر السياسيين على خشبة المسرح، والشعب(يردح)!!
قلت: لا
ضحكت وهي تقول: هذا يعني أن كلامهم (هواء في شبك)، يعني تسويف!!
قلت: كيف؟
قالت: يعني أن أي كلام لهم يسبقه (سين التسويف)، يعني(اغسلوا أيديكم منه)، كونه لا يتحقق.
قلت لها هاتي ما عندك.
قالت: خذ:
(سـ) سنبني عراقنا الـ (حبيب).
والعراق من خراب لخراب، وأي حب هذا والعراق أطلال، تحيطه مياه البرك والأوحال التي غزت الشوارع المنكوبة ؟
(سـ) نطبق العدالة بين الجميع.
والعدالة معدومة.. ولا تتحقق إلا لأصحاب السلطة والنفوذ.
(سـ) يعم الأمن والأمان في أرجاء بلادنا.
أي أمن وأمان والمفخخات والتفجيرات والقتل بالكواتم والمداهمات والاعتقالات على قدم وساق.
(سـ) تكون الديمقراطية ديدننا.
أي ديمقراطية استوردت من الخارج ليطبقوها على بلد يفتقر شعبه لـ (فتح فمه للتثاؤب)، وليس للمطالبة بالحقوق. لقد بنت الحكومة أكثر من ألف سجن وزنزانة، فأخرست كل الأقلام والألسن.
(سـ) نحارب الطائفية.
هه..طائفية..وهم مشعلوها.
(سـ) نقضي على الجهل.
الجهل موجود ومتأصل بكل مفاصل الحياة.
(سـ) نمحو الأمية.
كان العراق يتبوأ العالم بمحو الأمية كون الأمية كانت فيه0% ليكون الآن أكثر من 80%.
(سـ) نضرب بيد من حديد على الفساد والمفسدين.
وهل يستطيع أحد أن يضرب على يده بقبضة من حديد..والله أمر في غاية الغرابة.
(سـ) تجرى الانتخابات بشفافية.
لقد قدمت في الانتخابات خطب فصيحة طنانة في تلك الانتخابات حتى صار كل مرشح أمي جاحظ زمانه، لكن ذلك كان جنياً إلى جنب مع عمليات التزوير الانتخابي.
(سـ) نقتص من الإرهاب أينما كان.
الإرهاب موجود بين مفاصل المسؤولين، ومن دول الجوار، وتحت أنظار ومسمع الجميع.
(سـ) نحقق العدالة بين أطياف شعبنا الـ (الغالي).
كل شيء أصدقه إلا هذا؟ لو كان غالي لامتدت إليه أيديهم لينتشلوه مما هو فيه.
قلت ولماذا؟
قالت: دعني أسألك؟ هل لديك دار للسكن؟
قلت: لا
قالت: هل تشعر بإنسانيتك في بلدك؟
قلت: لا
قالت: هل تطمئن لئلا تحتجز أو تقتل في أي لحظة:
قلت: لا
قالت: وهناك أسئلة كثيرة أريد أن أسألك عنها ولكني أعرف جوابك مقدما وهو (لا)...ولنعد الآن لنكمل حديثنا.
(سـ) نكون في مصاف الدول المتقدمة.
أي تقدم والفساد ينخر مفاصل الدولة؟
(سـ) نعمل بلا كلل ولا ملل من أجل عيش رغيد لشعبنا الـ (عزيز).
لو كان هناك عمل لكان واضحاً...ليعطونا مثالاً واحداً على ذلك؟ مع أننا نعرف أن العزيز (مدلل).
(سـ) نتمكن من توفير فرص العمل لكل العاطلين.
أي عاطلين يتحدثون عنهم..لقد فاتهم العلاج..وهاهم يشحذون تحت لافتات انتخاباتهم.
قلت لها: صدقت ..بالنسبة لي افترشت شهادتي الكبيرة حصيراً ونمت مع العاطلين.
(سـ) نجعل النزاهة دستور عملنا وتكون نصب أعيننا.
ماذا قالوا؟ نزاهة...أي نزاهة والسجون ممتلئة..والإعدامات مستمرة.
وقد استميح أحد الكتاب الساخرين مما كتبه:
وضعوه في السجن منفرداً،

أجلسوه على القنينة الحمراء!
علقوه كالشاة المسلوخة...!
وشموا جلده!
كهربوا دماغه...!
قيدوا عضلاته...!
قطعوا لسانه...!
أحرقوا يديه... !
فقأوا عينيه!
مزقوا كتبه وأوراقه....
وبعد ذلك سفروه على وجه السرعة ليلتحق بالآخرين...
(سـ) نستمر بالبناء والاعمار.
هههههههههه هههاي قالوا أعمار..قالوا!!
(سـ) نلبي طموحات المرأة والطفل.
أي طموحات والمرأة بلا حقوق..والأطفال حقوقهم مسحوقة.
(سـ) ننفتح عل كافة دول العالم ثقافياً واقتصادياً.
ننفتح أم ننبطح؟!
(سـ) نحتضن كل الطاقات الإبداعية في الفن والأدب والثقافة.
تقول الأغنية العراقية: "لو أدري هيچ تكون تالي المحبة ما چنت أطيع هواي واگعد بگربه" بصراحة ما نريد هذا الاحتضان!!
(سـ) نركز بضمن أولوياتنا على حرية الصحافة والإعلام.
أي حرية... لقد بنت الحكومة أكثر من ألف سجن وزنزانة، فأخرست كل الأقلام والألسن.
(سـ) نتحاور مع كل مكونات الشعب العراقي.
(سـ) نتحاور أو نتخاور؟!!
ثم أضافت: ولدي الكثير الكثير مما لا يحتمل المقال لاستيعابه.
قلت لسين التسويف: عجبا لقد تغيرت المفاهيم وتغيرت الأذواق وأصبحنا عائمين في بحر من الغموض والمتناقضات.... شكراً لك سين التسويف، (سـوف) ألقاك مجدداً.
صرخت سين التسويف وهي تجر شعرها (كوني ذكرت كلمة سوف)، وقالت: *(حتى أنت يا بروتس)؟!
* يقول أبيان إن قيصر حين طعنه بروتس امتنع عن كل مقاومة، وغطى وجهه ورأسه بثوبه، واستسلم للضربات، قائلاً (حتى أنت يا بروتس). وسقط عند قدمي تمثال بومبي .

#خليل_البدوي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات